أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - في قباء الكوابيس














المزيد.....

في قباء الكوابيس


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4627 - 2014 / 11 / 8 - 09:37
المحور: الادب والفن
    


عند منتصف الفراغ يهبط الليل بصمته، اقترب أكثر من فانوس شحيح ضوئه ، لاشيء سوى صفير يعبث برأسي ،وموجة برد تراقص أطرافي النحيلة ، أحرك أشياءً مهملة ، أفتعل ضجة ،أدس جبيني بين يدي كي اتسربل ذاكرتي ، أو أحلّق في عوالم يخيل إليّ أنها موجودة . أصحو على وقع أقدام خلف الباب ، أترقبه بحذر شديد،رائحة مخاوف تهزمني ، تقلقني ، ( يا ترى من خلف الباب في مثل هذه الساعة المتأخره ) ، أستجير بخطواتي ، أمدّ بصري من خلف النافذة ، لاشيء يدعو للريبة . صوت الصراصير يتحسس صمتي دون استئذان يختلط مع الصفير العابث بمسمعي ، ماكان منّي إلا أن أحرك رأسي ذات اليمين والشمال ، أطوي وسادتي وأحلم بوهم امرأة تمنحي بعض خصلات شعرها وطرف من أحلامها ، أغيب في ضباب كثيف ،أهتز طرباً،فتراني ثملاً طوحته أول نشوة عند طرف سريرها المتدثّر بعطر أنفاسها الملتهبة ، أستلقي على شهقة عناق تندلق من أعماقي . أناملي المرتعشة بصدى الأحلام تعبث بأوراقي المتناثرة فوق سجادة مزركشة بظلّ عقيم ،أرتدي رائحة الخيال وأحلّق عالياً في سمائي وأنا أتلو نشيد الندامى ،ندامى غادروا مبكرين نحو عوالم منسيّة ،اتبعثر كحفنة رماد في فراغٍ من قلق حين فرّ الضوء الشحيح من فانوسي الصدأ ، أشيّع صمتي في موكب الليل المحنّط بالعتمة، الفراغ مزدحم بخليط من أصوات لاأعرف مصدرها ، تهب من جميع الجهات . حشد من السحالي والحشرات تحتفي بموت كائن غريب ، تقترب أكثر منّي، تهبط من سقف الغرفة دمية تنبش بأظفارها ما تبقى من الكائن الغريب بعدما هربت جموع السحالي والحشرات، ينشقّ الجدار ، هوة عميقة تبتلع الدمية ، كوابيس تعتلي رعشتي وارتجافي ، ارتمي وسط موجة من هذيان كجثة هامدة وسط أسمالي المبتلّة بالرعب. سلالم من وجع تدثر بقاياي المرمية على أسفلت الطريق ، ألملم أشلائي فزعاً أبحث عن طرفي ، أزحف خلف بعض أناملي ،أتمرّغ في دمي المسفوح على أطراف الرصيف ، تتلمظ عاهاتي وسط صراخ يصرعني عند طرف شجرة يابسة اتخذت شكل صندوق من خشب ، مليء بديدان غريبة بدأت تترك آثارها على جسدي المختنق بروائح كريهة . ما كان مني إلّا أن أستعين بموسيقى جنائزية تنبثق من صدى زوبعة أدعية وتكبير ، لا أشك في الأمر أنه ذات التكبير البارع ببعثرة ضوء فانوسي الشحيح على بلاط سكون ليلتي ، ولمّا تجف أحلامي بعد . ألعق الفراغ المتّشح بالأهوال وأختزن المجهول في قراطيس صغاري الذين لم أمنحهم وداعاً ، وأستعجل دموعي الهاطلة على ضفة وديعة مرصّعة بالنسيان ، كلّ شيء هجرني ، أمسيت مطوياً تحت رداء وحدتي ، مركوناً في جحيم الأنتظار ، أتوضأ بكوابيس مفعمة بالفزع ،أشمّ رائحة أهازيج ذات خريف ،يحملني قرباناً لآلهة مقنّعة بالتجهم تتلوا سيرة كفري، تطقطق بعبث متسوّل يتهدّج بالهرج ، وقبل أن يمسّ صراخي ،خلعتني وقع الأقدام خلف الباب مرة أخرى وسط جلبة تتأمل سخف الهذيان على جبيني المندسّ بين يدي ، لأصحو على مواء قطة يعبث ذيلها بوجهي ،تمنحني بعض الدفء ، ابتسم لها أمسح على رأسها، تندسّ بهدوء شديد تحت فراشي .



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفيف التجلي
- عند منعطف النسيان
- لمّا أوغلَ فيَّ الفراغ
- في مُقام التجلي
- بيادق محنّطة بالغياب
- للهذيان قامة
- حين أعياهُ العدّ
- ماذا بعد انتخابات 2014
- ترنيمة انتظار
- ( محجر رقم 1 ) - قصة قصيرة -
- اللمسة الأخيرة - قصة قصيرة -
- قلبُ أمّي لم تخنْهُ النظرة - قصة قصيرة-
- خطوة على الطريق - قصة قصيرة-
- فلنرجم كلّ الفاسدين بإصواتنا
- إنّهُ يرتّلُ أنفاسي - قصة قصيرة -
- ليلة احتضار النور - قصة قصيرة-
- ذاكرة معلّقة بصلعة الجحيم _ قصة قصيرة _
- كان الصوتُ ساخراً -قصيدة -
- ثقوب الذاكرة - قصة قصيرة -
- بقايا خطى عابرة - قصيدة -


المزيد.....




- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - في قباء الكوابيس