أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الشرطي عريف 15 ج2















المزيد.....

الشرطي عريف 15 ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


رغم مرضه الشديد حمل الحاج محمد ألمه والوجع وجاء للمركز مناشدا صديقة القديم مأمور المركز أن يخرج عريف من التوقيف لأنه يعرف تماما كما الجميع أنه لا علاقته له بأحد وأنه ليس أكثر من شرطي بسيط لا يمكنه حتى أن يؤثر على طفله الصغير صاحب الأيام المعدودة من العمر ,أبى المأمور أن يستمع ,قال:.
_صديقي لا أريد أنسى العشرة الطيبة بيننا وأنصحك من باب المسئولية ان تدع عريف فقد تكون الحجارة التي لا تعجبك الآن سبب هلاكك .
_يا حاج أنا لا يهمني لا الحجارة ولا صاحب الحجارة إنه من أتباع النقيب الموقوف حاليا في اللواء وقد جردوه من الرتبة وهذا من حقي فأنا مسئول الأمن هنا .
_تعرف حميد أخو الحاجة أم علي ؟.
_نعم وأعرفه جيدا .
_أتخشاه الآن لو غضب منك ؟.
_نعم فهو في القيادة الآن وله سلطة كبيرة حتى أكبر من المتصرف ومدير الشرطة .
_لقد أتصلت به الحاجة أم علي قبل قليل من مكتب البريد وقد أزعجه الخبر وزعل كثيرا عليك ومنك ووعدها أنه سيتصل بوزير الداخلية لمعرفة سبب ذلك وأنا الذي طلبت منها التريث الآن بأنتظار ما ستفعله أنت.
كان وقع كلام الحاج محمد شديدا وقاصما ومدويا وخرج من فوره للموقف ليخرج عريف ومعتذرا بأنه أراد أن يمتحن ولاء من سيكون الساعد اليمين له هنا ,أخبر الجميع وبصوت عال أمام منتسبي المركز أن عريف هو أحد منتسبي النظام الجديد وعنصر مهم على الجميع أن يؤدي له الأحترام ويعاملونه كما لو أنه عريف وليس شرطيا .
أصطحب حاج محمد عريف وخرجا من المركز وطلب منه أن يتصرف بكياسة وبروح من المسئولية فالأيام حبلى ولا نعرف تماما ما يدور في الأفق ,وأخبره أن حميد الذي هو أباه الحقيقي اليوم قد يكون غدا وزير أو بمنصب من هذه الدرجة قد تكون هناك أحداث لا يمكنك توقعها أو حتى تحملها .
عجيب أمر عريف مع كل الأمل الذي يحاول البعض صادقا أن يزرعه في روحه والخلاص الموعود من زمن القهر تراه حزين ومتشائم على مصير المعاون ,نقيب طارق الذي لا يعرف ما حل به ولا أحد يعرف ذلك غير المأمور, حتى الملازم حسن الضابط الجديد يبدو أنه لن يفعل شيئا أو لا يعرف شيء مهم ,كل الذي يدور يمثل له وجها من وجوه النحس القادم عليه قويا دافقا .
حاولت العمة أم علي أن تتصل بأخيها دون جدوى لذا قررت أن تذهب وعريف معها لبغداد لتتأكد مما يجري هناك ,الأمر ليس صعبا جدا ولكنها ليسن بحال صحي تقوى على قطع المسافة من هنا للعاصمة, على كل حال حزمت أمرها وتواعدت مع أبن أخيها بعد أن قضت ليلتها عندهم على أمل الخروج فجرا في سيارة حمزة الدبس المارسيدس"العنجة" موديل 64 .
كانت بغداد أشبه بالثكنة العسكرية المأهولة بالجند ولما يتم الأمر بعد للإنقلابيين ,فثم جو مشحون وهواجس من القادم المجهول ,الجيش كان هو الفيصل والساحة التي تتصارع من اجلها كل القوى هنا ,المدنيون يشكلون الظهير ولكنهم في الحقيقة يقودن الصراع لأجل تدجين الجنرالات وكبار ضابط وقادة القطعات القريبة يتم التزلف لهم لتشكل دورية حماية من أي تحركات مفاجئة ,صحيح أن رمز الحكومة هو القصر الجمهوري ولكن الواقع كانت القوة والسيطرة من معكسر الرشيد والقواعد الجوية القريبة .
لا تفهم أم علي هذه التفاصيل ولا عريف قادر أن يفرق بين المسميات والأشخاص وما تحمله من دلالات خاصة وأن همهم الوحيد كان الوصول لبيت حميد ,أقترح حمزة الدبس أن يتصلوا هاتفيا بالبيت ليتمكنوا من الوصول بسلامة ,من محاسن الصدف أن الأخير كان على الخط فهرع مرتديا ملابسه العسكرية والحماية التي كانت معه للقاء شقيقته التي أستغرب من حضورها الفريد من نوعه وبهذا الظرف الحساس .
