|
دمعة محمد وبرائته ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4690 - 2015 / 1 / 13 - 23:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
دمعة محمد وبرائته .. يذرف محمد دمعة ويرفع شعار كلنا شارلي ،على غلاف عدد الغد من صحيفة شارلي هيبدو ،الذي يصدر بعد المذبحة التي نفذها محسوبون عليه ، هذه الدمعة التي تصحبها جملة " قابل للصفح " ، والتي تصدر عن الضحية ،تُعتبر ُ بمثابة "بصقة " في وجوه القتلة ، يوجهها نحوهم محمد بذاته . هذه هي قرائتي لصفحة الغلاف من عدد الغد لصحيفة شارلي، والذي سيصدر بعدة لغات من ضمنها العربية ، وعلى ذمة الموقع الإلكتروني العبري "واي – نت " . ويتعرض محمد الإنسان والشخصية التاريخية إلى نيران صديقة كل يوم ، يُطلقها عليه مؤمنون برسالته ، وهم بهذا يعتقدون بأنهم يدافعون عن إسمه وعن كرامته ، ولا يدرون بأنهم يشوهون صورته . لكن المدافعين زيفا ، عن محمد النبي والرسول ، من خلال "إرتدائهم " ثياب التدين و"تحكمهم " به وب"مشاعره " ، فإنما ،هم فعليا يُلغونه ويُلغون كيانه المعنوي . بل ويحملونه مسؤولية الدماء التي يسفحونها يوميا . ويُمكن للمُتابع أن يلحظ بأن كثيرا ممن "يُعارضون " تلاميذ محمد والسائرين على سُنته ، يُظهرون شماتة وفرحة مكبوتة بكل من لا يُحمّل محمدا المسؤولية المُباشرة عن جرائم المُدّعين بأنهم إنما يستنون بسُنته . لكن هؤلاء هم أعضاء في تنظيم فاشي من نوع جديد ، فاشية عابرة للقوميات وقد تكون عابرة للديانات ، فاشية تجمعت تحت لواء القتل وبغرض القتل ، ولأتفه الأسباب ، وجدت في قراءة محددة وحيدة "ضالتها " لتبرير تعاملها ومُمارساتها ، ومن منطلقات نظرية فاشية صرف . والهجوم على محمد من بعض المُعاصرين ، والذين يبررون بواسطة هذا الهجوم لأفعال هؤلاء القتلة ، وإضفاء المشروعية عليها عبر إيجاد رابط مباشر بين القتل المعاصر ، مع روايات تاريخية وقعت قبل 14 قرنا . فإنما هم بذلك يخدمون أجندة الفاشيين الجدد ، الذين يمدون خطا مباشرا بينهم وبين قوم عاشوا قبل قرون عديدة . ولطالما نجحت الفاشيات في إيجاد المشروعية التاريخية لسياساتها وممارساتها ، فهذا موسوليني يستعيد أمجاد الإمبراطورية الرومانية وهتلر يتحدث عن امجاد الرايخات ، ولكل "أمجاده " و"سيرته " التي يتكيء عليها نظريا للحصول على شرعية معاصرة . لذا ، اصبح الإنتماء إلى التنظيم هو المعيار ، وليس الإنتماء إلى الدين . فلكي تكون عضوا في التنظيم الفاشي الداعشي على سبيل المثال ، لا يكفي أن تكون مسلما أو أن تستَنَّ بسنة النبي محمد ، بل عليك ، ولكي تحصل على عضوية الحركة ، أن تتبرأ من كل القراءات المخالفة لقراءة التنظيم الفاشي ، وأن تتبنى قراءة التنظيم الوحيدة المُعتمدة ، وأن تسعى لتنفيذ "سياسات " التنظيم الفاشي دون سؤال ..!! قد تكون لا دينيا ، أو علمانيا ، أو من دين أخر ، لكنك تستطيع ان تنضم لتنظيم الفاشيين الجدد ، بإعلان إنضمامك (مُبايعتك ) والإلتزام بسياسات التنظيم وبمظهره الخارجي من لباس وطقوس وذبح . إنها فاشية نهليستية ، لا تؤمن بشيء ، ولا حتى بإله لا يخدم أجنداتها ، فالإله هو أداة ووسيلة مُجندة تجنيدا إجباريا لتُساعد التنظيم على تحقيق "مدينته الفاضلة " .. التي تحكمها طبقة أعضاء التنظيم الفاشي ، وأما البقية فهم عبيد ولن يشفع لهم دينهم الإسلامي . بقبولنا بالفكر الفاشي المقنع بالدين ، أو بإضفاء مشروعية دينية على الفاشية الجديدة ، فإننا نُقدم خدمة كبيرة للفاشية المتفشية في ذهنيتنا ، نحن ، المعارضين للداعشية . فالفاشية هي فاشية ولو تقنعت بقناع الدين ، القومية أو الليبرالية ..العابرة للقوميات والأديان . وفاشية الدواعش المعاصرين ، وحشيتهم وسفكهم للدماء لا يتحمل مسؤوليتها محمد ، بل المُعاصرون الذين يُفتون لهم .. ويتحمل مسؤوليتها الفاشيون أنفسهم والذين تجب محاربتهم وكل من يدعمهم ،عسكريا وفكريا .ولا إعفاء من المسؤولية ، لأحد كائنا ما يكون . لا يُمكن نفض اليد بمجرد إتهام يُوجه هنا وهناك ، فالفاشية في كل بيت تقريبا وعلى الجميع مواجهتها ..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-هأرتس- في مرمى النيران .
-
تَبَلُّد حَواس ..؟!
-
ألكيمياء تهزم فرويد ..!!
-
تجربة 929 .. أو من يمتلك النص ؟!
-
بلغَ السيلُ الزُبى..
-
أبراهام بورغ ..
-
الإنسان والألوان : الأزرق .. لونا ورمزا
-
ألحمارُ يحملُ أسفارا ..
-
أيتام صدام ..
-
تحديات أمام زغلول 2015
-
ألنفاق الأمريكي ..
-
اللا مثقف
-
إبن مخيطير وإبنة ناعوت ..والقائمة طويلة .
-
ألثقافة والمُثقف ..
-
الأزهري محمد عمارة بين المستحيل والممنوع ..
-
صورتان وطفولة واحدة..!!
-
وداعا كوبا وداعا للبساطة ..
-
ميلادا مجيدا ..
-
ثبتَ علميا : الرجال ناقصو عقل ..!!
-
على هامش حوار القراء والأستاذ أفنان القاسم ..
المزيد.....
-
-حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار ..
...
-
اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
-
مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
-
4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
-
سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا
...
-
ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|