أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالرحمن مطر - أورفا ظلّ فراتيّ














المزيد.....

أورفا ظلّ فراتيّ


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 4679 - 2015 / 1 / 1 - 11:07
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


الحديث عن مدينة أورفة ، او عن تركيا بأكملها، لايستقيم دون أن أذكّر نفسي بأنني طوال عشر سنوات سبقت دخولي الى الأراضي التركية في صيف 2012 ، لم أستطع النوم ولو ليلة واحدة دون خوف. لكن أورفا منحتني تلك الليلة الأولى التي رقدتُ في بيوتاتها..نومةً هادئةً هانئة لأول مرة. لم استطع التعبير حتى الآن، عن مدى إحساسي بالأمان الذي عشته، دون أن تغصّ ضلوعي بأن بلداً هو وطني استلب مني، ومن ملايين أمثالي، ذلك الحق الذي منحته لي بلدة صغيرة جميلة، ربطتنا بها علاقة روحية ثقافية، ناهيك عن أواصر القربى..وكانت تعتزم شق طريق وسط الرقة هدية منها، عربون تعاون وحسن جوار..منحتني أفقاً جديداً للحياة. فيما كان ذلك الطريق الذي يفضي الى فرع المخابرات العسكرية، لا يمنحنا سوى المذلة والرعب، وكان الخارج منه راجعاً الى حارته، بخطواتٍ رشيقةٍ، كالعائد الى الحياة. وشتّان بين من يمنحك الحياة ومن يسرقها منك.
مارس نظام الأسد الأب، ومن ثم صغيره القاتل، الذي تفوق عليه في إجرامه، أساليب أمنية ممنهجة في بث الرعب في كل مكان، مايجعل السوري، في قلقٍ و أرق، لا يستعذبُ لحظةً في حياته: البيت، والأسرة، في الشارع والعمل. الخوف أن يخرج من البيت ولا يعود إليه، أن ينام ويستيقظ على طَرَقات الباب في أحسن الأحوال، إن لم تداهمه عناصر المخابرات وتعتقله، تجرجره من سريره..أمام أهل بيته!
لم يترك القتلة للسوريين سوى الخروج من ارضهم وبيوتهم، يدرؤون الموت والخراب عن انفسهمن فجعل منهم شعباً تنثره رياح النزوح، حيثما فتحت لهم أبوابٌ ونوافذ..وأشرعوا أرواحهم للرحيل في جهات القهر.
من بين دول العالم المختلفة، تركيا هي الدولة الوحيدة، التي فتحت أبوابها على مصراعيها اما السوريين، وذللت كل العقبات التي تعترض، احتماء المدنيين بالجيران الأتراك. وعلى الملاحظات التي تشوب أي جهود، من هذا النوع، فإن وجود هذا العدد الكبير الذي قد يصل وفقاً لبعض الاحصائيات، الى مليوني سوري، يعكس طبيعة موقف النظام السياسي التركي، الداعم للثورة السورية. لستُ بصدد الحديث عن دور تركيا الإنساني، بقدر ما تتوجب الإشارة إليه، وأن نشير لكل الإيجابيات التي اضحت عملاً تراكمياص لفائدة اللاجئين والمقيمين. وان نشير أيضاً الى السلبيات التي تتراجع أمام الخطوات التي تتخذها تركيا من حيث التعليم والصحة، وحرية الحركة بين طرفي الحدود، والتنقل والعمل داخل الدولة. وقد بذلت ولاتزال أنقرة جهوداً مهمة في توفير الأمان والحماية للسوريين.
العناية التركية وفتح البلاد امام السوريين، يتجاوز ماقدمته على الصعيدين المادي والمعنوي، مؤسسات المعارضة السورية، والحكومة المؤقتة، وحققت تمايزاً كبيراً عما تلقاه النازحون الى بلدان الجوار الأخرى: لبنان والاردن والعراق، إضافة الى مصر، وما آلت اليها اوضاعهم وطرق التعامل معهم في تلك البلدان.
عندما دخلت أورفا عابرا أقجاقلعة، في رحلة خلاص لم يكن لي منها بدٌّ، داهمتني ابتسامة الوجوه، ونظافة الأمكنة، والهدوء في ذروة الأوقات. أدهشتني الورود التي تعبر عن دواخل الناس..التي لازلتُ ممتناً بشكل شخصي فيها لأحبة وقفوا الى جانبي، ليس هنا مقام ذكرهم..لأنهم كانوا يرحبون بي..بالسوريين، في تركيا بما يجعل دمعتنا تتجمد في المحاجر. كنا ولازلنا نريد من اصدقائنا دعماً أكبر لقضية الحرية والكرامة، وان يكون السوري عزيزاً أينما قادته رياح الهموم و الآلام!
سانلي أورفا..هناك حيث الماء والظل الفراتي الوارف..شكراً لمقامك في قلوب السوريين، ياشقيقة البلاد التي تنتظرنا.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختفاء القسري في سورية
- المنطقة العازلة وتقاطع المصالح الدولية
- الثلاثاء الدامي في الرقة
- أفق التسوية السياسية في سورية
- شتورلسن وحالول في رائعةٍ ملحمية: سْنورا إدّا
- الشمال السوري بين فكي داعش والنصرة
- يوم في حياتي: الكتابة والعشق!
- السوريون : موتٌ..وغرباء
- المأزق التركي في الحرب على داعش
- الأسد و داعش والنزوح العظيم
- الضربات الجوية وغياب المرجعية الوطنية السورية
- المتنمرون على المدنيين
- في المعتقل
- نظام الأسد يقصف المدن برعاية دولية
- الدور الأميركي المفقود في المنطقة
- داعش تعزز مكانتها كقوة اقليمية في المنطقة
- عرسال والأسد وحرائق البلد
- الإخوان المسلمون وشهوة السلطة
- الإخوان المسلمون يستعيدون دورهم في الائتلاف الوطني السوري
- قيامة الماء !


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالرحمن مطر - أورفا ظلّ فراتيّ