أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل الحرب الأميركية ضد الارهاب الداعشي، هي حرب لاغتيال داعش، أم هي حرب لتفكيك القاعدة .. أولا؟















المزيد.....



هل الحرب الأميركية ضد الارهاب الداعشي، هي حرب لاغتيال داعش، أم هي حرب لتفكيك القاعدة .. أولا؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 20:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولا ؟؟ لماذا أولا؟ لأنها كلمة السر... شيفرة المرور، لتفهم ما يجري من تطورات غامضة على أرض ساحة تتضمن ألوقائع الجارية عليها، الكثير من الألغاز التي تكاد توحي بوجود سيناريو ما، أو مخطط غامض، كي لا نسميه مؤامرة غامضة.
هذه المقالة ليست موضوعا جديدا لم أناقشه من قبل، لأنها في حقيقة الأمر افاضة وتوسعا في مضمون مقالتي السابقة التي نشرتها مؤخرا بعنوان "المخطط الأميركي لتفكيك القاعدة". بل وقد استعدت هنا بعض فقراتها، مع اضافات كبرى عليها من باب التعمق في دراسة هذا الاحتمال الخطير بكون الحرب على الارهاب الداعشي الذي اطلق في عام 2014 ، ان هو الا مخطط لتفكيك تنظيم القاعدة الأم المتواجدة في أفغانستان.
فنظرا لأهمية هذا الموضوع الذي لم يتطرق بعد الى احتمال وجوده أي من الكتاب والمحللين، رأيت اعادة نشره لكن مع مزيد من التعمق والتوسع في دراسة هذا الاحتمال الذي غفل عنه الكثيرون. وأنا آمل أن يبذل القارىء الكريم جهده لقراءته كاملا رغم امتداد صفحاته، دون الاكتفاء بقراءة العنوان. وأنا أرجح بأنه سوف يجد فيه رؤية مفيدة للمجريات الحقيقية للأحداث في هذه المنطقة المضطربة من العالم، بل وسوف يكتشف تدريجيا أنه بصدد الاطلاع على ما يشبه رواية بوليسية مشوقة، شكلتها بفصولها المثيرة المتعاقبة، تلك المخططات الأميركية المذهلة المفرطة أحيانا في الغباء، والمغرقة أحيانا أخرى في الذكاء المكتسي بغموض واثارة أفلام "هيتشكوك" البارعة في اشاعة الرعب والدهشة في آن واحد.
وقد بات واضحا أن نهجي في دراسة أية استراتجية، يأخذ بعين الاعتبار دراستها وهي في نهاية مطافها، وليس في بداياته، أوبناء على مؤشراتها الأولية الظاهرة والمدعى بها كهدف لها. ومن أجل الامعان في دراستها بشكل صحجيح وشامل، لا بد للدارس أن يأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات: الضعيف والهامشي منها قبل الجوهري. وقد رددت رؤيتي هذه في اكثر من مقال أو دراسة سابقة، مسميا نظريتي تلك بنظرية "استراتيجية نهاية المطاف".
فالأهداف المعلنة لاستراتيجية ما لدى اطلاقها والشروع بها، قد لا تكون الأهداف الحقيقية التي يسعى المخطط الى تحقيقها. وهكذا تظهر في مجريات تفاعلات تنفيذ تلك الاستراتيجية، أهدافه الخفية غير المعلن عنها. وقد تكون تلك هي أهدافه الحقيقية، لكنه لم يتدارس احتمالات التفاعلات المفاجئة والتي قد تطرأ عليها فتنحرف بها عن مسارها وعن أهدافها، كما جاء في تسمية آية الله خميني للولايات المتحدة بالشيطان الأكبر، عندماتوقعوا منه أن يكون يدهم الطولى في محاربة اليسار والشيوعية في ايران، بل والاتحاد السوفياتي ذاته. فاعلانه ذاك، شكل انحرافا واضحا عما أريد له أن يكون، فلم يتحقق أبدا.
الأمر ذاته ينطبق على تشكيل وتسليح الجهاديين الاسلاميين في أفغانستان، لمقاتلة السوفيات الشيوعيين الملحدين بغية طردهم من بلاد اسلامية هي أفغانستان. وكان الخطأ الأميركي الأكبر في ذلك، أنها قد أقدمت على خطوتها تلك، وواظبت عل المضي بها دون تأن أو تفكير رغم اكتشافها بداية انحراف المسار الخميني عن مساره، فكان يفترض بانحراف الخميني عن الدور الذي رسم له، أن يشكل ناقوسا ينذر بخطر الاعتماد على تيارات الاسلام السياسي في معالجة خلافات الأميركيين مع السوفيات والشيوعيين. لكنها لم تفعل، ومضت قدما لسنوات في تسليح أولئك الجهاديين، وفي تزويدهم بالمعلومات الاستخبارية، الى أن فاجأهم "بن لادن" بعد أعوام قليلة من خروج السوفيات من أفغانستان، بكشفه عن تشكيل تنظيم القاعدة الذي أعلن الحرب على الولايات المتحدة التي سلحته ودربته، وذلك بمجرد أن قوي عوده واشتد. (فقد علمته أميركا الرماية، ولما اشتد ساعده رماها).
