أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - المسئول فى مصر بين مطرقة النفاق أو النقد وسندان النسيان














المزيد.....

المسئول فى مصر بين مطرقة النفاق أو النقد وسندان النسيان


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 4385 - 2014 / 3 / 6 - 10:55
المحور: كتابات ساخرة
    


مصر أم الدنيا ولا تجاريها أية دولة أخرى فى أنها بلد العجائب. وقديما قال المتنبى: كم بمصر من المضحكات المبكيات. لا شك أن مصر مليئة بالمتناقضات والمظاهر التى يصعب تفسيرها. فجامعة القاهرة فى محافظة الجيزة وكلية التربية الرياضية بحلوان ليست فى حلوان لكنها فى شارع فيصل بالجيزة وجامعة عين شمس ليست فى عين شمس بل فى منطقة العباسية، وأول فيصل ليس فى أول فيصل بل فى آخر فيصل وجامعة الدول العربية (وهذه التسمية بناء على اقتراح مصر) ليست مؤسسة تعليمية أو بحثية ولا يقع مقرها فى شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين (الجيزة) بل فى وسط القاهرة. ومن أهم مظاهر المضحكات المبكيات فى مصر هى ظاهرة "المسؤول والكرسى" واثر "الكرسى" على المسئول وعلى المحيطين به.

يقال—والعهدة على الراوى— إن أعراض خاصة تصيب المسئول بعد عدة أيام من توليه مقاليد الأمور. لعل الرجل كان متواضعا ومحبوبا من أصدقائه وزملائه قبل أن يتولى السلطة وبمجرد أن يجلس على "الكرسى" اللعين يتحول إلى شخص آخر حيث يشعر أنه أصبح حكيما وعليما ببواطن الأمور وقد يشعر بعض القريبين منه أن علامات الغرور بدأت تجد مكانها على قسمات الوجه ونبرة الصوت وطريقة الكلام مما يدفع البعض إلى أن يتساءل: ماذا حدث لكى يتحول الرجل الطيب الكريم المتواضع إلى شخص آخر نكاد لا نعرفه. وفى الواقع فإن المسئول فى مصر مسكين يستحق التعاطف والشفقة لأنه ضحية من ضحايا "الكرسى" شأنه شأن من سبقوه فى الجلوس عليه ليصيبه ما أصابهم من اللعنات.

مسكين من يتولى مسئولية العمل العام فى مصر، خاصة بعد ثورتين متتاليتين. فالمسئول بمجرد أن يعتلى كرسى السلطة يلتفت يمنة فيجد حوله المنافقين وحملة المباخر والانتهازيين ثم يلتفت يسرة ليواجه المنتقدين والكارهين والحاقدين. قد يتعرض المسئول للنقد الشديد على سياسات يتخذها أو قرارات يصدرها لكنه لا يسمع أصوات النقد لأن حملة المباخر من المحيطين به يصمون أذان المسئول حتى لا يسمع إلا ما يريدون ولا يرى إلا ما يرغبون فيه وبذلك يتعرض المسول لعزلة تامة عن واقع الحياة التى يراها بعيون حملة المباخر والمنافقين. وبمجرد أن يترك منصبه يصاب المسئول بالدوار ويجلس ضاربا أخماسا لأسداس خاصة بعد أن يرى بأم عينيه مادحيه يتحولون إلى منتقدين ومنتقديه إلى متعاطفين. فى حوار له فى صحيفة "عين" بتاريخ 7 يونيو 2013م عبر الأستاذ ممتاز القط رئيس تحرير أخبار اليوم الأسبق عن حزنه الشديد ليس لابتعاده عن منصبه ولإحالته إلى النيابة بل لمواقف زملائه الذين طالما هادنوه وتملقوه وكانوا حريصين على الاتصال به لكونه رئيس تحرير وحين رحل عن المنصب توقفت اتصالاتهم وابتعدوا عنه مما دفعه أن يتذكر مقولة جده: المرء فى زمن الإقبال كالشجرة..والناس حولها مادامت مثمرة، فإذا سقطت ما حملت..تفرقوا وأرادوا غير الشجرة.

