أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - امّرُؤ القيس ... التُرّكي














المزيد.....

امّرُؤ القيس ... التُرّكي


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أظهرت نتائج الانتخابات البلدية التُركية الأخيرة أن نسبةً لا يُسّتهانُ بها من الناخبين الأتراك مسّتَعِدّة لتمّجيد من يدّعي رفّعِ شِعار الإسلام (زوراً وبُهتاناً) ويعمل لتحقيق حلم العودة للدولة العلية، وإنّ كان حُكمه يُخالف أبسط مبادئ وحقوق الإنسان ولا تتماشى مع المعلوم من قواعد الفقه وأصول الدين بالضرورة، فقط، خوفاً من عودة العلمانيين للحكم في أنقرة.
هؤلاء الناخبون نسوا أن المرحلة العثمانية التي يطمح إسلاميو تركيا المعروفين باسم "العثمانيين الجدد" بالعودة إليها كانت المرحلة التي بلغ فيها الجهل والتخلف، في عموم منطقة الشرق الأوسط، درجة عصور الظلام ودخلنا على إثّرها مرحلة السُبات الفكري والثقافي والتي لا نزال نعاني من نتائجها الكارثية حتى الآن. وفي الوقت الذينفسه، كان السلاطين العثمانيين يتوارثون حكم البلاد والعباد، كابراً عن كابر، ويتمتعون بخيرات وأرزاق هذه الأرض الطيبة دون أن يهتمّوا بآلام وآمال، وأحزان وأتراح سكانها. فكان مصير هؤلاء المسّحوقين مرّتبطاً بشهوات ونزوات سلطان، لم يروه ولم يختاروه، يُصدر الأوامر السلطانية والرغبات الأميرية، وعلى الجميع السمع والطاعة والتنفيّذ، وإلا نالهم منه الويل والثبور وعظائم الأمور. لهذا عندما قام مصطفى كمال بإلغاء الخلافة العثمانية في 3 آذار 1924م، قال: لسنا عبيداً لأحد.
أتاتورك الذي وضع نُصّبَ عينيه مهمة تحديد طبيعة وهوية الدولة التركية الحديثة، عِبّرَ رؤية واضحة ودقيقة للقيم والمبادئ والأُسس التي يجب أن تُبّنى عليها هذه الدولة. وكانت رؤيته على الشكل التالي: يجب أن تكون تركيا دولة مستقلة، حديثة وعصرية، تُعنى بأسس الصناعة والزراعة، أوروبية التوجّه، قائمة على فصل الدين عن الدولة، تمتد على كامل إقليم الأناضول. لذلك كان على تركيا التخلي عن طموحها بإنشاء إمبراطورية شرقية إن أرادت أن تكّون لنفسها هوية غربية، عِمادُها المبدأ القومي وأساسها عِلماني. وكان تصوّر أتاتورك للمواطن في هذه الدولة كما يلي: هو المؤمن بالقومية التركية، المقيم في إقليم الأناضول، ذو توجّه غربي، يعتنق المفهوم العلماني للدولة. وفي محاولته لتعميّم هذا التصور قام أنصاره ومشايعيه بمحاولة تصفية كُّل من لا يتوافق مع هذه المعايير من باقي الأقليات الدينية والعرقية والمذهبية والقومية في تركيا.
هذا الإرث الأتاتوركي، بمحاسنه ومساوئه، أراد العثمانيون الجدد تدّميره والعودة إلى ما يعتبرونه "العصر الذهبي" للدولة العثمانية، متناسين أن شعوب المنطقة، ومن ضمنها الشعب التركي بمكوناته المختلفة،خاضت في طريقها من أجل نيل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية صراعاً طويلاً وقاسياً ودموياً مع أجدادهم، الذين مثّلوا لهم، في تلك الفترة، آية الظلم والاستبداد وأسوء صورة للبطش والطغيان وكانوا لهم بمثابة شياطين القمع والاستغلال، احتكروا مسيرة تاريخهم واحتقروا إنسانيتهم وتحكموا في مصيرهم.
هذا التاريخ يراه العثمانيين الجدد محض هواجس وأوهام، ومليء بالكذب والافتراء، عناوينه تؤدي للفوضى والهياج، كتبه الحاقدون عليهم وعلى أجدادهم. وفي المقابل يُقدم سدنة العثمانيون الجدد وكُهّانهم لشعوب المنطقة التاريخ الذي يرونه الصحيح والذي يُمثّل رواية الغالب الذي دوّنها بدموع ودماء المقهورين وزينها بصيحات وصرخات المعذبين والمسحوقين من أبناء هذه الأرض الأبية.
كل ذلك من أجل محاولة وضع "النير العثماني" من جديد على رقاب الشعب التركي، كي يحوّله من جديد إلى تُجار للموت ووكلاء للخراب ورسل للدمار باسم جلالة السلطان الذي هو دُمية بيد أمير الظلام الجالس في مكانٍ ما في هذا العالم يُحركها، وغيرها من الدمى، في سبيل تحقيق أهدافه ومخططاته.
يُحكى أن امرؤ القيس ذهب إلى القسطنطينية، عاصمة إحدى أكبر القوتين في العالم القديم في ذلك الوقت، طالباً المدد كي يستعيد مُلك أبيه الضائع ... وبعد أن أكرم القيصر وِفادته، أعانه بالمدد كي يُحقق هدفه وينال غايته ... وبينما هو في طريق العودة، إذ برسل القيصر يحملون لامرئ القيس هدية قيصر له، حُلّة مسمومة منسوجة بخيوط الذهب، وكتب القيصر إليه "إني أرسلت إليك حُلّتي التي كنت ألبسها، تكرُّمةً لك، فإذا وصلت إليك فألبسها باليمن والبركة، واكتب إلي بخبرك من منزلٍ إلى منزل". واشتد سرور امرؤ القيس بهذه الهدية ولبسها في الحال، فسرى في جسده السم الزًّعاف وتساقط جلده من أثر السم ومات ودُفِن على ما يُقال في أنقرة.
وعلى ما يبدو أن حُلّمَ الخلافة الذي داعي خيال العثمانيين الجدد، بوحيٍ من مكانٍ ما، قد يكون هو "حُلّة قيصر" التي ستُدمّر المنطقة ومن فيها حتى يتمكن شياطين الظلام من تحقيق أهدافهم بالسيطرة على خيرات وثروات هذه البلاد.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن يُهجّرون من جديد
- المسألة الأوكرانية ... والصراع على شبه جزيرة القرم
- نار تقسيم ... توقد الصراع بين قابيل وهابيل في تركيا
- تصّدع في البيت الخليجي ... قطر تُغرّد خارج السرب
- أحاديث شرقية
- الأزمة الفنزولية
- رقعة الشطرنج الأوكرانية
- حكومة المائة يوم في لبنان
- الصراع في جنوب السودان
- الصراع على أوكرانيا
- جنيف 2 في مرآة الصحافة العالمية
- قراءة حول مؤتمر جنيف 2
- مصر ... نحو إقرار خارطة طريق ترسم مستقبل البلاد
- المعركة الأخيرة لأردوغان
- تركيا ... الفساد يَهُزّ عرش أردوغان
- تونس ... اليسار إلى الأمام
- سقوط -النموذج التركي- داخلياً
- سقوط مخطط «بيغن – برافر» ... إلى حين!
- الأزمة التونسية إلى أين؟
- أسباب فشل -النموذج التركي- في البلاد العربية


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - امّرُؤ القيس ... التُرّكي