أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - الصراع في جنوب السودان















المزيد.....

الصراع في جنوب السودان


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 08:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جمهورية جنوب السودان، هي دولة تقع في وسط أفريقيا، وتعتبر مدينة جوبا عاصمتها وأكبر مدنها، ومن أهم مدنها واو وملكالور. تأسست جنوب السودان عندما استقلت عن السودان بعد استفتاء شعبي لسكان الجنوب أُعلنت نتائجه النهائية في شباط 2011، وتم الإعلان عن استقلال الكامل في 9 تموز 2011.
الطريق إلى الاستقلال
تضافرت مجموعة من العوامل على تقسيم السودان معنوياً قبل أن يصبح حدودياً في القرن التاسع عشر. فعندما استعمرت بريطانيا السودان عمدت إلى إظهار الاختلافات الإثنية واللغوية والعرقية والدينية، وفرّقت لندن في التعامل مع الجنوب والشمال في قضايا أهمها التعليم، فبدأت تظهر الاختلافات الثقافية وساد اعتقاد لدي الأوساط المسيحية في الجنوب أن الشماليين هم تجار رقيق. وبعد جلاء القوات بريطانيا وانفصال السودان عن مصر طالب الجنوبيون أن يكون لهم نظام خاص لهم داخل الدولة السودانية الموحدة، ولكن حكومة الخرطوم رفضت الاقتراح معللة بأنه قد يؤدي إلى انفصال الجنوب كتطور طبيعي.
ومنذ ذلك الوقت بدأت حدّة الخلافات بالتصاعد وانحدرت الأمور في البلاد نحو الصدام المسلح حتى يوم 9 كانون الثاني2005 حين وقعت الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا، والذي نصت بنوده على:
- حق تقرير المصير للجنوب عام 2011.
- إجراء انتخابات عامة علي كافة المستويات في مدة لا تتجاوز عام 2009.
- تقاسم السلطة بين الشمال والجنوب.
- تقاسم الثروة.
- إدارة المناطق المهملة بين الشمال والجنوب.
- الاتفاق على الترتيبات الأمنية بين قسمي السودان.
وقد تم الاستفتاء على تقرير المصير في 9 كانون الثاني 2011 وصوّت الجنوبيون بشبه إجماع كامل للانفصال عن الشمال.
كان واضحاً إن للصراع بين الشمال والجنوب أبعاداً دينية وعرقية واقتصادية واجتماعية ، وأدت كل تلك العوامل إلى أزمة حقيقية ذات تراكمات تاريخية وعززتها سياسات استعمارية، الأمر الذي أضفى على علاقة الجنوب بالشمال المزيد من التعقيد والتأزّم.
وكان الخلاف بين شمال السودان وجنوبه أكبر من النظر إليه باعتباره مسألة موارد وظلم اقتصادي وتهميش سياسي، بل تجاوز كل ذلك إلى تباين ثقافي واختلاف عرقي وصولاً إلى الصراع على الهوية الرئيسية والفرعية للإنسان السوداني. لأن جنوب السودان وشماله كانا مختلفين في كل العناصر الضرورية لتشكيل القومية الواحدة (اللغة، الدين، الثقافة، الأصل).
وكانت لمحاولات تسييس الدين من قبل بعض النخب السياسية الشمالية هو ما زاد من تفاقم الخلافات بين شطري السودان، والمدخل إلى بروز عنصر الدين كأحد العوامل المعمقة لحالة التباعد بينهما.
التحديات التي تواجهها دولة جنوب السودان
أن قدرة حكومة الجنوب على تحقيق التنمية الاقتصادية والاستثمار في قطاع البنية الأساسية بما يلبي حاجات وتطلعات شعب الجنوب يمثل أحد التحديات الكبرى لمرحلة ما بعد الاستقلال. بيد أن احتياطات الموارد الطبيعية الهائلة التي تزخر بها أرض جنوب السودان تمثل أساساً رصيناً للرخاء والتنمية الاقتصادية. على أن إدارة هذه الموارد بكفاءة وشفافية عالية تمثل تحدياً بحد ذاته. فقد تكرر حكومة جنوب السودان في هذا السياق ما أطلق عليه في الأدبيات السياسية الإفريقية لعنة الموارد الطبيعية والثروات الباطنية ، في الدلالة على استخدام الثروة المعدنية والنفطية في تمويل ممارسات فاسدة ودعم الصراعات المسلحة التي تسيطر على الواقع الإفريقي المعاصر.
وتشكل الصراعات القبلية والإثنية داخل الجنوب أحد التحديات الأمنية الكبرى. فقد تلجأ بعض الجماعات والأحزاب السياسية التي تم تهمِّيشها في إطار اتفاق نيفاشا إلى استغلال هذه الانقسامات وتسييسها لتحقيق مآربهم الخاصة، الأمر الذي قد يزداد خطورة في ظل عدم استكمال عمليات نزع أسلحة الكثير من بين أيادي هذه الجماعات والذي قد يمثل خطورة على الأمن والاستقرار الداخلي للمنطقة.
ويشير بعض الدارسين إلى وجود مخاطر أمنية خارجية تهدد إقليم جنوب السودان في حالة استقلاله، مثل: جماعات العنف الدولية ومافيات غسيل الأموال والاتجار في المخدرات والبشر والتي ستستغل حالة ضعف أجهزة الدولة الوليدة للقيام بعملياتها غير القانونية.
الصراع بين شريكي الحكم في السودان
بدأت الأمور بالتوتر في جنوب السودان منذ شهر تموز 2013 بعد أن أقال رئيس جنوب السودان سيلفا كير ميارديت نائبه ريك مشار، ليفجر الصراع المسلح صباح يوم الأحد 16 كانون الثاني 2013 عندما هاجمت قوات ترتدي الزي العسكري موقعين تابعين لحرس الرئاسة.
وفي اليوم التالي، خرج رئيس جنوب السودان ليعلن أن القوات الموالية له تمكنت من إحباط محاولة انقلاب خطط لها "أحد منافسيه السياسيين".
وكان قرار سيلفا كير إقالة نائبه قد أعقب انتقادات شعبية لأداء الحكومة وفشلها في تحسين الظروف المعيشية في البلاد التي تقوم بإنتاج النفط لكنها لا تمتلك طرقاً ممهدة إلا فيما ندر.
وكان مشار قد أعلن عزمه على خوض الانتخابات الرئاسية في المستقبل.
وبعد قبوله الفوري بإقالته اتهم مشار الرئيس سيلفا كير بممارسة السلطة بأسلوب ديكتاتوري.
من جانبه قال كير، قبل أسبوع من حدوث الانقلاب، إن بعض الرفاق يحاولون جر البلاد إلى ما كان عليه الوضع من انقسام بين فصائل جنوب السودان عام 1991.
وقد نفى النائب السابق لرئيس جنوب السودان ريك مشار الاتهامات المبطنة لوقوفه خلف محاولة الانقلاب التي أعلنت حكومة جنوب السودان عن إحباطها.
وقال، إن أعمال العنف التي اندلعت في العاصمة جوبا، تقع مسؤوليتها المباشرة على الرئيس سلفا كير. واتهمه بمحاولة تغطية فشل حكومته بالإيحاء بأن مشار يقف خلف المحاولة الانقلابية. كما أتهمه "بالتحريض على العنف القبلي والعرقي".
طبيعة الصراع في جنوب السودان
إن ما يحصل في جنوب السودان حلقةً جديدةً من مسلسل الصراع السياسي في الجنوب، بين تيار محافظ داخل حزب الحركة الشعبية بقيادة سلفا كير، وبين تيار آخر بقيادة ريك مشار، حيث اتهم جناح مشار كير بأنه يتبنى نهجًا ديكتاتوريّاً سلطويّاً في إدارة البلاد، في الوقت الذي يُنحّى فيه الحزبُ جانبًا، وينفرد بالسلطة.
ويعتبر هذا التيار، أن سلفا كير لم يكن الرجل الأمثل لقيادة البلاد بعد رحيل جون قرنق، حيث يأخذ عليه عدم امتلاكه للخبرة السياسية الكافية، حيث إنه لم يعمل أي عمل سياسي قبل أن يكون رئيساً لدولة الجنوب، بل اقتصرت خبرته على العمل الأمني فقط،، لكن في الوقت ذاته دعموه للوصول للسلطة في تلك المرحلة التي كانت تتسم بقدر كبير من عدم الاستقرار إبان بناء الدولة الوليدة، لكن يبدو أن سلفا كير قد استطاع خلال السنوات السابقة تحصين ذاته بشكل محكم، مما جعل مسألة الإطاحة به في غاية الصعوبة.
تداعيات هذا الصراع على جنوب السودان
أن جنوب السودان قد يدخل مرحلة الحرب الأهلية والقبلية، سيما مع انتماء سلفا كير لقبيلة الدينكا التي تمثل أكبر تجمع قبلي ليس في جنوب السودان فقط، وإنما في كل السودان. بينما ينتمي خصمه ريك مشار إلى قبيلة النوير، وهي ثاني أكبر قبيلة من حيث العدد، والمعروفة بشراستها القتالية. ذلك فضلا عن وجود 66 قبيلة في دولة جنوب السودان، مما يمكن أن يسفر انفجار الصراع إلى حرب أهلية طويلة المدى، ودخول الدولة الوليدة في دوامة عنف، لا سيما مع عدم اتخاذ أيٍّ من الطرفين خطوات جادة في عملية التفاوض نحو التوصل لتسوية تكبح استمرار الصراع المسلح، وسقوط القتلى والجرحى من الطرفين، مما يصعب عملية التفاوض المستقبلية.
موقف الحزب الشيوعي في جنوب السودان من الأزمة الحالية
بمناسبة الذكري الثانية للاستقلال أصدر الحزب الشيوعي بجنوب السودان بياناً شرح فيه مظاهر الأزمة بالجنوب واعتبر أن المخرج منها يتمثل في تكوين حكومة خلاص وطني تشترك فيها كل القوي السياسية وفق برنامج متفق عليه.
مقتطفات من البيان:
* الفساد اتسعت دائرته حتى شمل كل الكادر القيادي في الحكومة تقريباً . وأصبح فساداً ممنهجاً، قضى على الأخضر واليابس. فمصالح حيوية كثيرة للمواطنين تعطلت بسبب أن الأموال تمشى في غير وجهتها الحقيقية. والاجراءات التي تعلن من وقت لأخر وعلى قلتها لمحاسبة المفسدين أكدت الأيام عدم جدواها وعدم جديتها. فهي لا تعدو أن تكون ذراً للرماد في العيون ومحاولات لامتصاص سخط الجماهير. فقد أصبح كل مفسد في جنوب السودان واثقاً من أنه لن يصيبه شيء في نهاية المطاف وسيخرج من دائرة المحاسبة كالشعرة من العجين. ولم يعد هنالك من يضرب المثل للأخرين .
* الوضع الأمني أصبح يشكل خطراً كبيراً على المواطنين في كل أنحاء الجمهورية. وحتى داخل المدن فالحياة أصبحت لا تطاق ووزارة الداخلية أصبحت عاجزة تماماً عن حماية أرواح وممتلكات المواطنين، بل أن تهديد أمن المواطن أصبح ينطلق من داخلها .
* تجاوزات وانتهاكات عديدة لحقت بحقوق المواطن الجنوبي المنصوص عنها في الدستور الانتقالي. فقد جرى قمع المتظاهرين في ولاية بحر الغزال بشكل مفرط. والتعريض بالصحفيين وصل درجة الاغتيال بدم بارد. إصدار قانون إقصائي للأحزاب السياسية يحول جنوب السودان إلى دولة للحزب الواحد.
هذه هي الحصيلة الحقيقية والملموسة للحكومة خلال العامين الماضيين وما زاد الطين بلة دخول قيادات الحركة الشعبية في صراع محموم من أجل السلطة. وقد كثر الحديث عن انتخابات 2015م أكثر من الحديث عن المشاكل الحيوية التي يعاني منها السكان في جنوب السودان.
إذا استثنينا سنوات ما قبل الاستقلال، فقد فشلت الحركة الشعبية في العامين الماضيين في إدارة شؤون البلاد وفي خدمة مصالح شعبها. ولم يكن مستغرباً أن صنف جنوب السودان مؤخراً كرابع أفشل دولة في العالم. ولا نعتقد أن الحركة الشعبية يمكن أن تخرج من أزمتها الراهنة دون اللجوء لحكومة خلاص وطني تشارك فيها كل القوى السياسية وببرنامج يتم التوافق عليه . ولن يجدي نفعاً تكرار الحديث عن أن الحركة الشعبية قد وصلت للسلطة بإرادة شعبية فهي لم تفعل لهذا الشعب شيئاً.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع على أوكرانيا
- جنيف 2 في مرآة الصحافة العالمية
- قراءة حول مؤتمر جنيف 2
- مصر ... نحو إقرار خارطة طريق ترسم مستقبل البلاد
- المعركة الأخيرة لأردوغان
- تركيا ... الفساد يَهُزّ عرش أردوغان
- تونس ... اليسار إلى الأمام
- سقوط -النموذج التركي- داخلياً
- سقوط مخطط «بيغن – برافر» ... إلى حين!
- الأزمة التونسية إلى أين؟
- أسباب فشل -النموذج التركي- في البلاد العربية
- معارك آل سعود الكبرى
- ما هو مصير الإخوان المسلمين بعد سقوط حكم المرشد في مصر؟
- دوافع التدخّل... أسباب النجاح وعوامل الضعف السياسة الروسية ف ...
- سقوط النموذج التركي
- السعودية إلى أين؟
- إعادة رسم حدود الشرق الأوسط من جديد
- خواطر في الدين والسياسية
- السعودية ... ومعضلة البحث عن الدور الإقليمي
- المأزق السعودي ... والبئر العميق التركي


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - الصراع في جنوب السودان