و لكن استخدام الولايات المتحدة للتيارات الدينية السياسية، لم يبدأ باستخدام تيار الاسلام السياسي في تنفيذ استراتيجياتها كما فعلت في ايران وفي أفغانستان، لأنها سبق واستخدمت تيار الفكر المسيحي السياسي لتحقيق أغراضها السياسية، قبل الشروع باستخدام تيار الاسلام السياسي، وذلك لدى اشعالها الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، علما بوجود سوابق في التاريخ لاستخدام تيار المسيحية السياسية تمثل بالحروب الصليبية التي نفذت قبل اكتشاف كريستوفر كولومبوس لأميركا. كما سبق واستخدم تيار الاسلام السياسي قبل استخدامه في ايران وفي أفغانستان، والذي برز في نهايات القرن السابع عشر بدايات القرن الثامن عشر، عندما كرس الداعية محمد بن عبد الوهاب اتفاقه مع "بن سعود" لتقاسم السلطة بينهما. فالسلطة الدينية كرست ل"بن عبد الوهاب"، والسلطة السياسية ل "بن سعود" مما أدى لظهور الفكر الوهابي المتأثر بأفكار الفقيه "بن تيمية" المتطرفة.
ففي لبنان، كان الهدف من اشعال الحرب الأهلية فيها منذ عامي 1975 و 1976 (أي قبل القضيتين الايرانية والأفغانية)، هو مشاغلة الفلسطينيين عن مساعيهم المتوقعة لعرقلة مفاوضات كامب ديفيد للسلام بين مصر واسرائيل، اضافة الى بعض الأهداف الأخرى ومنها استنزاف فائض أموال النفط الناتج عن الارتفاع الخطير في سعر برميل النفط.
وكانت الولايات المتحدة تتوقع قيام الجيش اللبناني بقيادته المسيحية المارونية، باعلان تضامنه مع القوات اللبناية، الجانب المسلح من حزب الكتائب الماروني الذي أشعل الحرب الأهلية. وكان الشيخ بيار الجميل، هو من أسس حزب الكتائب باعتباره حزبا مسيحيا متعصبا لفكره الماروني، وهدفه المحافظة على مكتسبات المسيحيين في لبنان وخصوصا المنتمين منهم لطائفة الموارنة.
ولكن الأهداف التي سعى الأميركيون الى تحقيقها من تلك الحرب الأهلية، انحرفت عن مسارها وسلكت مسلكا آخر، عندما تفكك الجيش اللبناني الذي كان ينضوي تحت لوائه طوائف متعددة، فظهر للعلن جيش لبنان العربي بقيادة أحمد الخطيب، وغيره من الألوية، ففقد بالتالي تماسكه والكثير من قوته، مما ترك منظمة "فتح" المتواجدة في لبنان، باعتبارها القوة العسكرية الفاعلة في المنطقة الغربية والجنوبية من لبنان، وحولها بالتضامن مع الجبهة الوطنية اللبنانية المشكلة من الأحزاب القومية واليسارية وتجمعات الطائفتين السنية والدرزية، الى الحكومة الحقيقية في لبنان. وهذا أفزع اسرائيل واضطرها لخوض حرب جديدة عن طريق غزوها للبنان في حزيران عام 1982 وبلوغها العاصمة بيروت، مما افرز في نهاية الأمر خروج مسلحي فتح وغيرها من المنظمات الفلسطينية الى تونس’ وما تبع ذلك من مذبحة صبرا وشاتيلا التي نفذها مقاتلو حزب الكتائب اللبنانية، شديد التعصب لطائفته المسيحية، بتوجيه وتخطيط من ايريال شارون وزير الدفاع الاسرائيلي الذي قاد عملية غزو لبنان.
****************************
ولكن اذا كانت الولايات المتحدة قد ارتكبت سلسلة من الأخطاء في سلوكها الماضي بين الأعوام 1975 و 1989 موعد ظهور القاعدة الى العلن، فانها لا تبدو قد ارتكبت مزيدا من الأخطاء في تخطيطها الاستراتيجي بين الأعوام 2003 عندما غزت العراق، أو عندما أشعلت الحرب في سوريا عام 2011 ،أو عندماأعلنت الحرب على الارهاب الداعشي عام 2014، رغم أن المؤشرات الأولية كانت توحي بأنها قد كررت أخطاءها في تلك الأعوام، وبأنها قد تخبطت كثيرا ومارست سلوكا متناقضا سواء في معالجتها للقضية العراقية أو للقضية السورية، بل ولقضية النشاط الداعشي المفرط في الهمجية. اذ أن تلك الأخطاء والتخبطات، بل والتناقضات في ظاهر سلوكها، انما كانت تخبطات مقصودة ومدروسة ومتعمدة في هذه المرة، ويبدو بأنها باتت تمارسها بذكاء تام لم تعرفه لدى تعاملها مع القضيتين الايرانية والأفغانية. فما كان قد كان، وما هو كائن قد بات كائنا ولا يمكن تفاديه، وما بات يهم الآن هو ما سيكون مستقبلا.
فالرئيس جورج بوش الابن قد أدرك بعد عام ونصف العام من اعلانه الحرب على القاعدة في أفغانستان عام 2001، (وهي الحرب التي كان يبدو أن تفجير البرجين في نيويورك من قبل تنظيم القاعدة، قد استفزه للاقدام عليها في خطوة نحو تدمير القاعدة)، أن طبيعة البلاد الجغرافية الوعرة التي حالت بين السوفيات والانتصار في أفغانستان، اضافة الى طبيعة المقاتلين الأفغان وأنصارهم من الجهاديين الاسلاميين المتسمين بالعقيدة الاستشهادية، ستحول أيضا بين الولايات المتحدة والانتصار فيها، مما يعني بقاء تنظيم القاعدة قائما، بل وشوكة في حلق الأميركيين. ومن هنا تفتق ذهنه عن مشروع تفكيك القاعدة من الداخل. فقرر غزو العراق كخطوة أولى نحو تحقيق هذا الهدف (أي تفكيك القاعدة من الداخل)، اضافة الى أهداف أخرى كانت تجول في خفايا عقله (وعقل المخططين معه) المغرق في العبقرية.
وتمثلت تلك الأهداف المعلنة لغزو العراق، كما رآها بوش الابن في : 1) القضاء على ما اعتبره قد بات القاعدة الخلفية للقاعدة وهي العراق كما ادعى وأعلن بوش. 2) التخلص من قدرات العراق النووية التي أدعى أنها قد باتت تقترب من انتاج قنبلة نووية، وهو ما ثبت عدم صحته فيما بعد. 3) السيطرة على مقدرات العراق النفطية والمستخدمة عائداتها في انتاج قنبلة نووية، وربما في تغذية وتمويل القاعدة الأفغانية أيضا كما اعتقد أو ادعى، 4) تصفية حسابات الولايات المتحدة مع قائد عربي هو "صدام حسين" الذي لا تكن الولايات المتحدة الود له، والذي تسبب فشل والده عام 1991 في اسقاطه، باحباط كبير للرئيس الوالد وللأميركيين أ يضا كما جرى الاعتقاد 5) تمهيد الطريق لتأسيس منظمة جديدة على شاكلة القاعدة، تدخل في تنافس معها و تفككها تدريجيا.
وكانت تصفية حساب الوالد "جورج بوش الأب" مع صدام حسين، اضافة الى السعي لتفكيك القاعدة عن طريق قاعدة جديدة بديلة، هما أهم تلك الأسباب مجتمعة.
ففي عام 1991 قادت الولايات المتحدة تكتلا عسكريا من 29دولة، دخل في حرب ضد العراق بحجة تحرير الكويت من الغزاة العراقيين كما وصفوهم آنئذ. واستغرقت الحرب 43 يوما أدت الى مغادرة القوات العراقية للأراضي الكويتية، كما دخلت القوات الأميركية الى أجزاء من العراق في خطوة نحو الوصول الى بغداد واسقاط نظام الرئيس العراقي الذي كان مكروها من الرئيس جورج بوش الأب.
لكن تدخل حرس الثورة الايراني وعبوره الحدود العراقية بمؤازرة من بعض شيعة العراق، وتقدمه نحو بغداد بحيث بات على بعد كيلومترات منها، اضطر الرئيس بوش الأب الى اعلان وقف اطلاق نار مفاجىء في الحرب الأميركية ضد العراق وذلك في 28 شباط 1991، بغية تمكين القوات العراقية من اعادة تجميع قواتها، واعادة تسليحها بأسلحة سوفياتية تعوضها عن تلك التي فقدتها في تلك الحرب، اضافة الى السماح للعراقيين باستخدام الهليكوبترات العسكرية والطيران بها رغم الحظر الجوي على الطيران العراقي وراء خط العرض 32. وقد مكنني تواجدي في بغداد آنئذ لأكون شاهد آذ ان، اي شاهد سماع ( وفيما بعد شاهد عيان على مؤشرات أخرى) على وصول جسر جوي من الطائرات السوفياتية الى مطار المثنى القريب من فندق الرشيد حيث كنت أقيم، والتي يبدو بـأنها قد وصلت بمباركة أميركية التي كان سلاحها الجوي يسيطر آنئذ غلى كامل الأجواء العراقية.
وكانت كراهية الولايات المتحدة الكبيرة للايرانيين منذ اقتحامهم للسفارة الأميركية في طهران قبل أكثر من عشرة أعوام، هي السبب وراء الرغبة الأميركية في الحيلولة دون وصول الايرانيين وحلفائهم الى بغداد والسيطرة على زمام الأمور فيها. ولأن واشنطن التي كانت تخوض لأيام قليلة حربا ضد العراق، ولم تكن ترغب في خوض حرب جديدة وبالذات ضد ايران، لتطرد بنفسها القوات الايرانية خارح الأراضي العراقية، خوفا من الروح الكربلائية الاستشهادية لدى الايرانيين، فقد وجد "جورج بوش الأب" نفسه مضطرا للقبول بصفقة للدبلوماسية السرية رعاها (كما يقدر)السفير السوفياتي في بغداد، يتم بمقتضاها وقف اطلاق النار، وتقديم التسهيلات للقوات العراقية (اعادة تجميع قوات وتعويض الأسلحة التي فقدها في معركته ضد التحالف)، مع تعهد دولي بعدم التعرض للنظام العراقي مستقبلا أو السعي لاسقاطه.
ولكن قبول جورج بوش الأب على مضض بهذه الصفقة، مع انه كان يتطلع الى قيام الرئيس صدام حسين بالقدوم الى موقع ما كالسفينة "ميسوري" التي استسلم اليابانيون على متنها، واعلان استسلامه واستسلام العراق أمامه وأمام ممثلي الاعلام الدوليين، كان فيه اهانة ومذلة له. فهو قد دخل الحرب لا لتحرير الكويت فحسب، بل لاسقاط النظام العراقي أيضا، وهو ما بات الآن عاجزا عن تحقيقه ازاء التطورات الناجمة عن التدخل الايراني.
