أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الشرطي عريف 5 ج1















المزيد.....

الشرطي عريف 5 ج1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4761 - 2015 / 3 / 28 - 06:03
المحور: الادب والفن
    


((5))-1

أكثر من شهرين مرت على عريف وهو الآن خارج مركز الشرطة مرابطا في باب مدير الناحية كحارس مهمل لم يكلمه أحد ولا يكلم أحد حسب توصيات مدير الناحية القاسية له ,عليه أن يكون مهيأ طول الوقت ليكون البواب والحارس والخادم الذي عليه أن يقض كل طلبات العائلة ,قرار مدير الناحية له أن لا يتكلم بشيء يخص العمل أو ما يخص الوظيفة وإلا سيعيده للتوقبف مرة ثانية, عريفا كان مطيعا منذأن كان صغيرا لا يجادل في أمر خاصة مع منه هو أكبر فكيف له أن يعص أمر أكبر سلطة في المدينة.
الهدوء يعم المدينة وقد أنصرف الكثيرون لأعمالهم بعد أن أنتهت قضية حسنة إلى لا شيء, لم أحد يتذكر القصة ولا من أحد يهتف بتفاصيل جديدة وقد بدأ الموسم الزراعي الصيفي الذي يتطلب إنشغالا تاما به من قبل الجميع فهو الموسم الوحيد الذي تعتمد عليه المدينة وينتهي عادة بأول الشتاء مع أخر قطفة لتمر النخيل وتسويقها للخانات أو في محلات التجار لتعود المدينة لسباتها الشتوي المعتاد ,الجميع هنا كأنه خلية نحل من الصباح الباكر حتى ساعات المساء حركة دائبة تخمد فجأة عن الغروب لتسكن تمامات في أول ساعات الليل بأنتظار فجر جديد وعريف لا يترك باب منزل مدير الناحية إلا حينما يحضر شرطي أخر يستلم الحراسة الليلة ,مرت ليالي كثيرة يهرب فيها من منزله ليذهب إلى أم رزاق الذي لم تسعد به كما السابق بل كثيرا ما طردته من الدار ليعود خائبا .
فكر أن يهرب من الخدمة ويذهب إلى مدينة أخرى وينهي كل هذه المأساة لكن رأس عرفاء محمد وجاره المفعد غانم نصحاه بالصبر وعليه أن ينسى كل ما مر ويبدأ حياة جديدة وعليه أن يبحث عن بنت الحلال التي تحل محل والدته وتسعده ,يقتنع مرة ويترك التفكير بذلك لكنه أمام ما يعاني من أهانات بسبب أو بغيره من مدير الناحية تعاود به للتفكير مرة أخرى , طلب من مأمور المركز أن يستبدله بمكان أخر رفض وهدده بالحبس إن جاء مرة أخرى .
ذهب إلى المقهى لعله يحصل على مساعدة من إكريم لكنه لم يجد ذلك الذي كان يتملقه أيام زمان وعاد للهجته القديمة ويصفه بأبن العاهرة ولكن مع مزحة بسيطة كي لا تعتبر أعتداء على الشرطة, فكر كثيرا وقرر أن عليه أن يكون أقوى من ذلك ....
_لماذا هذا الضعف أمام الجميع , لم أك مذنبا مطلقا ولم أرتكب جريمة ...لماذا يعاملني الجميع كأنني كلب أجرب ..لا بد أن أكون شرطيا حقيقيا وإلا لم أستحق أن تكون هذه الملابس التي أرتديها تسمى ملابس أبنا للحكومة .
_أين أنت أمي ... تعالي وأنظري ما أنا فيه .. حتى إكريم الأعرج صار رجلا شجاعا أمام جبني وترددي ... ماذا أفعل دليني لا أكاد أتنفس أحس كأنني أغرق بمياه هذا الشط الكبير أمامي .
_إن لم يروا مني بعض الوحشية لا تحترمني هذه الوحوش , أريد أن أكون ذئبا مع هذه الذئاب لا كلبا جبانا أبدا , سترين أمي لا بد أن أصبح كما تحبين , يكفيني أنك ضعت بلا ثمن بلا وداع بلا قضية في قضايا الشرطة تدلني على غريم ....
بين حديث النفس وأستغراق تام في معاتبة النفس يسمع صوت مدير الناحية يطلب منه بزجر فتح باب البيت , نظره شذرا وذهب يكمل سيره دون أن يستجيب له وعاد من حيث جاء ,دخل البيت وأقفل بالمفتاح من الداخل وهو يبكي وحشة الأم ,....
_أنت أطهر من كل هؤلاء الأشرار الذين يرتدون لباس النبلاء وهم مجرد وحل متعفن بالخطيئة .
_لو أعرف فقط من عملها لا أريد منه الأنتقام ولكن فقط جواب لسؤالي ... لماذا أنت بالذات لماذا يحرمني من أخر صلة لي بهذه المدينة التعيسة ... ما ذنبي أنا فيما جرى بينكم ... أمي أرجوك أخبريني من فعلها أرجوكي.
