أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - مروان














المزيد.....

مروان


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


مروان يعود إلى البيت قبل أن يحل المساء، قبل أن تقفر الطرقات من الناس ولا يبقى فيها سوى الجنود، مروان يعود مستشعراً لذة الحياة على الشفتين وطرف اللسان، فقد أتيح له قبل حلول المساء أن يضم خطيبته إلى صدره، يقبلها مثلما – على الشاشة – يقبل الممثلون الممثلات، غير أن ما كان بين مروان وخطيبته هو أشهى وأعذب بما لا يقاس. كان البيت على غير العادة خالياً، فالأم قد ذهبت لزيارة الجيران، والأولاد منتشرون في الحي – كما هي عادتهم كل يوم – يشاغلون جنود العدو بالحجارة وإطارات الكاوتشوك. مروان يتلبسه الخجل لأنه وحيد مع خطيبته للمرة الأولى، وهي بدورها يتلبسها الخجل، ولا تدري ما الذي ستفعله في اللحظة التالية. مروان يفتش جيوبه بحثاً عن علبة سجايره فلا يعثر عليها ولا يدري أين طارت منه، والخطيبة تهمّ – للتخلص من حرجها – بإعداد الشاي، غير أنه – لحراجة موقفه – يصرّ على تأجيل ذلك إلى وقت آخر، تسارع إلى خزانة الثياب، تفتح دفتها الأولى، تعرض عليه الفساتين التي أعدتها للزفاف، تقول والخجل ينحسر عنها إلى حدّ ما: إنها فساتين من مختلف الألوان، سوف ترتديها واحداً بعد الآخر أثناء "الصمدة" وسوف ترقص أمام الناس، أمام مروان بالذات، كما لم ترقص من قبل طوال الحياة. مروان يتلمس الفساتين بين أصابعه، يمعن النظر في الإمتدادات الرهيفة للألوان، يتجاسر قليلاً، فيحدق في عيني خطيبته، تتطامن العينان، ولا تدري الخطيبة ما تفعله بكل هذه المشاعر التي تفور في صدرها، مروان يلمس اليد الرقيقة في حذر، تسحب يدها في دلال، تفتح دفة الخزانة الأخرى، تخرج أصنافاً عديدة من الأقمشة ذات الألوان الزاهية، مروان يحدق في جذل، تخبره أنها سوف تنهمك في الأيام القادمة في إعداد السراويل والقمصان لطفلهما الذي سيأتي ذات شتاء، مروان يضحك وقد غادره الخجل، يقول لها: لم نتزوج بعد، وحينما يأتي الصبي نصلي على النبي، وهي تصرّ قائلة إنه سوف يأتي وإلا فلن يهدأ لها بال، وقبل أن تغلق الخزانة على ما فيها من أقمشة وثياب، يشدها فجأة إليه، ثم يتعانقان.
مروان يعود إلى البيت قبل أن يحلّ المساء، يتذكر في نشوة كل لحظة قضاها مع الخطيبة الحبيبة، وكل كلمة قالها لها عن الزفاف الذي سيحل موعده بعد أسبوعين من الآن، مروان يشارف على الوصول إلى باب البيت في نهاية الزقاق، في الحي الذي يملأه الجنود، مروان قبل أن يهمّ بوضع يده على مقبض الباب، يخرّ صريعاً، لأن رصاصة طائشة من جندي رابض في أقصى الزقاق قد اخترقت عنقه، فلم تقتله إلا بعد أن اكتملت في ذهنه صورة الزفاف.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة: انتحار
- عرض أزياء
- قصة: مرايا
- قصة: بيان
- قصة: كلاب
- قصة قصيرة جدًّا: أرغفة
- قطط
- الاحتفال
- مطر
- زمن آخر
- الطفل ينام
- المرأة والحصار
- حالة
- زجاج
- أين نسهر هذا المساء؟
- عمي الحاج
- الحفلة
- رمل وماء وهواء
- إيقاع الحليب
- مقعد بابلو عبد الله


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - مروان