أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - صلاة عيد الكبش














المزيد.....

صلاة عيد الكبش


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 4594 - 2014 / 10 / 5 - 14:37
المحور: الادب والفن
    


تورطت ذات صباح عيد في جدل مع ضيوف في مسائل دينية، كنت أتبنى نوعا من العقلانية الرشدية في الحوار لإقناع الأهل بأن الإسلام ليس هو ذلك التطرف الذي ركبه جزء من أبناء عم والدي، حيث أن التحية معنا نحن أهلهم كانت مع النساء تتم بوضع حجاب على الكف بشكل مستفز كما لو أن يديك ملطخة بالزفت، في الوقت الذي كان علي انا من عليه أن يحمل قفازا على حد تعبير نيتشة وكمامة على وجهه كلما ألقته الظروف بجماعة متدينة، حاولت في ذلك النقاش أن أكون وعظا في الوقت الذي نبهني أخي بأنه علي أن أنسحب حتى لا أتورط أكثر في جدال لا ينفع مع أهلنا ممن عمروا أكثر (كانوا بالتحديد أعمامي وجيراننا في القرية الصغيرة) أذكر أن كنت مقنعا جدا، حتى فقيه الحي، غير من لهجته القديمة نحوي عندما كنت طالبا مستفزا، أنظر إلى رجال الدين وأشير في وجههم بيدي الإثنتين إلى فوق رأسي معبرا لهم على أنهم أكباش بقرون، وكانوا كلما التقوا والدي اشتكوا له لسوء تقديري لهم ونقص التربية والأخلاق، بدا فقيه الدوار هذه المرة يناديني ب سي وهو اعتراف شرفي حيث سي لا تقال إلا لكبار القوم، لكن مع احتدام الجدال وكسب ثقتهم أكثر تفضل كبير أعمامي موجها إلى الخطاب:
ــ بما أنك تعرف جيدا في أمور الدين لماذا لا تصلي؟، يا إلهي من لعنة هذا الصباح، كان السؤال مفاجئا بشكل تعثرت في إجاد جواب مقنع، أجبته بأنه لم يهديني الله بعد، وأتمنى الهداية مستقبلا، هذا الجواب كان لي مخرجا في أمور سابقة مع جدي من والدتي، كان جدي هذا جميل الملامح، وسيما وغنيا بعض الشيء، كان أيضا أزير نساء بشكل كانت كل أمواله التي ورثها تذهب سدى في جلسات السمر التي كان يسهرها في أضرحة الزوايا (زوايا الأولياء الصالحين) وحدث يوما أني امتنعت عن زيارة الأهل بسبب الحمولة التي أتلقاها نقدا بسبب عدم الحصول على شغل، كان الجد هذا كلما التقيته يسألني أولا:
ــ هل وجدت عملا؟
بالتأكيد ليس من السهل وجود عمل في مغرب البطالة المقنعة، لكن لمزيد من شحني بالغيرة وتكبيدي أكبر شعور بالإنحطاط في نظرهم كان ينتقل إلى السؤال الثاني:
هل تصلي؟ بالطبع كانت أجوبتي هي التي ذكرتها في هذا المقطع، لا أصلي وأتمنى الهداية، بعض المرات يتمتم بالدعاء: "الله يهديك"، ومرات أخرى يتجرع ضلالي بصمت إلى أن وضعت حدا للأمر ذات يوم، التقيت أحد أخوالي الذي بدا مؤنبا لي بكوني أمر بقربهم دون زيارتهم، كان خالي هذا متفتح إلى حد ما، أخبرته بصراحة من إحراج جدي لي، كما أخبرته أني الآن في حالة لا تسمح بتقبل مزيدا من الإهانة بشكل سأخسر أو هم سيخسرون احترامي، حثني على مصاحبته لزيارتهم وحدث ما توقعته تماما، لكن حسمت الأمر بشكل اقتنع جدي بما لايدع مجالا للشك أني أحمل جزءا ورثته من جيناته:
ــ هل تعمل؟
ــ لا لم أجد عملا بعد، ردت عليه
ــ ألا تبحث في أي مكان؟ لكن، أي زمان وأي مستقبل يستطيع أبناء بنتي فاطمة أن يحصلوا عليه، قالها موجها العتاب إلى شيء غيبي، إلى حظ ابنته الكبيرة والدتنا
ــ الزمان الذي حصلت عليه أنت؟ أجبته بنوع من التحدي
ــ ماذا فعلت أنا؟
ــ كنت تضيع أموالك التي ورثتها في أضرحة الزوايا، نظر إلي مليا ثم أجابني بشيء من الإعتراف
ــ إذن أنت تشبهني،
ــ لا.! أنا لا أشبهك، لم أرث بعدا شيئا أضيعه.. صمت جدي بالمرة بشكل لم يعد يسألني لا عن الصلاة ولا عن الزكاة.
في صبيحة العيد، تولى عمي مهمة الوعظ التي كانت لجدي، نفس السؤال، لكن في وضع مورط كنت أدعي فيه معرفة بالدين، كانت إجابتي بالهداية والوقت غير مقنعة بشكل أمرني بالخروج معهم إلى المسجد ثم بعد ذلك إلى الحقل الذي تقام فيه صلاة العيد، والدتي كانت متحمسة للأمر بحيث قطعت علي حالة التردد بإحضار جلباب وطقوس الرجل التقليدي المغربي، أمي المسكينة كانت دوما تخاف أن يصيبني مكروه حتى بعد موتي.. بحثت عن شيء آخر مقنع كالظهور بعدم الوضوء والخروج من الموقف بأي ثمن، إلا أن القرية غزيرة بمياهها بشكل لا يمكن التظاهر بالأمر، ثم لا يمكن أن تصبح في العيد وأنت لم تقم بالإغتسال وما يتبع ذلك من تقاليد العيد عندنا.
خرجت معهم إلى المسجد، كان الأمر محرجا للغاية، فأنا لم أصلي في حياتي، ولا أنا أعرف فروضها ولا طقوسها من الركوع والسجود، كان علي أن أخوض الأمر بطريقة ذكية جدا لا تثير الشك في ما أبديته في الحوار من معرفة بالدين، كان على أن أصلي خلف أحدهم وأعمل كل يفعله.
بدأت الوقوف خلف جارنا، أسجد حيث يسجد وأركع حين يركع، سمعته في البداية قد صرح بانه سيصلي ركعتين تحية المسجد، تقمصته في كل شيء إلا أني كدت اتورط، هو أتم ركعتيه تحية للمسجد وبدأ يصلي صلاة أخرى، وأنا توقفت مع ركعتي التحية،عمي كان يشعر بنوع من الغبطة أنه أوقعني في التوبة، لما رآني توقفت أمرني بأداء صلاة الصباح أيضا، لكن المشكلة أن الشيخ جارنا قد قطع شوطا في الصلاة وأنا لا أعرف كيف أبدأ ولا كيف أنتهي، بالصدفة دخل جار آخر وبدأ صلاته، حاولت تقمصه هو الآخر لأكون أنا الذي لا يصلي قد صليت ، ركعت، سجدت أكثر منهم جميعا. أما صلاة الجماعية في الحقل فكانت أضحوكة تامة بحيث أن خطبة العيد حول القصص القرآني في ما حصل لإبراهيم وابنه، فكادت أن تصيبني هستيريا من الضحك: كانت تبدو لي قصة من قصص الأطفال التي تلهم عقولا شائخة كعقل كبير أعمامي الذي كان يردد الله أكبر في كل عجب يرويه الإمام من كون الصخور والأتربة والأشجار كانت تحث إبراهيم على أن لا يذبح ابنه إسماعيل، وكان هو مصرا لولا نزول الكبش من السماء..



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة إلى أبرهامي
- في لاس بيدرونيراس
- حول القضية الفلسطينية
- إيلينا مالينو وأحداث طنجة العنصرية
- الإجتهاد في تبرير اعتداءات عنصرية مهزلة مضحكة
- جبل عوام: صورة كاريكاتورية تتكرر
- إسرائيل أم جحافل الوهابية هي من يحاول الدخول إلى شمال إفريقي ...
- أنا أيضا منعني الطبيب من تناول السكر
- الإسلام السياسي عندما يدخل طرفا في صراع سياسي
- أزمة اليسار (2)
- أزمة اليسار
- الزحف إلى مدريد (2)
- الزحف إلى مدريد (1)
- رويشة والفن الأمازيغي
- -هارون- المغربي
- جدلية النقابي بالسياسي وجهة نظر
- حول الديموقراطية
- عاش.. عاش
- الإنسان كائن عنصري
- سوريا والهمج المتوحشون


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - صلاة عيد الكبش