يومان وهو راقد في الفراش يعاني من حمى وهذيان لا ينقطع يتطلع للجدران ويتذكر أيام جميلة كانت تمر وهو مستمع بالوظيفة وكيف كان محل أحترام الناس حينما يذهب إلى أي مكان وأصبح اليوم منبوذا لا يقوى على رد أي إهانة ,أي عيشة يمكنه أن يتحملها في ظل واقع هرب منه ودفعت أمه الكثير كي تنقذه منه, جمع قواه وحاول أن يخرج ليأت بشي يأكله ودواء له ,إنه يحس بأن جسده ينهار مه مرور الوقت , توكأ حتى وصل للباب فتحها كان العم غانم يرصد حركة الباب ,فسأله متعجا أنت هنا والجميع يبحث عنك , قال:.
_أنا مريض لا أستطيع الوقوف على قدمي .
_قال جاء المفوض أكثر من مرة وطرق الباب عليك ,إنهم في قلق ,أخبرني ماذا حدث .
_لا شيء فقط أني جائع وبحاجة لدواء.
_أدخل وتمدد سأرسل لك الأكل حالا وسأبعث بمن يأتيك بسليم المضمد.
_شكرا عمي أرجو أن يعوضك الله عني.
دخل وترك الباب مفتوحا وعاد للفراش وهو يرتجف برغم حرارة الجو ..راح في غفوة عميقة لم يقطعها إلا حين دس سليم الأبرة في جسده المحموم ,أنتبه لمن حوله كان رأس عرفاء محمد وكريم أبن جاره غانم ومعهم الحاجة أم علي الخياطة التي ما أنفكت عن مراعاتها بالأكل وتنظيف الدار عندما تسنح الفرصة ,لم يتمالك نفسه من البكاء فيما جلس رئيس عرفاء محمد جنبه يتحسس حرارته ويكلمه كأب خفف عنه ما يجد من وحشة .
طلب سليم أن يذهبوا به للطبيب قد يكون مصابا بمرض فحرارته عاليا جدا ويعاني من شحوب مفرط وصفرة في الوجه ,قال كريم سأذهب أنا لأخبر المفوض لعلهم ينقلونه للمستشفى فهم لا يعرفون عنه شيء وأنه غائب عن الدوام منذ يومين ,وافقهم رئيس عرفاء محمد وقال أخبر المفوض أنبي أنتظره هنا وأن يعمل له ورقة عيادة مرضية, حاول أن يأكل قليلا لم يستطع أن يستسيغ شيئا من ما أمامه إلا قليلا من الماء فيما عملت له أم علي الخياطة كمادات ماء بارد لعلها تخفض درجة الحرارة .
خرج من المستشفى بعد ثلاثة أيام وتوصية بمنحه أجازة مرضية لمدة أسبوع كونه يعاني من أمراض سوء التغذية والإجهاد , فهو لم يتناول أي كمية غذاء قبا أن يقع مريضا بفترة كما أنه يعاني من أرق وهلوسة ,صادف خروجه من المستشفى أن جاء معاون شرطة جديد للمركز يعرفة رأس عرفاء محمد لسبق أن عملا معا كانت تلك مناسبة أن يذهب له للسلام والتهنئة بالترقية وبالمنصب الجديد وطلب منه أن يعود عريف مراسلا لديه هنا في المديرية .
سرى مفعول خبر إعادته للمركز والخلاص من سطوة مدير الناحية كان لها الأثر الأكبر في سرعة شفاءه أكثر من الأدوية التي يتناولها وبكر يوم السبت أول الأسبوع بعد أن جهز ملابسه ورتب حاله جيدا وعاد عريف كما كان نشطا متفائلا متسلحا بتوصيات رئيس عرفاء محمد عازما على أن ينفذ خطة جديدة لحياته تبعده تماما عن ألسن الناس وإهاناتهم التي لا تنقطع ,تفاجأ الجميع أنه قطع الأجارة وله منها بعد يومين ,قال هذان اليومان بدل الغياب السابق .
لم يذهب كالمعتاد لمقهى الشرطة ليتناول فطورة مكتفيا بالمرور من أمامها دون أن يلق حتى السلام وسط دهشة إكريم الذي أحسأنه أساء التقدير هذه المرة كالسابق وعرف أن عريف يحمل غيضا متزايدا عليه ,عادت وساوس إكريم وهواجسه القديمة وجزم يقينا أن لعنة حسنة ستعود لتض مضاجعه عليه الآن أن يفتش عن أي وسيلة يرضي بها عريف حتى لو كلفته ما لا يطيق , لابد من أن يرضى هذا العجل ...تلك أخر كلمة دخل بها إلى المقهى ضجرا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرطي عريف 5 ج2
- الشرطي عريف 4 ج1
- الشرطي عريف 4 ج2
- الشرطي عريف 3 ج1
- الشرطي عريف 3 ج2
- الشرطي عريف 2 ج1
- رواية الشرطي عريف 1 ج1
- الشرطي عريف 1 ج2
- الحرية والتجربة الدينية وأشتراطات الطبيعة
- الفكر وإشكالية المنتمي
- تحرير الفلسفة ...تحرير للقوة الإنسانية المفكرة
- الدين خيار حر
- الفقراء ورائحة الخبز
- حقائق من فلسفة النبوة والإرسال ح2
- حقائق من فلسفة النبوة والإرسال
- يا عمال العالم قبلوا يد السيد وصلوا وراء الشيخ.
- ما هي مشكلة الاقتصاد؟ .ح1
- ما هي مشكلة الاقتصاد؟ .ح2
- جغرافية الطين وتاريخ النار
- مقولات التسليم وثقافة التبرير ح1


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الشرطي عريف 5 ج1