لعل المسئول السابق يصاب بدهشة بالغة وهو يرى كيف تتبدل المواقف والولاءات ورود الأفعال من حوله. فمثلا كان معظم المصريين يوجهون انتقادات لاذعة لحكومة الدكتور الببلاوى بل يطالبونه بتقديم استقالته فورا. وبمجرد أن تقدم رئيس الوزراء باستقالته يوم الاثنين 24 فبراير الماضى وخرج علينا فى مؤتمر صحفى تحدث فيه عن أسباب الاستقالة شاهدنا العجب العجاب. فمعظم المنتقدين تحولوا—بقدرة قادر—إلى متعاطفين مع الحكومة. أما مذيعو ومحللو الفضائيات فعبروا عن حزنهم وقلقهم على اعتبار أن وقت الاستقالة غير مناسب وكان على الببلاوى أن ينتظر قليلا حتى ننتهى من باقى استحقاقات خارطة الطريق. هذا الموقف يذكرنى بالزوجة التى تتململ من تصرفات زوجها وسلوكه الذى لا يحتمل ولما فاض بها الكيل طالبته بالطلاق وأخذت تلح وتلح فى طلب الطلاق ولا تترك فرصة تمر من دون أن تطالبه بالورقة. وحين يضيق الزوج ذرعا بمضايقات وإلحاح الزوجة يقرر تحقيق حلم الزوجة ويقدم لها الورقة فتسقط الزوجة على الأرض مغشيا عليها من هول المفاجأة وتظل تبكى متهما إياه بالخيانة ونسيان العشرة والزيت والعيش والملح. جاءنى ذات يوم أحد الموظفين طالبا السماح له بالنقل خارج الكلية فلبيت طلبه وأشرت على المذكرة بالموافقة ففوجئت بالموظف يشكو لطوب الأرض أن طلبه لاقى القبول بهذه السرعة وأن هذا يدل على أن الكلية فى غنى عنه وطلب من بعض زملائه التدخل لإلغاء النقل.

لعل نجيب محفوظ كان مصيبا حين أشار فى رواية "أولاد حارتنا" إلى أن آفة حارتنا النسيان. فالمسئول قد يتعرض للإقالة لسبب من الأسباب ثم تمر الأيام والسنون ثم يستدعى نفس المسئول لتولى نفس المنصب الذى سبق أن أقيل منه. فمثلا الدكتور إبراهيم الدميرى كان يشغل منصب وزير النقل والمواصلات فى حكومة عاطف عبيد وتعرض للإقالة عقب حادث حريق قطار الصعيد فى فبراير 2002م ثم اختير وزيرا فى حكومة الببلاوى ومازال وزيرا فى حكومة المهندس محلب. وكما ننسى الإخفاقات ننسى أيضا النجاحات. فمثلا، حقق حسن شحاتة ثلاث بطولات أفريقية غير مسبوقة فى تاريخ المدربين حيث حصل المنتخب الوطنى على كأس أفريقيا ثلاث مرات متتالية (2006م، 2008م، 2010م) مما جعل المصريين يحملونه على الأعناق. وبمجرد أن تعرض المنتخب للفشل فى التأهل إلى كأس الأمم الأفريقية 2012م أعلن اتحاد الكرة عن إنهاء التعاقد معه فى يونيو 2011م.

ولا يختلف الأمر كثيرا إذا انتقل المسئول إلى رحمة الله فعندئذ يردد الناس عبارة "أذكروا محاسن موتاكم". وهذه العبارة نسمعها كثيرا فى شوارعنا ودواويننا. فقد تعلم أن فلانا شخص سيئ ظل طول حياته يؤذى هذا وينصب على هذا ويغتاب الناس وقد لا تعلم أنه انتقل إلى رحمة الله، وبمجرد أن تذكر بعض أفعاله تتسارع الأصوات من هنا وهناك تذكرك بضرورة الالتزام عند التحدث عن الراحلين عن دنيانا حيث بات لزاما أن نتحدث عن محاسنهم.. وحتى لو لم تكن لديه أية صفات طيبة أو محاسن فينبغى أن تبحث عن أى صفات أو أعمال طيبة.







#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجارب ربع قرن فى إدارات الجامعة
- خطط لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط: مشروع الشرق الأوسط الجديد ...
- مقال بلال فضل الممنوع من النشر
- كمل جميلك
- ممكن؟
- قناة الجزيرة وحقوق الإنسان فى قطر
- الخيانة وتأثيرها على الأمن القومى المصرى
- بعض أمنيات المصريين فى عام 2014
- حول تطوير التعليم الجامعى فى مصر
- هل يصوت الشعب المصرى بنعم للدستور الجديد؟
- زيارة شتوية للقاهرة والإسكندرية
- خارطة طريق أخرى فى مصر
- قراءة فى قانون التظاهر المصرى مع مقارنته بالقانون الامريكى و ...
- أخطاء الرئيس السابق محمد مرسى
- تعاطف وانتماء بعض المصريين للإخوان المسلمين
- حتى لا تتكرر المأساة فى مصر
- فض الاعتصامات فى مصر وردود الأفعال الأجنبية
- التجربة الإخوانية فى حكم الدولة المصرية
- رسائل خاصة لأبطال ثورة 30 يونيو فى مصر
- سد النهضة وطريقة إدارة الأزمات فى مصر


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - المسئول فى مصر بين مطرقة النفاق أو النقد وسندان النسيان