وهكذا وجد بوش الابن الفرصة سانحة للانتقام لوالده، بغزوه العراق، وباعتقاله لرئيسه ثم السماح بتنفيذ حكم الاعدام فيه، رغم ما كان في ذلك من نقض لتعهد دولي بعدم التعرض للنظام العراقي، وهو تعهد مشابه لتعهد أميركي دولي سابق قدمه عام 1962 الرئيس جون كينيدي للرئيس السوفياتي خروتشوف، بعدم التعرض للنظام الكوبي مقابل تعهد السوفيات بعدم نشر صواريخهم على الشواطىء الكوبية المقابلة للشواطىء الأميركية. ولقد حافظت الولايات المتحدة على ذاك التعهد رغم تناوب عدة رؤساء أميركيين على كرسي الرئاسة بما فيهم الرئيسين بوش الأب والابن. وعزز وجود ذاك التعهد للعراق، بقاء الرئيس صدلم حسين على كرسي الرئاسة اثني عشر عاما تلت عام 1991، الى ان نقضه جورج بوش الابن.
وبدا للوهلة الأولى أن بوش الابن قد ارتكب، كعادة الأميركيين، خطأ فادحا في غزوه العراق، وفي حله للجيش العراقي، وتمكين زعماء الشيعة من الوصول الى مركز القيادة في العراق، وهو ما سعى والده الى تجنبه نظرا لكونه يمهد الطريق لسيطرة الايرانيين على مقاليد الأمور في بلاد النهرين.
الا أن جورج بوش الابن، كانت لديه مخططاته الأخرى كما قدر البعض أخيرا ومنهم أنا. فالهدف الحقيقي والسري من خطواته تلك التي لم تبد لي ذكية في حينها، كان السعي لتفكيك تنظيم القاعدة، طالما أنه قد استعصى عليه استئصالها بعملية كبرى جوية وبرية شاركت فيها قوات حلف الأطلسي. ومع أن المؤشرات الأولية التي طفت على السطح في بداية الأمر لنهجه ذاك، كانت توحي باحتمال توطيد قدم طائفة الشيعة في حكم العراق وما قد يؤدي اليه ذلك من تنامي النفوذ الايراني فيه، فان خطته البديلة بتأسيس تنظيم سني مناوىء لتنظيم القاعدة السني الاتجاه أيضا، ويشاغل في آن واحد الحكومة المتعاطفة مع ايران من خلال سلسلة التفجيرات اليومية في بغداد وفي مدن أخرى ضد مواقع وحسينيات شيعية، كان باعتقاده كفيلا بتحجيم تطلعات الشيعة الطامعين بالتآلف مع ايران، اضافة الى اكتسابه موقعا هاما في الاهتمام السني يساعده على مقارعة تنظيم القاعدة وتفكيكه.
*************************
وكانت الخطوة الأخرى التي سعى بوش الابن الى تحقيقها بعد غزو العراق عام 2003 ، وتعيين "بريمر" حاكما عسكريا له، وما اتخذه "بريمر" من قرارات شملت حل الجيش العراقي واعتقال بعضا من كبار ضباطه اضافة الى استصدار قانون اجتثاث حزب البعث، هي التمهيد تدريجيا لظهور منظمة أخرى على شاكلة القاعدة، تكون منافسة لها وتستدرج انسحاب المنتمين للقاعدة الأم ومركزها في افغانستان، والالتحاق بالقاعدة البديلة الي ترعاها الولايات المتحدة ومركزها العراق.
ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، قام الأميركيون، وفي خطوة مفاجئة، باطلاق سراح مجموعة من أولئك الضباط الذين كانوا معتقلين في سجن "باكو" الذي تديره قوات أميركية. وسرعان ما شكل أولئك الضباط بعد فترة قصيرة من اطلاق سراحهم ، تنظيما باسم "دولة العراق"، الذي سرعان ما استبدل اسمه باسم "دولة العراق الاسلامية" الذي اعلن انضمامه لتنظيم القاعدة في أفغانستان، دون أي اعتراض من ممثلي قوات الاحتلال الأميركية التي كانت حكومتهم تحارب "القاعدة" في أفغانستان. وكان ذلك الصمت الأميركي، هو المؤشر الأول على وجود شيء ما غامض في سلوك قوات الاحتلال الأميركية.
وكان من بين المعتقلين المفرج عنهم "ابو بكر البغدادي"، والعميد الركن "محمد الندى الجبوري" الذي بات رئيسا لهيئة أركان داعش، وكذلك العميد الركن "سمير عبد محمد" الملقب ب" حاجي بكر" الذي بات نائبا لرئيس هيئة أركان داعش الى أن قتل في عام 2014، فحل محله اللواء "أبو مسلم التركماني". ووصف "جاسم محمد" الباحث في شؤون الارهاب، عملية اطلاق سراح هؤلاء، بأنه قد جعل داعش تبدو وكأنها قد "خرجت من سراديب الاستخبارات العسكرية الأميركية". وعزز هذا الفهم أيضا من حيث تكوين تنظيم دولة العراق الاسلامية من مجموعة ممن سجنهم الأميركيون ثم أطلق سراحهم بعد التحقيق المطول معهم، أنه كان هناك، باعتراف "هيجل"، وزير الدفاع الأميركي، من بين قيادات داعش، سجناء كانوا في سجن "غوانتانامو" أيضا وأطلق سراحهم، ليشاركوا في تكوين دولة العراق الاسلامية.
والمعروف أن دولة العراق الاسلامية التي كانت تنفذ التفجير تلو الآخر في بغداد دون أي مسعى أميركي جدي لاسكاتهم، سرعان ما نقلت نشاطها الى سوريا وأسمت نفسها داعش، باعتبار أنه ملخص لاسمها الجديد وهو "دولة العراق والشام الاسلامية". كما أنه من المعلوم أن الخلاف قد دب في الشهر الثالث من عام 2013 بين "أبو بكر البغدادي"، أمير دولة العراق الاسلامية ، و"ابو محمد الجولاني" أمير جبهة النصرة المنضوية أيضا تحت لواء القاعدة الأم في أفغانستان. وهذا الخلاف أدى الى انشقاقهما. وتدخل "أيمن الظواهري" في مسعى لفض الخلاف بينهما لكن دون جدوى. بل قاد الخلاف المقصود كما يبدو،الى اعلان دولة العراق الاسلامية عن انشقاقها نهائيا عن تنظيم القاعدة الأم، وما تبع ذلك من انشقاقات متتالية من قبل تنظيمات أخرى في باكستان، والمغرب، والجزائر وتونس ومصر (بيت المقدس في سيناء) وغيرها من التنظيمات الارهابية في افريقيا، واعلان المجموعات المنشقة عن القاعدة، عن ولائها ل "أبو بكر البغدادي". وها هي الانشقاقات عن القاعدة الأم والانضمام للبغدادي، تتوالى يوما بعد آخر مع تصاعد العمليات العسكرية الأميركية ضد داعش فيما يسمى بالحرب على الارهاب المعلنة عام 2014.
ويرجح أن استعانة الولايات المتحدة بتيار الاسلام السياسي للتعامل مع بعض القضايا المعنية الدولة الأميركية بها، لم يكن في هذه المرة استعانة عفوية، أو نتيجة خطأ في التقدير والتقييم، كما فعلت لدى استعانتها بهم في كل من ايران وأفغانستان. فقد بات من المستبعد ألا تكون قد أستفادت من تلك الدروس بعد تجربتيها المريرتين في كل من هذين البلدين. ومن هنا أصبح التقييم الأكثر ترجيحا، أن تكون الخطوات الأخيرة، هي خطوات مدروسة وقد سعت أميركا جديا، لأن تتجنب معها احتمال وقوعها في خطأ آخر.
كل ما في الأمر، أن ما أثار الدهشة في هذا الصدد، أنها اذا كانت قد استعانت بتيار الاسلام السياسي المتشدد في الماضي، فقد استعانت به عندئذ لمحاربة فكر شيوعي ملحد لم يتناغم مع الفكر الديني، بل بدا هذا الأخير هو السلاح الأقوى لمحاربة الكفر والالحاد، خصوصا وقد قدرت الولايات المتحدة آنئذ أنه سلاح أكثر فتكا من سلاح المدفعية وكافة أنواع الأسلحة الأخرى. فما الذي يدفعها الآن للاستعانة به وهي لا تواجه في هذه المرحلة عدوا كافرا ملحدا كما في الماضي، بل تواجه الآن عدوا ينتمي هو أيضا لتيار الاسلام السياسي. فهل بتنا الآن بصدد استخدام تيار الاسلام السياسي في محاربة تيار سياسي اسلامي آخر؟
والواقع أن كل المؤشرات باتت تفيد بحرص الولايات المتحدة على حماية هذا التيار الاسلامي الجديد المتشدد، (لغرض في نفس يعقوب كما يقولون) بدأ تتجلى معالمه للعيان تدريجيا. فالدولة الأميركية لم تقم بأية خطوة للحيلولة دون ظهور دولة العراق الاسلامية في عام 2006 لدى الاعلان عن تشكيلها. ولم تفعل شيئام ازاءها لدى كشفها رسميا عن انتمائها للقاعدة التي تقاتلها في أفغانستتان. كما أنها لم تفعل شيئا لايقاف عمليات التفجير المتتابعة في العراق والتي وقع بعضها عندما كانت القولت الأميركية لم تزل متواجدة في العراق.
الا أن الأكثر غرابة تجلى بعد عام 2011، عندما انطلقت الحرب في سوريا، فأرسلت الدولة الاسلامية رجالها للقتال جنبا الى جنب مع قوات النصرة المنتمية للقاعدة. اذ عندئذ كان المبرر لصمت الولايات المتحدة عنها، مرده أن داعش تقاتل الرئيس بشار الأسد الذي لا ترغب الولايات المتحدة به، فهو عدو مشترك بينهما. ولكن عندما انفرط حبل الود بين داعش والنصرة وكافة التيارات الاسلامية المقاتلة في سوريا ضد الرئيس السوري، وبدأت داعش تقاتل هذه الفصائل مجتمعة اضافة الى مقاتلتها للنظام السوري، لم يختلف الأمر كثيرا في موقف الأميركيين نحو داعش، رغم ظهورها بمظهر القوة الأعظم في صفوف مقاتلي المعارضة السورية، بل ورغم مقاتلتها لتنظيمات أكثر انتماء وولاء للأميركيين كالجبهة الاسلامية والجيش السوري الحر، اضافة الى النفور الذي واكب سلوكها الهمجي والذي خالفت به كل القوانين الدولية المتعارف عليها من اعدام للأسرى وغيرها من الأعمال الوحشية المنفرة.
ففي هذه المرحلة، بدأت تطرح الأسئلة ان كانت هناك قاعدة شريفة كداعش، وقاعدة شريرة كتنظيم قاعدة أفغانستان واليمن وباكستان والصومال وغيرها من التنظيمات التي كانت تقصفها طائرات درون الأميركية بين الفينة والأخرى، دون أن ترفع أميركا اصبعا في مواجهة داعش.