كان الوقت أقل من ضيق على حميد وأوسع ما يكون على شقيقته التي أباحت له بكل شيء وبالتفصيل الذي أدهشه أن هذا الشرطي هو أبنه الذي لا يعرفه من قبل ولن يعترف به بعد خاصة بعدما أصبحت كل إشارة للماضي أنتحارا جادا يحطم وجوده ,لقد أسرها بذلك وطلب منها أن تكتم الأمر تماما وأن لا تبوح بشيء منه لعريف ,إنه سيعمل ما يمكنه من أجل توفير حياة كريمه له ولكن دون الأعتراف به .
الحاج محمد فيما يبدو يلفظ أنفاسه الأخيره وعقله ما زال مشغولا بعريف ورحلته لبغداد ,يريد أن يرحل ومعه خبر أن الميزان العدلي أنتصف لمرة واحدة أمامه,كانت وصيته الأخيره لمن حوله أمر عريف ومراعاته بكل ما تستطيعون فقد ينعم الله عليكم بأجر لا تعلموا حدوده ,لقد ترحم على والدته وأخبرهم أنها ذهبت لربها وهي تائبة من كل ذنب وقد حاولت أن ترضي الله كفارة عما جنت ولكن هناك من لا يريد الله أن يغفر لعباده الفقراء .
عادت أم علي وقد تملكها الحزن الشديد من موقف شقيقها الذي بذلت كل شيء من أجله منحته كل ما تملك وأبعدته عن جو المدينية لغرض أن يكون ذا شأن ,لم يمتثل للحق والإنصاف شعرت أنها محبطة وتتمنى لو تستطيع أن تنكر أن حميد شقيقها الذي سود وجهها أمام الله بفعلته الدنيئة تلك ,كانت دموعها تتقاطر على خديها وعريف لا يعرف ما الذي يجعلها تبكي بهذه الحرارة المرة .
وصلت السيارة التي تقلهم أطراف المدينة وعرفوا من رتل السيارات المتجه نحو النجف أن أحدا من شخصيات المدينة قد توفي أوقف سيارته على جنب وسأل ,قيل له أن الحاج محمد الرئيس توفي صباح اليوم وهو الآن في جنازته للتشيع والدفن ,وقع الكلام كالزلزال على أم علي كما وقع بأثر أكبر على عريف وأبى أن ينزل من السيارة وطلب الألتحاق بالموكب وهكذا عادا مرة أخرى من حيث أتوا بأتجاه النجف .
ثلاثة أيام كانت غير كافية ليصحو عريف من هول الصدمة التي ألمت به كما أن عمته تداركها الوجع وهي طريحة الفراش فيما زهرة تقوم بخدمتها كأنها ابنتها ,سلمى أبنتها الوحيدة لم تحضر بر غم أن عريف أتصل بها أكثر من مرة من المكتب كانت منشغلة في أمور زواج ابنتها الوحيدة أيضا ,عريف أمام حيرة حقيقية لو رحلت أم علي لم يبق له أحد في هذه الدنيا ,سيكون لقمة سائغة للمأمور وغيره خاصة بعد الموقف الذي كان من حميد .
_هذا عريف أبن خالك حميد وسأقص عليك كل الحكاية بعد أن تستريحي من عناء التعب .
_ولكن أليس هو ابن حسنه؟!.
_نعم أمه حسنه ولكن والده الحقيقي خالك حميد الذي علم مني كل التفاصيل ,لكنه لم يشاء أن يصحح خطأ سيجلب عليه غضب رب العالمين .
_أنا معه هو الآن ليس حميد شقيقك فقط إنه اليوم في رأس السلطة وقد يسبب له هذا الموقف الطارئ أضرار وفضائح هو في غنى عنها .
_أنسيتم الله ويوم الحساب والشرف الذي أهدره على عتبة نزوة زائلة .
_يمكنه أن يعوضه بأي شيء فقط عندما تستقر الأمور وتتوضح الصورة النهائية ,ثم لماذا هذه العجلة والوقت ما زال واسعا .
صمتت أم علي وكأنها تحتج على هذه الفلسفة التي لا تفهم كيف يتعامل بها الناس ,الله لا يترك أحدا دون حساب كلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابين ,عادت سلمى لمدينتها وتركت أم علي وزهرة وعريف في عين الله ينتظرون الأيام الحبلى القادمة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأريخية المجتمع العراقي (ج1) دراسة في علم الأجتماع النفسي
- تأريخية المجتمع العراقي (ج2) دراسة في علم الأجتماع النفسي
- أمنيات بين الأحياء والأموات
- الشرطي عريف 14 ج1
- الشرطي عريف 14 ج2
- حروف بطعم الإنسان
- تراتيل أعظمية
- الشرطي عريف 13 ج1
- الشرطي عريف 13 ج2
- الشرطي عريف 12 ج1
- الشرطي عريف 12 ج2
- الشرطي عريف 11ج1
- الشرطي عريف 11 ج2
- الشرطي عريف 10 ج1
- الشرطي عريف10ج2
- نصوص صوفية بطعم الحرية
- الشرطي عريف 9 ج2
- الشرطي عريف 9 ج1
- الأدب والفن وعلم الأجتماع
- الشرطي عريف 8 ج1


المزيد.....




- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الشرطي عريف 15 ج2