أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - ولادة الفكر الارهابي نتيجة متوقعة للفراغ الذي تركه اغتيال الفكر الشيوعي واليساري والوطني والقومي















المزيد.....

ولادة الفكر الارهابي نتيجة متوقعة للفراغ الذي تركه اغتيال الفكر الشيوعي واليساري والوطني والقومي


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 22 - 19:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"أنا أفكر..اذن أنا أعيش"
ترى من هو صاحب هذه المقولة الرائعة ؟ هل كان الفيلسوف "كانت" أم كان "رينيه دي كارت". أم لعلهما شخص واحد. لم أعد أذكر. كل ما في الأمر أنها مقولة تذكرني بأهمية وجود الفكر لدى الانسان، باعتبار أن الفكر هو العنصر الذي يميزه عن الحيوان، ويجعله انسانا عاقلا ومفكرا، اضافة الى كونه حيوان ناطق.
ولكن مخططي الاستراتيجيات في العالم الغربي، وخصوصا في الولايات المتحدة، لم يقدروا قط أهمية الفكر وضرورته للانسان في محاولاتهم المستميتة لسحق كل فكر معاد للفكر الرأسمالي المتسربل بالفكر الديمقراطي الذي يتبنونه. فعملوا بضراوة على سحق الفكر الشيوعي واليساري والقومي والوطني في العالم وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط،، دون أن يقدروا بأن فكرا آخر لا بد أن يحل محله، وقد لا يكون بالضرورة الفكر الرأسمالي المحبب للغرب، بل أفكار أخرى كان أبرزها الفكر الديني الذي جنح تدريجيا الى التشدد متمثلا بأصحاب تيار الاسلام السياسي، في هذه المنطقة من العالم على الأقل، والذي تحول أيضا، ولو لدى بعض متبنيه، الى فكر ارهابي.
وقد ساهم الحزبان الأميركيان الرئيسيان في أميركا، أي الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، في قمع الأفكار المخالفة لتوجههم الفكري الرأسمالي، فسعوا بكل قسوة لسحق أي فكر مخالف لفكرهم، كالفكر الشيوعي واليساري والقومي أو الوطني.
ففي آسيا، نجحت ال"سي آي ايه" في عام 1967، وبالتعاون مع الجنرال "سوهارتو"، في قلب النظام القائم في اندونيسيا برئاسة "سوكارنو" الذي كان محبوبا في بلاده ويتمتع بشعبية واسعة فيها. وادعى الجنرال "سوهارتو" يومئذ، أنه يقمع محاولة للحزب الشيوعي الأندونيسي تسعى للاستيلاء على السلطة. لكنه لم يفسر الأسباب وراء عزل "سوكارنو" الذي كان صديقا ومتحالفا مع الحزب الشيوعي وكل الأحزاب الوطنية في البلاد، والتي بايعته في عام 1966، أي قبل شهور قليلة، رئيسا للبلاد مدى الحياة. وقام سوهارتو عندئذ، وتنفيذا للهدف الحقيقي للانقلاب، بقتل عشرات الآلاف، بل مئات الآلاف، كما تقول "جوجول"، من أعضاء الحزب الشيوعي الأندونيسي.
ونفذ الانقلاب على الحزب الشيوعي الأندونيسي في عهد الرئيس الأميركي "ليندون جونسون" المنتمي للحزب الديمقراطي.، الذي كان في ذات الوقت قد دفع الجيش الأميركي لخوض حرب كبرى في فيتنام الجنوبية، في مسعى منه للحيلولة دون انتشار الشيوعية في تلك البلاد، وهي الحرب التي كلفت في هذه المرة، خسائر كبيرة للجيش الأميركي دون تحقيق انتصار على الشيوعية والفكر الماركسي.
