أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - واشنطن ومبدأ راعي البقر















المزيد.....

واشنطن ومبدأ راعي البقر


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 22:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مضى ما يُقارب الأربع سنوات من المحن والمآسي التي تعرضت لها بلادنا ومنطقة شرق المتوسط نتيجة الفتن الطائفية والقومية التي زرعها الاحتلال الأمريكي للعراق، وأججت نيرانها تدخلات قوى إقليمية في الأزمة السورية رأت أن من مصلحتها اللعب على هذه الأوتار الحساسة خدمة لمشاريعها ومخططاتها في المنطقة.
فهذه القوى الإقليمية اتفقت على مبدأ إسقاط الحكومة الوطنية في دمشق لكنها اختلفت على طبيعة النظام الجديد الذي سيرث دمشق ودوره في المنطقة وشكل نظام الحكم الذي سيؤسسه. الأمر الذي أدى إلى نشوب صراعات طاحنة بين دمى هذه القوى على الأرض، كان من إفرازاته ظهور تنظيم (داعش) الذي استخدمه العثمانيون الجدد أداة لتحقيق مخططاتهم في المنطقة.
خلال هذه الفترة، غضت واشنطن النظر عما يحدث في المنطقة من جرائم وحشية وإبادة بشرية، فكل ما يحدث في المنطقة كان يصب في مصلحتها. فهي من جهة تستنزف خصميها الرئيسيين، روسيا الاتحادية وإيران، ومن جهة أخرى تنصب الفخ لحلفائها الإقليميين كي لا يتجاوزوا الحدود المرسومة لهم في المخططات الأمريكية. فواشنطن حولت تركيا إلى باكستان ثانية قد تتحول في أي لحظة إلى دولة فاشلة، ترتع فيها التنظيمات الإرهابية، إن تمادى العثمانيون الجدد في حلمهم المجنون، وقد تستخدم ورقة دعم التنظيمات الإرهابية في وجه شيوخ الخليج في أي لحظة، وما التقارير التي بدأت تظهر في الصحف العالمية والتي تتحدث عن دعم هؤلاء الشيوخ للإرهاب إلا البداية.
فالمطلوب من أحفاد السلاجقة والعثمانيين كان تقديم نموذج للإسلام يُمكن تعميمه في أوربا ومنطقة الشرق الأوسط، حتى تستطيع أوربا دمج المهاجرين إليها من العالم الإسلامي، بعد أن ظهرت لديهم أزمة هوية حادة أدت إلى مشاكل في اندماجهم في المجتمع الغربي، وكان من نتائجها الانعكاسية:
* استغلال النازيين الجدد في أوربا، هذه الظاهرة، ما أدى إلى دق ناقوس الخطر في واشنطن خوفاً من وصول هؤلاء إلى سدة الحكم في أوربا وتأثيرهم على مفهوم العولمة النيوليبرالية التي تُبشر بها واشنطن.
* تسهيل وصول الإسلاميين إلى الحكم في الشرق الأوسط، من جهة أخرى، لوضع حد للتيارات القومية واليسارية التي لا تزال ترى، حتى هذه اللحظة، في موسكو الحليف الطبيعي لها في وجه المشروع الأمريكي - الصهيوني في المنطقة.
* استخدام النزعة القومية التركية في محاولة لتفتيت إيران من الداخل عبر البوابة الأذربيجانية.
أما بالنسبة للحليف السعودي - الوهابي فكان المطلوب منه تقديم قراءة للإسلام الجهادي تستفيد منها واشنطن في مقارعة القيصر الروسي في آسيا الوسطى والقوقاز، وخلخلة البيت الصيني الداخلي في تركمانستان الشرقية، وتستخدمه عصا في وجه الهند إن تمادت في التمرد على البيت الأبيض. إضافة إلى ضرب ركائز النفوذ الروسي والصيني وحتى الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
هذان الحليفان دخلا في صراع إلغاء أحدهما ضد الآخر، فالاثنان يحملان من أحقاد التاريخ ما ينوء كاهل البشرية بحمله. أنقرة لا تزال ترى في آل سعود عشيرة متمردة على الباب العالي يجب تأديبها وإعادتها إلى الحظيرة السلطانية، والعشيرة لم تنس حتى الآن تدمير مدينتها (الدرعية) وقتل أفرادها وإعدام زعيمها في القرن التاسع عشر. ومن أجل ذلك، دعمت الرياض الثورة الشعبية ضد حكم الإخوان المسلمين في مصر، الأمر الذي أفقد أردوغان صوابه وأصبح التنديد بمصر وحكومتها الجديدة هو اللازمة لأي خطاب يُلقيه. ودخل آل سعود، ومن ورائهم دول الخليج، في معركة لتحجيم نفوذ السلطان العثماني وخازن بيت ماله، الشيخ القطري، في سورية. استخدموا خلالها كل الوسائل الدنيئة من أجل الفوز بالمعركة، فجلبوا من شتى أصقاع الأرض كل مجرم سفاح وقاتل مأجور ومريض نفسي كي يمارسوا شذوذهم على الأرض السورية، مقدمين لهم كل الدعم المادي والتقني وحتى الديني من خلال فتاوى لا تمت إلى العقل والدين بصلة.