ولكن بعد هذا الصمت الطويل على داعش، وقعت المفاجأة الكبرى التي تمثلت باعلان الحرب أخيرا على الارهاب الداعشي في الشهر الخامس من عام 2014.
ومن هنا بات من الطبيعي أن يتساءل المراقب، ان كانت الحرب ضد الارهاب الداعشي هذه، هي حرب جدية أم حرب تجميلية استعطافية تستدرج تعاطف الاسلام السياسي والمنتمين لطائفة السنة في ارجاء المعمورة، بغية استدراجها للانفضاض عن القاعدة الأم والالتحاق بداعش، وذلك كخاتمة المطاف في سلسلة من الخطوات الممهدة لتفكيك القاعدة الأم. فما الذي بدل موقف الولايات المتحدة فجأة من داعش، من صمت مطبق واغضاء الطرف عن كل أعمالها البشعة بما فيها مقاتلة حلفاء أميركا في المعارضة السورية؟
وكانت الخطوة الأولى والجدية في محاربة القاعدة، قد تمثلت بغزو أفغانستان، حيث تواجدت نقطة الانطلاق الرئيسية والأساسية لتنظيم القاعدة. ونفذت الولايات المتحدة عملية الغزو تلك، بعد أن ضاق ذرعها بالعمليات الارهابية المتعددة التي نفذتها القاعدة ضد المصالح الأميركية، وكان من أهمها تفجير السفارتين الأمريكيتين في كل من كينيا وتانزانيا، وآخرها تفجير البرجين في نيويورك في الحادي عشر من أ يلول 2001، بطريقة كان فيها الكثير من السخرية والتحدي للقدرات الأميركية في شؤون الأمن والحفاظ على ممتلكاتهم، مما دفع الرئيس بوش الابن للشروع بغزو أفغاستان بعد أيام قليلة من عملية تفجير البرجين، وكان في ظنه امكانية القضاء على القاعدة واستئصالها من جذورها.
ولكن بعد مضي عام ونصف العام على الشروع بغزو أفغانستان، ورغم الدخول الأميركي معها بحرب برية وجوية وأحيانا صاروخية، وبمشاركة من قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بدأت تتجلى لبوش صعوبة القضاء عليهم بسبب ما تميز به الأفغان ومشاركوهم في القتال من الجهاديين، بشدة البأس والروح الاستشهادية، المقترنة بصعوبة الموقع الجغرافي ووعورة الجبال الأفغانية. فاذا كانت القوات السوفياتية المعروفة أيضا بشدة البأس، والتي صمدت سنتين في مواجهة الألمان في معركة ستالنيجراد، ومن قبل صمد أسلافهم الروس في وجه غزوة نابليون لموسكو، فكيف يمكن للقوات الأميركية ذلك وهي التي خرجت من فيتنام مهزومة قبل عقود قليلة فحسب،كما ترددت في الدخول في مواجهة مباشرة مع الايرانيين في عام 1991 عندما غز ا حرس الثورة الايرانية الأراضي العراقية، رغم ما كان في ذلك من تحد للمصالح الأميركية وخصوصا لحلفائها من دول الخليج.
ومن هنا قرر بوش الابن ومستشاروه من مخططي الاستراتيجية الأميركية، وبعد دراسة مستفيضة، تعذر القضاء على هذا التنظيم القاعدي ومن والاهم من مقاتلي طالبان، ووجوب الاستعاضة عن فكرة القضاء عليهم عبر عمليات قتالية، باستئصالهم بعملية جراحية تسعى لتفكيكهم، وانتزاع الشعر من رأس "شمشون" لديهم الذي زودهم بتلك القوة النادرة في الصمود والتخطيط والقتال. وهكذا بدأ في هذه المرحلة الشروع في تنفيذ السيناريو الجديد، الذي كانت خطوته الأولى غزو العراق في عام 2003، بذرائع متنوعة وواهية، بغية تأسيس منظمة قاعدة بديلة على أراضيه موازية للقاعدة الأولى، تسعى لمنافستها كخطوة أولى نحو تفكيكها.
وبعد تشكيل دولة العراق الاسلامية في عام 2006 باعتبارها المشهد الثاني من السيناريو الأميركي، وانضمامها الى القاعدة في مسعى الى تقويض دعائمها من الداخل، وبعد تنامي قوة الدولة الاسلامية في الداخل العراقي عبر تفجيرات متلاحقة في المدن العراقية تحت بصر وسمع قوات الاحتلال الأميركية، بل وبعد توسيع مساحة ساحات القتال التي تخوض فيها الدولة الاسلامية معاركها لتشمل القوات السورية، ثم قوات المعارضة المسلحة المتحالفة مع الولايات المتحدة مع بقاء الأميركيين على صمتهم ازاء كل هذه التطورات دون التدخل ضد داعش ولو ببعض غارات تنفذها طائرات " درون" بدون طيار، فأجا الرئيس أوباما العالم أخيرا باعلان الحرب في شهر أيار 2014 على الارهاب وخصوصا على الارهاب الداعشي، فكأنه يريد اقناع العالم بأن هذه الحرب في العراق وسوريا، هي الفصل الثاني من الحرب الأميركية على الارهاب التي كان فصلها الأول في أفغانستان.
وجاء هذا الاعلان المفاجىء قبل أن يفيض الأميركيون ذرعا وكرها لداعش نتيجة لقطع رأس الصحفي الأميركي "جيمس فولي"، وما تبعه من قطع رأس مواطنين آخرين أحدهما بريطاني والآخر فرنسي، بل وقبل احتلال داعش لمساحات واسعة من الأراضي العراقية تمثلت بالسيطرة على أجزاء هامة من شمال العراق.
وذكر الدكتور "خالد صفوري"، الباحث في مركز مريديان الأميركي للدراسات الاستراتيجية، أن توقيت الاعلان قد جاء للترويج انتخابيا لمصلحة الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه الرئيس أوباما، والذي كان يواجه معركة تجديد نصف أعضاء الكونجرس الأميركي في معركة انتخابية مفصلية. وأنا شخصيا تبنيت الى حين هذا التفصيل والتبرير لتوقيت الاعلان عن الحرب، وغاب عن ذهني آنئذ أن التوقيت قد جاء متناسبا مع اقتراب موعد خروج القوات الأميركية والمقاتلين من الناتو من أفغانستان المقرر له في نهايات عام 2014، خروجا دون هزيمة القاعدة عسكريا.
فتلك القوات قد أعلنت رسميا، مرارا وتكرارا، عن عزمها على مغادرة أفغانستان مع نهايات عام 2014 رغم علمها بأنها لم تكن، ولن تكون قادرة على استئصال تنظيم القاعدة بحلول ذلك الموعد، مع ملاحظة واضحة للتنامي اليومي للعمليات الجهادية الطالبانية والقاعدية ضد القوات الأميركية وقوات التحالف اضافة الى القوات الأفغانية، يتخللها العديد من العمليات الاستشهادية التي كانت تزداد عددا وضراوة يوما بعد أخر، مما كشف بوضوح عن هزيمة تلك القوات، وظهور بوادر عن احتمال عودة طالبان للسيطرة على "كابول" بمجرد اكتمال انسحلب القوات الغازية منها.
وعلى هذا الأساس، اقتضى الأمر التعجيل بتنفيذ السيناريو الأميركي الذي بدأت فصوله مع احتلال العراق عام 2003 كخطوة اولى ساعية لتفكيك القاعدة من الداخل ازاء العجز عن استئصالها عسكريا. فالحرب على الارهاب الداعشي من المتوقع أن تساعد على تنامي شعبية داعش في أوساط الجهاديين، واكتساب مزيد من تعاطفهم معها والتأييد لها، ليس من قبل الجهاديين الاسلاميين فحسب، بل ومن المنتمين أيضا لطائفة السنة بشكل عام.
ومما قد يزيد في احتمال كون الضربات الأميركية لداعش، هي ضربات تجميلية استعطافية لمصلحة داعش، أكثر من كونها عمليات جراحية تسعى لاستئصالها واستئصال جذورها، ليس كونها قد اقتصرت على حرب جوية دون ادخال قوات التحالف البرية للمشاركة فيها، بل أيضا كون الكم من تلك الغارات اليومية قد ظل محدودا، ولم يرتفع الى مستوى الجدية الا في حالتي معركة كوباني ومعركة جبل سنجار، وكلاهما معركتان خاضتهما قوات كردية تعرف الولايات المتحدة بالتعاطف معها تعاطفا خاصا.
فتعاطف ومشاركة جدية كهذه لم تعرف أو تشاهد في معارك أخرى كمعركة أدلب أو معارك دير الزور، وكلاهما مناطق سورية، أو في معارك الرمادي والفالوجة وسامراء، وكلها مناطق عراقية. اضافة الى ذلك، فان كثافة الغارات الجوية من قبل قوات التحالف، لم تؤد الى تراجع ملموس في هجمات قوات داعش سواء في العراق أو في سوريا.
ومن هنا بات من الطبيعي اعادة ا لتساؤل ان كانت الحرب ضد داعش هي حرب جدية، وليست مجرد حرب وهمية دون كيشوتية، لن تؤدي الا لتنامي قوة داعش وانكماش قوة القاعدة الأم، في عملية تفكيك مدروسة لذاك التنطيم.
ومع ذلك هناك احتمال هام ربما لم تأخذه الولايات المتحدة كعادتها بعين الاعتبار. فالمخطط الاستراتيجي الأميركي دائما قصير النظر، ولا يأخذ بعين الاعتبار الا الأثر أو الهدف المباشر الذي سعى الى تحقيقه، ولا يمنح لنفسه مهلة ولو صغيرة لدراسة الاحتمالات الأخرى التي قد تطرأ في مرحلة التنفيذ، فتنحرف بالمخطط عن مساره المراد له تماما كما حدث في عملية خميني ايران، وقاعدة بن لادن، بل ومجريات الأحداث في سوريا 2011 والتي أريد لها كهدف مباشر، أن تسعى لاسقاط نظام بشار الأسد أو اضعافه واستنزافه، واذا بها تحول الأرض السورية الى موقع أشبه "بخم الدجاج" يفرخ كل يوم مزيدا من الارهابيين، والكثيرون منهم قادم ثم عائد الى بلاد الغرب يعيث فيها ارهابا قد يتحول الأمر معه الى ظهور تنظيمات قاعدية (التي تسعى الولايات المتحدة الى استئصالها من الأراضي الأفغامية) في عقر الدار الأوروبية والدول الغربية الأخرى.
