أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا درغام - الإبادة الأرمنية سنة 1915-2















المزيد.....

الإبادة الأرمنية سنة 1915-2


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 12:47
المحور: حقوق الانسان
    


غربي الأناضول وقيليقية
.............................
عندئذ، قطع برنامج النفي في أواخر يولية 1915 أشواطا كبيرة ، ولم يعد ثمة أرمن في تلك الولايات التي كانت الدول الأوربية تطالب الباب العالي دوما بإجراء الإصلاحات فيها. بيد أن الاتحاديين قلقوا من الأرمن قاطني غرب الأناضول وقيليقة . ومن ثم جاء دورهم منذ نهاية يولية 1915 .
هنا ، وقع الاتحاديون في تناقض صارخ ، فقد أقاموا ترحيل أرمن الولايات الشرقية بناء علي بديهية استراتيجية مؤداها : ان الحكومة العثمانية أرغمت علي نقل الأرمن الثائرين الذين يتدخلون في النشاطات العسكرية علي الجبهة القوقازية. والحال بالنسبة لترحيل أرمن غرب الأناضول وقيليقية يبقي دونما تبرير نظرا لوقوع هذه الجهات بعيدا عن جبهة القوقاز. ناهيك أن الأرمن يشكلون فيهما أقلية، ولم يكن الموقف يسمح لهم بالتجسس أو النشاط التخريبي أو مساعدة العدو.
ورغم هذا ، نفذت السلطات العثمانية حملة إبادة الأرمن غرب الأناضول وقيليقية ونظمت لهم عملية نفي حقيقية .وتجدر الإشارة إلي أن عملية النفي عن هذه الأماكن أضحت ممكنة بسبب توافر وسائل الاتصالات وطرق المواصلات والخطوط الحديدية ( برلين – بغداد) .وكانت هذه العملية منظمة بدقة؛ إذ أن خبرة الاتحاديين قد تراكمت إثر تجاربهم السابقة .زد هنا ، أنهم لم يكونوا متعجلين لأنهم أنجزوا فعليا الجزء الأكبر من العملية . أيضا ، كان الأرمن في هذه المناطق ميسوري الحال مما اقتضي منهم جهدا زائدا للضغط عليهم، ورغم أن العملية كانت تضارع سابقتها ، فإن السلطات قد اجتهدت في إضفاء مظهر الشرعية عليها.إذ بالمقارنة مع عمليات النفي الأولي التي اتسمت بالفوضوية والوحشية والقسوة والتخلف ، جاءت الثانية أكثر تطورا ومواراة.
وهكذا ، نفي الاتحاديون أرمن غرب الأناضول : حوالي "95" ألفا من ولاية أنقرة ، و"11" ألفا من قسطموني شمال ولاية أنقرة ، وامتد النفي إلي أرمن لواء قيصرية ، ثم ولاية بروصة شمال غرب الأناضول.
أما في مدينة أزمير ذات الطابع العالمي وجل سكانها من اليونانيين ، فقد كان لا يعيش بها إلا "15" ألف أرمينيا . وقد رفض واليها تنفيذ أوامر النفي خشية اندلاع القلق بين يونانيي المدينة ، ولم يعتقل سوي زعماء الأرمن وسياسييهم، ونفي "35"ألف أرمني ممن يقطنون أدرنة بين شهري أغسطس- أكتوبر 1915.وأنقذ "150" ألف أرمني سكنة الأستانة.
وفي قيليقية ، كان النفي قد بدأ من زيتون بولاية مرعش منذ أبريل حتي يونية 1915، ورافقه إخلاء الأرمن من المدن الجبلية وقراها إلي قونية : أي في الاتجاه المعاكس لطريق النفي التقليدي. وعاد المنفيون في أغسطس من قونية إلي قيليقية . ثم استؤنف النفي بدءا من 20يويلة، واستمر علي مراحل حتي أوائل سبتمبر 1915.
أيضا ، امتدت عمليات النفي إلي ولاية حلب العربية .بيد أن واليها قد تمكن من إنقاذ الأرمن حتي يولية 1915. وفي الرها ، شرقي ولاية حلب، قرر الأرمن ( حوالي 28 ألفا ) مقاومة تدابير النفي، فحصنوا أنفسهم في الأحياء الأرمنية منذ 20 أغسطس حتي 20سبتمبر 1915، بيد أن الجيش العثماني نجح في احتلال المدينة، ونصب مذبحة مروعة ، ونفي الناجين.
أما في جبل موسي " موسي داغ" جنوبي ولاية حلب ، فقد رفض أرمنه الانصياع لأمر النفي الصادر إليهم في 13 يولية 1915 . وعندئذ ، تحصنوا بالهضاب ، واتخذوا موقعا استراتيجيا ، ونظموا دفاعا بطوليا . وبعد خمسة وأربعين من الدفاع ، تمكنت السفن الفرنسية في البحر المتوسط من نقل أكثر من أربعة آلاف من أرمن موسي داغ إلي بورسعيد بمصر.
.............................
الحصاد الإبادي
.........................
اختار الاتحاديون ولاية حلب لتصفية برنامج النفي. بداية لم يستقر المنفيون في حلب، إنما جمعوا في معسكرات انتشرت في ضواحي المنطقة، ثم وزعت السلطات العثمانية المنفيين في مجموعات لترحيلهم إلي مكانين رئيسيين إلي الجنوب من سورية ، وإلي الشرق في اتجاه صحاري بلاد مابين النهرين
ومنذ أغسطس 1915 ، أقيمت معسكرات التجمع فعليا في حماة وحمص وعلي مقربة من دمشق. وقد ضمت هذه المعسكرات حوالي " 130" ألف أرمني لاجئين.كما امتدت المعسكرات علي طول الطرق وعلي ضفاف نهر الفرات حول المدن الصغيرة مثل مسكنة والرقة والزيارة والسبخة ودير الزور..
هنا ،قطع الناجون مسافة تجاوزت ألف كيلو مترا سيرا علي أقدامهم .لذا، فلا غرو أن أضحوا وكأنهم أشباح كائنات بشرية يتسولون قطرات مياه أو قشفات خبز أو حتي حفنات حشائش.لقد تركتهم الحكومة لتعمل قوانين الاختيار الطبيعي بحرية تامة. ومن ثم ، تضاءلت الآلاف إلي المئات بسرعة والمئات إلي عشرات.
بيد أن منطقة دير الزور ستبقي دوما في ذاكرة الإنسانية علي أنها أفظع مقابر الشعب الأرمني.فقد سار حوالي "30" ألف من الأرمن علي امتداد نهر الفرات إلي حافة الصحراء .حينئذ ، أرغمت الحكومة العثمانية الوالي علي تصفيتهم. وفعلا ، منذ أغسطس 1916 أرسلهم إلي الموصل. لكن صحاري السوار قد ابتلعت بعضهم، وجمع الآخرون في الكهوف حيث غمروا بالنفط وأحرقوا.
هذا ، وقد أقرت السلطات بأن عدا كبيرا من الأرمن المنفيين قد هربوا فاتخذت قرارها بتصفيتهم.وفعلا ، لم يبق في أواخر عام 1916 سوي "45 "ألف أرمني لاجئين كانوا في محنة شديدة.وألغيت المعسكرات المقامة علي امتداد نهر الفرات.وأبلغ القنصل الأمريكي في الموصل بأن عدد الأرمن الناجين بلغ "80" ألفا، وقدر القنصل الألماني في دمشق عددهم ب"30" ألفا.
وقد قدرت المنظمات الخيرية لإغاثة الأرمن عدد الناجين في مرعش ب"120" ألف حيث تجمع بها المنفيون من الساحل فضلا عن بضع مئات من مدن الأناضول الداخلية.
وعندما تضاف هذه الأرقام النقديرية إلي الأرمن الموجودين في المعسكرات الأخري بسورية، وإلي "150" ألف في الأستانة ، وإلي ال"200" ألف الذين لجأوا إلي القوقاز، نتوصل إلي أن عدد الناجين بلغ "600"ألف أرمني . ناهيك عن صعوبة تحديد أعداد النساء والأطفال الذين اختطفوا أو سلموا إلي العائلات التركية والعصابات ، ويمكن تقديرهم ب"200" ألف.
إذن وبتقدير منطقي ، يمكن الافتراض بأنه من أصل "2.100.000 " أرمني بالدولة العثمانية ، لم ينج سوي"600" ألف ، وقتل "700" ألف في الولايات الشرقية ، واختفي "600" ألف أثناء مسيرات النفي ، وخضع "200" ألف للتتريك.
ورغم أن هذه الأرقام تقريبية ، وربما مبالغ فيها ، ومن المستحيل أن نحدد بدقة عدد الضحايا ‘ فإنه في غياب الأرشيف أو سجلات النفي أو قوائم الحوادث، فإن فظاعة ماحدث للأرمن في الدولة العثمانية تنعكس من حقيقتين بسيطتين :
من المنظور الأرمني ، كان يعيش "2.100.000" أرمني في الدولة العثمانية بسلام في عام 1914. وفي عام 1917 ، كان أكثر من ثلثيهم قد أبيدوا، وانتشر الثلث المتبقي في المهجر يعاني من الخوف والفقر المدقع.
ومن المنظور التركي ، كان يعيش في الدولة عشية الحرب العالمية الأولي أكثر من "1.500.000" أرمني علي الأرجح ، وفي إثر الترحيلات والنفي والمذابح لن نجد منهم في عام 1917 سوي "70" ألفا.
وبذلك ، نجح الاتحاديون تماما في تصفية الأرمن من أراضيهم التاريخية التي قطنوها منذ ما ينيف علي ثلاثة آلاف سنة. ويكمن أساس هذه المأساة في تبني الاتحاديين المتعصبين قومية متطرفة، وليس في خيانة الأرمن كما ادعت السلطات العثمانية. وفي كلمة ، تطورت فكرة التخلص من الأرمن بشكل متواز مع اندفاع تنامي الطورانية.
وهكذا ، ارتكب الاتحاديون أول إبادة جنس جماعية Genocide في القرن العشرين باغتيالهم أمة الأرمن مع سبق الإصرار والترصد. وفي غرة يناير 1917 ، أنهت الحكومة العثمانية " القضية الأرمنية " وأبطلت المادة "16" من معاهدة برلين مدعية بانها عقيمة لا جدوي منها ؛ إذ لم يعد ثمة وجود للأرمن في الدولة العثمانية .



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإبادة الأرمنية سنة 1915-1
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 13
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 12
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 11
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 10
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 9
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 8
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 7
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 6
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 5
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 4
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 3
- شهادات عن مذابح الأرمن سنة 1915- فائز الغصين -2
- شهادات عن مذابح الأرمن سنة 1915- فائز الغصين -1
- شهادات عن مذابح الأرمن في أضنة وطرسوس في أبريل 1909
- شهادات أحياء ناجون من مذابح أضنى أبريل 1909
- شهادات عن الإبادة الأرمنية سنة 1915 – فائز الغصين
- المسرح الأرمنى القديم
- القضية الأرمنية في الدولة العثمانية ( 1887 -1923 )
- الأرمن والغرب والإسلام :جناة وضحايا و متهمون


المزيد.....




- إجلاء قسري لمئات المهاجرين الأفارقة من مخيمات في العاصمة الت ...
- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا درغام - الإبادة الأرمنية سنة 1915-2