أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - المسيح الصوفي والبطل التراجيدي (1)














المزيد.....

المسيح الصوفي والبطل التراجيدي (1)


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 12:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المسيح الصوفي والبطل التراجيدي
(1)
ماذا لو تعاملنا مع نصوص الأناجيل التي وصلت إلينا من منطلق أدبي فكري بغض النظر عمن
ألفها أو أنتجها ، وبغض النظر عن الشخصية التي تنسب إليها النصوص ( المسيح ) سواء إن كانت شخصية تاريخية أو متخيلة ، لا تخلو من ارهاصات واقعية حسب زمنها .
سننظر في هذه النصوص من جانب وجودي صوفي ومن جانب تراجيدي أيضا ، أفرزه العقل البشري حين عزا أقدار البشر إلى آلهة ، تجلى ذلك في أعمال أدبية خالدة كالأدب الإغريقي :اوديب الملك ، والسومري: ملحمة جلجامش ، وغير ذلك .. ورغم تطور هذا الأدب إلى ظروف اجتماعية لم يعد للآلهة دور فيها ، إلا أنه ظل محتفظا بتراجيديته لأن قدر أبطاله هو الموت في النهاية . ففي التراجيديا القديمة أنبأت العرافة أوديب أنه سيقتل أباه ويتزوج أمه حسب القدر الذي رسمته له الآلهة ، وحاول أن يهرب من قدره ،بل وهرب ، ولم يكن يعرف أنه يهرب في اتجاه قدره . ورغم أن هذه المعادلة لم تعد قائمة بهذه الصورة في الأدب إلا أنها حافظت على نوعها التراجيدي لتشمل كل من يقتل في سبيل قضية انسانية . أو لغاية نبيلة ، أو لمشكلة اجتماعية ،وخير من يمثل هذا الإتجاه في الأدب البشري وليم شكسبير ، وفي التاريخ الفلسطيني ( لا تتفاجأوا ) جوليات ( جليات ) ويسوع المسيح ، وفي التاريخ الحديث ،مئات الأبطال الفلسطينيين ، ومنهم : عز الدين القسام . عبد القدر الحسيني .. وأخيرا الشهيد ياسر عرفات . فجميع هؤلاء كانوا يعرفون أنهم سيقتلون أو قد يقتلون ، ولم يهربوا من قدرهم .. على ضوء هذا النهج سنقوم بتحليل ملحمة يسوع المسيح ، كبطل تراجيدي ، وما عناه بهذا الكلام المحير :
26 وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز، وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال: خذوا كلوا. هذا هو جسدي
27 وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا: اشربوا منها كلكم
28 لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا
( متى 26)
ولا أظن أن تحليلي سيتفق بشكل كامل مع تحليل الكنيسة إن لم يكن مختلفا تماما .

