أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - مخاطر مزج الدين بالسياسة















المزيد.....

مخاطر مزج الدين بالسياسة


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4455 - 2014 / 5 / 16 - 23:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن مزج الدعوة الدينية بالأهداف السياسية ينتج عنه مزيج شديد الخطورة على المجتمع يهدد بنسفه من أساسه، لأن الدين ثابت بأصوله وفروعه، مبادئه معروفة أوامره واضحة، حلاله وحرامه بينّان، بينما السياسة متغيرة ومتبدلة حسب معطيات الظروف " سياسية - اقتصادية - اجتماعية " . والادعاء أن التعّبد إلى الله تعالى والامتثال لأوامره كفيل بحل كل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية وهموم حياتنا اليومية، هذا بالإضافة لكل المشاكل والأزمات السياسية التي تعصف بمنطقتنا، فيه من ضروب الجهل السياسي والجمود والتخّلف الفكري ما يكفي ويزيد، هذا أولاً .
أما ثانياً، فإن الحياة تغيرت وظروف المعيشة تعقّدت وما كان يمكن أن يوصف به الرجل في الماضي من سعة العلوم الدينية والدنيوية أصبح من المستحيلات، فلا يمكن أن نجد الآن رجل يفقه في الدين متمرس في الطب وفنونه، دارس للقانون والاقتصاد متبحّر في النظريات و الأصول و الفروع و المدارس. فالتخصص زحف على جميع أقسام العلوم الدنيوية، وأصبح المتخصص الجاد هو الذي يفاخر بأن موضوع تخصصه كرأس الدبوس،فكما جاء في المثل الإنجليزي الشخص الذي يعرف كل شيء هو شخص لا يعرف شيء، وما ينطبق على هذا ينطبق على ذاك، فحتى العلوم الدينية أصبحت تطلب التخصص.
ولكن ما نشاهده هذه الأيام من برامج ومحاضرات وأبحاث لرجال دين يتكلمون بكل شيء ويدلون برأيهم في كل كبيرة وصغيرة، حتى أصبحنا لا ندري هل هو رأي رجل الدين أم رأي الدين وشتان ما بين الرأيين. ولكن ما نلاحظه هو استغلال اسم الدين وقدسية مكان العبادة للتحدث بأمور دنيوية " الشأن العام و حتى الشأن الخاص " ناسين الآية الكريمة: (إن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا)- الجن الأية 18- وأصبح صوت المتحدث هو صوت الخير والفلاح كالصوت القادم من السماء والباقي شيطاني بما إنه يعارض صاحب الخطاب لا صاحب المكان " الذي هو الله " بما إن مكان العبادة هو بيت الله على الأرض في كل الأديان السماوية، وهنا مكمن الخطورة في هكذا أشخاص فهم يصلون إلى درجة من التقديس لدى أتباعهم ومناصريهم يجعلهم يعتبرون من خالفه في الرأي كمن خالف أوامر الله سبحانه وتعالى. وفي خضم شهوة السلطة هذه نسوا أو تناسوا الأية الكريمة التي نصت: ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ). - الغاشية الأية 21،22 -.
هذا التخبط الذي وقعت فيه القوى الدينية " بحسن النية أم بغير ذلك "، سندفع جميعاً ثمنه إن لم يكن على المدى القصير فعلى المدى الطويل، فالتيارات الدينية اكتسبت شعبيتها، لأنها كانت خارج السلطة ناقدة لها وهذا الخطأ الذي وقعت في الحكومات المتتالية على مدى الجغرافية العربية منذ الاستقلال حتى الآن، عندما وضعتهم خارج مجال اللعبة السياسية. فبرعت هذه التيارات بلعب دور الرجل الثاني الذي ينقض الواقع ويبدي رأيه بكل كبيرة و صغيرة محللاً ومناقشاً وهذا دور نحن السباقين فيه، فعبر استخدام شعارات براقة تداعب خيال رجل الشارع البسيط الذي يناضل ويكافح من أجل قوت يومه وتصور له اليوم التالي لوصولهم للسلطة اليوم الذي سينعم به باللبن والعسل، عملت هذه القوى على بناء قوتها في الشارع دون أن يكون لها برنامج سياسي واضح ذو خطة ومنهج اللهم استخدام عبارات دينية خارجة عن سياقها مجتزأة عن معناها. هذا الأمرأدى إلى إحداث شرخ بين الواقع والمأمول، الواقع السياسي والمأمول الديني في دخول الجنة يوم الحشر الأكبر يوم الثواب والعقاب. المأمول لا يحقق شيء على أرض الواقع وقد يحقق خسارة مؤكدة وكارثة محققة.
فالواقع هو الذي يتحدث ويفرض نفسه، وهو مرتبط بالجغرافيا والخرائط ، بالمكان والموقع، وقوة عسكرية موجودة وقدرة اقتصادية وعلمية متوفرة، وهذه غير متوفرة حتى الآن في بلادنا، حيث التنافر شعارنا والحقد والغيرة منهاجنا والتحارب الداخلي والعمالة للخارج تكتيكنا وإستراتجيتنا. وأفضل من وصّف ذلك هو أمين هويدي، مدير المخابرات المصرية السابق، في معرض حديثه عن موازين القوة في مجال السياسة عندما شبّه الواقع السياسي بالغابة التي تعيش فيها الحيوانات جنباً إلى جنب بعضها حقيقي وبعضها زائف ولكي نكشف موازين القوة يجب أن ننظر إلى أعمالها و أقوالها ... وهنا تظهر ملوك الغابة على حقيقتها دون زيف أو رياء ونكتشف القرود و الحمير دون أقنعة ومساحيق للتجميل، ويتم التعامل معها حسب مقامها الحقيقي. فالقرود تثير الضحك وتكون موضع للتندر والتسلية حتى عندما تكشر عن أنيابها مدّعية الجدّية والغضب. والحمير التي ضرب المثل بصبرها تراها تقضي وقتها دون هدف، صابرة ولا تدري لماذا ؟ حتى يحين وقت وضع السروج عليها للركوب أو لنقل البضائع.
ولأن سر التوازن في الغابة وعيش الحيوانات المتنافرة جنباً إلى جنب هو إنها تعيش في ظل القوانين الطبيعية الثابتة التي وضعها الله عزّ وجل ولذلك فإن سلالاتها باقية لا تنقرض فهناك ميزان دقيق يحكم دورة حياتها وينظم التفاوت في درجات قوتها. أما في الواقع السياسي فهذا التعايش غير مضمون لأن إنسان يعيش في ظل قوانين غامضة غير مستقرة لأنها من وضع بني جلدته، فالإنسان يخاف من ملوك الغابة، ويضحك من تصرفات القرود، ويركب على الحمير ... ووسط كل ذلك تختفي أمم وسلالات وتمحى من على الخرائط شعوب وبلاد وحضارات. وعلينا إن أردنا أن نعيش في هذا الكون أقوياء أن ندرس هذه القوانين ونستوعبها حتى نغيرها لمصلحتنا وإلا ظل الملك ملكاً والقرد قرداً والحمار حماراً !!! وتكون هذه الإندفاعة إلى السلطة من قبل التيارات الدينية هي ذروة الهجوم التي شرحها الجنرال كارل فون كلاوزفيتز في كتابه " عن الحرب " على الشكل التالي" هي أقصى حد يمكن أن يصل إليه المهاجم ومن بعدها تبدأ قوة اندفاعه بالتناقص حتى تنعدم وتصبح بعدها المبادرة بيد الخصم ". وما ينطبق على العمليات العسكرية يمكن إسقاطه على الصراعات السياسية على اعتبار أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى. ليبدأ بعدها الانحدار الذي دق ناقوس خطره مفكرون و سياسيون، محذرين من العودة إلى عصر القبائل المتناحرة والعشائر المتصارعة، بعد أن بدأت مخططات تقسيم المنطقة تظهر من جديد أولها خرائط برنارد ليفي وأخرها البنود السرية لمعاهدة سايكس بيكو التي إعيدت إلى الحياة من جديد والتي تهدف إلى عزل الساحل عن الداخل، ليكون في المناطق الساحلية " البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي " الغالبون أو من معهم، ويترك الداخل لتناقضات أهله وخلافاتهم حسب ما وضّحه محمد حسنين هيكل في الجزء الأول من كتابه المعنون " المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل ". وفي خضم كل هذا نجد من يجلس على مائدة أحفاد آل سعود وأل ثاني،ومن يحتمي بظلال التاج البريطاني، واعظاً باسم السلطان " الجالس في كعبة بعض العرب الجديدة - البيت الأبيض - "، ناشراً سموم الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، حالماً بشاعر يخلّد ذكره بقصيدة كالتي كان مطلعها:
بسيفك لا بسيف الإنكليزي
دخلت الشام إيزي ثم إيزي.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النازية ... الفاشية أصل كل الشرور
- مذابح -سيفو-... إحدى الفصول المنسية من تاريخ شعوب ضُحِّيِ به ...
- ترشّح المشير عبد الفتّاح السيسي ... بين المؤيد والمعارض ... ...
- امّرُؤ القيس ... التُرّكي
- الأرمن يُهجّرون من جديد
- المسألة الأوكرانية ... والصراع على شبه جزيرة القرم
- نار تقسيم ... توقد الصراع بين قابيل وهابيل في تركيا
- تصّدع في البيت الخليجي ... قطر تُغرّد خارج السرب
- أحاديث شرقية
- الأزمة الفنزولية
- رقعة الشطرنج الأوكرانية
- حكومة المائة يوم في لبنان
- الصراع في جنوب السودان
- الصراع على أوكرانيا
- جنيف 2 في مرآة الصحافة العالمية
- قراءة حول مؤتمر جنيف 2
- مصر ... نحو إقرار خارطة طريق ترسم مستقبل البلاد
- المعركة الأخيرة لأردوغان
- تركيا ... الفساد يَهُزّ عرش أردوغان
- تونس ... اليسار إلى الأمام


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - مخاطر مزج الدين بالسياسة