غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4636 - 2014 / 11 / 17 - 15:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ومــاذا بـعـد الــصــقــيــع والــصــمــت؟؟؟!!!...
هذه الكلمات, هي ردي المختصر على القصيدة النثرية للزميل والصديق الرائع سيمون خوري, والتي نشرها من يومين بالحوار المتمدن تحت عنوان:
" صــقــيــع و صـــمـــت "
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=441762
وهذا ما أريد أن أعبر لــه ولجميع من يتابع نكبات ضحايانا ومهجرينا...
إلى أين نرحل يا سيمون.. يا صديقي الرائع.. وكل الممرات مغلقة...ومن ينجو من ألغامها.. يغرق في البحار الهائجة.. قبل الوصول إلى لامبيدوزا Lampedusa وتطفو حقيبته فارغة على شــاطئها الصخري... إلا من جواز سفر موصوم, لا يحمل أي فيزا... هكذا نحن.. هكذا شعوبنا الممزقة.. أو يقطع رأسك داعش.. أو تموت غرقا في البحر.. فماذا تختار؟... إنها آخر لحظات حرية مزورة.. تمنح للإنسان المشرقي.. أو للسوري العادي اليوم... الموت أو الموت...
وحكومات العالم تنتظر نهاية المسرحية السوداء.. حتى تفلح الأرض بموتانا.. وبنفس الوقت تبحث عن آبار نفط جديدة... هذا كل ما تبغي.. أرضنا وبطنها... أما البشر... لا شـــيء.. لا يدخلون حتى بحسابات الخسائر...
*********
ماذا أكتب لك اليوم عن ملايين السوريين المهجرين, لدى أخوتنا في لبنان؟..مذلولون.. مهانون.. محتقرون.. كأنهم عبيد أو رق بسوق نخاسة. ماذا أحكي عن مئات الألوف لدى أولاد عمنا في الأردن أو في مــصــر؟.. غرباء.. غرباء ألف مرة...وماذا أقول عن القابعين في الصقيع تحت الخيام, لدى جيراننا الأتراك الذين يتاجرون بهم.. أو يرسلونهم لقتل أخوتهم وراء الحدود, من حيث أتـوا.. وإن عادوا.. فلا ينتظرهم سوى العودة تحت الخيام الباردة.. وانتظار مزيد من البرد والجوع والمرض.. لهم ولأطفالهم وعائلاتهم.
من قال لك إن الإنسان في بلدان مولدنا يمكنه اليوم اختيار حياته... هــراء ودجــل.. وفلسفات طنانة طبولية فارغة... لأن الإنسان في بلداننا لا خيار لـه سوى الصمت أو انتظار داعش.. وكلاهما برد وخنق وصمت وموت... وقرانا تعبت من موت شبابها.. ويبست أراضيها...
نحن لم نعرف يوما.. ولا أي يوم.. ما معنى كلمة اختيار أو حرية... غير ( واللي بياخد أمي.. بسميه عمي )... هذا هو الاختيار الوحيد الثابت الذي فرض علينا منذ خمسة عشر قرن.. ولا أي اخـتـيـار آخر... وإن اخترت اللجوء إلى الفكر.. ولو لحظة واحدة... تسجن.. أو تقتل وتسحل... بلا قبر.. مجهول الهوية... ولن تعرف أي شــيء عن الجنة...
انظر إلى وجوه البشر في المدن السورية المهدمة المتفجرة المنكوبة.. صــورهم رجــاء.. للتاريخ.. للأجيال القادمة.. إن كان سيعود إليها بعد يباسها بــشــر.. غير الغرباء الباحثين عن النفط, بـأجـهـزتـهـم التي تحفر الأرض وآلاف الضحايا المجهولة.. أنـظـر إلى وجوه البشر.. أنظر إلى الأطفال.. لا يعرفون ما معنى ابتسامة.. ولا معنى أمــل...
كنت مثلك أكتب الشعر والنثر والكلام المنمق والخطابات عن الأرض وحب الوطن.. والمواطنة والأمل والتاريخ والأجداد والأبطال.. وكل العنتريات عن الأمجاد والبطولات... ولكنني ســرعان ما نظرت حــولي.. وبدأت اصرخ.. وكلما صرخت انهالت المصائب والضرب على رأسي.. وحرمت حتى من الأوكسيجين.. ومن أبسط إمكانية التفكير... فــهــاجــرت نهائيا إلى بلد بعيد......
ومن يومها يا صديقي.. أنا أراقب الشاطئ.. أسأل عن المسافرين... وتعودت السؤال عن المسافرين.. أسأل وأسمع لهجات كلامهم ونطقهم.. حتى لا أنسى لهجة نطقي وكلام طفولتي وفتوتي وبدايات شبابي الحزينة..
آه يا سيمون, لو رأيت تهافتهم خلال هذه السنوات الأربعة الأخيرة.. من يحمل فيزا.. ومن لا يحمل أية فيزا.. وحتى من حملوا فيزا مزورة.. دفعوا ثمنها مصاغ زوجتهم.. أو البيت الذي ورثوه من أهاليهم.. حتى يهربوا من الجحيم... كنت شــاهدا متألما لكل هذا.. كما رأيت الأرستقراطية السورية المزورة التي عايشت الفساد سنينا, وانتفخت منه سنينا.. ولما اقترب الرعد من شــاطئ البلد.. كانوا أول الهاربين إلى بلدان الغرب بلا صعوبة... مع خدمهم وحشمهم وحتى مع سواقيهم وأموالهم المكدسة الفاسدة المحصودة خلال سنين من دم الشعب السوري..... وهؤلاء لم تتغير (منفخات) معيشتهم... لأنهم يستطيعون العيش بكل انواع الطقوس والعواصف المتغيرة... واحتلوا فيللات الريفييرا الفرنسية والإيطالية... وضاعفوا أسعارها...
وهذا البلد الذي غادرته من سنين بعيدة طويلة.. أصبح مخبرا لكل التجارب اللاإنسانية.. أصبح ســاحة اقتتال لبشر غرباء.. يجربون فيه آخـر وسائل قطع الرؤوس وسحل اســراهم...
والعالم يتفرج.. ويدين.. ويتراجع ويتردد.. وهم كانوا دوما زارعي الموت وراء داعش... واختلاق داعش.. وســرطـانـات داعش...
***********
عـلـى الــهــامــش :
ــ آخــر خــبــر
أعلن السيد فرانسوا هولاند François HOLLANDE رئيس الجمهورية الفرنسية أن ذبح الأسير الأمريكي المخطوف بيتر كاسيغPeter KASSIG والذي كان يعمل بمؤسسة مساعدة إنسانية, بعد أن كان جنديا أمريكيا, والذي خطفه مقاتلون إسلاميون وسلموه لداعش, وذبحته علنا هذه المنظمة الإرهابية مع ثمانية عشر جندي سوري أسير, جريمة ضد الإنسانية لا تغتفر. وبنفس الوقت صرح رئيس الوزراء لبريطاني دافيد كاميرون David CAMERON أن هذه الجريمة النكراء.. أفــزعــتــه... أفزعته.
أليست هذه التصريحات الكاذبة المنفوخة المحضرة للاستهلاك الإعلامي.. للغلابة والأغبياء من شعوبهم وبعض أصدقائهم العربان.. مضحكة مبكية... إذ أن هذين المسؤولين ما زالا يتبعان نفس السياسة الأمريكية بالمرواغة والمخادعة والكذب.. والادعاء أنهم يحاربون داعش.. وأن الحرب طويلة.. وهم يبحثون عن معارضة معتدلة لمساعدتها وتدريبها.. والعديد من الخطابات الخشبية المخادعة المعهودة.. بــيــنــمــا في الواقع الأكيد, ما زالوا من تحت الطاولة.. يفتحون جميع الأبواب والطاقات والمزاريب لداعش.. وتمرير أحدث الأسلحة إليها.. والتعامي عن جرائمها.. رغم الاستنكارات المطبوعة المحضرة للاستهلاك الإعلامي الداخلي والخارجي...
ولا بــد للحقيقة الحقيقية أن تظهر يوما... من يدري؟؟؟... من يــدري؟؟؟!!!...
وماذا بعد الصقيع والصمت... يا صديقي... ماذا بعدهما؟؟؟!!!...........
بــــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي وولائي ووفائي.. لــهــم وللصديق الرائع سـيـمـون خــوري أطيب وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