أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الاعلام المصرى وتغطية الأزمة فى أسوان















المزيد.....

الاعلام المصرى وتغطية الأزمة فى أسوان


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 19:48
المحور: الصحافة والاعلام
    


من المعروف أن أجهزة الإعلام بأشكالها المختلفة، الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية، تتسابق لتغطية الأحداث المتلاحقة وتتنافس لتحقيق السبق الصحفى والاعلامى فى مصر. لعل بعض قنواتنا الفضائية تتأسى بقناة الجزيرة التى خصصت قناة خاصة لنقل الاحداث على الهواء مباشرة. ومن أخطر آليات هذه القنوات فى تحقيق أهدافها هى الصور التى تبثها لأن الصورة وخاصة كليبات الفيديو لها تأثير خطير فى وجدان المشاهدين. كما إن الاعتماد على المداخلات التليفونية لأفراد ينتمون الى الاطراف المتصارعة تترك آثارا نفسية سيئة فى نفوس المشاهدين خاصة فى الساعات الأولى من الأزمة. الجدير بالذكر أن بعض كتاب المقالات فى الصحف لم يقدموا لنا الآراء التى تساهم فى تهدئة الأوضاع بل خاضوا فى أمور لا علم لهم بها مما يؤدى إلى تسميم الأجواء. وقد تجلت كل هذه الأخطاء الإعلامية فى تغطية الأزمة التى شهدتها مدينة أسوان بين الدبوديين وبنى هلال فى منطقة السيل بأسوان فى الأسبوع الأول من شهر إبريل.

لقد تسابقت الفضائيات المصرية فى نشر صور وكليبات الصدامات الدامية بين الطرفين وفى بث مداخلات صوتية ولقاءات تلفزيونية لعناصر تنتمى لهذا الفريق أو ذاك خاصة فى الساعات الأولى من الصدام وقبل أن توارى الجثث الثرى حيث مثواها الأخير وقبل أن تجف الدماء التى سالت فى شوارع السيل. لقد شاهدنا صور وكليبات الفيديو لعربات الكارو وهى تحمل الجثث التى تم رصها بطريقة مهينة. وهذه الصور والكليبات أعتبرها المشاهدون غير مناسبة للعرض ومن شأنها أن تلهب مشاعر الأطراف المتصارعة. لقد ناشد أهالى الضحايا وسائل الاعلام التوقف عن بث هذه المشاهد المستفزة التى لا تساعد على تهدئة الأوضاع. وبالفعل ساهمت هذه الفضائيات فى اندلاع الصدام مرة أخرى فى اليوم التالى للبث، أى يوم الأحد 6 إبريل مما أسفر عن سقوط المزيد من الضحايا والمصابين.

كما تسابقت الفضائيات فى تلقى المداخلات التلفزيوينة لأطراف الصراع. فكل طرف يلقى باللائمة على الطرف الآخر. وحتى زيارة رئيس الوزراء المهندس محلب يوم السبت 5 إبريل تم تفسيرها على إعتبار أنها لزوم المظهرة. لقد تعرض رئيس الوزراء للنقد لأنه لم يضع نهاية للأزمة بل أكتفى بالجلوس مع كل طرف على حدة قبل أن يرحل إلى القاهرة. ما يدعو للدهشة أن الإعلام اثبت جهله بعادات الصعيد وتعامل مع الأحداث فى أسوان تماما كما يتعامل مع مظاهرات طلاب الأخوان فى الجامعات أو مظاهرات الأخوان يوم الجمعة فى منطقة الهرم أو فيصل أو ميدان النعام حيث يتم تغطية الأحداث على الهواء مباشرة مع تلقى مداخلات للتعليق على الأحداث. وهذا الأسلوب لا يتناسب مع الصراعات القبلية فى الصعيد. من المعروف أن الصراعات التى ينخرط فيها الاخوان هى فى الغالب مواجهات بين الاخوان والشرطة حيث تستحدم فيها قنابل الغاز أو الخرطوش أو المولوتوف. أما فى المواجهات القبلية فهى حرب أهلية على نطاق ضيق لكنها قد تتسع وتمتد الى المناطق الأخرى.

لا يمكن أن نترك الحديث عن الفضائيات قبل أن نسجل إعجابنا بالمعالجة الإعلامية التى قدمتها المذيعة اللامعة ريهام سعيد فى برنامجها صبايا الخير على قناة النهار حيث استطاعت أن تتجول فى منطقة الأحداث وقامت بزيارة العائلات التى فقدت ابناءها وأحترقت منازلها. لقد كانت تغطيتها متوازنة حيث أوضحت أن الطرفين دفعا نفس الثمن، فقد فقد الطرفان بعض الابناء واحترقت منازل فى الجانبين والإصابات نشاهدها فى الجانبين. وقد استشعرت المذيعة أن الجانبين يشعران بالندم على ما آلت إليه الأمور. وأبتعدت المذيعة كل البعد عن بث أى مشاهد مسيئة أو كليبات لعربة الكارو بل وجهت النقد للقنوات التى فعلت ذلك. لقد قدمت ريهام درسا فى التغطية الإعلامية وفى إبراز المسئولية التى تقع على عاتق الإعلام تجاه المجتمع.

دعنا الآن نتناول فشل الصحف الالكترونية أو الورقية فى لعب دور إيجابى فى الأزمة الأسوانية بل ربما كان دورها سلبيا قد يساهم فى تعقيد الأزمة وذلك حين يتناول كاتب ما موضوعات جانبية من دون أن يتطرق إلى الحلول التى تساعد فى تفكيك الأزمة. لقد طالعت مقال للأستاذ جمال يونس عنوانه "مؤامرة النوبة والتمويل الأمريكى" ومنشور فى جريدة الوفد الصادرة بتاريخ 9 إبريل المنصرم. اللافت للنظر أن الكاتب لم يدرس منطقة النوبة جيدا ومازالت تسيطر عليه فكرة معينة عن النوبيين لدرجة أنه يصفهم "باللطف والرق، وإنهم كانوا يلجأؤن الى الاحتماء بالصخور عندما يشن العربان غاراتهم عليهم". لا شك أن الكاتب حزين لأن النوبيين فقدوا مشاعر الرقة واللطف التى كانت تميزهم وأنه لم يكتف بذلك بل يريد أن يفر النوبيون وأن يحتموا خلف الصخور كما كانوا يفعلون فى الماضى. بالله ما هذا الكلام؟ من الواضح أن الكاتب يحتاج أن يدرك الحقيقتين التاليتين:
أولا: المنطقة الحالية ليست بها صخور لحمايتهم.
ثانيا: إن الكاتب لا يعرف أن العرب لم يستطيعوا احتلال النوبة بالقوة العسكرية فى القرن السابع. يذهب واليس بادج فى كتابه "النص النوبى" الذى نشر فى عام 1909م إلى أن المصريين القدماء كانوا يطلقون على النوبة "تاسيتى" أو أهل الأقواس. وترجع هذه التسمية إلى حقيقة تاريخية وهى أن معظم أهالى النوبة تميزوا منذ القدم بمهارة فائقة فى استعمال الأقواس والسهام. الجدير بالإشارة أن أولى المحاولات لكبح جماح النوبيين هى التى قام بها والى مصر عبد الله ابن سعد بن سرح سنة 651م أى فى أثناء إمارة عمرو بن العاص، فقد قاتل سعد النوبيين قتالا شديدا وأُصيب يومئذ عين معاوية حديج والى شحر من أبرهة فسمى النوبيين "رماة الحدق" حيئنذ قال الشاعر (أنظر كتاب بن عبد الحكم: فتح مصر و أخبارها، ص 188):

لم تر عينى مثل يوم دمقلة والنحيل تعدو بالدروع مثقلة

لاحظ أن الشاعر لم يقل إنهم يتسمون باللطف والرقة أو إنهم كانوا يختفون خلف الصخور. هل تعلم لماذا؟ لأنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم ويحاولون صد عدوان المعتدين. يتساءل الكاتب: "فما الجديد الذى جد ليتخلى النوبيون عن وداعتهم وسلميتهم التى تعايشوا بها مع العربان فى تلك المنطقة منذ مئات السنين؟" الاجابة: الجديد الذى جد أنهم تعرضوا للعدوان ولإطلاق النار حيث سقط منهم أربعة أفراد أحدهم امرأة حامل.

الغريب أنه تخطى أهم الأسباب التى تؤدى إلى الصراعات والاقتتال بين البشر ليس فقط فى مصر بل فى كل أنحاء العالم: الفقر والبطالة والإهمال. يقول الكاتب " سوف اتجاوز عما خاض فيه غيرى عن مسئولية الفقر والبطالة وإهمال التنمية الاقتصادية فى تلك المنطقة شأنها شأن جميع مناطق الصعيد". هكذا بجرة قلم حتى يستطيع أن يقفز إلى نظرية المؤامرة.

ويأخذنا الكاتب رويدا رويدا نحو ضلوع ناشطة نوبية فى مؤامرة ضد الوطن حين يقول إن "الناشطة النوبية نوال الطيبى قامت بتسفير 1300 سيدة وفتاة نوبية إلى أمريكا للتدريب على أعمال التظاهر والحشد والمواجهات الدامية". لا أملك سوى النقاط الثلاث التالية:
أولا- الأحداث التى شهدتها أسوان لم تكن تظاهرات بل مشاجرات بين فريقين.
ثانيا- لم تكن المرأة طرفا فى التشاجر بل كانت ضحية.
ثالثا- لم تشارك المرأة النوبية فى أية تظاهرات فى أسوان منذ ثور ة 30 يونيو.
صحيح هناك مؤامرات تحاك هنا وهناك لكن النوبيين لا يمكن أن يكونوا جزءا من هذه المؤامرة. هل يعلم الكاتب ما اللغة التى استخدمها المصريون كشفرة فى حرب 6 أكتوبر 1973م؟ إنها اللغة النوبية. لعل الكاتب قد يجد المؤامرة فى العقار الذى يقيم فيه أو فليبحث عن المؤامرة فى الشارع أو الحى أو المدينة أو المحافظة التى يقيم فيها. أما النوبة فلا تعرف المؤامرات.

ومن هذا المنطلق فقد أثبت الإعلام أنه لم يستطع التعامل بمهنية ومسئولية مع الأحداث فى أسوان. لعل البعض لا يعلم أن العمل الإعلامى أمانة له تقاليد ومواثيق وله أهداف تنطلق من قواعد وطنية.. نحن لسنا فى حاجة إلى من يشعل الحرائق والنيران بل نريد من يستطيع أن يساهم فى الاطفاء. ومن لا يريد أن يشارك فى الإطفاء فعليه ألا يسكب مزيدا من الوقود.




#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة النوبيين مع السلام والعنف والمؤامرة
- من يوقف نزيف الدماء فى شوارع أسوان؟
- هل سنحترم الدستور الجديد؟
- حقوق الإنسان-الطالب فى الجامعة
- عمداء الكليات فى مصر بين التعيين والاختيار
- المسئول فى مصر بين مطرقة النفاق أو النقد وسندان النسيان
- تجارب ربع قرن فى إدارات الجامعة
- خطط لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط: مشروع الشرق الأوسط الجديد ...
- مقال بلال فضل الممنوع من النشر
- كمل جميلك
- ممكن؟
- قناة الجزيرة وحقوق الإنسان فى قطر
- الخيانة وتأثيرها على الأمن القومى المصرى
- بعض أمنيات المصريين فى عام 2014
- حول تطوير التعليم الجامعى فى مصر
- هل يصوت الشعب المصرى بنعم للدستور الجديد؟
- زيارة شتوية للقاهرة والإسكندرية
- خارطة طريق أخرى فى مصر
- قراءة فى قانون التظاهر المصرى مع مقارنته بالقانون الامريكى و ...
- أخطاء الرئيس السابق محمد مرسى


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الاعلام المصرى وتغطية الأزمة فى أسوان