|
من يحكم العراق هو المومن و الفريضة العارفة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 15:57
المحور:
المجتمع المدني
من له المام بتاريخ العراق و ما سار عليه و كيف عاشت الناس و من حكمهم في المراحل السابقة الغابرة منها و الحديثة، و من يعرف شيئا عن الطبيعة الاجتماعية للشعب العراقي و كيف سايرت السلطات المتعاقبة المحتلة و الحكومات الذاتية، و الوضع الاجتماعي الذي تاثر في كل مرحلة بالتغييرات التي حصلت في السلطة و حتى نتيجة التقلبات في الواقع الجغرافي و المناخي و كيف اثر على مصادر معيشتهم و بالتالي تعاملهم مع البعض داخليا او مع السلطة المركزية، ناهيك عن كيفية حكم المحتلين منذ القدم اي من الامبراطورية الفارسية الى العثمانية و و من ثم الاحتلال البريطاني و فسلفة حكمهم للشعب وفق تركيبة المجتمع العراقي و علاقاته الاجتماعية و مستوى وعيه، و قراءة افكاره و عقائده و خلفيته التي احتكم به سياسيا و اجتماعيا . في كل مرحلة استجدت امور و اضمحلت اخرى و ربما استعيدت بعض مما اندثرت من السمات و العلاقات الاجتماعية المختلفة نتيجة التقادم، الى حالتها القديمة . من منا لا يعلم بعلاقة الوجهاء مع الذي يمكن ان نسميهم الرعية، و الشيوخ و السادة مع التنظيمات الاجتماعية من جهة و مع النظام السياسي من جهة اخرى . و لا يمكن ان نتغفل عن تاثيرات القرى و ما يجري فيها عن المدينة و التغييرات الديموغرافية التي حصلت في المدن او القرى في منطاق العراق كافة، من كوردستان الى الوسط و الجنوب العراقي و كل موقع حسب ظروفه الخاصة التي كانت منها متشابهة في كافة المناطق لحد ما و مختلفة من جوانب كثيرة منها ايضا . الفريضة العارفة؛ هو الرجل الروحي يُلم بتقاليد العشيرة و يساعد الشيخ ( سلطة الحاكم الاوحد) على فض النزاعات، و هذا الرجل في اكثر الاحيان كان وقارا و له احترامه و هيبته و مكانته الخاصة بين الجميع، و اكثرهم معرفة في امور التي تخص حياة الناس، و عليه تُغدق عليه هدايا و عطايا الشيخ، و ايضا كان يُستغل من قبل المحتلين في الكثير من الاحيان لامور سياسية خاصة بهم ان لم تكن السلطات المحتلة راضية من رؤساء العشائر في مرحلة ما و مسيرة المجتمع في منطقة ما . و حتى رئيس العشيرة كان يستغله بهداياه من اجل تمرير ما يريده لضمان المصلحة الخاصة عن طريقه، ان كان لا يقدر على السيطرة بنفسه لوجود معوقات هنا و هناك في طريقه . اي هذا الرجل الذي يمكن ان نسميه برجل المهمات الخاصة سواء لصالح السلطة او رئيس العشيرة وهو واسطة لفرض ما يمكن ان يُراد فرضه على الرعية المختلفة الشكل و الموقع . المومن؛ هو الرجل الروحي المسيطر الاكثر على عموم الناس و في (المناطق الشيعية) بالاخص و اكثر تاثيرا من الفريضة العارفة لدى الاخرين (السنة) و هو الوكيل للمجتهد الاكبر في النجف في اكثر الاحيان، و ما اكثرهم من كانوا جوالين و مخادعين يعيشون على حساب الفلاحين ان علم بهم المرجعية العليا او لا . بعد التغيير و سقوط الدكتاتورية، و انهيار الدولة العراقية كما حدث كثيرا في التاريخ، عادت الاوضاع الاجتماعية الى حال يمكن ان نعتبره اعادة لتاريخ الشعب العراقي في العلاقات الاجتماعية، فبرزت العشائرية و القبائلية في حياة الناس من اكثر ثقلا و تاثيرا تراتبيا اعتماد على المالية و القرب من السلطة و غير ذلك من اركان القوة التي اعتمدتها العشائر العراقية في السابق، و فرضت رئيس العشيرة الاتاوى و الفدية باسماء و عناوين مختلفة، و حتى فرضت هذه على من اعتبر نفسه من العشيرة و هو في المدن، و كم من المثقفين ااستنكروا و تذمروا من امكانية عودة هذه الصفة و العادة حتى الى المدن، و طالما بقت الصراعات و الفوضى تبقى هذه الخصائص مسيطرة، و كم من مثقف باهر منتج عقلاني يعتز بعشيرته و انتماءه و يبحث عن حسبه و نسبه و شجرته، اما ايمانا بها او استقواءا لرد كل ما يعيعقه او من اجل الحصول على المواقع السياسية و المناصب بمنسوبيته و محسوبيته . و وصلت حال العراق من حيث النظام و السلطة نظريا، الى حكم العشائر عمليا واقعيا، وان كان الجميع يدعي ما الموجود بنظام جمهوري بدستور ملزم مؤمن بالفدرالية و اللامركزية في الحكم، وفي الحقيقة هي الفوضى التي شاهدناها طوال العقد و النيف، نتيجة مزاج الفرد في موقع السلطة القوية الوحيدة المتمثلة برئيس الوزراء و كيف اراد اللعب بالعشائر و مكونها،و اراد ان يستغل حال استغلال ما موجود من الفريضة العرافة و المومن و ان لم يُسمى باسمه لمصالح حزبية شخصية ضيقة، الا انه لم ينجح في كسب ود المرجعية العليا لاسباب لا يمكن ذكرها هنا من الناحية السياسية لضيق المكان و ما وراء ذلك من المعادلات الاقليمية و الداخلية و الضغوطات و التدخل الامريكي و غير ذلك من الاسباب و العوامل الخاصة بامور المرجعية ذاتها و العلاقات بين الاحزاب و المرجعية المختلفة و بين المراجع المختلفة و الاحق منهم . لحد اليوم و نحن نرى بام اعيننا من يحكم من وراء العمامة و له الكلمة العليا، و ان اختلف دور المومن و الفريضة العرافة بشكل ما، فهل كان بامكان الحكومة ان تجمع الحشد الشعبي دون فتوى من المرجعية الدينية، و هل حصلت الاحتجاجات القوية في المناطق السنية دون دعم العلماء المسلمين . و هنا لنا ان نسال و بتعجب؛ ان لم تحكم المرجعية العراق و لم يكن هو السلطة الحاسمة، و ان كانت المرجعية داعمة للسيد المالكي فهل كانت هناك قوة تقدر على ازاحته طالما كان حيا يُرزق، و هل امن المعقول ان يزور رئيس الجمهورية المرجعية ليستاذن منه قبل زيارته الى المملكة السعودية، و يصرح هناك بانه حامل لرسالة المرجعية و كانه المراسل للسلطة الفعلية المتمثلة بالمرجعية على ارض الواقع . نعم لنكن صريحين و نعترف و نقول بعظمة لساننا انه سلطة الفريضة العارفة و المومن الذي يحكم العراق بشكل ربما غير مباشر كما كان عند العشائر و الحكم الملكي وما قبله و ما بعده لمدة ايضا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربما التاريخ يعيد نفسه
-
ثراء شيوخ العشائر العراقية على حساب رجالهم
-
اين نحن في وضعنا الكوردستاني و الى اين نسير ؟
-
اهمية المهرجانات في تفاعل المثقفين
-
العراق لا يحتمل ما طبق في ايران
-
القانون ليس لحماية المراة فقط
-
الكورد لن يطلبوا حرق كتب سعدي يوسف ابدا
-
عراقيل امام علاقات تركيا و العراق
-
الشراكة العادلة ام دولة كوردستان برسم المجهول
-
لماذا تدان كوردستان وحدها على ابسط خطا ؟
-
كيف نحارب الدجل و الخرافة ؟
-
سيرأس اوجلان دولة كوردستان
-
شطحات اردوغان مستمرة
-
قادة الكورد لا يقراون
-
المشكلة في الدين ام في الواعظين ؟
-
يُظلم الاصيل و يحكم الدخيل
-
اساس المشكلة الاسلام السياسي ام الديموقراطية ؟
-
ما الغموض في التعامل مع كوباني
-
مراكز البحوث و قطر
-
تعامل ايران مع اللاعبين المحليين في دول المنطقة
المزيد.....
-
اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي
...
-
الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال
...
-
برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
...
-
الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا
...
-
الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ
...
-
شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي
...
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|