أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - رائحة البكاء..















المزيد.....

رائحة البكاء..


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 22 - 19:30
المحور: الادب والفن
    


قلت لك:
" لآ أدري.. ".
هنالك فرق بما يعتريني وبين ما أود قوله. أن التيار فيّ أعمق من الاستطاعة. هل سبق أن شعرتِ بتيار عميق يأخذكِ لتيارات مجهولة أخرى، يأخذك عنوة دون أن تقاومي .. دون أن تحاولي لملمة بعض من قواكِ لأنقاذ ما تبقى من حياتكِ في العراء؟. أشعر بشيء غريب، مثل قراءة باطنية لا أدرك ماهيتها. وعبثا كنت أحاول أدراك هذا. الأمر أشبه وكأني كنت اتخطى مسارا ضئيلاً في سراب وعر لا أدري إلى أين يفضي. لهذا قلت لكِ :
ــ " لا أدري"
.. حقا كنتُ لا أدري. ساعتها أشحتِ بوجهك، كأنك تفكرين، هل حقا أنكِ تدرين؟.
جميعنا الان أو أحيانا، ربما ليس أنا وأنت وحدنا، نسكن عتمة في نفوسنا، دون دراية " لماذا؟ " سمعتكِ تهمسين وغصة تملأ حنجرتكِ :
ـــ نفسي أن أجيء إليكَ. أحس أني عاجزة أن أتنفس بيسر.
في تلك اللحظة لم أتوقع أن أكتشف في نفسي تلجلجا، أشبه بسقوط حجر في بركة ماء. أحدثت كلماتك دوائر ليس على سطح روحي فقط، إنما بداخل ما ترسب فيها. إيماءة مربكة أحسست بها تشدني إليكِ:
ـــ " تعالي "...
فقط كلمة واحدة، خرجت مني، وكأنها شهقة غريق يلوذ لقشة نجاة من موج الأزمة. كنت أقصد " خذيني ".
كنت أحس بحاجة قصوى أن أشمكِ، لكنكِ، كما يحدث في الحلم وحده، حين تتناوب المشاعر بشكل استثنائي، قلتِ:
ـــ " كم في نفسي حاجة أن أشمكَ الآن.. كما لو كان ذلك قدرا مكتوبا في بدء قائمة اشتهاءاتي للحياة؟!.
خيم صمت ثقيل بيننا، لا شيء سوى الخوف وثقل الحاجة، وحيث لا شيء غير الشعور بالاغتراب. وكنت أشعر بأن لا شيء ينبض في قلبي الآن سوى حاجتي لكِ.
كم عديدة هي المتناقضات في الكون، لكنها في النفس تبدو على أشدها. كأنها تتسع ونحن نضيق. الرسائل الالكترونية المتبادلة بيننا عبر الشاشة اللدنة، تزيد إحساسنا باللوعة وبحدة حاجتنا لبعضنا. اللوعة هذه لكأنها بحجم المساحة الغبية التي تفصل شمال القطب الشمالي عن جنوب القطب الجنوبي.. وربما كتلك الفاصلة التي تجعل إستحالة رؤية عين لجارتها الآخرى القريبة.
ولأنكِ كنت تخشين المفاجأة في تناقض ما يحدث في هذه الساعة بيننا، رسمتِ أمامي كلمات قصيدتك التي كتبتيها أمس والتي أردتِ مني أن أضع لها عنوانا يناسب النص. رحت أقرأها بعناية، كأنني لم أقرأها البارحة:
: " اليك أغني حبا ... وأشكو عطشي "..
( حبيبي... / جبين لوحته الشمس بسمرتها،/ وعينين تكشف عن اسرار الوله هو حبيبي لوحاته قصائد/ ينشد كلمات عجيبة / قطرّها من أكمام زهر الليمون،/ ورصعّها بالنفائس والدرر.. / صوته صدى عشق، / رددته رياح الجبال / ترافقها عرائس الثلج.. / يناديني، / افتقدك يا رفيقة نفسي،/ يا سوسنة الأودية،/ تعالي، لقد أفل الشتاء / وجر خلفه أذيال السحب، / وأينعت زهور البرية / تتشوق لتزيين جبهتك أتعرفونه!!!/ هو حبيبي كلامه عطر/ غناؤه مراكب مشرعة/ للهواء والسفر حبيبي، طيب رائحته / كامتزاج تراب أرضي / مع أول زخة مطر.. / حبببي صدره مسكني، / وثمرة قلبه اكتفاء جوعي / وارتواء عطشي.. / وتسألوني عن حبيبي!!! / هو حقيقة الحلم / في أرض / فاض فيها ينبوع الحب / ونسي السمر / موعد انقضاء القمر ) ..

عبر الشاشة الممغنطة بمويجات الأسى والفرح وقدر الغياب، ومحاولاتنا الدائمة لتمرير روحينا عبرها. كانت، وأنا في محور الأنفعال، ترسل فقاعات ملونة أمامي. فقاعات مليئة بالتوق والخوف معا، تجعل جسدي يفرز الأدرينالين، يوهمني بالفرح على غير خطوط متوازية، إنما متقاطعة. بعض من المتعة وبعضا من اللا تفسيرات الواثقة يغمرني لحظتها. أن أكون جيدا.. او أن أكون حقيقيا، أو حلما على هيئة وهم. شعرت بمذاق يشبه مذاق الخبز الحار من تنور أمي. ورائحة شواء، وغناء صامت. كما أعتراني هاجس بأني أبتعد عن مشاعري الحقيقية لمكان لم أزره من قبل.
ولما كنتِ في مثل هذه الحالة، يأخذك صمت الصحراء عني، سمعتكِ تنشدين مكبوتة:
ـــ " بجرب اغفى/ وبيسرقني النسيان/ وبفتكر لقيتك/ ورجعلي الي كان"
ــــ "ما هذا الخوف حبيبتي" لم أقلها لكِ، كنت أخشى أن أبكي حين أصمت قليلا ، عندها ستعرفين أنني كنت أبكي. كل ما قلته لكِ لحظتها:
ــــ هذه الأغنية أحبها كثيرا.
شعرتُ بتلبدكِ في أمعائي. وكانت زرقتي بخلاف الالوان مثل وردة تلوم أصابعي. لبثت كالماء المرتحل أتابع حلقة مفرغة ليس لديّ أي فكرة عما ستنتهي لحال، أم ستخلفني لدائرة أو دوائر أخرى. كما شعرت بالحاجة لأن أقول لكِ، أنني أشبه بموجة أحدثتها حصاة بماء.. ونسيتُ. لكني قلت :
ـــ " بالأمس، وكنت أغط في نومي، حلمت كالعادة، أني أكتب لكِ على الخاص، رسائلي اليومية المعتادة، فجأة لمعت في خاطري قصيدة، صحوت من النوم كأني لسعتُ. كانت الساعة الثالثة والنصف صباحا، شغلتُ " اللابتوب " ورحت أكتب. حبيبتي..
كما قلت لك، لقد تعودت الكتابة على الكيبورد، حتى أنني لا أقدر كتابة أي شيء على الورق مباشرة كما كنت أفعل.
عندما اتممت القصيدة، كانت هكذا :
" كوني كما أنتِ / تغازلكِ حتى أطرافي/ يستهويني الليلة غناء القداحِ/ ويتشهاكِ مريء اللوز/ وألوذ مثل دمعة بأطراف نرجسة/ هي روحي/ أعيدي هذه اللمسة/ثانية صواب التنعمِ،/ وافتحي شهية مدينة افواهي/ وكوني اكتشافي/ لعناقيد الدفق./ في اللحظة العبقرية/ كل ضمائر الغياب مبهمة/ إلا جدواكِ في لغة المباهلة واضحة./ غامري أن تكوني/ فاتحةٌ اللوّن كالرمل،/ ومثل غزال/ يفزز الماء في البرتقال/ وفي جنبدة في الولادة/ وكوني على قدر سِعرات الليل/ مغتبطة في السكرِ/ وذائبة تحت الأناملِ./ ومثل معلول/ يمضغ وجبة موسيقى الرحمة/ قبل النوم".
لا أدري.. لمَ غبتِ عن الارسال لوقت ليس بالقصير؟. هل كنتِ تقرأينها؟. هل أتممت قراءتها؟. هل انقطع التيار الكهربائي في بيتك؟. أم أن النت انقطع فجأة كما العادة؟ كل الذي أدريه أنكِ غبتِ عني وقتا طويلا.
بعدها، جاءتني كلماتك:
" لما عالباب يا حبيبي بنتوعد/ بيكون الضو بعدو شي عم يطلع/ .. بوقف طلع فيك/ وما بقدر احكيك/.. وبخاف تودعني/ وتفل وما ترجع" !.
عندها أيقنتُ أنكِ كنت تبكين، لأن فيروز كانت تنده فيكِ رائحة البكاء.



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطرات..
- عطش الأمكنة..
- مقدمة لرواية - يوميات حلم -
- الخيطُ الفضي..
- دائرة الوهم..
- حلم الوشائج..
- للعشقِ ألوانه والأسئلة..
- في كون الباطن..
- وجود في افتراض..
- ومض يراعات الريح..
- أماكن الرائحة..
- مسامير الغربة..
- في بيت الرأس..
- كوني قبيلة شفتيكِ..
- يا ساري الليل..
- كأنكِ وردات شتاء لم يولد...
- المرجل..
- وردة الحيض أشهى..
- أمدُ يدي ، أتحسسكَ..
- هطولكِ غزالة للتشهي..


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - رائحة البكاء..