صناعة الأزمات فى مصر: الرياضة دليلا

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 10:39
المحور: عالم الرياضة
    

لا شك أن كل المؤسسات الرياضية وغير الرياضية تتعرض لأزمات مختلفة. ما يهمنا هو كيف ولماذا تظهر الأزمات على السطح. إذا استطعنا أن نتعرف على أسباب الأزمة فيمكن أن نتعامل معها ونستطيع أن نحتويها ونتغلب عليها. من المعروف أنه لا يمكن منع الأزمات لكن يمكن أن نعمل على غلق المنابع التى تخرج منها. من المؤكد أن القارىء قد تابع الأزمة التى نشأت مؤخرا فى نادى الزمالك عقب هزيمة الفريق من الأهلى فى مباراة السوبر المصرى.
يعلم مشاهدو المباراة أن الزمالك كان قاب قوسين أو أدنى من بطولة السوبر التى أعتاد النادى الأهلى الحصول عليها منذ سنوات.ويعلم الجميع أن المباراة انتهت بالتعادل السلبى ولم تتبق سوى ركلات الترجيح لحسم الأمر وتحديد الفائز. الغريب أن اثنين من لاعبى الأهلى بادرا بالفشل فى تسديد ركلات الترجيح حيث احتبس مشجعو ومسئولو الزمالك انفاسهم عندما تقدم كوفى لاعب الزمالك لتسديد الركلة الأخيرة التى تهدى الكأس للفريق الأبيض إلا أن اللاعب سدد الضربة فى اتجاه المدرجات القابعة خلف المرمى. وهنا شعر الجميع بخيبة الأمل واستطاع الأهلى احراز البطولة وحمل لاعبوه الكأس واحتفلت جماهيره بالبطولة للمرة الثامنة. لقد كانت النتيجة أشبه بزلزال قوته 8 أو 10 رختر، زلزال كاد أن يعصف بأركان فريق الزمالك وجهازه الفنى. من المؤكد أن الشعور بالاحباط واليأس وخيبة الأمل سيطر على جميع الأطراف فى نادى ميت عقبة لتوالى التصريحات العصبية من هنا وهناك ولتتبادل الأطراف الاتهامات.

صحيح أن الاعلام هو الذى أجج الموقف حين سعى المراسلون للحصول على تصريحات المستشار مرتضى رئيس النادى وهو فى حالة ثورة وغضب واحباط شأنه فى ذلك شأن الجماهير غير أن تصريحاته جاءت صادمة. لقد تسابقت القنوات الفضائية فى الحصول على حوارات مرتضى سواء قبل أو بعد اجتماع مجلس ادارة الزمالك: صدى البلد وام بى سى وغيرها من القنوات. من المفيد أن نذكر هنا بعض تصريحاته النارية التى تغلب عليها العصبية: أنا متغلبش من الأهلى وعندى اللعيبة دى..ال تلات حاجات حيتعملوا حضرتك موافق فوق دماغى: حلعب باتنين راس حربة اختارهم انتى (يقصد المدير الفنى للزمالك)...أحمد توفيق وعمر جابر ملهمش علاقة بنادى الزمالك...اللعيبة اللى أنا شريها...أنت (يقصد مراسل الفضائية) شفت خطة فى الملعب؟...أنا بتدخل علنا اللى موافق أهلا وسهلا اللى مش موافق يمشى...

لم يكن للتصريحات السابقة التى اشرنا إليها أى تأثير على القلعة البيضاء. لعل التصريح الذى تسبب فى الأزمة هو ذلك التصريح الذى أعلنه فى برنامج "على مسئوليتى" على قناة النهار حيث أشار المستشار مرتضى أن أحمد حسام "ميدو" قال "لو والدتى دربت اللاعيبة دى حتاخد كل البطولات". ما يدعو إلى الدهشة هو أن المستشار مرتضى لم يذكر السياق الذى جاءت فيه عبارة ميدو حيث كان ميدو حينئذ مدرب الفريق ونطق بهذه العبارة لكى يدخل الطمأنينية فى نفس رئيس النادى ومجلس الادارة. المهم أن إبراهيم حسن مساعد المدير الفنى أعتقد أن ميدو أصدر هذا التصريح عقب انتهاء مباراة السوبر مما يعتبر تقليلا من شأن الجهاز الفنى وبالتالى استشاط إبراهيم غضبا وأصدر ردا مفاده "مرتضى ميقدرش يعمل حاجة معانا هو فاكرنا الخمورجي اللي كان بيدرب الفريق". ويمكن ملاخظة أن ابراهيم لم يذكر اسم ميدو ولم يذكر اسم الزمالك ولكن عبارة "اللى كان بيدرب الفريق" هى فى الواقع تعتبر كاشفة عن الشخصية التى يتحدث عنها لأن ميدو كان آخر مدرب لفريق الزمالك قبل تولى التوأم مسئولية تدريب الفريق. كما إن لفظة "الفريق" تشير الى فريق الزمالك. وتجدر الاشارة أن ميدو علم بهذا التصريح عبر وسائل الاعلام وقرر أن أن يرد من خلال تغريدة: "الراجل اللي فقد أهم مبادئ الرجولة صعب جداً جداً تقوله عيب.. لا معاتبة على ديوث". وهذا التلاسن بين مسئولى الرياضة فى الزمالك دفع المستشار مرتضى ومجلس الادارة الى إحالة الطرفين للتحقيق.

من الواضح أن عبارة "النار من مستصغر الشرر"" صحيحة وحاضرة فى هذه الأزمة. ومستصغر الشرر هنا هى تصريحات المستشار التى لم يشر فيها إلى سياق العبارة التى جاءت على لسان ميدو مما أثار حفيظة إبراهيم حسن الذى أدلى بتصريح مسىء ضد ميدو. وهنا هب ميدو للدفاع عن كرامته ويثأر لذاته من خلال تغريدة نارية كتبها من دون أن يذكر اسم الغريم. أهم خطوة للتعامل مع الأزمات هى تفادى اشعالها أولا وخاصة التصريحات النارية التى يدلى بها مسئول فى حالة عصبية. ونناشد الاعلام التوقف عن إشعال الأزمات فى جميع المجالات سواء الرياضية أو غير الرياضية.

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل