أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قحطان جاسم - تصريحات بابا الفاتيكان وإصلاح الدين الاسلامي ؟















المزيد.....

تصريحات بابا الفاتيكان وإصلاح الدين الاسلامي ؟


قحطان جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 23:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نقلت الصحف العالمية قبل فترة قصيرة تصريحات بابا الفاتيكان الجديد، الكاردينال الارجنتيني خورخي ماريا برغوليو، الذي اطلق عليه بعد تسنمه منصب البابوية، أسم فرانسوا. وجوهر تلك التصريحات يتعلق بتجديد الديانة الكاثوليكية ورفض العقائد التي لا تتناسب مع روح العصر، او التي اصبحت مصدر كراهية وخوف وإثم للمتدينين من أتباع الكاثوليكية . وقد أثارت التصريحات ردود فعل عديدة ومتنوعة على امتداد العالم، بعضها مؤيدة والبعض الآخر رافضة لها. سيكون لهذه التصريحات تأثير كبير ليس في اوساط الكاثوليكيين وحدهم وحسب، بل ستمتد آثارها الى الاديان الاخرى، التي ما تزال تصر على الاستمرار والاحتفاظ بطقوس وممارسات وافكار عقائدية مضى عليها الزمن وتجاوزتها الحياة الحياة والممارسة البشرية، ومن بين تلك الاديان الاسلام.
مما جاء في خطاب البابا: "اننا من خلال التواضع والبحث الروحى والتأمل والصلاة، اكتسبنا فهمًا جديدًا لبعض العقائد. الكنيسة لم تعد تعتقد فى الجحيم حيث يعانى الناس، هذا المذهب يتعارض مع الحب اللّامتناهى للإله. الله ليس قاضيًا ولكنه صديق ومحب للإنسانية. الله لا يسعى إلى الإدانة، وإنما فقط إلى الاحتضان. ونحن ننظر إلى الجحيم (جهنم) كتقنية أدبية، كما فى قصة آدم وحواء. الجحيم (جهنم) مجرد كناية عن الروح المعزولة، والتى ستتحد فى نهاية المطاف، على غرار جميع النفوس، فى محبة الله". وهذا يعني انه انكر وجود جهنم، العنصر الاساسي الذي تقوم عليه الاديان التوحيدية.
كان البابا يقصد من الجحيم، الرمز الذي تُمارس عبره هذه الديانات تخويف الانسان، وعنصر عقاب وسيف مشهور لضمان ولائه لها. فرأى البابا عوضا عن ذلك الخوف والعقاب ، ان الله هو المحبة، وان ما طُرح من قضايا الجحيم وغيرها هي بمثابة رموز وتصورات عن الاحساس الانساني لوضعه البشري ولا علاقة لها بالله.
وقد اضاف البابا أن "الكنيسة فى الماضي، كانت قاسية تجاه الحقائق التى تعتبرها خاطئة من الناحية الأخلاقية أو تدخل فى باب الخطيئة. أما اليوم نحن لم نعد قضاة. نحن بمثابة الأب المحب، لا يمكن أن ندين أطفالنا. إن كنيستنا كبيرة بما يكفى لتسع ذوى الميول الجنسية الغيرية والمثليين جنسيًا، وللمؤيدين للحياة ومؤيدى الإجهاض ! للمحافظين والليبراليين والشيوعيين الذين هم موضع ترحيب والذين انضموا إلينا. نحن جميعا نحب ونعبد نفس الإله."
لم تتوقف تصريحات البابا عند هذا الحد، بل اعتبر أن الإله في تطور وتغيير، وان الكتاب المقدس كتاب جميل لكن " هناك بعض الاجزاء منه عفى عليها الزمن "، خصوصا تلك التي تدعو الى التعصب ونصب المحاكم ونشر الموت. كما اشار الى ان جميع الاديان صحيحة لانها كذلك في قلوب الذين يؤمنون بها.
لقد اصرت الكاثوليكية، وعلى مدى قرون طويلة، رغم التطورات الحاصلة في العالم وفي علوم الدين، على رفض اي تجديد او تعديل في نظرتها الكنسية وعقائدها الدينية، وبقيت متشددة مقارنة بالفرع البروتستاني من المسيحية الذي خطى، منذ قرون ، خطى كبيرة في الاصلاح الديني ، و تخلص من العديد من المفاهيم والتصورات الدينية التي صارت عائقا امام تطور الانسان وسعادته. ولهذا جاءت تصريحات البابا بمثابة صرخة قوية في عصرنا ضد التزمت العقائدي الديني الذي تخطاه الزمن والمعرفة الانسانية، ومن اجل تجديد الكاثوليكية وبعث المغزى الاخلاقي المحض في الدين.
وليس هناك من دين ومتدينين في حاجة للنظر في تصريحات البابا وأخذها بنظر الاعتبار اكثر من الاسلام والمسلمين اليوم، لتصاعد وتيرة التعصب العقائدي، الذي حوّل العديد من المسلمين الى قتلة ووحوش عطشة للدم والقتل والتخريب، يشعر الانسان معها بالعار مما يرتكبونه باسم الدين. وتحوّل الايمان على ايديهم الى ممارسة وحشية ضد كل ما هو جميل عند الانسان، حيث يستلهمون، لتبرير ممارساتهم الوحشية والبربرية تلك، العديد من آيات القرآن.
و القرآن شأنه شأن الكتب السماوية الاخرى يحتوي على الكثير من الآيات التي تشدد، من جهة ، على العدل والاخلاق والقيم الانسانية، لكنه من الجهة الاخرى، يتضمن ايضا العديد من الآيات التي يمكن تأويلها، بما يخدم التحريض على القتل والتخريب والدمار واستعباد الانسان. وهي آيات كانت تتوافق مع الزمن الذي تداولت فيه، اي انها كانت حصيلة حاجة موضوعية تاريخية لتؤدي اغراضا محددة. ولهذا فلم تعد هذه الآيات تلبي عمليا وفكريا حاجات المسلم في حياته اليومية، او تقدم له حلولا ممكنة للاوضاع والعلاقات الاجتماعية الراهنة، بل بالعكس تحولت هذه الآيات الى مصدر تأويلي عقائدي للعديد من الممارسات الاجرامية والشوفينية ودخلت في اطار السياسة وتحولت الى ادوات للتزييف والخداع الجماهيري وتأبيد الظلم الاجتماعي . كما أن بعض هذه الآيات، اضافة الى كل ذلك، تدعو الى التمييز بين الجنسين ، والى العبودية وما ملكت ايمانهم ومقاتلة الكفار من الاديان الاخرى الى درجة مطالبتهم بالجزية، أو تحث على الايمان بالجن والسحر وغيرها، ناهيك عما تتضمنه كتب الفقهاء من خزعبلات ولغو فارغ تساهم بالتشديد على الكراهية والموت.ومن هذه الآيات :
"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله." - البقرة"193
(قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) سورة التوبة-29
(إذا لقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ )- سورة محمد: 4
" وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا"- سورة النساء :7
" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظّ الأنثيين،فإن كنَّ نساءً فوق أثنين فلهن ثلثا ما ترك، وإن كانت واحدة فلها النّصفُ " -النساء: 11
"وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَّكَلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً"- سورة الأحزاب: 48
والآيات التي نوهنا عنها اعلاه تتناقض مع المواثيق العالمية للحقوق الانسان، التي اقرّتها ووقعت عليها كل الدول العربية والاسلامية، وهي مواثيق تقر بمساواة الناس بغض النظر عن الدين والعرق والجنس، واحترام حقوقهم وحرياتهم. لقد صارت هذه الآيات المصدر العقائدي الرئيسي عبر الفتاوى التي يصدرها شيوخ وملالي وآيات المسلمين، والمدارس الدينية والمساجد والجوامع، التي تساهم بغسل ادمغة الشباب وتجييشهم وحثهم على الموت وقطع رؤوس الاخرين، واكثرهم مسلمين ، والتخريب وكراهية تجاه الآخرالمختلف غير المسلم، كما يحدث في المذابح ضد المسيحيين في اوغندا ومصر ولبنان والعراق، او حتى ضد المسلم الذي لا يدين بنفس الآراء او التصورات التي يحملها فصيلا اسلاميا مختلفا، كما بين الشيعة والسنة، ، او من الطوائف الاسلامية من بابائية واحمدية او دروزية ، كما في السعودية وباقي دول الخليج، مصر، العراق، لبنان، باكستان، اليمن و ايران، الى درجة ارتكاب مذابح ضد بعضها او قمعها تماما عبر السجون والمنع والملاحقة وغيرها. والامثلة كثيرة مما نشاهده من مذابح لا معنى لها طالت النساء والاطفال وكبار السن على ايدي الدولة الاسلامية في العراق ، او بوكو حرام في نيجيريا ، والطالبان في افغانستان، وشباب محمد في الصومال، جماعة ابو سياف في جنوب الفلبين، جبهة النصرة ومجموعات اسلامية اخرى في سوريا، القاعدة وتشكيلاتها في اليمن، الجزائر ، المغرب، تونس، ليبيا ومالي والعديد غيرها. فهل يمتلك المسلمون شجاعة البابا الكاثوليكي لكي يقدموا على تخليص الدين الاسلامي من الافكار والعقائد التي صارت مصدرا للقتل والتخريب والكراهية، واعلان الايمان باعتباره قضية فردية تخص الخالق والانسان- الفرد. ومتى تكون لديهم الشجاعة، كبابا الفاتيكان، فيعلنون ان هذه الآيات لم تعد صالحة للعصر الذي نعيشه، ويعيدون لله والايمان بهائهما ؟؟



#قحطان_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الانسان الضيق الافق-
- المفكر الدانماركي الوجودي سورن كيركگورد (1813-1855) و الفيلس ...
- حشود عاشوراء والاستخدام المزيف لها من قبل قادة الاسلام السيا ...
- تجربة اليسار في اميركا اللاتينية: هل تصلح دليلا لاصلاح اوضاع ...
- غيمة تتدحرج على نافذة
- هل سيعمق انخفاض اسعار النفط الصراع السياسي في العراق ؟
- هل يحتاج الانسان الى وساطة آيات الله و المشايخ والملالي وفتا ...
- شبح ماركس ودموع فقراء العالم...!
- فكرة الموت في ديوان - حين أستيقظت ميتا- لعلي رياض
- المفكر الدانماركي سورن كيرككورد ، الاسلام الجماهيري و طقوس ع ...
- آخر المرثيات
- المدينة- الثكنة
- كلّ يحمل آثامه
- مدوّنة الألم
- -القراصنةُ ما غادرونا !-
- المفكر الوجودي الدانماركي سورن كيرككَورد وصراعه ضد الدين الأ ...
- الماركسية ليست إيمانا، بل فكر قابل للمناقشة والتعديل .!
- -الحالمُ في نشوةِ أوهامه- قصيدة الى صديقٍ في عيد ميلاده الثا ...
- ثلاث قصائد
- مقتدى الصدر: لعبة الحيّة ودَرَج ..والاعلام المسكين .!!


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قحطان جاسم - تصريحات بابا الفاتيكان وإصلاح الدين الاسلامي ؟