أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيومي خليل - صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة














المزيد.....

صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة


سيومي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 22 - 07:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تُظهر صناعة الخَوف نفسها كقطاع جد مُربح ماليا ، وكقطاعٍ يسهم في الضبط والتَّحكم بشكل ناجع ، وكقطاع دُون رأسمال إنتاجي ضَخم ، فالمادة الخَام موجودة في النفس البشرية ،وتشكيلها ،والتلاعب بها ،لا يحتاج إِلا إلى إثارة الحَوافز المقلقة والمخيفة، وتضخيمها مِثلما تُضخم البَالونات الملونة ببعض الزفرات القوية .

أنا خائف ؛ هذَا ما يتطلبه الأَمر كي تنتعش مَجموعة من القطاعات الحيوية في المُجتمع ، بدءا بغير المُهيكلة منها ، كالشعوذة ،وزيارة الأَولياء ، والسقوط بذل واضح أَمَام أَقدام العرافات ... ومرورا بالمهيكلة منها كوزارة الصحة والقِطاع الصيدلي ، فتكثر عيادة الأَطباء ، ويكثر إستعمال العقار وراء العقار ... وإنتهاءا بقطاعات الحماية والأَمن التي يبررها الخوف ، ويُبرر ما تقوم به من إنتهاكات حَسيمة لحقوق الإِنسان .

الخَوف طبيعي ، هَذا ملا شك فيه ، لكن ما لاشك فيه أَيضا أنه اصطناعي وموهوم وتنميطي ، وعن هذا الخوف يتحدث المقال ، فَمن العادي جدا أن يخاف المرء ويطمئِن تبعا لشروط قاهرة ، وليس من العادي إِطلاقا أَن تَتحول هذه الشروط إلى فقاعة يتم إنتاجها لِتخلقَ الخوف .

ما يَحصل تحديدا هو إنتاج شُروط غير قائمة أَصلا لتذكية الخَوف في النُّفوس ، فترى حَالات الحوف المرضي كحالات الإِصابة بالجذام في بداية القَرن التاسع عشر وأكثر ...

الناس خائفون من لاَشيء ، وخائفون من أشياء غَير موجودة ، وعلى قدم ٍوساق يُحاربون خوفهم بشتى الطُّرق ، لذا يكونون كَفراخ الطير التي اعتقدت شبكة الصيد بركة ماءٍ زلال .

يمكن القول أنَّ هناك سياسة مُمنهجة لصناعة الخوف، والتي تُبرمجُها مؤسسات دولية من أَجل تحقيق أهداف واضحة وخفية . هذه النُّقطة تذكرنا بمسأَلة مرض أَنفلوانزا الطيور ، الذي جَيش الخوف في نفوس الأَفراد والدول والمنظمات الصحية، لدرجة إقتناء أمصال لا عَلاقة لها بالمرض ،كَان من الممكن لو ذَهبت مبالغها الثَّمينة إلى التنمية البشرية ، وهُنا في المغرب كان الأَمر أسوأ مع وزيرة الصحة ياسمينة بادو ، وكان سخيفا لدرجة كَبيرة ، حيث إقْتنت أَمصال بالملايير لم تعالج أَي شيء . هنا لا أنفي حقيقية المرض ولا أؤكده، لَكني أَتحدث عن كيفية صناعة الخوف، الذي روج مَلاييرا هامة في مؤسسات كانت تَتحدث عن وجود أزمات مالية بِها .

قس عَلى هذا الأَمر أُمور آخرى كثيرة ، يربطها جَميعا الإِحساس غير السوي بالخوف .

يمكن تَشبيه ما يَحدث مع الخوف بالتهديد بسِّلاح أَبيض بلاستيكي مُصوب جهة القلب ، آمرا صاحب السكين الضحية بالدفع أو الموت ؛ الخَوف يُذهب الرؤية المدققة للسِّكين ،وإِن تم التأكد من أن السكين ذا طبيعة بلاستيكية لا غير ، فَبقايا الخوف تُنعشها موجات الشك ، مِما يجعل اليقين يذهب ليحل محله الخوف التام .

الحروب ليسَت بدعا في هذه المسألة ، بل إِن ارتباطها بصناعة الخوف كارتباط الجنينن بالحبل السري ،وهذا ما يَجعليني أَجزم أن الكثير من الفضائع التي يسوقها اليوتوب منها الحقيقي ومنها المصنوع، وكلاهما يُؤديان نفس المهمة ؛ الإِحساس الشديد بالخوف ، والإقتناع التام بالتخلي عن الكثير من الجرأة ، والتحلي بالذل والإنصياع ...عن هذا الأَمر أقول أَن داعش إن لمْ تقتل حقيقة ،وتجزر ؤوس الأَبرياء ،وترجم الَنساء ، فهي ستقتل مَجازا وصناعة وصورة ،كما فَعلت أَمريكا في أَحَايين كثيرة حين دَعمت الخوف مِن قوتها بالأَفلام ،والمقاطع المسربة عن أشياء غير حقيقية ،وكَما فعل غيرها ...

