أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - رفيف التجلي














المزيد.....

رفيف التجلي


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4599 - 2014 / 10 / 10 - 11:03
المحور: الادب والفن
    


رفيف التجلي
_____________
في تمام الفراغ ... تمام التيه ، وعند منتصف الهيام بعدما ملأ الشيب خافقي ، ورأيتني وحيداً متوجعاً ، تحرسني أطياف الغربة ، مطوقاً بأسر السنين ، عصفَ بقلبي الحنين لأيام خلت، رحت أقلب وجوه العابرين وهي تصبو لعوالم وأمكنة ومواعيد ، لم تنكرني من قبل ،تلف ملامحي بأضوائها ، تنثل ببريق الغنج فوق كلماتي الآسرة لقلوب خافقة بالعشق ... لقد أدمنت من قبل تلك الأزقة والدروب، واليوم أراها تنكر خطواتي ، وتنكر عيني ملامح الغربة ، كل شيء غريب إلا الذكريات ، ذكريات تبوح بجمال المكان الذي استقبلني بأطلاله الراقدة على حافة الخراب ، المساء يحملني عطشاً ، يحلّق بي في عتمة من أنين ، وقبل أول منعطف يرقد في دفقة مطر استوقفتني حانة قديمة تعانق طرف نهرٍ غادر ضفافه حين تعثر بالجفاف ، طرقت بابها ... باب خمورها . الحانة تمس طيفها ، تفتح ذراعَي نافذةٍ من بوح ، الهمس يتسلق معارج حقول العشق .. كان النبيذ أنهاراً من ذكرى ... أنهاراً من وجعٍ لذيذ ، وأسى شفيف . الخطى كلّها : لاهثة .. تائهة ، تطرق باب الحانات واحدة تلو الأخرى . نادلٌ أنيق خلف الطاولة ينقرها بأنامل من دخان... يفزّ السكارى بطيفك عند دموع غيمة عابرة شفّت عن حزنها .صاحوا بصوت واحد :
- نعم سيدي النادل .
- أرووا عطشي من دموع تلك الغيمة العابرة.
ما لي أرى كلّ شيء بالمقلوب قبل أن أحتسي رفيف نشوتها ؟.
- سيدي النادل ألا سقيتني قوافيها .
ورحت أعبّ كأس المنى ، كأساً بعد آخر..أسكب فتنتها في ثنايا الحريق.. ولمّا شفّ الليلُ عن دجاه جال في الأرجاء خدر وطاف بي نعاس حين وخزني القرب ... الحانة تنوء بالهيام.. أنتصبُ دهشة حين طال الإنتظار وأنا تراني أطوف في الأرجاء ، أبحث عنك.. أتجشأ بعضي ،وفي غياب الحضور أراني أحبس رغبتي وسط سماء من ذهول،كنت وما زلت أبحث عنك.. أنت هنا ، لا هناك..ربما في كل مكان ، بل في كل مكان... سوف لا أغادر حانتي فأنت هنا... جدائل نشوتك تهزني، تراقص المكان..عطرك.. آه من عطرك يعبث بأنفاسي.. لونك الأبيض.. أبيض مثل حليب الأمهات يرتشف شفتيّ... أقتربي أكثر من ثرثرتي.. مازلتُ أراكِ تشعّينَ في كأسٍ من شهوة أو من لذة..أراك كؤوساً من رغبة تملأ العين سحراً ، رغبة تحلّق في عوالم أخرى ..أكاد لا أرى سوى ضباب كثيف لكنّه جميل ..أتجشأ بعضي الآخر ..أصابتني الدهشة لمّا حدّقتُ في مرآة الحانة.. لم أكن أنا موجوداً حين تجشأت ما تبقى مني.. هل أنا غير موجود ؟
-سيدي النادل.. ألا سقيتني من رضاب قوافيها... لا أثرَ لغيري.. ربما كانوا أشباحاً..صوت النادل يأتي من خلف الطاولة :
- لم يبقَ غيرك .
- والندامى . أين الندامى ؟
أسقطُ خلفَ الصوتِ حفنةً من تجلي . يحملني الوَلهُ إليها :
- ألم تكنْ هنا .
- حذارِ، لا تفقد خطواتك ، كانت هنا منذ كأسين....



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عند منعطف النسيان
- لمّا أوغلَ فيَّ الفراغ
- في مُقام التجلي
- بيادق محنّطة بالغياب
- للهذيان قامة
- حين أعياهُ العدّ
- ماذا بعد انتخابات 2014
- ترنيمة انتظار
- ( محجر رقم 1 ) - قصة قصيرة -
- اللمسة الأخيرة - قصة قصيرة -
- قلبُ أمّي لم تخنْهُ النظرة - قصة قصيرة-
- خطوة على الطريق - قصة قصيرة-
- فلنرجم كلّ الفاسدين بإصواتنا
- إنّهُ يرتّلُ أنفاسي - قصة قصيرة -
- ليلة احتضار النور - قصة قصيرة-
- ذاكرة معلّقة بصلعة الجحيم _ قصة قصيرة _
- كان الصوتُ ساخراً -قصيدة -
- ثقوب الذاكرة - قصة قصيرة -
- بقايا خطى عابرة - قصيدة -
- ( غرب الخوف ) - قصة قصيرة -


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - رفيف التجلي