أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الثناء على معونة الشتاء














المزيد.....

الثناء على معونة الشتاء


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 22:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



يسكن الملوك على اختلاف امزجتهم هاجسٌ خفيٌ أسمه ( ماذا يريد شعبي ) ؟
وهو ذاته الهاجس الذي تخيلته في اوراق الرحالة ماركو بولو الذي اجرى منادمات الكلام والسفر مع خان الصين الاسطوري ( قبلاي خان ) ، فأول عبارة قالها الخان الى الرحالة الفلورنسي : لقد اتيت اليوم في مناسبة عزيزة عليَّ هو يوم توزيع الثياب على العراة ، وربما قبلاي خان أسس هذا اليوم خشية أن لا يقع في مطبِ حكاية صينية قديمة كانت موجودة في كتاب النصوص بإحدى مراحلنا الدراسية وعنوانها ( ملابس الامبراطورية ) تتحدث عن جرأة طفل جاهر بأن الامبراطور كان عاريا حين يجلس على اريكته التي يرفعها العبيد في موكبه المهيب الذي يسير بين الجموع وهي تبدي مديحها الكاذب والخادع لجمال واناقة ملابس الامبراطور . وفي الحقيقة ان الامبراطورية كان ايضا ضحية خديعة ما ، ولم يكن عليه أي ثوب من الحرير المذهب بل كان عاريا.
قصة الرحالة وملابس الإمبراطور تعيدُ إليَّ مديح تلك الالتفاتة الانسانية التي اسسها الملك في الحكم الوطني واستمرت حتى اواسط السبعينات ثم اختفت بسبب ما كان يعتقد أن أموال النفط رفعت من مستوى معيشة الفرد العراقي.
وهو ما كنا نطلق عليه ( معونة الشتاء ) عندما كانت الإدارة في المدارس الابتدائية تشكل لجانا من مرشدي الصفوف لتحصيَّ اكثر التلامذة فقراً وتوزع عليهم مادة واحدة من مادتين أم حذاء يشبه البسطال وكنا نطلق عليه ( اللابجين ) وأعتقد انها مفردة انكليزية أتت مع احذية كرة القدم التي كان يرتديها لاعبي فريق كرة القدم الانكليزي في قاعدة الحبانية الجوية ، او من تلك الاحذية الانكليزية الثقيلة التي كان يرتديها الجنود في ثكنات الجيش والوحدات العسكرية . والمادة الثانية هي بدلة ثقيلة من الجوخ الاخضر أو النيلي المعتم.
كان الطلاب الفقراء ينتظرونها بفارغ الصبر وكان بعض المعلمين يمقتُ هذه المعونة ويعتقد انها تبقى تؤشر الى الانسان الفقير اينما كان متواجدا وهو يرتديها مما يظهر لنا تمايزا طبقيا في المجتمع . وكان رأيهم أن تُبدل بتوزيع اثمان البدلة خلسة على التلامذة الفقراء ، ويشترون هم ما يرغبون شراءه من ملابس على قدر الثمن الموزع اليهم.
في الاهوار كانت هذه المعونة تأتي ، ولأن فوارق الفقر تتضاءل بين اهل القرى بسبب انهم يقتربون في تماثل في الملكية ، وكل ثرواتهم هو الجواميس وتتشابه بيوتهم في اشتراكية رائعة هي بيوت قصب ، فأن اهل القرية لا يتحمسون كثيرا لهذه المعونة بالرغم من اننا كنا نرى ونشعر بمعاناة التلاميذ من البرد حين يأتون الى المدرسة ولا يرتدون سوى الدشاديش ، ومن يحصل على هذه المعونة يكون مرغما ليصبح افندياً وتتطلع اليه بابتسامة وربما بحسد عيون زملاءه لكنه يبقى يُؤشر عليه انه الافقر في هذه القرية .
والمفارقة في اناقة معونة الشتاء أن الذي يكون افنديا فهو يأتي مرتديا مع البدلة نعالاً او صندلا ، ومرات يجيئون حفاة ، والذي يكون حصته الحذاء يأتي مرتديا حذاءه مع الدشداشة ، وبالرغم من هذا اشعر بالثناء الى تلك اللحظات السريالية التي يشع فيها ضوء السعادة في عيون التلاميذ عندما كانوا يقفون بانتظام وهدوء من أجل أستلام معونة الشتاء....!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طروادة والمْطارَدْ
- معدان دوائر التجنيد
- سفينة حنا مينه
- أقراط روزا لكسمبورغ
- لاخَبرْ وعُرسِ عَنبرْ
- تعال ايها الملك
- أيثاكا كافافيس وأيثاكا شغاتي
- جاموسة موشي دايان
- التوراة تسكن في قلعة صالح
- في فطرة المعدان خلاص العالم
- ذكريات الطير المسافر
- السوابيط ومنصات ناسا
- موزارت في قريتنا
- إسكافي الخيول والعريف ديغول
- هل لدى لينين حَظْ وبَخت ؟
- مدافع أم البنين
- هناك بريمر وهنا مطشر
- الفيمتو ينافس حليب الجاموسة
- المشحوف وحصان دون كيشوت
- الرقصة الغجرية في حرب نجم والي


المزيد.....




- بريطانيا: فرض عقوبات على إسرائيليين متشددين بسبب أعمال عنف ف ...
- السعودية.. وفاة و20 حالة في العناية المركزة بتسمم غذائي بمطع ...
- السعودية تكشف جنسية وافد عربي ابتز فتاة ودردشتهما -مموهة-
- الأردن.. الملكة رانيا تكشف عن نصيحة الملك الحسين لها عندما ت ...
- من هو المرشح الرئاسي الذي قد يستحوذ على دعم الشباب في تشاد؟ ...
- المشروب الكحولي الأقل ضررا للكبد
- المشكلات الصحية التي تشير إليها الرغبة الشديدة في تناول الحل ...
- أنطونوف: اتهامات واشنطن بتورط روسيا في هجمات إلكترونية على أ ...
- انجراف التربة نتيجة الأمطار الغزيرة في هايتي يودي بحياة 12 ش ...
- الجزائر تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن المقابر الجم ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الثناء على معونة الشتاء