أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيومي خليل - الاستعباد الاجتماعي والاستعباد














المزيد.....

الاستعباد الاجتماعي والاستعباد


سيومي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4500 - 2014 / 7 / 2 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم :سيومي خليل
المقال
أحد أسباب ما يحدث في مجتمعاتنا هو نتيجة للخرائط الإجتماعية في بلداننا ، ففي البلاد العربية لا يكون المجتمع ظاهرة قهرية فقط كما وصفه عالم الإجتماع *إيميل دوركهايم * ، بل يتحول إلى شبيه الزنزانة لضغطه الشديد على المواطن ، وتحديدا نقصد المواطن الذي لا يمنحه هذا المجتمع حلولا كثيرة ليؤكد مكانته فيه ، وهنا تلاحظون أن ما يمنحه المجتمع أو ما يمنعه هو نفسه الذي يُبنى به أيضا ويشكل خرائطه ، وما تمنحه المجتمعات العربية لمواطنيها هو نفسه الذي يشكلها ، ومادام المنح شحيحا فالتشكيلات الإجتماعية هي الآخرى شحيحة .
إن اسوأ ما يقدمه مجتمع لمواطن هو الإستبعاد ، فيبقى المواطن مجرد رقم بطاقة وطنية لا غير ، ورغم هذا فهو أحد مكونات المجتمع .. فبماذا سيساهم لبناء المجتمع ؟؟؟ . الإستبعاد الإجتماعي هو نوع من الفصل اللامباشر وشديد التأثير على المواطن ، يتحول المواطن إلى لا فاعل إجتماعي ومتأثر بظاهرة المجتمع ، لا يحس أنه معترف به إجتماعيا ولا ينكر إرتباطه بهذا المجتمع ، فيعيش النقيضين ؛ الإستبعاد من المجتمع والخضوع له … وهذا أسوأ ما يمكن لمواطن أن يتعرض له ، وهذا السبب هو دافع الكثيرين إلى الشذوذ الإجتماعي والإنحراف ، فيساهمون - بنفس الطريقة التي ساهم بها المجتمع في إنشائهم -في إنشاء المجتمع ، ولا غرو أن حالات الإستبعاد الإجتماعي كلما كثرت فإن الفساد والإفساد يعمان المجتمع .
ومن مظاهر الإستبعاد الإجتماعي الكره الإجتماعي ،فالمجتمع الذي يستبعد أفراده سيقابله الأفراد بالكره، والكره يتحول إلى منظومة من الأفعال وردود الأفعال التي تبدأ من الإنعزال الفعلي عن المجتمع وعدم إحترام قوانينه وأعرافه وأخيرا إلى تكفيره وتفسيقه وإختزاله في حالة الكره النفسية التي ولدتها آلية الإستبعاد … وهذه المظاهر هي نوع من المرضية الإجتماعية تشبه الدمامل على الجسد ، والمعلوم أن كثرتها هي إرهاص بإستنفاذ السلم الإجتماعي .
ولكون المجتمع يخضع للسياسي والإقتصادي بشكل كبير فإن الإستبعاد الإجتماعي سيكون بسبب هاذين العنصرين، فالبطالة ظاهرة إجتماعية نتيجة قرارات سياسية وسياسات إقتصادية فاشلة وهي مبعدة إجتماعيا ، فحركية المجتمع تعمل بالمال والمهنة … والمعطل ليس له هاذان المحركان لفرض مكانته الإجتماعية .. والنتيجة تكون إحساسا بقوة العزل عن المجتمع مادام تم إقتناع المواطن أن حقه في المجتمع يأتي من أخذ حقه من المال والعمل . والإقتصادي ليس هو فقط من يساهم في إندماج المواطن في المجتمع، فأحيانا وجود العامل الإقتصادي لا ينجح في الدمج الإجتماعي ، وهنا تظهر قوة *الإبداء* كما يصطلح عليها سوسيولوجيا ، أي إبداء الرأي والمساهمة في تشكيل المجتمع ، أي في الفاعلية الإجتماعية السياسية ، فالمواطن لا يرغب في الإحساس بالإبعاد الدائم عن حركية المجتمع ، لهذا تم الإبتكار السياسي للأحزاب والإنضمام إليها ، وخلق الجمعيات والمنظمات الحقوقية والثقافية … إن كل هذا هو عبارة عن ميكانزمات إجتماعية جاءت نتيجة للقرار السياسي وهي مساعدة على تقليص الإستبعاد الإجتماعي للكثير من المواطنيين .
نتيجة لما قلت ستكون الطبيعة السياسية والإقتصادية هي ماسكة خيط اللعبة الإجتماعية ، وسيكون الإنعزال الإجتماعي في المجتمعات الشمولية أكثر تفشيا كما كنا نلاحظ في العالم العربي وفي المغرب قبل سنوات ، وهذا لا يعني أن الإنعزال الإجتماعي في المغرب لم يعد موجودا ، بل كل ما في الأمر أن المواطن بدأ يفهم كيف تسير هذه اللعبة وبدأ يعمل على المطالبة بالإدماج الإجتماعي عبر مطالبته بالعمل وحق الرأي والفعل السياسي .
ما كان يقوم الإستبعاد الإجتماعي بخلقه هو أحد المظاهر الإجتماعية المقيتة وهو مظهر الإستعباد الإجتماعي ، وهذه نتيجة منطقية لوجود مقدمات صحيحة ؛ فالمجتمع الذي لا يعطي حلولا كثيرة للإندماج الإجتماعي تكثير فيه مظاهر الإستبعاد الإجتماعي وهذا الإستبعاد يجعل المواطن خاضغا للطغمة القليلة التي تستفيد من المصالح الإقتصادية والسياسية فيتحول الأمر كأن البلد هو إقطاعية ممتدة يعيش فيها المواطن رعية ، مجرد خادم ، وتنتصب القلة أنصاف آلهة … هذا ما يجعل المجتمع مصيبا بكل أنواع الأمراض المزمنة ، ويتحول العاقل إلى شاذ عن طبيعة المجتمع ، وتقلب رأسا على عقب كل القيم ويحل محلها الفراغ الأخلاقي ، ولا يعود هناك من ضمير غير الضمير الجنسي الذي تشتد هيمنته لتخفي ضعف الضمير المهني والأخلاقي والوطني … وكما قلنا يعود فساد المجتمعات إلى الإفساد السياسي والإقتصادي والأخلاقي الذي تمارسه النظم السياسية الحاكمة ، وهذا الكلام لم يعد- بعد الهبة العربية الحالية - بخاف على أحد ، فالنظام المصري الهرمي السياسي لحسني مبارك كان يتدخل في صنع الأفلام الرديئة والأغاني الساقطة ويعلي من الغباء ..و ..و … فالأنظمة الأخطبوطية لإيمانها بعدم شرعيتها تعمل على جعل كل شي تحت إمرتها وتسيره كيفما تريد لإبقاء المواطن بعيدا عن التفكير السليم ، بعيدا عن النقد ، بعيدا عن الجرأة …. وهذه من بين أسباب كثيرة جعلت الأنظمة الفاسدة بأعمار طويلة .
إن السلم الإجتماعي يعتمد على عدم وجود الإستبعاد والإستعباد الإجتماعيين ، فهما الأكثر تناقضا مع السلم الإجتماعي والأكثر تهديدا له ، وما دام هناك أسباب كثيرة تساهم في إذكاء نارهما في قلب المواطن فلن يكون هناك عمر طويل للسلم الإجتماعي ، إن الحل لضمان لحمة المجتمعات هو العمل على دمج المواطنين في المجتمع بكل متساوي ، ودون هذا الأمر فإننا نبني من الرمال القصور .



#سيومي_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أناقة الصعاليك
- بين الصوم الصحي والصوم التعبدي
- جحود
- منكم داعر ومنا داعر .
- النفي المنهجي أو عدمية نيتشه
- صورة وطن في منفى شاعر ٍ
- اقسم باليسار
- سيجارة آخرى مع الماغوط
- المرجو اعتقالي
- يمشي كأنه يحلق
- بنكيران يستدعي الحجاج بن يوسف الثقفي
- بشار بن برد في مسيرات فاتح ماي .
- فرنكشتاين ينتقل من بغداد إلى الرباط
- أوصاني
- الجامعة والقتل وسوء الفهم .
- الهندام الديني
- صناعة المعتقد
- *لحسانة بلا ما * والإنتحار
- دراسة سيوسيولوجية لظاهرة التشرميل
- أنت أيها الطائِرُ لا تطير


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيومي خليل - الاستعباد الاجتماعي والاستعباد