الخائف كائنٌ يَسهل التحكم فيه بَعد هدووء رجته التي تَعقب الخَوف الشَّديد ، يمكن التلاعب بدماغ الخائف ، ويُمكن إقناعه بأي مُخططات لا إِنسانية ولا حقوقية ؛ ألمْ تكن قوانين الطوارئ المخزية في العاَلم العربي نتيجة إِقناع النَّاس برعب قادم لا محالة ؟؟؟ حِينها كان الخوف هو من أَيد القانون المخزي وغير المرغوب فيه . يجب أن يتضخم الرعب كي يتضخم الخَوف ، في حين تَقول السياسة الناجعة والديمقراطية أَنه من الواجب مُحاصرة ، لا تضخيم ، الرُّعب ،دون العمل على إِخافة المُواطن ، فالخوف هو رعب آخر يَشل كل إمكانات الفرد والجماعة ويسهل التلاعب بهما .

بسبب الخوف توافَقت وزارة الصحة مع وزيرها الوَردي ، ووزارة الشَّباب والرياضة مع أوزين ، ووزارة الداخلية ... في طلب تأجيل الكان بالمغرب بدعوى رعب إيبولا . أنا لا أُحب كرة القدم كثيرا ، وأُفضل أَن لا يَتم إِثارة كل هذه الزوبعات عنها ، لكني أعرف أَن بطولات كروية ورياضية كثيرة تَلقت تهديدات بخلقِ الفوضى والإٍنفجارات ، لكنها أُقيمت، وهذا لا يعني أن الدول التي استضافت هذه البطولات لم تبال بالتهديدات التي تلقتها ، لكنه يَعني أَنها زواجت بين الحماية الشديدة للمواطن وللبُطولة المقامة وبين الإِصرار على إِقامة هذه البطولة ، أَما التخلي بهذا الشكل -وهو تخلي لأَن طلب التأَجيل كان غَير مَحسوب سياسيا -عن بطولة دَولية فَيفيد أَن الكثير من القطاعات الخدماتية بالمغرب تَعرِف أَنها لا تستطيع القِيام بعملها على أَحسن وجه ؛ وهذا عادٍ جدا ، فوزارة الصحة المغربية التي مَا زالت تَجد مشاكِلا عميقة في إِنجاح ولادات النساء دون مَشاكل، أَكيد ستخافُ خوفا شديدا من إِيبولا سَواء كان فزاعة أَو حقيقة .

بسبب الخوف أَجمع أَغلب المسؤولبين على تأجيل الكان ، فَسُحب من المغرب الكان -وهذا أفضل للمغرب -، لكن هُنا تُثار مسالة آخرى ، وهي أَنَّ الخوف يَجعلنا نَتبنَّى سياسة اللافعل ، ومِثلما يُشل الفرد عن الفعل تشَل الجماعة والمؤسسات والهيئات ، هكذا نُقَرر الهرب بدل المواجهة العقلانية لمسببات الخوف ،نَنتظر لا غير زوال مُسببات الخوف بدل علِاجها ، أَو ندخل في دوامة علاج الخوف نفسه دون منحنا قُوة عقلاَنية لمواجهة أسبابه الحَقيقة أَو الواهية .

أَخيرا يبقى الخوف أسلوبا نَاجعا للتَّحكم ، مثل قطعان الجاموس بعد خَوفها وارتعابها وهيجانها تُنفذ طَاقتها وتجدها مُستسلمة لأَنياب الأُسود أَيضا يمكن تشبيه بعض الجماعات والمجتمعات التي تطغى فيها الغريزة على الثقافة .



#سيومي_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
- ابن ُ رشد حَزين ٌ
- فئران بالألوان
- آلو ...معكم غزة .
- سرقة موصوفة وقضايا الحرب والحب.
- الملائكة تبعث رسائل SMS
- صمتنا المريب أو حول الجرف الصامد
- محمد أبو خضير ومؤتمر شبيبة لشكر
- الياغورت والموت السياسي
- الاستعباد الاجتماعي والاستعباد
- أناقة الصعاليك
- بين الصوم الصحي والصوم التعبدي
- جحود
- منكم داعر ومنا داعر .
- النفي المنهجي أو عدمية نيتشه
- صورة وطن في منفى شاعر ٍ
- اقسم باليسار
- سيجارة آخرى مع الماغوط
- المرجو اعتقالي
- يمشي كأنه يحلق


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيومي خليل - صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة