أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر كامل - قراءة في مقبرة جماعية














المزيد.....

قراءة في مقبرة جماعية


حيدر كامل

الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 09:26
المحور: الادب والفن
    



وكنت معي ..
ما حزرتكِ كيف تريدين أن اشتهيكِ ..
وأرضكِ ما عاد فيها الذي كان حلماً
تطوقهُ الشمسُ ..
سبحانكِ اليوم ما عدت أرضي ..
وما عدت ذاك الفضاء.
سنينٌ من الجدب لا العدل فيها ..
واخوة يوسف ..
ما دنسوا غير انفسهم في الرحيل ..
وما سوروا غير وجه السماء.

وتتبعني
في المساء طيورٌ خرافيةٌ ..
لا اراها ..
تحيطُ بسوري الذي هدّهُ القائد العسكري ..
كما هدَّ قبر أبي ذات يومٍ ..
وارحلُ ..
في دورتي الدمويةِ ..
عشر سنينٍ من القهرِ ..
والحربِ ..
قال الذي كان يصحبني ..
هل قرأتَ الصحيفة هذا الصباح ..؟
فاصمتُ ..
هل لوّثتك الليالي ..
وانت تحوكَ القميصَ الذي مزقتهُ ..
زليخة قبل الأوان .؟
وهل زرتها قبل هذا المساء.

وكنت معي
لهجةً اشتهيها ..
وخبزاً يكلّله الملح والسنوات العجافُ ..
وترميهِ في نار تنور أمي الذي اطفاتهُ ..
الحروب ..
السنين ..
الحصار.

وابقى وحيداً ..
اخاطب صمت الفراغ الذي سدَّ نافذتي ..
والطريق الذي كان يوصلني ..
ذات يومٍ اليكِ ..
مددتُ يدي ..
يوم كنا معنا ..
فوق أبراج بابلَ والجيشُ يقصفنا بالمدافع* ..
كان الحسينُ ..
يداسُ باحذيةِ الجند لا الخيل في كربلاء.
وكانت لنا رايةٌ تستباحُ ..
وفكرٌ يباعُ ..
ورأسٌ نسلمه آخر الامر دون حياء.

وكنتِ معي
والاذاعاتُ ..
تُنشد في عيد ميلاد من وزع الموت ..
في الطرقات ..
الأغاني ..
القصائدُ ..
تُلقي القنابل فوق الرؤوس ؟
العشائرُ ..
ترقصُ في حضرة العصبياتِ ..
والمرجعياتُ ..
(( سامحها الله )) لا شغل يشغلها ..
غير قبض الزكاة ..
وحيض النساء.


وكنت معي
حين أبكتني بغداد في عرسها ..
كان صوت المغني ..
يهرولُ خلف التوابيت في المقبرة .
وخلفي ..
(( احنا مشينا للحرب ))*

نعطل سيف عليٍّ وآياته ..
ثم نتبعُ منْ في السقيفةِ ..
حتى يكون لنا في الولاية ...
فوق رقاب العبيد نصيبٌ ..
وفي ذمة الله يوماً نصيب.
فمن كان يشهد صفين ..
يعرف أن لهم في عبور الفراتِ مآرب شتى.
وأن لهم في الطريقِ إلى حانةٍ ..
في الرشيدِ* قنانٍ ..
من الخمرِ ممزوجةٍ بالدماء.

وكنت معي
حين مالتْ عليَّ الجموعُ ..
الغزاةُ ..
وكان الفراتُ يسيرُ الى الهورِ* منكسراً ..
والطيورُ تغادرُ اعشاشها ..
حين جفتْ مياهُ الجنوبِ ..
وودعنا اللهُ ..
والاغنيات.

اكادُ اشمُّ جحافل ابناءنا القادمين حفاةً ..
يهيمون في البردِ لا يتقون الرصاص ..
وهم يشربون الشتاء.
اكادُ ارى وجه أمي الذي لم يرَ الابتسامة يوماً ..
يبخرُ أحزانه في مقام الحسينِ ..
ويختمها بالبكاء.


نزور المقابرَ..
علّ المقابرُ
تخبرنا عن خواء البيوت التي اُطفات ذات يومٍ ..
ونعبرُ للموت محتفلين بوادي السلام ..
ومجتمعين على املٍ في اللقاء.


اكادُ ارى وطني ميتاً ..
وهو يحبو على طرقاتِ الجحيمِ إلى الهاوية.
واسمع ابناءهُ في القبورِ..
وهم يلعنون السماء.
ارى وطني غائباً عن حضور الوليمة ..
حيث الوليمة تسحقنا مرغمين ..
بلا قدرٍ او قضاء.


وتعبرني الطائراتُ ..
إلى أين يتجه المدُّ ..
ما كنت اعرف حجم الخسارة ..
فالبحرُ علمني أن اعود اليهِ ..
وأنت معي دائماً ..
غير اني نسيتكِ في البرد دون غطاء.

وكنت معي
صوت اغنيةٍ ...
في اسطوانة عمري الذي بيع كالخردواتِ ..
بسوق النخاسةِ ..
يقذفني الهمُ ذات اليمينِ ..
وذات الشمالِ ..
ويبسط قلبي ذراعيهِ ..
محتفلاً بالذين يعودون للكهفِ جهراً ..
وبالقادمين ..
على ظهر ناقة صالح ..
هم ذبحوا بعضهم حين ولّوهُ امر المدينة ..
هم اشركوا هبلاً في الصلاة.
وهم اشعلوا النار حول الخليج.
فمن اين تبتدأ الحرب ..
من اين يخرج ياجوج ..
من اي بابٍ ..
سيدخل نيرون كي يوقظ النار في شرق بغداد
او غربها ..
اكان اختياراً لنا كل هذا الدمار .؟
اكان انتحاراً لنا كل هذا الخراب ...؟
سيجلبهم للمدينة (( يحفظه الله )) من كلِّ سوءٍ ..
على ظهر دبابةٍ ..
تسحق الواقفين على جانبيّ الطريق ..
ويتركهم للعراء.

والجيش يقصفنا بالمدافع*: اشارة الى الانتفاضة الشعبية1991 وضرب مقام الحسين (ع) من قبل حرس الطاغية صدام.
(( احنا مشينا للحرب ))*: من اغاني الحرب العراقية الايرانية.
الرشيد*: شارع مشهور في بغداد.
الهورِ*: مسطحات مائية في جنوب العراق جفّفها الطاغية.
وادي السلام : مقبرة النجف الاشرف.


حيدر كامل



#حيدر_كامل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى شهيد العراق ((علي رشم))
- مع الحسين ابكي العراق
- وكم يدعون علياً ..
- إلى سيدي الحسين(ع) مع الإعتذار
- مهلاً يا عبد الرزاق
- تباً يا وطن
- فأبي كان العراق
- مواسم المدد (( في البدء كان العراق))
- أمدُّ عروقي
- سأصليه سقر
- لسان حال الوهابي (( انا ضد الارهاب ))
- عرّاب الدوحة القطرية
- نبؤة لمليك وهابي
- مطر الهي الحنان ((امي))
- مواسم الحصاد ((سبايكر يعانق بادوش))
- رسالة عاجلة الى البرلمان .... العراقي
- بيض الملوك
- داعش يفتي في الميدان
- تداعيات على ابواب المهزلة
- احجية المدن السومرية


المزيد.....




- المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها ...
- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر كامل - قراءة في مقبرة جماعية