محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 22 - 12:52
المحور:
الادب والفن
تدخل صالة الفندق وهو يتبعها مثل كلب أليف، يجلسان في مواجهة شجرة عيد الميلاد، لأنها – كما قالت – تعود إلى طفولتها كلما رأت الكهارب الملونة تخفت ثم تنبجس من ثنايا الأغصان، يشربان الشاي وهما يتأملان أصناف الخلق يتناثرون في أرجاء المكان. ثمة ضجيج وضحكات، وامرأة تجلس في الركن وحيدة، لها حظ مرموق من الجمال، ترتشف الشاي في صمت وتكاسل، ولا يبدو أنها ترى أحداً من حولها، والرجل الذي يجلس مع حبيبته مثل كلب أليف قال: لو أننا الآن في مهرجان للرقص لما شعرنا بمثل هذا الانقباض، والمرأة قالت: لو أن هذا العالم بريء لتمددت بجسدي فوق هذا السجاد العجمي، وتدحرجت على هواي – مثلما كنت أفعل وأنا طفلة – حتى أصل تلك الشجرة التي تشبه سفينة مضيئة في عرض البحر، ثم أغفو تحت خضرتها اليانعة، فأنسى كل أحزاني هناك، والرجل الذي راقت له مثل هذه الرغبة المقموعة قال: لماذا لا تحاولين! فقد ينقذنا فعلك الحي من هذا الاختناق!
في تلك اللحظة، كانت المرأة التي تجلس وحيدة في الركن تتقدم في تؤدة واعتداد نحو شجرة عيد الميلاد، تنضو عنها ثيابها أمام صمت الناس وذهولهم، تتمدد عارية تحت الأضواء، تضغط نصل الخنجر في اتجاه القلب تماماً، ثم تسدل بيديها الواهنتين كفناً بارداً فوق مملكة الجسد، فلا يبقى في الصالة أحد. سوى الرجل الأليف وحبيبته اللذين وقعا في غيبوبة متصلة امتدت حتى الصباح.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