هذا الصراع أدى إلى خروج الأدوات التي استخدمتها واشنطن عن المخطط المرسوم لها، فبدأت تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة وتهز استقرار دول العالم من جهة أخرى، فالوحش التكفيري الذي أُطلق من قمقمه يُهدد بإعادة المنطقة إلى العصر الحجري وإدخال مدن أوربا والولايات المتحدة في دوامة العنف والدم. لذلك قرر سيد البيت الأبيض امتطاء جواده وتذخير سلاحه والدخول إلى ساحة المعركة، ممهّداً لها بتحالف الأربعين الذي أنشأه في جدة ومؤتمر باريس لدعم الحكومة العراقية في وجه الهجمة الداعشية.
راعي البقر الأمريكي، الذي يحكمه مبدأ (أطلق النار أولاً ثم ابحث عن الحلول لاحقاً)، وجد من الأنسب له، بعد أن مُسّ شرفه بقتل مواطنيه بهذه الطريقة الهمجية وتهديد مصالحه الاستراتيجية في المنطقة، أن يقلب الطاولة على رؤوس الجميع ويعيد رسم أولوياته في المنطقة، فأوعز إلى حلفائه الإنكليز بجس نبض إيران كي تنضم إلى حلفه وصرّح من على منبر الأمم المتحدة بأن الأزمة السورية لا تُحل إلا سياسياً، الأمر الذي شكّل صفعة قوية للسلطان العثماني وسائر رؤساء عشائر الخليج، فبعد موشح أن النظام فاقد للشرعية وأيامه معدودة، قرر البيت الأبيض تنظيم خلافه مع الحكومة السورية على أمل الوصول إلى تسوية تسمح بإشراك دمشق والقوى الداعمة لها في حلف مكافحة الإرهاب العالمي، كما ينصح بعض حلفاء واشنطن، إذ تعتبر دمشق وحلفاؤها أن هذه الضربات في غياب التنسيق الكامل مع الحكومة السورية، غير شرعية، بعد أن كانت حصيلة الغارات الجوية خلال المدة المنصرمة، إضافة إلى تدميرها مرتكزات اقتصادية هي مُلك للشعب السوري، لا تعادل حصيلة كمين واحد يُنفذه الجيش العربي السوري، بكلفة لا تُذكر. في الوقت الذي تعمل على تأسيس مراكز نفوذ لها في سورية المستقبل عن طريق تدريب مجموعات من (المعارضة المعتدلة).
مع ذلك علينا أن لا نثق كثيراً بهذه الانعطافة الأمريكية، فينما طائراتها تقصف من السماء، تعمل واشنطن على تكريس خطوط التقسيم على الأرض تحت مسميات رنانة (كالكونفدرالية)، إذ سيحافظ البيت الأبيض على شكل الدول الحالي ظاهراً في حين سيشجع كل المكونات الكبرى في المنطقة على طلب الإدارة الذاتية لمناطقها، أما الأقليات وسكان المناطق المختلطة فسيعمل على فرزهم وإعادة تجميعهم في مناطق معينة للنظر في أمرهم كما حدث في العراق.
المطلوب من الجميع اليوم أن يقدموا مصلحة الوطن العامة على مصلحة طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم الخاصة، لأننا قد نتمكن من إعادة بناء أوطاننا بالوعي والصبر والترفّع عن الصغائر، أما إن حركتنا الضغائن والغرائز والأحقاد، فإننا جميعاً سنخرج من التاريخ إلى الأبد.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أردوغان – أوغلو ... إلى أين تسير تركيا والمنطقة؟
- شياطين واشنطن وملائكة الجحيم
- ضحايا على مذبح لعبة الأمم - مصير الأقليات الدينية في الشرق
- ربيع أنقرة وخريف المنطقة
- يوميات مدينة منسية - الجزء الثاني
- يوميات مدينة منسية - الجزء الأول
- تداعيات إعلان الخلافة الإسلامية على دول المنطقة والعالم
- صراع القوى الإقليمية على رقعة الشطرنج العراقية
- ماذا يحدث في الموصل؟
- ليلة سقوط الموصل
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية -جمول-
- سورية ... والصراع على هوية الشرق الأوسط
- موسكو بكين.. القضاء على هيمنة القطب الواحد
- قراءة لبعض بنود بيان الحزب الشيوعي السوري الموحد الذي صدر تح ...
- مخاطر مزج الدين بالسياسة
- النازية ... الفاشية أصل كل الشرور
- مذابح -سيفو-... إحدى الفصول المنسية من تاريخ شعوب ضُحِّيِ به ...
- ترشّح المشير عبد الفتّاح السيسي ... بين المؤيد والمعارض ... ...
- امّرُؤ القيس ... التُرّكي
- الأرمن يُهجّرون من جديد


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - واشنطن ومبدأ راعي البقر