فلا أحد يقرأ أو يتدارس نظريتي في الاستراتيجية الواقعية والتي أطرحها منذ عشرة أعوام تحت عنوان "استراتيجية نهاية المطاف"، والتي تدعو الى الغوص في العمق، لا الاكتفاء بالقشور وبما يطفو على السطح كأثر فوري ومباشر.
فاستبدال الشاه بالخميني أدى الى تسمية أميركا بالشيطان الأكبر، وأدى التحالف مع الجهاديين الأفغان وغيرهم من الاسلاميين، محاربو الشيوعيين الملحدين، الى ظهور العدو الأكبر لأميركا وهو بن لادن، كما أدى المسعى الأميركي والغربي لقصم ظهر النظام السوري، الى ظهور بوادر الارهاب في دول الغرب، والتي باتت مرشحة لقصم ظهر أوروبا، استراليا، كندا وأميركا رغم اعتقاد الولايات المتحدة بامكانية استيعابها في وقت لاحق هذا الانحراف في مجرى الأمور والذي خرج عن الاطار المراد له. فالمعضلة الحقيقية في هذه المرحلة، هي تنظيم القاعدة والتي ينبغي تفكيكها أولا وقبل كل شيء، قبل الالتفات للأ مور الأخرى الناتجة عن انحراف استراتيجيتهم عن مسارها المرسوم لها. .
أما الاحتمال الآخرالذي لم يأخذه المخطط الأميركي قصير النظر، راسم مخطط تفكيك القاعدة، فهو فشل المخطط الأميركي في تفكيك القاعدة، ليصبح العالم في مواجهة "قاعدتين" (لا قاعدة واحدة) تتنافسان في تنفيذ عمليات ارهابية، وكل منهما تسعى للتفوق على الأخرى فيما تنفذه من تلك العمليات. فمجموعة " بن لادن - الظواهري"، ستدخل في حرب منافسة طويلة مع "البغدادي - بن أبو بكر" الذي سرعان ما سينشق عن سيده - صانعه – الأميركي، بغية اطلاق يده في حرية التنافس مع قاعدة افغانستان. ولعل بوادر هذا التوجه قد بدأت تهل علينا باعلان أيمن الظواهري الذي اقتصر نشاطه مؤخرا على عمليات داخل أفغانستان، عن مسؤولية منظمته عن الهجوم الذي وقع في فرنسا مع بدايات هذا العام على مجلة "تشارلي أبدو" ذات الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للدين الاسلامي، قد يشكل مؤشرا على بداية التنافس بين القاعدتين.
واذا كانت أبراج نيويورك هي هدف القاعدة في عام 2001 ، فمن المحتمل أن يصبح هدف التنافس بين القاعدتين مستقبلا، هو تفجير البيت الأبيض ذاته. وأعذر من نبه وأنذر، فما على الرسول المفكر – المحلل – الدارس – المتأمل ولو قليلا، الا البلاغ.
ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الأخوة المغربية التونسية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين...(الصفحة الرسمية)
عضو في تجمع الأحرار والشرفاء العرب (الناصريون(
عضو في مجموعة مشاهير مصر - عضو في منتدى العروبة
عضو في "اتحاد العرب" (صفحة عراقية)
عضو في شام بوك.
عضو في نصرة المظلوم (ص. سورية (
عضو في منتدى فلسطين للفكر والرأي الحر.
عضو في مجموعات أخرى عديدة.



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخطط الأميركي لتفكيك -القاعدة-، بدءا بغزو أفغانستان عام 20 ...
- لا تندهي .. ما فيه حدا آذان أصابها صمم، فلا تسمع رجع الصدى . ...
- هل كان الصاروخ الذي ادعت داعش اسقاطه للطائرة، أول الأخطاء ال ...
- ولادة الفكر الارهابي نتيجة متوقعة للفراغ الذي تركه اغتيال ال ...
- لما الاستغراب لوصول الاسلام السياسي الى السلطة في تونس ومصر ...
- أخطار تهدد الخليج، وأخرى تهدد أوروبا، وأخطار تهدد الشرق الأو ...
- كيف تحولت -عين العرب- الى -كوباني-غراد-، وهل سيؤثر ذلك على ا ...
- هل تصبح -كوباني- معركة مصيرية لمستقبل تركيا في حلف -الناتو- ...
- من استدرج من الى حرب سوريا؟ دول الخليج؟ أميركا؟ أم تركيا أرد ...
- هل تصبح -عين العرب- معركة مفصلية تحدد جدية التحالف في محاربة ...
- قصيدة سياسية بمناسبة عيد الأضحى
- الورقة اليمنية وورقة -داعش-، والمتغيرات المتوقعة بسببهما في ...
- هل نقطع رأس داعش أم نقطع رأس المؤامر ة؟
- هل نحارب الفكر السلفي التكفيري بمحاربة العروبة باعتبار بلاد ...
- الأردن وسياسته الضريبية كحل غير مجد لمشاكله الاقتصادية
- من يقطع رأس داعش.. قاطعة الرؤوس؟ ولماذا تتلكأ الولايات المتح ...
- السمات الغريبة التي تميزت بها الحروب في العقد الحالي من القر ...
- الزلزال في غزة، والضحايا من الأطفال الأبرياء، في قصائد الشعر ...
- قراءة في نتائج العدوان على غزة وشعبها الصامد
- من امن المسئول عن الدم الفلسطيني المراق في غزة؟ هل هي اسرائي ...


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل الحرب الأميركية ضد الارهاب الداعشي، هي حرب لاغتيال داعش، أم هي حرب لتفكيك القاعدة .. أولا؟