قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4688 - 2015 / 1 / 11 - 17:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تَبَلُّد حَواس ..؟!
"لكن انا عتبان عليكو شوي انت واستاذ نضال....كيف نسيتم ملايين المشردين بضع كيلومترات شمالكم وواحد يتمنى والثاني مبسوط على سقوط الثلوج " ...
وصلني وصديقي الزميل نضال الربضي هذا العتاب ( وأنا أُطلق عليه ، التقريع ) من صديق عزيز وغالٍ عليّ ، وهو صديق من العالم الإفتراضي ، عالم الحوار المتمدن ، وهو صديق للحوار ايضا ، قاريء واعٍ ومُعقّبٌ فطِن .. جاء هذا التقريع في ثنايا تعليق على مقالة لي .
يُعاتبنا الصديق العزيز ، على أننا فرحون بتساقط الثلج ، بينما هناك في الشمال وبالقرب منّا ومن مناطق سُكنانا ، من يموت من البرد ، يموت فعلا وحقيقة ، بينما نحن ُ نستمتع بهطول الثلج ، وينتهز البعض هذه الفرصة السانحة ليلتقط الصور التذكارية مع الثلج ، وبروح العصر يلتقط سيلفييي ..
نعم ، يُحيطُ بنا ملايين من بني البشر ، والذين نعتبرهم ، إخوانا لنا ، وهم حقا كذلك ..لا يجدون في هذه الأنواء العاصفة ، ملاذا دافئا وآمنا لهم ولأولادهم .. غطائهم ثلج وفراشهم ثلج وطين ، وسقف الخيمة ينهار تحت ثِقل الثلج الهاطل والمُتراكم .
عائلات بأكملها ، تخوض حرب البقاء كل يوم ومن جديد ، بعد أن تكاتفت ضدها قُوى تُدافع عن مصالحها، وتطحن في "مطحنة " صراعاتها إنسانية الإنسان ، وتحوُّله الى وقود حروبها ومصالحها . تحالفَ الدين مع السياسة ، وتحالفت قوى "ديموقراطية " ، "تحررية "، فاشية ، قومجية ومافيوية ضد الإنسان البسيط والباحث عن وسيلة يكسب بها حياته بشرف ، فَحَوّلتهُ إلى لاجيء كان كريم الجانب ذات يوم ،إلى لاجيء يبحث عن لقمته ولقمة افراد عائلته ، على مائدة اللئام من الحكام واعوانهم .
لم يقفِ المناخ جانبا ، فزج بكل قوته وطاقته "لِتَسْويد " عيشة هؤلاء اللاجئين ، فرماهم بعواصفه الثلجية .
هل تبلدت حواسنا حقا ؟؟ هل فقدنا مشاعر التعاطف الإنساني ؟؟ بل كيف نستمتع بيومنا ؟؟ ونستمريء طعامنا ؟؟
لقد تحول مشهد الموت إلى روتين ، لا يستطيع تحريك مشاعرنا التي تجمدت كما تجمدت الدماء في عروق الأطفال السوريين والغزيين .
القتل العبثي اليومي ، قتلَ في دواخلنا إنسانيتنا ..
هل يكفي ان نمتنع عن الفرح ؟؟
هل نستطيع الإمتناع عن الفرح أصلا ؟!
إنها مجرد اسئلة... ولا أجوبة ..!!
وشكرا للصديق الإفتراضي ، الذي لفتَ إنتباهنا إلى أننا نسير في الطريق نحو تبلد المشاعر والحواس ..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