أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - داعش .. و بندر بن سلطان















المزيد.....


داعش .. و بندر بن سلطان


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4748 - 2015 / 3 / 14 - 22:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ملاحظة: هذا ليس مقالا ، بل هو فصل من فصول كتابي القادم بعنوان "حرب لتصفية داعش أم لتفكيك القاعدة؟"، الذي سينشر في شهر نيسان 2015
===============

الأمير "بندر بن سلطان بن عبد العزيز" (ويعرف باسم بندر - بوش) هو أحد الأمراء من الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية. تلقى علومه العسكرية في الكلية الملكية الجوية في كرونويل - بريطانيا. عمل منذ عام 1968 طيارا في السلاح الجوي السعودي وبقي في ذلك المنصب لعدة سنوات.

هو رجل طموح ، ودفعه طموحه لأن يلعب دورا هاما ومؤثرا في سياسة المملكة وخصوصا في القرارات المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط. وصفه البعض بأنه رجل المهمات الصعبة ، كما أضفى البعض الآخر سمة المكيافيلية على نهجه السياسي وأسلوبه في معالجة القضايا التي تولى معالجتها.

وكانت للأمير بصماته في الكثير من التطورات في المنطقة ، وخصوصا في مجريات الأحداث في كل من أفغانستان والعراق وسوريا.

تولى الأمير منصب سفير المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة. وبقي في منصبه ذاك منذ عام 1983 وحتى عام 2005، عاد بعده الى السعودية ليصبح رئيسا لمجلس الأمن القومي، ومن ثم مديرا للمخابرات العامة ، مما ساعده على التأثير في القرارات السياسية السعودية المتخذة والمتعلقة بقضايا المنطقة.

وأثناء تواجده في واشنطن، لعب دورا هاما في تشجيع الرئيس "جورج بوش الأب" عام 1990على خوض الحرب ضد العراق بذريعة تحرير الكويت التي غزتها القوات العراقية في الثاني من آب من العام المذكور. وكانت علاقته القوية بالرئيس بوش، هي التي استدعت اطلاق اسم "بندر - بوش" عليه.

وكان قد مارس قبل ذلك ديبلوماسيته المؤثرة في القرارات الأميركية منذ عام 1983 ، بحثه الادارة الأميركية الجديدة التي حلت محل ادارة الرئيس "كارتر"، على مواصلة الحرب في أفغانستان ضد الحكومة الشيوعية والتواجد السوفياتي، مستخدمين الجهاديين الاسلاميين في تلك الحرب، خصوصا بعد أن بدأت تظهر على السلطات الأميركية علامات التردد في المضي قدما في التعامل مع المجاهدين الاسلامببن المنتمين للتيار الاسلامي المتشدد، بعد فشل تجربة سا بقة للولايات المتحدة في التعامل مع الاسلاميين بقيادة آية الله "روح الله خميني" الذين ساعدتهم أميركا ومكنتهم من الوصول الى السلطة في ايران عام 1979، فقلبوا بعد ذلك ظهر المجن لها، حيث سمى "الخميني" الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر، كما قام الطلبة الايرانيون باقتحام السفارة الأميركية في طهران، وأخذوا رهائن كل من تواجد فيها.

وكان قد وقع انقلاب عسكري شيوعي في أفغانستان، أدى الى عزل الملك "ظاهر شاه" واعلان الجمهورية، وتعيين قائد الجيش الجنرال محمد داوود رئيسا للدولة، وما أعقب ذلك من استدعاء القوات السوفياتية للدخول الى أفغانستان لحماية الثورة الأفغانية الماركسية من أي تحرك مضاد من الجيش الأفغاني، أو من أي أصابع أخرى داخلية أو أجنبية.

وكان "ازبغينيو بريجنسكي" ، مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس كارتر، منزعجا وغاضبا في تلك الليلة التي تم فيها الغزو السوفياتي لأفغانستان. وبلغ به الغضب حد عزوفه عن المشاركة في احتفالات أعياد الميلاد (كريسماس) ، وقضائه تلك الليلة في مكتبه في البيت الأبيض ليتابع التطورات في أفغانستان عوضا عن تمضيتها مع أسرته كما تقتضي العادات الاجتماعية في الولايات المتحدة.

فالمستشار "بريجنسكي" الطموح لاثبات قدراته أمام الرئيس " جيمي كارتر" ، في معالجة الأزمات السياسية ، كان يبحث الآن عن الوسيلة الملائمة لمواجهة ذاك التغيير الأفغاني الضار بالمصالح الأميركية، الى أن قرر استخدام الجهاديين الاسلاميين في مقاتلة الغزاة السوفيات، خصوصا وقد تلاءم ذلك الحل مع تفكير مشابه استخدمه "بريحنسكي" للتو في معالجة أزمة أخرى هددت المصالح الأميركية في ايران.

ذلك أن يريجنسكي كان قد قدم في طروحاته الاستراتيجية، فلسفة أو استراتيجية توجيه التغيير في بلد ما اذا كان لا بد من التغيير في ذاك البلد. وكان قد قام للتو بتوجيه التغيير في ايران نحو احلال نظام اسلامي ديني في طهران محل نظام الشاه المهترىء، والذي بات قائده الشاه"رضا بهلوي" مهددا بالرحيل بسبب مواجهته لثورة شعبية عارمة ذات توجه وطني يساري قاد المظاهرات لعدة شهور ضد الشاه، وما رافق ذلك من اقتراب رحيل الشاه لأسباب صحية نتيجة مرضه بالسرطان الذي أصابه.

فالتغيير في ايران كان قادما لا محالة ، وكان من المرجح أن يحل محل الشاه تظام يساري. ولذلك رأى "بريجنسكي" وجوب توجيه ذاك التغيير. وقدر عندئذ بأن الأفضل توجيهه نحو التيار الاسلامي الديني، باعتباره قادرا على الحيلولة دون وصول اليسارالايراني الى السلطة، اضافة الى احتمال قيام نظام اسلامي معاد للشيوعية كهذا، بمشاغلة السوفيات عبر الحدود المشتركة بين البلدين: ايران والاتحاد السوفياتي.

وعلى ذات النهج استند قراره باستخدام الاسلاميين لمقاتلة الغزاة السوفيات، باعتبارهم ملحدون يدينون بالشيوعية التي تعتبر كفرا في المفهوم الاسلامي ، وبالتالي يصبح قتال المجاهدين الاسلاميين للسوفيات، قتالا ضد الكفر والالحاد نتيجة الايمان القوي لدى المجاهدين، بحيث يصبح استخدام ايمانهم ذاك، أكثر فعالية من استخدام الرشاش والمدفع.

لكن دور الأمير "بندر" الذي اتهم في عام 2007 ، بقبول عمولة مقدارها بليوني دولار كما تقول "الويكيبيديا"، فيما سمي بصفقة "اليمامة" مع مجموعة BAE ، لم يتوقف لدى تشجيع الولايات المتحدة على مواصلة مقاتلة السوفيات في أفغانستان مستخدمين المجاهدين الاسلاميين، أو على دوره في تشجيع الر ئيس "بوش" على شن الحرب على العراق، بل امتد ليشمل اذكاء الحرب في سوريا التي اشتعلت منذ عام 2011، باستخدام صلاحياته الواسعة كمدير للأمن القومي السعودي منذ عام 2005 ، وبعد ذلك كمدير للمخابرات العامة منذ تموزعام 2012. وساعده على تحقيق ذلك ، تلك الأموال الطائلة التي وضعت تحت تصرفه، لتنفيذ مخططاته الدرامية في سوريا أيضا.

وبلغ به الحماس لتحقيق النصر في سوريا باسقاط الرئيس بشار الأسد، أن ذهب الى روسيا الاتحادية في محاولة منه لاقناع الرئيس "بوتين"، الحليف القوي لسوريا، طالبا منه التخفيف من مقدار الدعم الروسي القوي، السياسي والتسليحي، لسوريا. وتنفيذا لاحتمالات وجود بعض الميكيافيلية في نهجه، قدم الكثير من الاغراءات الاقتصادية والسياسية، في محاولة منه لاقناع "بوتين" بالتخلي عن سوريا، أو على الأقل، التخفيف من تقديم الدعم لها. لكن الرئيس الروسي رفض عرضه رغم كل الاغراءات التي رافقت ذلك العرض.

وكانت الأسباب المعلنة لتقديم الدعم المالي والتسليحي للمعارضة المسلحة في سوريا، هي اسقاط دكتاتور يحكم الشعب السوري بقوة السلاح ، ويتحالف مع ايران التي لا تكن المملكة السعودية الود لها، في وقت كانت توجد فيه أسباب أخرى خفية ، وقد تشكل أحد أهم الأسباب الحقيقية للحرب، ومنها نشر المذهب السني الوهابي بين فئات من الشعب السوري المنتمين للطائفتين الشيعية والعلوية المتحالفة مع ايران.

وأكد هذه الحقيقة نائب الرئيس الأميركي "جو بايدن" في خطاب له مسجل على فيديو، اذ قال أن حلفاءنا في الخليج، قد "أشعلوا حربا في سوريا بين السنة والشيعة". وكان "بايدن" بذلك القول، يكشف عن وجود الخلاف بين أهداف دول الخليج من تلك الحرب، وأهداف الولايات المتحدة التي لم تكن بالضرورة معنية بالخلافات الطائفية كسبب لاسقاط نظام الحكم في سوريا. اذ كانت معنية كما يبدو ، باضعافه ومشاغلته عن ربيبتها اسرائيل، خشية أن يؤدي اسقاطه (رغم التصريحات العلنية المخالفة) الى أن يحل محله نظام اسلامي متطرف ، سرعان ما يعادي الولايات المتحدة ، وهو الاستنتاج المستند الى تجربتيها السابقتين في كل من ايران وافغانسنان.

واستقدم الأمير بندر للمشاركة في تلك الحرب، مجموعة من المرتزقة الذين كان بينهم من ينتمي الى تنظيم القاعدة. وازداد عدد هؤلاء بين المجموعات المسلحة المتواجدة على الأراضي السورية، الى درجة حولتهم الى القوة الأكبر بين صفوف المقاتلين. واعتقد البعض أنه كان مسؤولا عن تشجيع الارهابيين نتيجة تطرفه. ونتيجة لذلك اطلق البعض عليه وصف صديق الارهابيين.

ولم يبد الأمير بندر عابئا بهذه النتيجة أو بتلك التسمية، خصوصا وقد سبقتها شبهات حول علاقته بتنظيم القاعدة الأم المتواجدة في أفغانستان، وقيل بأنه كان مسؤولا الى حد كبيرعن تمويلها ( حتى وقوع تفجيرات نيويورك عام 2001) من الأموال التي تجمع من زكاة المسلمين. ولم تكن الولايات المتحدة راضية عن سلوكه، أو عن النهج ا لسعودي في التعامل مع القاعدة، خصوصا بعد أن تبين أن 15 من أصل 19 شاركوا في الهجوم الذي أدى الى تدمير البرجين في نيويورك، كانوا من السعوديين، علما أن تلك العملية الكبرى قد نفذت خلال تواجد الأمير بندر في مركزه كسفير للسعودية في الولايات المتحدة.

ويبدو أن التحقيقات التي أجرتها لجنة خاصة حول قضية تفجير البرجين ومهاجمة مبنى البنتاغون عام 2011 ، قد كشفت أمورا هامة في التقريرالذي أعدته ، عن علاقة السعودية بالقاعدة من حيث التمويل وربما التسليح أيضا. ذلك لأن الرئيسين "بوش" وبعده "اوباما، ظلا يرفضان السماح بنشر مضمون ذاك التقرير. وكان المبرر للرفض هو الحرص على الأمن القومي الأميركي.

وتقول مجلة "نيوزويك" أن بعض أعضاء الكونجرس الذين تمكنوا من الاطلاع على نص التقرير المحفوظ تحت حراسة مشددة في سراديب البنتاغون، قالوا أن التقرير لم يتضمن شيئا يمس الأمن القومي الأميركي، ولكنه يكشف عن بعض المعايير المزدوجة في التعامل مع الارهابيين من قبل كل من السعودية وأميركا.

ونسبت صحيفة "نيويورك تايمز" الى أحد المتهمين في هجوم الحادي عشر من أيلول 2001 ، وهو " زكريا موسوو" (كما ورد الاسم في الصحيفة وتبين في خبر آخر أنه زكريا موسوي) الذي يحمل جواز سفر فرنسي، قوله بأن "القاعدة" كانت تتلقى أموالا من السعودية منذ عام 1990 وحتى عام 2000.

وقال " زكريا" الذي يقضي في أحد سجون أميركا حكما بالسجن مدى الحياة، أنه من بين من قدم تبرعات للقاعدة، كان الأمير تركي الفيصل، مدير المخابرات آنئذ، وبندر بن سلطان، سفير المملكة في واشنطن آنئذ. كما قال أنه قد ناقش مع بعض العاملين في السفارة السعودية في واشنطن ، امكانية قصف طيارة "سلاح الجو رقم واحد" التي تقل الرئيس الأميركي عادة، وهو ما نفته السفارة السعودية واصفة "زكريا" بأنه مجرم محترف.

وأوردت صحيفة "التايمز" أن "زكريا" قد روى أيضا ببعض التفصيل ، عن لقاء أجراه بنفسه في السعودية مع الأمير سلمان (الذي أصبح الآن ملك السعودية) وأعضاء آخرين من الاسرة المالكة، ليسلمهم رسالة من "بن لادن".

هل كان ما رواه "زكريا موسوي " صحيحا أم لا ، فان مضمون التحقيق المكون من 28 صفحة وحده، هو القادر على كشف ذلك ، كما قال السناتور "بوب جراهام" (عن ولاية فلوريدا) الذي شارك في أعمال لجنة التحقيق الخاصة بأحداث عام 2001.

لكن الرئيس "بوش الابن" قد صنف تلك الوثيقة بأنها بجب أن تبقى سرية لكون نشرها يضر بالأمن القومي. وعلق السناتور جراهام على ذلك قائلا بأن "التهديد الحقيقي للأمن القومي هو بعدم نشر الوثيقة"، ووصف اضفاء السرية عليها بأنه حجب للحقيقة عن الشعب الأميركي.

وفي عام 2013 منح اثنان من النواب في البرلمان الأميركي الاذن بالاطلاع على تلك الوثيقة التي قد تحدد دور السعودية ، وربما دور الأمير بندر فيما حدث. والنائبان هما: "ولترجونز" و"ستيفن لينش". ومنذ ذلك الوقت وهما يحثان الرئيس "أوباما" على السماح بنشر تلك الوثيقة. وأبلغ جونز صحيفة "تايمز الاقتصادية" العالمية: "لقد كان مبعث دهشتي، أن أولئك الذين اعتقدنا أنه يمكننا الوثوق بهم، قد خذلونا".. و لم يحدد من هو المقصود بهذا العتاب. هل هي المملكة السعودية، أم هو سفيرها وقت الحدث.. أي الأمير "بندر بن سلطان".

وفي لقاء صحفي أجري مع "بندر" الذي كان قد أنكر في حينه الاتهام الموجه اليه من "زكريا موسوي"، ذكر الأمير أن "أسامة بن لادن" كان يتردد في الماضي على السعودية ، ليشكر المسؤولين فيها على تقديمهم الدعم للمجاهدين الاسلاميين لمساعدتهم "على محاربة الشيوعيين الكفرة"، كما نسب "بندر بن سلطان" ل"أسامة بن لادن". وذكر بأنه قد التقى ب "بن لادن" في مرحلة ما، لكن المقابلة كانت قصيرة كما ادعى، وتركت انطباعا لديه بأن "بن لادن" "ليس الشخص الذي يستطيع أن يقود أي شيء" .

ولكن الرجل الذي لم يكن قادرا على قيادة أي شيء ، قد خطط ونفذ بنجاح هجوما دراميا لم يشهد التاريخ مثله من قبل. ويقول السناتور "بوب غراهام" السابق ذكره والذي كان نائب رئيس اللجنة التي حققت في أحداث أيلول، أن الرسميين السعوديين (كما ورد في مجلة "نيوزويك" منسوبا للسناتور)، قد علموا بوجود رجال منتمين لأسامة بن لادن، أو سيتواجدون ، في أميركا قريبا". أما اذا كانوا يعلمون أو لا يعلمون بطبيعة مهمتهم " فذلك شيء آخر" كما قال السناتور غراهام ، مضيفا أن التقرير قد أشار فحسب الى أن أولئك كان لديهم "اتصالات مع أناس أمنوا لهم المسكن، ورخص قيادة السيارات، وحسابات في البنوك ، تسمية مدارس للتدريب على الطيران، وتسهيل عمليات التبادل".

وفي مقابلة خاصة مع مجلة "نيوزويك" أوضح السناتور أن حلقات الاتصال بالخاطفين هذه، "كانوا سعوديين رسميين لهم اتصالات وثيقة بحكومتهم" دون أن يوضح من المقصود بالرسممين السعوديين : هل كانوا رسميين في الرياض، أم في السفارة السعودية في واشنطن التي يتراسها السفير بندر بن سلطان . وأوضح السناتور بأن هناك قصة لم يرد ذكرها ، وهي قصة اليمنيين الثلاثة (مواطنين من اليمن) ، الذين قدموا الدعم للخاطفين.

أما الكاتب "روبرت شير" (Robert Scheer ) فقد كتب مقالا في عام 2013 أعيد نشره في 25 شباط (فبراير) 2015 على مجلة اليكترونية اسمها truthdig قال فيه أن بندر "لم يجد صعوبة في توفير خروج آمن (لسعوديين) الى خارح واشنطن، بما فيهم خروج أعضاء من أسرة بن لادن ربما كانت السلطات الأميركية ترغب في أن تحقق معهم".

ولكن نتيجة اشتداد مطالبة بعض نواب البرلمان والكونجرس الأميركي مؤخرا برفع الحظر عن نشرالوثيقة التي تضمنت التحقيق في قضية ايلول 2001 ، انبرى "الأمير بندر" الذي كان سفيرا للسعودية في وقت وقوع الحدث ، مطالبا أيضا بنشر الوثيقة، قائلا بأنه من الممكن عندئذ التعامل علنا مع أي استفسارات. لكن لا يسعنا الرد على صفحات بيضاء (اي مجهولة المضمون نتيجة عدم نشرها).

ومن أبرزما قاله السناتور "غراهام" أن الدولة الاسلامية (ISIS) هي نتاج المفاهيم السعودية ، والأموال السعودية ، ودعم المنظمات السعودية، "مع أنهم يدعون الآن بأنهم ضد الدولة الاسلامية". ولكن السناتور تناسى أن داعش هي من مشتقات القاعدة التي كانت من افرازات وانتاج التعاون الأميركي مع المجاهدين الاسلاميين. فهي التي دربتهم ومولتهم وسلحتهم من أجل مقاومة التواجد السوفياتي في أفغانستان، فاستغل هؤلاء بعد ذلك تلك الأسلحة الممولة أميركيا، لمقاومة الأميركيبين.

******************

و كما كان الأمير متحمسا للابقاء على مشاركة المجاهدين الاسلاميين في القتال في أفغانستان، كان أيضا متحمسا جدا للحرب القائمة في سوريا. و بلغ أوج حماسه في عام 2013 عندما هدد الرئيس أوباما بقصف سوريا عقابا لها على استخدامها السلاح الكيماوي (كما قيل)، في قصف غوطة دمشق، وهو ما ثبت فيما بعد عدم صحته .

فالأمير بندر قد رحب بتلك الخطوة الأميركية، وشجع "أوباما" عليها ، بل وشجعه على التوسع بعملية القصف تلك، ليرافقها اجتياح لسوريا بقوات تعبر من الحدود الأردنية، كما وردني في دراسة وصلتني من لندن عبر الانترنت.

وبدأ "بندر" يحشد المقاتلين في الأردن طالبا من الولايات المتحدة أن تزوده ببعض الخبراء العسكريين لتدريبهم. ولم تكن الحكومة الأردنية راضية عن خطواته تلك، ولكن مرورها بضائقة مالية كبرى لم تشهد مثيلا لها من قبل، اضطرتها للسكوت على مضض نظرا لحاجتها للعون المالي من السعودية.

ولأن الأردن لم يكن راضيا عن تلك الخطوات المتهورة، خصوصا وأنه كان يقدر أن سقوط النظام في سوريا، وحلول نظام اسلامي متطرف محله، كان من المرشح أن يؤدي الى أن تصبح بلده هي الخطوة التالية لدى حكومة كهذه.... كان بعض الضباط الأردنيين، كما تقول المذكرة، يبعثون بنشرات دورية للحكومة السورية، تبلغهم بكل خطوة يقدم عليها الأمير بندر، دون أن يشيروا الى الأمير باسمه، بل باسم وهمي هو "الكاهن".

ولكن الرئيس الأميركي عدل عن مخططه لقصف سوريا بعد أن اقترحت روسيا ، ورحبت سوريا بالاقتراح ، نزع وتدمير كامل ا لأسلحة الكيماوية المتواجدة في مخزونها. فقامت أميركا بعد ذلك التطور، بسحب خبرائها من الأردن الذي قام عندئذ مغتبطا باقفال المعسكرات التي تواجد فيها أولئك المقاتلون.

و اجتاح الغضب الأمير بندر الذي لم يكن على قدر كبير من الود مع الرئيس "أوباما" كما كان في الماضي مع "بوش الأب" وبعده مع "بوش الابن" ، اذ لم يكن راضيا الأن عن تراجع الولايات المتحدة عن خطواتها تلك، فبعث بالاحتجاج تلو الآخر لها خصوصا وقد أدرك بأنه لن يكون أبدا "بندر أوباما" كما كان "بندر بوش".

وفي المقابل، كانت وجهات نظره تلتقي مع توجهات السنتاتور الجمهوري" جون ماكين" الذي كان أيضا شديد العداء لسوريا. ولكن عندما بالغ الأمير "بندر" بحماسه المتهور ضد سوريا، مع تزايد الاحتجاجات الأميركية لدى الملك "عبد الله بن عبد العزيز" على تصرفات الأمير بندر الهوجاء ، متهمة اياه بالتعاطف والتعامل مع اليمين الأميركي المتشدد نكاية بالرئيس "أوباما"، قام الملك السعودي في شهر أيلول 2014 بعزل بندر من منصبه كمدير للمخابرات، بناء على طلبه كما قيل، مع أن الأنباء قد رددت آنئذ أن أسبابها كان التوسع الكبير في الانفاق ... لكن السبب الحقيقي لعزله ، كان تلك الاحتجاجات الأميركية على تصرفاته المتطرفة. وعين الملك عندئذ محله "يوسف بن علي الادريسي".

وفي 29 كانون ثاني ( يناير) 2015 ، قام الملك "سلمان بن عبد العزيز" فور تسله العرش، بعزل الأمير بندر من مركزه كرئيس لمجلس الأمن الوطني السعودي. وكتب " ديفيد هيرست" في مقال له في 31 كانون الثاني 2015 مقالا قال فيه أن من أول المهمات التي قام بها "الملك سلمان" فور توليه العرش ، كان التخلص من "العقرب" ، مشيرا الى الأمير "بندر بن سلطان".

و كتب المفكر الفرنسي "تييري ميسان" مقالا مطولا حول "بندر بن سلطان" الذي اعتبر العامل الأقوى في تطورات الحرب في سوريا، والتي أدى امتداها في الزمن، الى ظهور، على الأقل استقواء ، بعض الحركات الارهابية ، حيث ترك بصماته عليها. وكان من بينها تنظيم "داعش"الذي يحاربه التحالف الدولي الآن بمشاركة سعودية.

وذكر "ميسان" في مقاله أن تلك لم تكن المرة الأولى التي أبعد فيها "بندر" عن السلطة. اذ كان قد أبعد عنها عام 2010 "عقب محاولته تنظيم انقلاب"، لكنه "أعيد (الى منصبه) بسبب الأحداث في سوريا" كما قال الكاتب. وفي عام 2012 تغيب فترة عن الظهور بعد أن تعرض لهجوم استهدفه انتقاما لاغتياله أعضاء مجلس الأمن السوري بمتفجرات وضعت في موقع اجتماعهم، "لكنه عاد بعد عام الى مركزه منهكا ومهووسا".

ويمضي المفكر "تييري ميسان" قائلا، أن "الأمير بندر" قد أبعد مرة أخرى عام 2014 بناء على طلب "جون كيري" وزير الخارجية الأميركي. لكنه "سرعان ما عاد الى واجهة الأحداث بسبب التطورات في مصر" ، الى أن قرر "الملك سلمان" ابعاده نهائيا عن مسرح اتخاذ القرار.

ولكن قرار الملك سلمان ، الذي اتخذ بناء على طلب من الرئيس "أوباما" لدى زيارته للسعودية لتقديم واجب العزاء برحيل "الملك عبد الله" ، قد جاء متأخرا ، وبعد أن تسبب من سمي ب "صديق الارهابيين" أحيانا ، ومرات أخرى بأسماء أخرى ك"بندر- بوش..العقرب..الكاهن" أيا كانت تسمياته ... بالكثير من الضرر نتيجة تعامله مع تنظيم القاعدة، أو مع القضية السورية التي تسببت حتى الآن بمائتي ألف قتيل وثمانية ملايين لاجىء ... بل وبطريقة تعامله الكريمة جدا مع التنظيمات الجهادية التي تحولت الى تنظيمات ارهابية و أبرزها "داعش"، سواء كان هو من أنشأها، أو قام آخرون بانشائها، واقتصر دوره المؤكد في مسألتها، على توفير الفرصة لها ، المناسبة والسانحة للنمو وللحياة.



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسعة أسئلة، بل عشرة، تنتظر الاجابة من الادارة الأميركية
- داعش تبلغ أعلى مراحل البربرية باعدامها معاذ كساسبة
- هل الحرب الأميركية ضد الارهاب الداعشي، هي حرب لاغتيال داعش، ...
- المخطط الأميركي لتفكيك -القاعدة-، بدءا بغزو أفغانستان عام 20 ...
- لا تندهي .. ما فيه حدا آذان أصابها صمم، فلا تسمع رجع الصدى . ...
- هل كان الصاروخ الذي ادعت داعش اسقاطه للطائرة، أول الأخطاء ال ...
- ولادة الفكر الارهابي نتيجة متوقعة للفراغ الذي تركه اغتيال ال ...
- لما الاستغراب لوصول الاسلام السياسي الى السلطة في تونس ومصر ...
- أخطار تهدد الخليج، وأخرى تهدد أوروبا، وأخطار تهدد الشرق الأو ...
- كيف تحولت -عين العرب- الى -كوباني-غراد-، وهل سيؤثر ذلك على ا ...
- هل تصبح -كوباني- معركة مصيرية لمستقبل تركيا في حلف -الناتو- ...
- من استدرج من الى حرب سوريا؟ دول الخليج؟ أميركا؟ أم تركيا أرد ...
- هل تصبح -عين العرب- معركة مفصلية تحدد جدية التحالف في محاربة ...
- قصيدة سياسية بمناسبة عيد الأضحى
- الورقة اليمنية وورقة -داعش-، والمتغيرات المتوقعة بسببهما في ...
- هل نقطع رأس داعش أم نقطع رأس المؤامر ة؟
- هل نحارب الفكر السلفي التكفيري بمحاربة العروبة باعتبار بلاد ...
- الأردن وسياسته الضريبية كحل غير مجد لمشاكله الاقتصادية
- من يقطع رأس داعش.. قاطعة الرؤوس؟ ولماذا تتلكأ الولايات المتح ...
- السمات الغريبة التي تميزت بها الحروب في العقد الحالي من القر ...


المزيد.....




- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - داعش .. و بندر بن سلطان