أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سيومي خليل - بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية














المزيد.....

بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية


سيومي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 23:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الكاتب: سيومي خليل
بينَ الذَّاكرة وعَمليات الإدْراكَ العَقلية
------------------------------

مَازال هُناك إصرار كَبير عَلى تَحويل دماغ التلميذ وعَقله إلى دن عَظيم ، ووعَاء كبير ،يُرمى فيه الغث والثَّمين من المعلومات ، إنه ليسَ أكثر من مُستنقع للمعلومات ، والأرقام ،والتَّواريخ ، وعَواصم المدن ، ومَقادير إختبارات التَّجارب ،والقَصائد المطولة والركيكة ، هَذا فقط هو ما تَنجح فيه أغلب الفصول الدراسية ،ليتحول في الأَخير التلميذ إلى أَكبر مُهتم بالغش ، فَما دام التلقين كان ببغائي ، فلا بأس أَن تكون لحظة الإمتحان ماكرة كالثَّعلب ، وأَوراق الغش والتَّدليس مقدسة كالتميمات التي يُعلقها الزنوج على رقابهم .

العَملية التعليمة - التَّعلمية عَليها أن تَتجاوز مَطب الحفظ الذي يَقعُ فيه التلميذ بواسطة تَجاوز طريقة الالقاء البَبغائي التي يميلُ إليها المُّلَقِن ،مِن غير هذا التجاوز ، سيظلُ المُّلقَن مُؤمنا أشد الإيمان بأن مُهمته تَنحصر في تعليب المعلومات التي أعطيتْ له ،وإعادتها إلى صاحبها ، هَكذا سيضمن أَعلى النقط ، وسَيضمن إنتقالا سلسا إلى مَراحل تعليمية متقدمة ، لكنه سُرعان ما يَرمي تِلك المَعارف بعد إنتهاء كل حصة إختبار ، وسَيجد نفسه في العُطلة الصيفية كأَنه لم يَحفظ يوما شيئا ما ، بل سيحملُ أحساسا بأنه لمْ يدخل يوما مدرسة ، لأَن الذاكرة مَهما جادة بِقوتها وفعاليتها ، تَتزاحم فيها المَعلومات حَدَّ صراعها ، و وتقومُ بِتورية بَعضها بعضا ، مما يَجعلها قاصرة على جعل التلميذ قَادرا على فَهم ما يُحيط به ، ومُستوعبا لتغيرات التي تَحدث أمامه ، وعاجزا كل العَجز عن إيجاد حُلول لمواقِف وُجودية وحَياتية وَمعرفية تُلقيها أَمامه لحظات العمر .

في ظل عالم تَتسارع المعارف فيه كأَنها في سباقات المائة متر حواجز ، ليس بمقدور الإلقاء الأُفقي ، الذي يَتم من رجل التعليم إلى المتعلم ،أَن يُواكب سرعة هذه المعارف ، أو على الأَقل لا يُمكنه لوحده إلا أن يُؤدي إلى أعطاب خَطيرة في عملية الإِدراك والفهم ، بل من الوَاجب وضْع نوافذ عَديدة في دماغ التلميذ ، كي يَشرئب بنفسه منها على العالم والمعرفة ،دُون أن يكون خَاضعا لسجن المعلومات التي تتغير بسرعة ، ومهمة وضع هَذه النوافذ ، نَراها ، هي مِهنة رجل التعليم الأُولى ، فالعَقل الذي يجب أن يتم تلقينه للتلميذ هُو العقل المُتحرك ، القادر على جَعل المتعلم ماسكا بزمام العمليات العقلية المشرحة للواقع .

بين الذَّاكرة والعَمليات العقلية ما بين الإِستظهار عن ظهر قلب والتَّحليل المنطقي للوقائع ، فليس أمامنا إلا أَحد هَذين الطريقين ؛ تحويل المتعلم إلى ذاكرة ستضمحل يوما ما كَسحابات المطر ، أو جعله يَملك مفاتيح التحليل والإستنباط ، وللأَسف الشديد ، هُناك فئة كبيرة من رجال التعليم تَعمل على صقل ذاكرة المتعلم ،كأَنها تصقل مهندا عربيا قَديما ، ولا تَعلم أنه مَهما كانت عَملية الشحذ مَاهِرة ، فإن المهند سيصدأ يوما ما ، وسيجد نفسه أسوأ من الخشبة بدون ثمار .

في المقابل مَاذا أَعدت الوزارة لِمساعدة رجال التَّعليم المصرين على التخلي على طريقة الإِلقاء الببغائي للمعارف ، والسَّاعين وراء تلقين التلميذ وسائل إمتلاك طرق التفكير والفهم ؟؟؟.

لا شيء ...

ففي الأخير يَجد رجل التَّعليم المُحفز للقُدرات العقلية الثاوية للمتعلم مُحاصرا بمقررات حفظية واستظهارية ، ويَجدهُ غَير مالك للوجستيك المساعد على إِعطاء المتعلم تلك القدرات ، فالإِعتماد على أربعةِ حطآن، وسبورة سوداء يتيمة ،وعقيرة رجل التعليم ،ومحبَته الكبيرة لمهنته ، نَراها ،غير كافية لإِنجاح هذه المهمة ، وربما لهذا السبب يعود أغلب رجال التعليم أدراجهم ، ويصرون على طريقة التلقين الكلاسيكية التي تحول المتعلم إلى دفتر قديم من خمسين ورقة .

من الواجب إستحضار وسَائل التقنية الحَديثة للتخلص من أَعطاب التَّعليم التي يرزح تحتها تعليمنَا الفاقد للبوصلة، ومن الواجب التقليل من الحشو الناتج عن طول المقررات ، وإمتلائها بالكثير من المعلومات التي عفى الزمن عنْها ، يجب التركيز على تَعلُم طُرق المعرفة بدل تَعلُم محتوى المعرفة ، فالمحتوى يتغير وهو نسبي ، ودائم التجدد ،والطرق هي من تَصنعه ، فإن ظَلَلنا حبيسي جدرانه ، فسَنظل مَتلقين للمعارف ، ولن ننتجهَا
أبدا ، وسنظل ككثير من حفظةِ التراث الذين لا يفقهون معناه رغم وقرهِ في ذاكراتهم .



#سيومي_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفَاعا عن أوزين
- منطقة للكتابة
- خطَل ُ الفُقَهاَء
- بين الإِسْتصقَاء والإستصْحاءِ
- عن الأخلاقِ والكَونِية
- صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة
- التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
- ابن ُ رشد حَزين ٌ
- فئران بالألوان
- آلو ...معكم غزة .
- سرقة موصوفة وقضايا الحرب والحب.
- الملائكة تبعث رسائل SMS
- صمتنا المريب أو حول الجرف الصامد
- محمد أبو خضير ومؤتمر شبيبة لشكر
- الياغورت والموت السياسي
- الاستعباد الاجتماعي والاستعباد
- أناقة الصعاليك
- بين الصوم الصحي والصوم التعبدي
- جحود
- منكم داعر ومنا داعر .


المزيد.....




- ألمانيا ترفض مشروع ميزانية الاتحاد الأوروبي طويل الأجل وتنتق ...
- مقتل حوالي 50 شخصا في حريق كبير بمركز تجاري في مدينة الكوت ب ...
- عاجل | محافظة واسط العراقية: مقتل نحو 50 شخصا في حريق كبير ا ...
- ولي عهد البحرين يثير تفاعلا بلقاء ترامب وقيمة الاستثمارات ال ...
- مصر.. علاء مبارك يعيد نشر انتقاد والده اللاذع لقوى عربية ودو ...
- خامنئي يبين -دليلا- على قوة إيران بحرب إسرائيل يُستدل عليه ب ...
- من السويداء والجولان إلى واشنطن.. هل تنهار وساطة أمريكا للته ...
- المرصد السوري: سقوط أكثر من 350 قتيلا في أحداث السويداء
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو يدعو للمرونة في مفاوضات غزة
- الشرع: -الدروز- جزء من نسيج الوطن وحمايتهم -أولوية-


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سيومي خليل - بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية