أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - شياطين واشنطن وملائكة الجحيم














المزيد.....

شياطين واشنطن وملائكة الجحيم


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4584 - 2014 / 9 / 24 - 11:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أدركت واشنطن باكراً أنها بحاجة إلى عقيدة ونموذج وتحالف قوي، إن أرادت أن تنتصر على الاتحاد السوفيتي الذي أضحى القوى العظمى الثانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. فكان الحلم الأمريكي هو النموذج الذي بشّرت به هوليود شعوب العالم والذي داعب أحلام ومخيّلة أفراد كثر، ووجدت في العقيدة الدينية المقابل للمبادئ الماركسية اللينينية. وكانت فكرة إقامة التحالفات والمنظمات الدفاعية بهدف تطويق موسكو بالقواعد العسكرية، كي تمنعها من التمدد باتجاه المياه الدافئة ومنطقة الشرق الأوسط ووسط أوربا.
وفي هذه الأثناء أدركت واشنطن أهمية منطقة الشرق الأوسط بسبب سيطرتها على طرق التجارة العالمية، وللثروات الموجودة في باطنها والتي تشكل الاحتياط الاستراتيجي للاقتصاد العالمي. وقررت أن هذه المنطقة يجب أن تكون دائرة في فلكها ومحكومة بأنظمة تُدين بالسمع والطاعة لها.
هذا التزاوج بين العقيدة والنموذج إضافة إلى التحالف القوي اُستخدم في مناطق كثيرة حول العالم وفي أوقات مختلفة. بدءاً من الحرب الكورية مروراً بمحاولة تفكيك حلف وارسو ومكافحة النفوذ الشيوعي في أوربا، وقد كان للكنيسة الكاثوليكية دور بارز في ذلك، وصولاً إلى حرب أفغانستان، حيث تمّ تجنيد الألوف من الشباب المحبط في مختلف البلاد الإسلامية وإرساله إلى القتال هناك بحجة محاربة الكفار الشيوعيين، وانتهاءً بالحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 أيلول 2001 التي أدت إلى احتلال أفغانستان وتدمير العراق وإعادته إلى القرون الوسطى.
خلال هذه الفترة أدركت واشنطن أن الحلم الأمريكي غير قابل للتسويق في الشرق الأوسط، فرأت أنها بإمكانها استخدام الإسلام السياسي، كعقيدة، لأنه لا يتعارض مع فلسفة السوق النيو ليبرالية التي تبشّر بها، وتُداعب حلمه بإعادة إحياء دولة الخلافة بعد أن تمكنت بواسطة عُملائها من إعادة إنتاج الفكر الإسلامي ليداعب الغرائز ويعمل على الفتك بأرواح شعوب المنطقة وعقولها. وبهذه الطريقة تكون واشنطن قد خلقت وحشاً بشرياً يُقاتل بالنيابة عنها أعداءها، وعندما يحين الوقت تُظهره للعالم أجمع عدواً للإنسانية جمعاء.
استخدام واشنطن للإسلام السياسي والفكر الرجعي الذي كان يحكم بعض دول المنطقة لم يأتِ عن عبث. فقد تمكنت بواسطته من ضرب حركة التحرر والمد اليساري في آسيا وإفريقيا (نموذج نادي سفاري)، وخلخلت بنيان الدولة الوطنية في المنطقة عن طريق زرع بذور الفتنة الطائفية في بعضها وتحريك النزعات القومية والعرقية في بعضها الآخر، بواسطة عُملائها الذين زرعتهم في بعض مراكز صنع القرار في تلك الدول.
الفتنة الطائفية والنزاعات القومية والعرقية، إضافة إلى عملية القتل الممنهجة للحياة السياسية في المنطقة، جعلت الدين والمذهب والطائفة أو العشيرة والقومية هي الملجأ الوحيد لسكان المنطقة والهوية الأساسية المعبرة عنه، ما يُسّرع من تفتيت المنطقة إلى دويلات نتيجة الصراعات التي ستنشب بينها ويجعل من السيطرة على الكيانات التي ستنشأ سهلة، وبوسائل قليلة التكلفة، ويُظهر واشنطن، في الوقت نفسه، حامية للقيم الإنسانية والسلم الدولي عندما يحين وقت التدخّل، مع حلفائها، لوقف سفك الدماء في هذه المنطقة (كما حدث في يوغسلافيا سابقاً).
استخدام الإسلام السياسي في المنطقة أدى إلى عرقلة مسيرة شعوبها نحو العدالة والحرية والكرامة والتحرر الكامل من نير الاستعمار والإمبريالية وأدواتهم من القوى الرجعية. فقد حُرف الصراع العربي - الإسرائيلي إلى صراع إسلامي - إسرائيلي، فأخرجوا الأقليات من الصراع وهمّشوها، واستخدموا القضية الفلسطينية مطيّة لتحقيق أهدافهم بالسيطرة على دول معينة. وضُربت حركة التنمية في المنطقة نتيجة تحويل الصراع ضد قوى الاستغلال والرجعية إلى صراع ضد الدين، واعتبروا أن الأفكار القومية واليسارية تعادي الدين وتعمل على هدمه. وحاولوا القضاء على الحركة الفكرية والإبداعية فيها بجعل سكانها ينشغلون بسفاسف الأمور (كطقوس الطهارة من الجنابة ودخول الحمام).
وهكذا فإن الولايات المتحدة باستخدامها للإسلام السياسي بوجهيه (العثمانيون الجدد - الوهابية) أدخلت المنطقة في صراع طائفي - قومي مدمر، يحاول كل طرف إلغاء مخالفه عن طريق الإبادة، كما نشاهد في ليبيا وسورية والعراق. ذلك أن لكل من الطرفين طموحات وأهدافاً لا تتحقق إلا بإعادة رسم الخريطة الجغرافية والبشرية والدينية في المنطقة. وهذا الصراع يخدم مصالح صناع القرار في واشنطن، لأنه يعفيهم من القضاء على الوحوش البشرية التي صنعوها بعد أن تكون قد أدت خدمتها لهم، ويُظهرها كالمخلّص في عيون فئات كثيرة من أبناء الشرق.
إن سياسة البيت الأبيض في الشرق الأوسط التي أعادته إلى عصور الظلام، وأدت إلى انتشار العنف الأعمى بين سكانه وجعلت الحقد ضد الآخر يتصاعد بين جميع أطيافه، دفعت إبليس للتساؤل عما إن كان هناك شيطانٌ آخر يجلس في واشنطن يفوقه في القدرة ويعمل من غير علمه!



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضحايا على مذبح لعبة الأمم - مصير الأقليات الدينية في الشرق
- ربيع أنقرة وخريف المنطقة
- يوميات مدينة منسية - الجزء الثاني
- يوميات مدينة منسية - الجزء الأول
- تداعيات إعلان الخلافة الإسلامية على دول المنطقة والعالم
- صراع القوى الإقليمية على رقعة الشطرنج العراقية
- ماذا يحدث في الموصل؟
- ليلة سقوط الموصل
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية -جمول-
- سورية ... والصراع على هوية الشرق الأوسط
- موسكو بكين.. القضاء على هيمنة القطب الواحد
- قراءة لبعض بنود بيان الحزب الشيوعي السوري الموحد الذي صدر تح ...
- مخاطر مزج الدين بالسياسة
- النازية ... الفاشية أصل كل الشرور
- مذابح -سيفو-... إحدى الفصول المنسية من تاريخ شعوب ضُحِّيِ به ...
- ترشّح المشير عبد الفتّاح السيسي ... بين المؤيد والمعارض ... ...
- امّرُؤ القيس ... التُرّكي
- الأرمن يُهجّرون من جديد
- المسألة الأوكرانية ... والصراع على شبه جزيرة القرم
- نار تقسيم ... توقد الصراع بين قابيل وهابيل في تركيا


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - شياطين واشنطن وملائكة الجحيم