|
عشية عيد الحب -4-
كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 4626 - 2014 / 11 / 7 - 18:46
المحور:
الادب والفن
و كأنها أرادت أن تفتح معي موضوعا ينغص عليها أيامها سألتني مستنكرة:- و لكن ما رأيك في هذه التهديدات التي تطال المبدعين اليوم في تونس...تصوري أنني في الأسبوع الماضي عندما وضعت لوحة رسمتها بنفسي على واجهة المكتبة. جاءني سلفي بلحية كثة و بثوب أفغاني طويل و طلب مني و بكل ثقة في النفس، أن أرفعها فورا من الواجهة! -أنت رسامة إذن؟ أسعدني الأمر فقلت لها شبه مواسية: كان الله في عونك فأن تكوني امرأة عربية فذلك عذاب لوحده أما أن تكوني أيضا فنّانة فهو العذاب المضاعف مرّات و مرّات. قالت:- أنا لا أعترف بالفرق بين الرجل و المرأة في الفن، فالفنان هو الإنسان بنصفيه في معاناته و لو كان هؤلاء الملاعين يدركون بحق حجم معاناته و فائض حساسيته و إحساسه لما كانوا يُنكّلون به هكذا؟؟؟ قلت و الخوف من الآتي يسبقني:- مازلنا سنرى الويلات، فالطريق إلى الحرية يبدو طويلا جدا و كله مزالق و مطبات مهلكة... و لكن، سألتها،: هل تظني أن هذا السلفي و أمثاله لا يطربون للفن الجميل؟ أجابت برقة فنانة:- إنهم بشر و في لحظات الضعف الإنساني يفرض الفن الصادق نفسه عليهم و لكنهم يكابرون بل و يكذّبون حتى أنفسهم و أحاسيسهم و التي هي في الأول و الأخير قاسم مشترك بين الناس جميعا في كل زمان و مكان. - ذلك لأنهم ضحايا الايديولوجيات المتشددة التي لا تتبعها إلا أقلية تريد دائما أن تجلب لها الأنظار بعد أن عجزت عن فرض نجاحها بين الناس. - فعلا و لذلك هم لا يكلموننا إلا بلغة الذبح و سفك الدماء كما ليرعبوننا و يشلّون عزائمنا و لكني على عكس ما يتمنون، قررت أن أبقي على اللوحة في مكانها ...تعالي...انظري ها هي، ما رأيك فيها ؟ إنها صورة لطفلة في طور البلوغ تضع يديها على صدرها تتحسس المتغيرات التي طرأت على جسدها الطري. - فعلا إنها جميلة. و أعتقد أن الأجمل منها هو شجاعتك و إصرارك على المحافظة عليها في مكانها. -الفنان لا يكون فنّانا إذا لم يدافع عن الفن الذي يجري في عروقه و إلا فان تاريخ الفن هو من سيسقطه من حسابه. أنا أعتبر أن الفنان هو أكبر مجاهد و أقوى محارب في سبيل إعلاء قيم الحب و الحرية و الجمال. سألتها: ألم يعد إليك ذلك السلفي؟ قالت:- لم يعد و لكنه هددني بالويل و الثبور و كأنني ارتكبت إثما و الحال أنني لم أفعل سوى أن نقلت على اللوحة إحساسي فكيف لإحساسي أن يكون آثما؟؟ - أتعرفين ما يحزنني حقا في الموضوع ؟ أن كثيرا من هؤلاء الذين لبسوا لحية السلفية، موضة هذه الأيام، هم في الأصل فنانين لكنهم أجبروا على وأد مواهبهم عندما تم حشو رؤوسهم بفكرة الحرام و لا شيء سواها. ماذا سيفعل الفنان إذا اقتنع أن الفن حرام؟ أكيد أنه سيقتل موهبته قهرا و عندها سيهون عليه قتل الآخرين إذا لم يفعلوا مثله. و في الحقيقة هو لن يقتلهم لأنهم اعتدوا على الأخلاق و الدين كما يتصور بل لسبب نفسي عميق هو نفسه قد لا يعيه. - فعلا، فأنا لو منعوني من الرسم فسوف أقتلهم واحدا واحدا لأن في الرسم حياتي و لن أقبل أن أتنازل لهم عنها فالحياة عزيزة و إما أن نحياها بعزة و إلا فإنها و الموت سواء. واصلت تقول بحماس طاغ: - لقد أطردت ذلك السلفي شرّ طردة من المكتبة و كنت سأمزقه بأسناني لولا أنه هرب خجلا و اختفى وراء الحائط المقابل بعدما لاحقته إلى الشارع و أنا أصيح و أسبه بمثل سبابه الذي ابتدأني به. في الحقيقة كنت خائفة منه في البداية خاصة بعد أن سمعت بما فعلوه في بعض المعاهد و الجامعات من اعتداء على الأساتذة و التجهيزات و لكن سرعان ما غلي الدم في عروقي عندما أمرني برفعها فورا و كيف لي أن أفعل و أنا التي قضيت زمنا و تعبا في رسمها.
*يتبع*
مارس2012
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشية عيد الحب -3-
-
عشيّة عيد الحب-2-
-
عشيّة عيد الحب -1-
-
* ونّاسة الكنّاسة*
-
و في جوره لا تُجاريه
-
..و لا أنت في الموت
-
في صحة المحتل !
-
لو كان حقا رآني...
-
أفي الحبِّ..تُكابرْ؟!
-
لن أبيع لحمي-الأخيرة-
-
لن أبيع لحمي-17-
-
لن أبيع لحمي-16-
-
آمال كربول...أنتِ رجلُ المرحلة‼-;-
-
لن أبيع لحمي-15-
-
لن أبيع لحمي-14-
-
لن أبيع لحمي-13-
-
لن أبيع لحمي -12-
-
لن أبيع لحمي-11-
-
لن أبيع لحمي -10-
-
و لن أجيبك
المزيد.....
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
-
فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد
...
-
رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر
...
-
تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ
...
-
مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من
...
-
فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي
...
-
“ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام
...
-
محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|