أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - حتى لا نؤذي عيون الأحرار














المزيد.....

حتى لا نؤذي عيون الأحرار


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 26 - 13:11
المحور: المجتمع المدني
    


انطلاقًا من كوني عضوًا في لجنة "البيئة" بالمجلس الأعلى للثقافة، والبيئةُ تجرحها القمامةُ، وانطلاقًا من كوني إنسانًا ينزعج من القبح وعدم النظافة، شأن معظم البشر، وانطلاقًا من كوني مصرية أنتمي لأول دولة في التاريخ، علّمت العالمَ النظامَ والنظافة والأناقة، بدأتُ حملة ضد القمامة في مقالاتي. كان آخرها الأسبوع الماضي في مجلة "7 أيام" في مقال عنوانه: “العيون النظيفة".
حيث قارنتُ بين العيونِ النظيفة والعيون غير النظيفة. الأولى تعوّدت على رؤية الجمال، فترفض قبول القبح مهما انتشر وشاع وملأ الدنيا؛ وتأبى أن "تعتاد" مرأى القذارة والفوضى والنشاز البصري، مهما تعالت تلالُ القمامة وألوانُ المباني الصادمة والعشوائياتُ التي تجرح وجه مصر منذ عقود. والأخرى لم تعد تنزعج من مرأى القبح، إذ أصبح شائعًا فـ"تعوّدت" عليه، وربما تطورت لتدخل في مرحلة "صناعة القبح" وانتاجه والمشاركة في نشره وإشاعته. وحكيت في المقال قصة افتراضية تصوّرت فيها كيف تحوّلت القاهرة، التي حصلت عام 1925 على وسام أجمل وأنظف مدينة في حوض البحر المتوسط وأوروبا، إلى ذلك الكيان الفوضوي الأشوه الذي يكاد ينفجر بتلال القاذورات، في أحشائه وأحيائه الثرية والفقيرة على السواء. ذاك أن النظافة لا علاقة لها بالمال، ولا شأن لها بالثراء والفقر، بالمناسبة يعني.
لابد أن رجلاً ما قبل خمسين عامًا، ألقى ورقةً في شارع نظيف. فشاهده رجلٌ آخر، فاندهش وغضب، لكنه قال في نفسه: “وأنا مالي!”. وفي اليوم التالي والتالي والتالي تكرر المشهد، فلم يعد الرجل الثاني يندهش ولا يغضب، بل تطور وقرر مشاركة الرجل الأول في إلقاء القمامة في الطريق، وكلٌّ منهما يبتسم للآخر في تواطؤ. وكثُر المتواطئون مع الأيام وكثُرت الابتسامات حتى تكوّن أول تلّ قمامة صغير، تحوّل بعد برهة إلى تلٍّ كبير، ثم إلى هضبةٍ، ثم إلى جبل شاهق، ثم جبال كثيرة اختفت معها معالمُ المدينة، الطيبة فسقط من على صدرها وسام النظافة والجمال.
بعد عام، جاء رجلٌ (نظيف العينين) من العهد القديم، يحمل زجاجة مياه فارغة ويبحث بعينيه عن صندوق قمامة فلا يجد. سأل أحدَ المارة أين بوسعه أن يلقي مخلفاته، فابتسم الأخيرُ في شفقة وقال: “فيه ايه يا عم؟! ما ترميها في أي حتّة؟! الأرضُ صندوقُ قمامتنا!”
هكذا تتكون الثقافات والعادات، بتراكُم السلوك. فالذي اندهش من مرأى القبح أول يوم، اعتاده في اليوم التالي، وصنعه في اليوم الثالث، ثم دعا إليه في اليوم الرابع. السلوكُ المتكرر يصبح عادةً. والعادةُ تصبح ثقافة. والثقافة تصير نهجًا وأسلوب حياة. تكرار السلوك الشاذ، ينزع عنه شذوذه، فيصبح مع الوقت اعتياديًّا وطبيعيًّا، فإن حاولت مقاومته أصبحت أنت الشاذَّ، ونظر إليك الناسُ بشفقة، وربما شتموك وضربوك.
علّقت المعلّمة "نجاح زكي" على مقالي بحكاية موجعة قائلة: “أعمل بالتدريس منذ أربعين عامًا. زمان اللي كان يوسخ الفصل كان آخره يرمي ورقة فقط، وكان رد الفعل قويًّا و كأنه ارتكب جريمة. مع الوقت، وشيوع عبارة: "أنا حر"؛ أصبح "الفرّاش" هو المسئول الوحيد عن رفع القمامة من الفصول وليس تنظيف الغبار عن الأرضيات والمقاعد. فبمجرد دخول التلاميذ الفصول، تصير قذرة بشعة، لكيلا تؤذي "النظافةُ" عيونَ "الأحرار"!!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زغرودة من أجل مازن
- تخريب برمجة الروح المصرية
- زهور على جبين 57357
- إن لم تجد بشرًا، اصنعهم
- قصص الأنبياء، والكائنات الرخوة
- أين مضيتَ يا سميح؟
- الأم تريزا، أم الغلابة
- العيون النظيفة
- حوار مجلة نصف الدنيا مع الشاعرة فاطمة ناعوت بعد فوزها بجائزة ...
- عروس النيل
- مصريون ضد الحزن
- هنا قناة السويس
- قَسَتْ أمي.... ودلّلني القراء
- نجيب محفوظ، هل سامحتني؟!
- إلا إيزيس يا داعش!
- محنتي مع المثقفين
- داعش أم الرسام الدنماركي؟
- حوار مجلة (حواء) المصرية مع الشاعرة فاطمة ناعوت
- الراهبات يا د. جمعة!
- المسرح في المستشفى


المزيد.....




- -العندليب الأسود-.. بيلاروس تنفذ اعتقالات في قضية تجنيد مراه ...
- الأونروا تحذر من الهجوم الإسرائيلي على رفح: العواقب مدمرة عل ...
- منذ 7 أكتوبر.. ارتفاع حصيلة الاعتقالات الضفة الغربية لـ8590 ...
- الأمم المتحدة ومنظمات دولية تدين إغلاق إسرائيل مكتب الجزيرة ...
- الأونروا: الهجوم على رفح يعني المزيد من المعاناة والوفيات
- التعاون الإسلامي تحذر من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بغ ...
- هذا ما علق به -غانتس- حول صفقة الأسرى المقترحة والهدنة
- فولودين يتوقع أزمة هجرة في أوروبا بسبب اللاجئين الأوكرانيين ...
- الموقع بين الواقع والمُتوَقِّع
- الاحتلال يشن حملات دهم واعتقالات بالضفة ويحاصر طولكرم


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - حتى لا نؤذي عيون الأحرار