وعلى صعيد الجمهوريات الأميركية، نفذ الأميركيون في الستينات من القرن الماضي، سلسلة من الانقلابات العسكرية في جمهوريات أميركا اللاتينية المسماة ب"جمهوريات الموز"، تجنبا لسيطرة الحركات اليسارية أو الشيوعية على مقاليد الأمور فيها. وكان أبرز تلك الانقلابات، ذاك الانقلاب الدامي في عام 1973، في جمهورية "تشيلي"، الذي أدى الى مقتل "أليندي" - رئيس الجمهورية الماركسي الانتماء. كما تمت في مجريات ذاك الانقلاب الدامي الذي نفذته ورعته ال "سي آي ايه"، تصفية عشرات الآلاف، بل مئاتهم، من المنتمين للتيار الماركسي الشيوعي، تصفية دموية اقتداء بما جرى قبل بضعة أعوام في أندونيسيا، حيث أن المخطط للعمليتين كان واحدا. وقد نفذت تلك المجزرة في عهد الر ئيس"ريتشارد نيكسون" المنتمي للحزب الجمهوري.
وعلى صعيد الدول الأوروبية، جرت في الستينات محاولات لقلب الحكومات االشيوعية في بعض أقطار أوروبا الشرقية المنضوية في حلف "وارسو". لكن أيا منها لم ينجح، اذ تصدى لها عندئذ الحليف السوفياتي بقيادة "خروشوف" – رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي آنئذ.
****************************
أما على صعيد الشرق الأوسط،، فقد جرت عمليات كثيرة تهدف الى الحيلولة دون سيطرة فكر آخر مخالف للفكر الرأسمالي المتسربل بالفكر الديمقراطي. فجرى قمع الفكر اليساري والماركسي، بل والفكر القومي والوطني أيضا.
وأبرز هذه العمليات وأكثرها وضوحا، جرت في أفغانستان وايران، حيث كاد الفكر الماركسي أو اليساري على الأقل، أن يسيطر على تلك البلاد. كما نفذت في مصر والعراق وسوريا واليمن، حيث نجح الفكر القومي العربي في اجتذاب الشعب العربي اليه والسيطرة على توجهاته القومية والفكرية.
وكانت الخطوة الأكثر وضوحا في هذا الشأن، هي قيام "بريجنسكي" مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الديمقراطي "جيمي كارتر"، عام 1979، في استخدام الدين الاسلامي كسلاح أقوى من سلاح البندقية والقنبلة والمدفع، في مقاومة الفكر الماركسي الذي جاء به الى السلطة في أفغانستان بانقلاب عسكري نفذه صغار الضباط المنتمين للحزب الشيوعي، وهو الانقلاب الذي أطاح بالملك "ظاهر شاه"، واستدعى القوات السوفياتية الى البلاد لحماية تلك المكتسبات.
فالغزو السوفياتي لأفغانستان، باعتباره غزوا من قبل الشيوعية الملحدة لبلد يدين بالاسلام ويرفض الشيوعية والالحاد، تطلب مقاومته بتشكيل مجموعات من المقاتلين الاسلاميين الذين أتى بهم "بريجنسكي" من العديد من الدول الاسلامية، فخاض أولئك حربا ضد السوفيات استمرت عشر سنوات تقريبا. ولكن النتيجة التي فاجأت الأميركيين، كانت تحول أولئك المقاتلين الاسلاميين الى عداء الولايات المتحدة بمجرد خروج السوفيات وهزيمة الحزب الشيوعي الأفغاني، وذلك باعلانهم تشكيل منظمة "القاعدة" ذات التوجه الاسلامي المتشدد الذي حل محل الفكر الماركسي الذي حكم البلاد ولو لفترة قصيرة.
وفي وقت مواز للغزو السوفياتي لأفغانستان، أي في عام 1979 أيضا، قام "بريجنسكي" بمساعدة الحركة "الخمينية" على تولي السلطة في ايران كبديل لنظام الشاه "رضا بهلوي" المهترىء، خصوصا وأن المرض المستعصي علاجه، قد أصاب الشاه فبات رحيله عن الحياة قريبا ومؤكدا. وكان الاحتمال الأكثر ترجيحا للسيطرة على مقاليد الأمور في ايران بعد رحيل الشاه، مهيئا لأنصار الدكتور "محمد مصدق"، الزعيم الوطني القومي السابق، بالتحالف مع "حزب توده" الشيوعي، وأنصار مجاهدي خلق، المنظمة شبه العسكرية ذات التوجه الماركسي.
فتجنبا لسيطرة اليسار الوطني، او الحزب الشيوعي، او حتى الفكر القومي الايراني على مقاليد الأمور، أو كلها مجتمعة ومتحالفة، قدم "بريجنسكي" الدعم لآية الله "روح الله خميني" الاسلامي الاتجاه، ليحل محل الشاه. لكن "الخميني" سرعان ما انقلب على الولايات المتحدة وسماها "الشيطان الأكبر"، معلنا ظهور الجمهورية الاسلامية المعادية للولايات المتحدة.
أما على صعيد محاربة الفكر القومي أو الوطني في بلدان الشرق الأوسط، فقد كانت هناك جولات وجولات، بدءا من ايران، وانتقالا فيما بعد لعدد من الدول العربية كمصر واليمن والعراق وسوريا.
وكان أولها في ايران عام 1953، عندما نفذت ال"سي آي ايه" انقلابا عسكريا ضد الزعيم القومي والوطني الدكتور "محمد مصدق" المنتخب من الشعب، والذي كان أول زعماء المنطقة المبادرين لتأميم النفط وانتزاعه من السيطرة البريطانية. فعزلت الدكتور مصدق من منصبه كرئيس للوزراء، ووضعته في الاقامة الجبرية الى نهاية حياته، في مسعى لانهاء تنامي الفكر القومي والوطني الذي بعثه الدكتور "مصدق" في الشعب الايراني، والذي لو استمر، ما كانت ايران ستصل الى مرحلة الخمينية ذات تيار الاسلام السياسي المتشدد.
وقد شارك في التخطيط للانقلاب على "مصدق"، أحد عملاء ال"سي آي ايه" البارزين وهو "مايلز كوبلاند" كما اعترف جهارة بذلك في كتابه بعنوان "لعبة الأمم". وقد نفذ الانقلاب على رئيس الوزراء الايراني، في زمن الرئيس "دوايت أيزنهاور" المنتمي للحزب الجمهوري.
وفي سوريا، في عام 1961، ساهمت المخابرات الأميركية بتشجيع وقوع انقلاب عسكري في الاقليم السوري من الجمهورية العربية المتحدة التي ضمت سوريا ومصر. و قاد الانقلاب العقيد "موفق عصاصة". وأدى ذاك الانقلاب الى تفكك الوحدة بين مصر وسوريا، التي شكلت أملا قوميا للأمة العربية توقع العرب أن يصل بها الى وحدة عربية شاملة طالما تمناها العالم العربي، وتطلع اليها القائد "جمال عبد الناصر" ، مما شكل ضربة معنوية للفكر الناصري الباعث لفكر القومية العربية. وقد نفذ الانقلاب على الوحدة العربية في عهد الرئيس "جون كينيدي" المنتمي للحزب الديمقراطي.
ثم وجه الأميركيون ضربة أخرى للفكر الناصري في عام 1962، عندما استنزفوا الجيش المصري في حرب في اليمن، نشبت بعد وقوع انقلاب عسكري عروبي قاده الرئيس "عبد الله السلال" ضد الامام "البدر"، ودخل نتيجة له بوحدة كونفدرالية مع مصر في مسعى لرأب الصدع الذي تسببت به انتكاسة الوحدة بين مصر وسوريا قبل عام واحد.
