أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: التمثال














المزيد.....

قصة: التمثال


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 10:31
المحور: الادب والفن
    


حتى ذلك الصباح، كان قد مرّ عام. الرجل يراقب تمثال المرأتين من نافذة الترام الملحاح، والترام ينطلق في الشارع الذي يخترق قلب المدينة دون أن يحيد، والترام يمتلىء بأصناف عديدة من الخلق: رجال لا يلتفتون إلى ما حولهم لكثرة ما يعتمل في رؤوسهم من هموم، ونساء يحرصن على زينتهن المشغولة بإتقان، من فساد طارىء يعكر المزاج، والترام لا يخلو كلّ صباح من أولاد وبنات في عزّ التفتح على مفاتن الحياة، ينهمكون في تبادل القبل وإطلاق الضحكات.
والآخرون لا يعيرونهم اهتماماً لكثرة ما رأوا هذا المشهد حتى ألفوه، والآخرون لا يعيرون اهتماماً لتمثال المرأتين الجالستين في الحديقة التي تحاذي الشارع ومن حولهما تتوالى الفصول، حيناً يغسلهما المطر المنثال دون ميقات، وأحياناً تتكاثر من حولهما أوراق الشجر وقد تساقطت عن الأغصان، وفي أوقات أخرى تتغطيان بالثلج، وفي شهر نيسان تحفّ بهما الأزهار والورود، والمرأتان اللتان من حجر أبيض ناصع لا تكفان في كل الفصول عن مواصلة النجوى وتبادل الأسرار في اهتمام لا ينقطع، ويبدو أنهما معنيتان بعدم تسرب الكلام الذي تبوحان به إلى أحد في الجوار، والمرأتان، من سيماء وجهيهما تتحدثان كما يبدو عن حبّ غامر، عن مأساة وقعت، عن خيانة ارتكبت، عن رجل مضى بعيداً وها قد انقضت أشهر وهو لا يعود.
والمرأتان تتظاهران بأنهما لا تعيران ركاب الترام أي اهتمام، لأنهم لا يغيرون من عاداتهم المألوفة، فكأنهم مجبولون من حديد وغبار، والرجل الوحيد الذي يراقب المرأتين باستمرار قال غير مرّة: ما أروع صبر النساء.
ذاك الصباح، حينما كان الربيع قد وصل كامل مداه، فوجىء الناس بالترام يتوقف فجأة، لأن المرأتين اللتين ظلتا تتظاهران طوال العام بعدم الإكتراث، قد انتقلتا الآن إلى خط الترام بالذات، حيث تمددتا هناك، ومن جسديهما الموفورين تتفجّر الحياة.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة: حالة
- قصة: العلم
- سطوح الأشياء
- قصة: الراقصات
- قصة: إقليم الحليب
- قصة: منال
- قصة: خروج
- مروان
- قصة: انتحار
- عرض أزياء
- قصة: مرايا
- قصة: بيان
- قصة: كلاب
- قصة قصيرة جدًّا: أرغفة
- قطط
- الاحتفال
- مطر
- زمن آخر
- الطفل ينام
- المرأة والحصار


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: التمثال