سيترويت ( سيناء : ارض الشيطان )

هشام حتاته

الحوار المتمدن-العدد: 4726 - 2015 / 2 / 20 - 22:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

ينتصر حورس على عمه الشرير ست بعد صراع دامى ، ويستعيد ملك ابيه اوزيريس ويتربع على عرش المملكة المصرية ، ويتم نفى ست الى مقاطعه سيناء الصحراوية التى ارتبط سكانها البدو فى الذهنية المصرية بالاحتقار والازداء لشهرتهم بالسلب والنهب وقطع الطرق على تجاره مصر مع الاقاليم الشرقية ، فكانوا يشبهونهم بابناء الشيطان ، ولهذا تم نفى إله الشر ست اليهم ( حسب ماجاء بالاسطورة ) ليعيش بينهم لانه على شاكلتهم ليصبح اسم هذه المنطقة ( سيترويت ) والتى تعنى فى اللغه المصرية القديمة ( مساكن الشيطان ) ثم تطورت فيما بعد واصبحت سيناء التى نعرفها حاليا والتى مازال سكانها يمارسون نفس المهنه القديمة فى السلب والنهب ليضاف اليها فى العصر الحديث تهريب البشر الى اسرائيل وتجارة السلاح والمخدرات وتقديم الخدمات لمن يدفع اكثر
انها مهنة البدو منذ فجرالتاريخ
ومنذ فجر التاريخ كان المصري القديم يحتقرالبدو الرعاه ويعتبرونهم انجاس قبل ان ينقلب الحال ونقوم بتبجيلهم وتوقيرهم وتقديس تاريخهم
اعتبر المصرى الفرعونى ان البدو قوم انجاس وابناء اله الشر ست ، وتظهر لنا هذه الحقيقة من خلال التوراة عندما جاء اخوة النبى يوسف للاقامة معه فى مصر فنصحهم بالاقامة بعيدا عن المصريين :
ـ ( لأن المصريين لا يقدرون أن يأكلوا طعاما مع العبرانيين، لأنه رجس عند المصريين ) سفر التكوين، الإصحاح الثالث والأربعون، الآية 32
ـ (فيكون إذا دعاكم فرعون وقال: ما صناعتكم؟ أنْ تقولوا عبيدكم أهل مواشٍ منذ صبانا إلى الآن نحن وآباؤنا جميعا، لكي تسكنوا في أرض جاسان. لأن كل راعي غنم رجس للمصريين ) (سفر التكوين، الإصحاح السادس والأربعون، الآيات 31-34) .
وتأكدت لدية هذه الحقيقة عندما احتل الهكسوس الرعاة ارض الفراعنة فهدموا المعابد ومنعوا التدوين واصيبت مسيرة الحضارة المصرية القديمة بالشلل التام لمدة مائتى عام .
الى الان هناك تضارب بين الموطن الذى جاء منه الهكسوس ، وتساؤل عن كيفية احتلال مجموعات من البدو للدولة المركزية الاولى فى التاريخ ، ففى دراسة للدكتور سيد القمنى يقول انهم دخلوا مصر اثر ضعف وتفكك ثم انهيارالاسرة الثانية عشرنتيجة تمرد حكام الاقاليم على الدولة المركزية وقيام الحروب بينهم ، ودراسة اخرى للباحث ايمانويل فلايكوفسكى تقول ان دخولهم مصر كانت نتيجه زلازل كبيرة ضربت المنطقة بالكامل نتيجه اصطدام منذب الزهرة - قبل ان يصبح كوكب ضمن كواكب المجموعه الشمسية - سقطعت على اثرة الحكومة المركزية فى مصر ، وترك بدو الجزيرة ارضهم هربا من هذه الزلازل والبراكين واتجهوا الى سيناء ومنها الى شمال مصر
فى اى الحالتين فهم يقنيا من البدو الرعاه حتى ان كلمة الهكسوس تعنى بالمصرية القديمة – الملوك الرعاة – ويستدل على ذلك من نص التوراه الذى اوردناه سابقا والذى يدل انه كانت هناك قرابة ( بدوية ) بين اهل يوسف ( الرعاه ) وبين ملك الهكسوس فى قولتهم له ( عبيدك اهل مواش ) والتى على اثرها اسكنهم بجواره بعيدا عن تبخيس المصريين لهم وله .

انتج المجتمع البدوى قوانينه ، وانتج المجتمع الزراعى قوانينه التى سبق وان اوضحنا كلا منهما فى اكثر من مقالة على هذا الموقع ، ولاضير من ملخص لكليهما لمن لم يتابع مقالاتنا السابقة
ـ حق القوة كان هو القانون الاول فى بداية التاريخ البشرى حيث كان البقاء للاقوى مع انسان الغاب الاول رغم توافر الموارد الغذائية المتمثلة فى الصيد وثمار الاشجار
- المجتمع الزراعى قام على التكاتف من اجل الرى والحصاد ، ومع الاستقرار فى المشتركات البدوية الاولى اصبحت القرية هى الوطن ، ومن القرية الى الاقاليم الى الدولة المركزية التى اصبحت فى النهاية هى الوطن الكبير ، ومع فائض الانتاج تكونت اول حضارة فى العالم ، ينتقل فيها الانسان من حق القوة الى حماية الدولة نظير التنازل عن حقوق القوة المطلقة ، وكانت وسيلة انتاجه هى الفأس
- المجتمع البدوى : نتيجه للترحال وراء مراعى الكلآ وآبار الماء كان التصادم بين القبائل حتميا ، اصبحت القبيلة وطن ، يانف الخضوع لسلطة الدولة الا سلطة شيخ القبيلة ، ويتطور حق القوة لدية الى ( حق الاعتداء ) فالصحراء بامتدادها هى ملك له ، يمارس فيها السلب والنهب ، وتدور الدوائر فيوما مهزوما ومنتهبا ( بضم الميم ) ويوما منتصرا وناهبا وكان من الطبيعى ان تكون وسيلة انتاجه هى السيف

* ثقافة السيف وحضارة النبوت :
ـ فى الريف المصرى فنجد استعراض ( التحطيب ) التى تتم بين شخصين يحمل كل منهم عصى من فروع الاشجار ويتبارزان بها او حتى يتقاتلان بها ، حتى ان فتوات الحارات والاماكن الشعبية فى مصر وحتى وقت قريب كانت وسيلة قوتهم وفرض سيطرتهم ( النبوت )
ـ اما فى الصحراء فالى الان كل الاستعراضات البدوية فى مناسبات الزواج او اى مناسبات اخرى تتم بالسيف ، وفى مملكة آل سعود الى الان توجد ( العرضة النجدية ) وهى عبارة عن رقصة يتم فيها التمايل يمينا ويسارا حاملين السيوف .

هؤلاء هم البدو الذى عرفهم المصرى القديم وشبههم بابناء الشيطان ، والذين مازالوا حتى اليوم وسوف يستمروا طالما بقوا فى قبائل مرتحلة لاتعرف الزراعه ولاتعترف بسلطة الدولة
هؤلاء هم البدو اهل سيناء اليوم ، الذين وجدت فيهم بعض الجماعات الارهابية ضالتهم وعرفوا كوامنهم فاشتروهم بالمال واصبحوا عونا لهم على الدولة المركزية فى وادى النيل
بدو سيناء الذين يأنفون من الانصياع لسلطة الدولة ويعتبرون صحراء سيناء ملكا خالصا لهم ولايخضعون الالشيخ القبيلة ويأنفون من العمل اليدوى ، ويطلقون على الفلاح ( الاكارى ) لانه يكترى ( بضم الياء ) بالمال نظير العمل لدى الغير
سيارات بدون ترخيص ، زراعه البانجو وتهريبة الى الوادى ، وتهريب المخدرات والسلاح من اسرائيل الى مصر ، وتهريب البشر من مصر او القادمين من افريقيا الى اسرائيل ، والبضائع الاسرائلية فى رفح تباع جهارا نهارا
اكثر من الف نفق وجدت فى رفح المصرية ومن خلالها يتم تهريب كل شئ من غزة الى مصر او من مصر الى غزه ، حتى السولار المدعوم والمواد الغذائية المدعومة يتم تهريبها الى غزة
تلك هى الحقيقة ايها السادة ، ودعونا من العبارات الانشائية فى وطنية ابناء سيناء ، ولو وجد ابناء الصحراء الغربية من يشتريهم لباعوا انفسهم له ايضا ، ولاننسى انه سبق للقذافى ان اشتراهم ايام صراعه مع الرئيس السادات ومنحهم هويات ليبية واعتبرهم امتدادا للشرق الليبى
بعد انهيار السلطة المركزية بعد ثورة 25 يناير نزل البدو الى شرم الشيخ وفرضوا الاتاوات على اصحاب القرى والمنتجعات السياحية واصحاب المحلات ومارسوا تجارة المخدرات فى شوارعها علنا
والان باعوا انفسهم الى الجماعات الارهابية ليكونوا عونا لهم على المصريين فى تجدى سافر لسلطة الدولة المصرية
ولانريد ان ننكا الجراح ونضع مزيدا من الملح على الجرح لنذكر لكم ماذا فعل بدو سيناء مع الضباط والجنود المصريين العائدين من سيناء الى الوادى بعد هزمية 1967 وكيف كانوا يسلبون منهم كل مامعهم من سلاح ومال وحتى ساعات اليد نظير شربة ماء ورغيف خبز
فلاتحدثونا ارجوكم عن وطنية البدو من ابناء سيناء ، فمنذ فجر التاريخ والبدوى مهنته السلب والنهب

وفى المقال القادم سنحدثكم عن العرب والاعراب الذين قدموا الى مصر بعد الاحتلال العربى الميمون لعمرو بن العاص الذين تسيدوا القرى المصرية واستعبدوا اهلها ومازالوا الى الان يفتخرون بانتسابهم العربى ويبخسون الفلاح المصرى
فالى لقاء

#هشام_حتاته (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين