أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - أنسنة الوجود والتماهي مع تفاصيله في ديوان -هواء....طويل الأجنحة- للشاعرة المغربية علية الادريسي البوزيدي.















المزيد.....

أنسنة الوجود والتماهي مع تفاصيله في ديوان -هواء....طويل الأجنحة- للشاعرة المغربية علية الادريسي البوزيدي.


قحطان جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 17:03
المحور: الادب والفن
    


أنسنة الوجود والتماهي مع تفاصيله في ديوان "هواء....طويل الأجنحة" للشاعرة المغربية علية الادريسي البوزيدي.

قراءة الشعر ليست سهلة، كما يعتقد البعض، في كثير من الاحيان. فقد ينجذب المرء وهو يتنزه في غابة قصائد ديوان ما لموضوعاتها، صورها أو لغتها، خاصة حينما توهم القراءة الاولى ببساطة صور ولغة القصائد. هذا الشعور راودني وانا اقرأ ديوان الشاعرة المغربية علية الادريسي البوزيدي "هواء....طويل الأجنحة"، الصادر في المغرب عن دار التوحيدي للنشر عام 2014. وهو ديوانها الاول، والذي يضم95 صفحة. وقسمت كل صفحة الى صفحتين متقابلتين .تتكامل فيهما في احيان كثيرة الافكار والصور، في لعبة شعرية ، عرقلت متعة قراءة القصائد بالنسبة لي، على الاقل، كمتلقي، ولم تضف الى عوالمها ما يغني. وقد يكون هذا الامر ناتجا عما لاحظه الناقد الروسي م. خرابشنكو:" يحدث غالبا ان نتائج جهود الكاتب تختلف عن الافكار التي يبدأ منها، دون ان يعني ذلك ببساطة قضية عجز عن أنجاز كل شي كان تخيله في الاصل( ....) ويكمن هذ الفرق في حقيقة ان الاتجاه العام لنتيجة عمل الكاتب تختلف عما كان يسعى اليه الكاتب". الا انني مع ذلك اكتشفت كلما واصلت هذه القراءة ، بغض النظر عن هذه الاشكالية في بنية الديوان، وما هدفت اليه الشاعرة من ذلك، بانني اخوض في عالم، لا يكشف عن نفسه بالسهولة التي كنت اعتقدها، مما جعلني اكثر اصرارا على تكرار المحاولة لفهم عالمها الشعري بصوره ومعانيه ونسقه اللغوي والجمالي. ومما جذب انتباهي في قصائد الديوان هو هذا التعامل الشفاف مع الطبيعة ، الى درجة انسننة بعض تفاصيلها ومحاكاة بعض تكويناتها، بحيث تتحول الى ثيمة مركزية للقصائد.

أنسنة الطبيعة و التماهي مع رموزها :
تنثال القصائد على شكل مقطوعات غنائية مكتوبة بحسية، تبوح بشفافية اصيلة تكشف عنها يسر لغة القصيدة و اختياراتها، دون ان تعدم عمق الفكرة والمعنى، محتشدة بصور شعرية ترمز الى الطبيعة عبر اللون، والفصول، والاشجار والمياه والمطر والغابات. النزوع نحو الطبيعة ليس تصويرا انطباعيا عابرا، بل يأخذ منحى احساس انساني، عبر ايحاءات وأحالات انسانية الى تجارب وتواريخ وأمكنة ؛ الشاعرة ، الجدة، الام، الحبيب، المدرسة، الشارع. ص. 20، ص27، ص83. كما ان هذه الاحالة الى الطبيعة والتقصي عن أشيائها غالبا ما يقود الى تماهي المرأة - الشاعرة مع تلك التفاصيل و أنسننتها :
صديقتي الشجرة،
تلفُ شعرها
بمنديل جدتي الأبيض" ص 21
او في
" صغيري
كم الساعة الآن؟
فانا فاتني ان اكون شجرة."ص 27
بحيث تشارك الشاعرةُ الطبيعةَ بما تملك من ذكريات، كمنديل الجدة او تتماثل معها عبر الرغبة ان تكون شجرة، او تتبادل معها، خصائصها الذاتية، الى درجة ان :
"رائحتي
تمثال
من خريف" ص 85
تعود الشاعرة اكثر من مرة الى الخريف بتجلياته المتنوعة تعبيرا عن حنين لأشياء قد اختفت او في طريقها الى التلاشي او الغياب في الحياة ص. 72، 78، 80، 85. فالخريف هو المسافة او فترة استراحة تتحضر فيها الطبيعة لتجددها القادم، مثلما تمنح الانسان كي يعود الى نفسه من تجربة محددة كي يدخل الى اخرى مختلفة عنها..في هذا التحول من فصل كان يفيض بالدهشة المشرقة الباسمة للطبيعة؛ الصيف، والانتقال الى الذبول التدريجي، هو ايضا تعبير عن الحنين الانساني للعودة سواء الى داخل البيت او الذات والارتكان لهما مما طرأ من تحولات في الخارج، كما لو انها اشارة عبور من العام الى الخاص والاطلال عليهما.
في قصيدة اخرى يشير الخريف ايضا الى الوجود الذي يسبق وجود الأنا
"أنا الخريف
في شارع الرباط
قبل ان تلدني أمي" ص. 20

ذاتية التجربة :
ويواصل الخريف اطلالته في قصائد اخرى، التي نلمس فيها لمسات ذاتية تخبر عن تجارب خاصة او تحيل الى ذكريات ما:
" انك معي
الخريف معي !
تذكر..
نقشر الريح
وهذا الظلام غلفة
كي تدخل " ص. 85
ورغم وجود صوت الانا في القصائد الا انها ليست فردية، بل عبارة عن تخيل ذاتي لمزيج تتحد فيه الطبيعة والانسان والمشاعر.
وهذه المعاينة الذاتية للكون تتحقق لدى الشاعرة في حالات اخرى عبر الرسم بالكلمات، إذ يمكن اكتشاف الصورة والحركة واللون في آن واحد ، لتخبرنا عن مشهد يومي لحياة المدينة :
" يمر الدخان من جنب
الحانة القديمة..
سكيرا
معربدا
أعلى
أعلى .." ص 51
أو حين تكتب في قصيدة اخرى"
صفصافة لا تثرثر
إلا قليلا
كي لا
أرحل..." ص.28

لعبة الشكل وقضية المضمون:
لم يتوقف النقاش حول اهمية العلاقة بين الشكل والمضمون وضرورة التوازن بينهما في ابداع النص الادبي، منذ أرسطو و حتى عصرنا الراهن. ولا داعي هنا كي اخوض فيه واعيد ما قيل سابقا، لهذا ساكتفي بالاشارة لما نوهت عنه في بداية المقالة وهو انني احسست بعض الارباك عند قراءة القصائد، و رغم تنبيه الشاعرة البوزيدي لي الى ان قصائد الديوان متقابلة ، اي انه يمكن قراءة الصفحة من جانبين لتكملان بعضهما، فقد فشلت مساعيي بذلك واكتفيت بالقراءة الطبيعية للقصائد حسب تسلسلها. ويمكن الاستنتاج من هذه التجربة الخاصة بي على الاقل، ان فشلي في قراءة القصائد، و دون ان اعفي نفسي عن التقصير في ذلك، لم يفضِ الى ما طمحت اليه الشاعرة، بتعميق متعة القاريء الجمالية في قراءته للديوان، بل الى تشتيت افكاره. وهذا يشير بعض الشيء الى حقيقة مهمة؛ وهي ان محاولة الشاعرة في خلق شكل شعري لاثارة المتعة الجمالية رافقه بعض الاخفاق. لكن هذا الاخفاق لم يضر بالقيمة الشعرية للقصائد، لكن ذلك يتحقق فقط عند تجاهل رغبة الشاعرة باتباع فكرتها بقراءة القصائد حسب ماهدفت اليه. ولهذا ارى ضرورة الحذر من قضية الأشتغال على الشكل في النص الادبي حين يتحول هذا الشكل الى عبء على عالمه وعائقا للدخول في طياته.
إضافة الى ذلك يمكن الاشارة ايضا الى ان القاموس اللغوي للشاعرة مازال يقتصر على عدد محدود من التعابير، التي تكررت في القصائد: كالشجرة ، الصفصافة، الخريف، وغيرها..وهو امر يمكن للشاعرة أذا ما انتبهت اليه ، ان تتجاوزه في اصداراتها القادمة. ورغم كل ما قيل اعلاه فان التجربة الشعرية للشاعرة علية الادريسي البوزيدي تستحق الاهتمام والتتبع لانها تمتلك فرادتها الخاصة بها.

000 0000

(1 M. Khrapchenko: The Writers Creative Individuality and the Development of Literature, Moscow: Progress Publishers, 1977, p.13-14



#قحطان_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابة على جدران المدن المستباحة-8
- كتابة على جدران المدن المستباحة
- آصرة الحكمة والشعر في ديوان -خارطة اللون..قبعة السماء- لسمية ...
- تصريحات بابا الفاتيكان وإصلاح الدين الاسلامي ؟
- -الانسان الضيق الافق-
- المفكر الدانماركي الوجودي سورن كيركگورد (1813-1855) و الفيلس ...
- حشود عاشوراء والاستخدام المزيف لها من قبل قادة الاسلام السيا ...
- تجربة اليسار في اميركا اللاتينية: هل تصلح دليلا لاصلاح اوضاع ...
- غيمة تتدحرج على نافذة
- هل سيعمق انخفاض اسعار النفط الصراع السياسي في العراق ؟
- هل يحتاج الانسان الى وساطة آيات الله و المشايخ والملالي وفتا ...
- شبح ماركس ودموع فقراء العالم...!
- فكرة الموت في ديوان - حين أستيقظت ميتا- لعلي رياض
- المفكر الدانماركي سورن كيرككورد ، الاسلام الجماهيري و طقوس ع ...
- آخر المرثيات
- المدينة- الثكنة
- كلّ يحمل آثامه
- مدوّنة الألم
- -القراصنةُ ما غادرونا !-
- المفكر الوجودي الدانماركي سورن كيرككَورد وصراعه ضد الدين الأ ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - أنسنة الوجود والتماهي مع تفاصيله في ديوان -هواء....طويل الأجنحة- للشاعرة المغربية علية الادريسي البوزيدي.