أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: مرايا














المزيد.....

قصة: مرايا


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 12:12
المحور: الادب والفن
    


نلج المصعد المرصع بالمرايا والمرأة بيننا مثل وردة البستان، نشمّ عطرها ونحن نتأملها من خلال المرايا، نبتهج ونترك لعيوننا فرصة التعبير عما في نفوسنا، فلا يخفى على المرأة من أمرنا شيء، فتمعن في التأود والدلال.
نلج المطعم المرصع بالمرايا، يقودنا النادل إلى المكان المخصص لنا، نجلس قرب الواجهة الزجاجية العريضة، تعترينا غلمة جامحة ونحن نرقب جسد المدينة المترامي من تحتنا، فكأنها تستسلم لنا دون تمنع أو استنكاف.
نأكل من أطايب الطعام، نشرب خمرة معتقة، تمتلىء أوعيتنا الداخلية بسوائل لا حصر لها، نركض مسرعين، نلج دورة المياه المرصعة بالمرايا، نراقب أنفسنا بزهو ونحن نقف أمام المباول البيضاء، نحمد الله الذي خلقنا رجالاً وجعلنا قوّامين على النساء.
نغسل أيدينا بالصابون المعطر، نتأمل ياقات قمصاننا الأنيقة، ثم نعود إلى طعامنا وشرابنا وجسد المرأة التي نشتهيها دون تحفظ أو مواربة، والمرأة تشرب خمرتها الخفيفة دون اضطراب، نطلب منها ونحن في غاية النشوة رقصة لم تجربها من قبل، تستجيب لنا على نحو شيطاني. تخلع حذاءها، تصعد إلى منتصف الطاولة، تقف سامقة مثل نخلة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تهزّ الردفين في رصانة، ونصيح: يا أرض احفظي ما عليك. يترجرج النهدان على الصدر الفسيح، يتطاير الشعر الحرير مثل الأغصان، نقبض على أذيال الفستان المنسدل، نجذبه نحونا، ثم – يا ألطاف الله – ينكشف أمامنا بحر متلألىء من فضة الجسد الرهيف، نمزق الثوب بجسارة لم يعهدها أحد فينا من قبل.
تندلع في الجو فجأة صفارات الإنذار! هل هي غزوة جديدة يشنها علينا الأعداء؟ تنطفىء الأضواء، ننبطح تحت الطاولات غير آبهين لأية اعتبارات، فالكلب الحي خير من أسد ميت كما يقال. يزحف أحدنا على بطنه في اتجاه الهاتف، يستفسر من صديقنا (الكبير) العارف ببواطن الأمور عما جرى، يطمئنه بأن هذا مجرد اختبار لصفارات الإنذار الصامتة منذ أعوام.
ننهض من تحت الطاولات بقامات منتصبة، نأمر بإشعال الضوء، نتأمل أشكالنا المدعوكة في المرايا، نأسف لأننا تسرعنا في الانبطاح، نعدّل ياقات قمصاننا، وأثناء ذلك نحوّل الأمر إلى نكتة مسلية، نشرب نخباً يُزري بكل الأعداء، ثم نفطن إلى المرأة الرشيقة، نبحث عنها في زوايا المطعم مثل الثيران، فلا نعثر إلا على حذاء أسود، وبقايا فستان كان قبل قليل ينسدل على بحر متلألى من فضة هي كل ما نشتهي في هذا الزمان.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة: بيان
- قصة: كلاب
- قصة قصيرة جدًّا: أرغفة
- قطط
- الاحتفال
- مطر
- زمن آخر
- الطفل ينام
- المرأة والحصار
- حالة
- زجاج
- أين نسهر هذا المساء؟
- عمي الحاج
- الحفلة
- رمل وماء وهواء
- إيقاع الحليب
- مقعد بابلو عبد الله
- جدار أكاديمي
- ابنة خالتي كوندوليزا
- عيون موراتينوس


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قصة: مرايا