فقد استنزفت تلك الحرب، التي لم تكن موجهة ضد اليمن أو مصر، بل ضد الفكر القومي العربي الذي ظل يؤمن بفكر الوحدة رغم الضربة التي وجهت اليه قبل أقل من عام...فهذه الضربة – المؤامرة، استنزفت الجيش المصري، مشكلة أحد العوامل التي أدت الى هزيمته في حرب 1967 ( سأتطرق اليها تفصيلا في الفقرة التالية) التي ما زال العرب والعروبة يعانون من ويلاتها. وقد أشعلت حرب الاستنزاف في اليمن في عهد الرئيس "كينيدي"، ودخلت مرحلة أشد وأقوى عندما تولى نائبه "ليندون جونسون"، ذو الاتجاهات اليمينية المتطرفة، الرئاسة بعد اغتيال "كنيدي". وكان جونسون وكنيدي، كلاهما ينتميان للحزب الديمقراطي.
وفي عام 1967، قام الرئيس الديمقراطي "ليندون جونسون" أيضا ، بتقديم الدعم العسكري المفرط لاسرائيل في غزوها للأراضي العربية، مما أدى الى هزيمة جيوش الدول العربية مجتمعة وخصوصا الجيش المصري. وكان له هدفان من وراء ذلك، أحدهما قهر الفكر القومي العربي الذي نادى به الرئيس "جمال عبد الناصر" - رئيس جمهورية مصر، وثانيهما (وهو الهدف الخفي غير المعلن)، ايجاد ورقة تفاوضية لمصلحته بالنسبة لمعركته مع الشيوعية الجارية في فيتنام والتي كانت تلحق الهزائم بالجيوش الأميركية في "سايغون" وفي غيرها من مدن فيتنام الشيوعية سواء في جنوبها أو في شمالها.
فالجيش المصري كان على علاقة تحالفية مع السوفيات، وكان الحاق الهزيمة به، سيوفر ورقة تفاوضية أميركية ضاغطة على السوفيات. (فاذا كنتم أنتم قادرون على الضغط علينا عسكريا في فيتنام، فنحن قادرون على الضغط عليكم عسكريا في الشرق الأوسط. فخففوا الضغط علينا هناك، وتوصلوا معنا الى تسوية مرضية مشرفة، لنوصلكم الى تسوية مرضية مشرفة لحلفائكم في الشرق الأوسط)....هكذا فكر "جونسون".
لكن النتيجة جاءت عكس ذلك تماما. فالاسرائيليون قد تمسكوا بمكتسابتهم في الأ راضي الفلسطينية، رافضين الانسحاب منها، مما أضعف الجانب التفاوضي الأميركي مع الفيتناميين والسوفيات، فتواصل القتال في فيتنام الى أن خرج الأميركيون منها يجرون أذيال الخيبة والهزيمة، في وقت أفرزت فيه حرب عام 1967 تطوران هامان: أولهما وجود قضية اسمها قضية الشرق الأوسط تمثلت باحتلال اسرائيلي مستمر للأراضي العربية، مما زاد في مرارة الشعور لدى العرب وخاصة الفلسطينيين منهم، ومما استدعى أيضا نتيجة القهر الذي الحق بهم، توجههم الى مزيد من التدين، باعتبار أنه لا شي ء سيحرر بلادهم وخصوصا قدسهم والمسجد الأقصى، الا الايمان بالله انتظارا لعون من الله . أما ثانيهما فكان ظهور حركة "حماس" الاسلامية التي نفذت مجموعة من العمليات الاستشهادية، والتي كان ولا زال محور فكرها الأساسي هو الدين الاسلامي باعتبارها فرعا من فروع الاخوان المسلمين.
وفي عام 1991، خاض الأميركيون حربا ضد العراق الذي كان يحكمه حزب البعث العربي الاشتراكي، والذي شكل الجناح الآخر لنسر الوحدة العربية. أما جناحها الثاني فكان الفكر الناصري العربي الوحدوي الذي بدأ يذوي بعد رحيل "عبد الناصر" بوفاته عام 1970. وقاد تلك الحرب، الرئيس "جورج بوش الأب" المنتمي للحزب الجمهوري، بمشاركة 29 دولة أخرى، بذريعة تحرير "الكويت" من الهيمنة العراقية التي شكل غزوها وضمها للكويت خطوة، وان كانت غير مدروسة تماما (نتيجة المؤامرات التي حيكت وقادت اليها السفيرة "جلاسبي") ، لتأسيس وحدة عربية بين قطرين عربيين.
وعندما فشلت تلك الحرب في اسقاط النظام البعثي القومي بقيادة "صدام حسين"، خاضت أميركا ضد العراق في عام 2003 حربا أخرى قادها هذه المرة الرئيس "جورج بوش الابن" المنتمي أيضا للحزب الجمهوري. فأسقط نظام حزب البعث العربي الوحدوي، واعتقل "الرئيس صدام"، ونفذ حكم الاعدام فيه، مما قاد العراق الى الفوضى والى انتشار الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة، الأمر الذي لم يكن معروفا طوال حكم حزب البعث العربي الذي وحد الطائفتين تحت شعار العروبة، وكون الاسلام هو اسلام واحد. وكان من النتائج البارزة لتلك الحرب، حل الجيش العراقي، ثم تشكيل منظمة "دولة العراق الاسلامية" من ضباط سابقين في الجيش العراقين ويقال بأنهم كانوا ذوي توجه اسلامي.
وفي عا م 2011 ، وجهت في عهد الرئيس "أوباما" المنتمي للحزب الديمقراطي، ضربة أخرى للفكر القومي العربي، عندما أشعلت حرب أهلية في سوريا التي يحكمها جناح آخر من جناحي حزب البعث العربي الاشتراكي الذي استطاع أن يحكم البلاد بروح الغت الخلاف بين الطوائف أو الفوارق الاثنية، والتي ساد محلها جميعا فكر قومي تغلب على كل هذه الفوارق. وهذه الحرب المدمرة، ما زالت مشتعلة حتى الآن مفرزة أكثر من مائتي الف قتيل وشهيد. والأهم من ذلك أنها قد أفرزت أيضا منظمة "داعش" الارهابية.
************************
وهكذا نلاحظ أن كلي الحزبين الأميركيين قد ساهما في محاربة أي فكر آخر لا يتماشى مع مصالحهم أو مفاهيمهم، كالفكر الشيوعي، والوطني، أو اليساري، وخصوصا الفكر القومي المستقل كما حدث في ايران وفي العراق وفي سوريا أيضا.
فالانسان، المتميز عن الحيوان، والذي لا بد له أن يكون مخلوقا مفكرا، قد استعاض عن تلك التيارات الفكرية المرفوضة من الغرب، بأفكار من التيار الأقرب اليه، وهو فكر التدين الشديد، مع لجوء البعض الى خلطه بالامور السياسية.
فاذا كان "حسن البنا" المؤسس والمرشد الأول لحركة الاخوان المسلمين في مصر، قد سعى، كما قال في حينه، لانشاء حركة اسلامية دعوية غير معنية بالشؤون السياسية، فان المرشد الثالث للحركة وهو "سيد قطب"، قد سيس الفكر الديني وطرح رؤية اسلامية سياسية متشددة، سرعان ما تبناها "أسامة بن لادن"، كما قيل، ليحولها الى فكر أكثر تشددا. وربما على أساس مفاهيمه تلك، أسس منظمة القاعدة التي استخدمت الارهاب لتنفيذ مشروعها.
ومن القاعدة، انبثقت حركة داعش، التي باتت أكثر المنظمات الاسلامية تشددا وارهابا، الى درجة أنها، كما شاهدنا من نشاطها، قد خرجت على كل حدود للمفاهيم المدنية والحضارية، بل وكل الاتفاقات والمعاهدات الدولية وأبرزها حقوق الا نسان.
فانسان بدون فكر، بعيش في قحط لا يترك للحياة معنى. وهو انسان ضعيف يخشى المجهول. وفد لاحظناه في بداية الخليقة عندما كان يعيش في الغابات او في القفار، يبحث عن مفاهيم يؤمن بها. فآمن تارة بالشمس وتارة بالنار وبغيرهما من الأشياء التي حاول عقله المفكر أن يستوعبها. ومع تطور الحضارة، وصل الى بعض المفاهيم الحديثة الأكثر رقيا، بعضها كان محوره المفاهيم الدينية، والبعض الآخر المفاهيم الفلسفية التي باتت سمة العصر في القرون الأخيرة. فلا يمكن اذن فصل الانسان عن الفكر الذي يميزه عن الحيوان الذي تحركه الغريزة لا الفكر الراقي.
واذا كانت الأفكار الفلسفية الحديثة قد تكاثرت فتضاربت وتعارضت، لا يجوز فرض فكر على ركام فكر آخر، وهو ما سعت الولايات المتحدة اليه منذ منتصف القرن الماضي، دون أن تدرك بأن الفكر الذي تحاول اغتياله، لن يحل محله بالضرورة الفكر الذي تعتنقه هي، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط التي انبعثت منها معظم الديانات. فالفكر الآخر المؤهل لأن يحل محل فكرها الذي تطرحه، وله الفرصة الأقوى في الاقناع والفوز على ركام فكره الفلسفي أو القومي الذي تغتاله، هو الفكر الديني الذي كان الشرق الأوسط منذ زمن بعيد نقطة انطلاقه الى العالم، بحيث بات هو الأقرب لعقل الانسان الشرق أوسطي، اذا اغتيلت الأفكار الفلسفية الأخرى التي كانت أمامه واعتنق بعضها.
ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الأخوة المغربية التونسية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين (الصفحة الرسمية)
عضو في تجمع الأحرار والشرفاء العرب (الناصريون(
عضو في مجموعة مشاهير مصر - عضو في منتدى العروبة
عضو في "اتحاد العرب" (صفحة عراقية)
عضو في شام بوك.
عضو في نصرة المظلوم (ص. سورية (
عضو في منتدى فلسطين للفكر والرأي الحر.
عضو في مجموعات أخرى عديدة.



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لما الاستغراب لوصول الاسلام السياسي الى السلطة في تونس ومصر ...
- أخطار تهدد الخليج، وأخرى تهدد أوروبا، وأخطار تهدد الشرق الأو ...
- كيف تحولت -عين العرب- الى -كوباني-غراد-، وهل سيؤثر ذلك على ا ...
- هل تصبح -كوباني- معركة مصيرية لمستقبل تركيا في حلف -الناتو- ...
- من استدرج من الى حرب سوريا؟ دول الخليج؟ أميركا؟ أم تركيا أرد ...
- هل تصبح -عين العرب- معركة مفصلية تحدد جدية التحالف في محاربة ...
- قصيدة سياسية بمناسبة عيد الأضحى
- الورقة اليمنية وورقة -داعش-، والمتغيرات المتوقعة بسببهما في ...
- هل نقطع رأس داعش أم نقطع رأس المؤامر ة؟
- هل نحارب الفكر السلفي التكفيري بمحاربة العروبة باعتبار بلاد ...
- الأردن وسياسته الضريبية كحل غير مجد لمشاكله الاقتصادية
- من يقطع رأس داعش.. قاطعة الرؤوس؟ ولماذا تتلكأ الولايات المتح ...
- السمات الغريبة التي تميزت بها الحروب في العقد الحالي من القر ...
- الزلزال في غزة، والضحايا من الأطفال الأبرياء، في قصائد الشعر ...
- قراءة في نتائج العدوان على غزة وشعبها الصامد
- من امن المسئول عن الدم الفلسطيني المراق في غزة؟ هل هي اسرائي ...
- هل تصبح غزة غزتين، وهل نكرر أخطاء 1948 و 1967و 2005
- الأكاذيب الاسرائيلية حول معركة غزة، والأخطاء المتواصلة من قب ...
- صوت المعارك في العالم العربي، كما تسجلها قصائد لشعراء محدثين ...
- التطورات غير المفاجئة على ساحة القتال في الشمال العراقي


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - ولادة الفكر الارهابي نتيجة متوقعة للفراغ الذي تركه اغتيال الفكر الشيوعي واليساري والوطني والقومي