*****************
لن نطيل الحديث حول هذه المسألة .لقد حمل المسيح رسالة محبة للبشرية . رسالة تنشد العدل والخير والجمال . سعى إليها . وكرس نفسه لها ،وضحى بنفسه من أجلها . رسالة لا شك أنها تحمل رؤية متقدمة وسامية حسب ثقافة الزمن الذي عاش فيه .هذا ما قالته النصوص التي وصلت إلينا . بغض النظر عن كل ما قيل عنها ،وما قيل عن شخصية المسيح .والذين يعرفون منهجي ، يدركون أنني أتعامل مع أي نص مهما كان بمنطق موضوعي ، فمفردتا الضد بالمطلق والمع بالمطلق ليستا واردتين في قاموس منهجي . فليس هناك فكر إنساني إلا ويحمل قدرا من الإيجابية وبالتأكيد قدرا من السلبية ،ولا يظنن أحد أنني أستثني كلامي هذا . فلقد رددت كلمة اجتهاد أكثر من مرة .لست مغرورا ، ولست ممن يغلقون عقولهم على فكر جامد فيها . فما فكرت فيه قبل عشرين عاما مثلا يختلف كثيرا عما أفكر فيه اليوم . والحق أن كل فكر إنساني يحتاج إلى مراجعة في نهاية عمر كاتبه ،وهذا ما يتسنى إلا لقلة من البشر . ولذلك نجد أفكارا كثيرة تؤدي إلى صراعات بين البشر لوجود تناقضات فيها ، أو لوجود خلافات حول فهمها . وهذا ما جر ويجر وخاصة في الفكر الديني إلى حروب يذهب ضحيتها كثيرون ،وينشأ من جراء المفاهيم المختلفة حولها طوائف وجماعات متعددة . تتحارب في ما بينها ، ولنأخذ المسيحية والإسلام كأقرب مثالين من دياناتنا التي صدرناها للبشرية .
الذين تابعوا مقالاتي منذ قرابة أربعة أعوام وجدوا أنني أختلف مع ابن عربي في مسائل كثيرة وأتفق معه حول مذهب وحدة الوجود ، ومفهوم الحلول والإتحاد مع الذات الإلهية لإنسان بعينه
أوكائن بعينه ، الذي رفضه ابن عربي بشكل قطعي ونزه الذات الإلهية عن الوجود دون أن يلغي حقيقتها ( طاقتها ) السارية فيه . حتى أن ابن عربي نفسه ،وضع نفسه في مرتبة ثالثة تلي الذات الإلهية والذات المحمدية .واعتبر نفسه خاتما للولاية المحمدية ، ولم يعتبر نفسه متحدا مع الذات الإلهية ، فأرقى مقام وضع نفسه فيه حين اعتبر نفسه أحد حملة العرش الإلهي الأربعة !
ومؤلفات ابن عربي وكراساته هناك من يرى أنها تتجاوز ألخمسمائة رسالة وكتاب ، وحسب ما يذكر نصر حامد أبو زيد عن صاحب" فوات الوفيات "أن تفسير ابن عربي للقرآن المعروف باسم "التفسير الكبير" يقع في خمسة وتسعين مجلدا . ومعظم مؤلفات ابن عربي ما يزال مفقود ا، وليس هناك باحث واحد ادعى أنه اطلع على جميع مؤلفاته أو حتى معظمها. ولا شك أن نصر حامد أبو زيد هو أفضل من اطلع على بعض مؤلفات ابن عربي وشرح فكره إلى الناس .
ولا يزال فهم ابن عربي كله شبه مستحيل . لأننا حقا أمام إنسان معجزة بكل معنى الكلمة .
نعود لملحمة المسيح . لا شك أن النصوص قدمت لنا انساناً عظيماً . عظيما في محبته . عظيما في تواضعه . عظيما في عدله (حين اضطر أن يطبقه في قصة العاهرة فلم يرمها أحد بحجر )عظيما في سلوكه وأخلاقه .عظيما في محبته وولائه لخالقه .من يتخيل إنسانا يغسل أرجل زملائه أو تلاميذه ، إلا إذا كان هذا الإنسان إنسانا غير عادي ،كأن يكون قديسا أو نبيا أو ملاكا أو حتى إلها .
( ثمة من أدانوا سلوك المسيح مع المرأة الكنعانية وغير ذلك ، لم أتوقف أمام هذه الآراء لأنها لا تشكل شيئا يذكر في سلوك المسيح ) إنسان سعى لرسالة إنسانية للبشرية في زمن كان يقتل فيه كل من يسعى لمخالفة الحكم الروماني. أي أنه كان يعرف أنه سيقتل ، وهذا هو الفدائي بعينه ، الذي يضحي بنفسه من أجل غاية نبيلة ، أو من أجل شعبه ، أو من أجل وطنه ، أو من أجل البشرية على غرار ما فعل هو . وبذلك يستحق أن يمنح لقب الفدائي ، بل والفدائي الأول في تاريخ البشرية .
والمسيح في الوقت نفسه بطل تراجيدي لأنه لم يهرب من قدره فداء للبشرية . وكان يدرك ذلك . وكان في مقدوره أن يختفي ويهرب ،لكنه لم يفعل . وواجه قدره . وهذا ما يقودنا إلى الجانب الأهم في شخص المسيح ،وهو المسيح المتصوف ، المسيح المتحد مع الذات الإلهيه ، المسيح الإله .
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيحية غير يهوائية ومسيح نقيض موسى !!( ألوهية يسوع المسيح تا ...
- طفولة المسيح وألوهيته ( ألوهية يسوع المسيح تاريخيا)
- شاهينيات ( في الخلق وفناء المادة )!!
- ألوهية يسوع المسيح تاريخيا .
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة (5)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 4)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 3)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 2)
- ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة (1)
- شاهينيات : في الخلق والخالق مرة أخرى!
- آه على وطن !
- التحالف بين يهوه ( الله ) والشيطان على أيوب !
- لو أن المثقف راقصة !!* ( برسم السلطة الفلسطينية واتحاد الكتا ...
- شاهينيات في الخلق والخالق ( وإن شئتم في المادة والطاقة )!!
- تحولات الألوهة من الأنوثة إلى الذكورة !!
- محمود شاهين يوقع أبناء الشيطان
- شاهينيات : في الخلق والخالق والعقل البشري
- ملكة السماء تعد الأديب بالنسيان
- التحول من الدين فحسب إلى الثورة الدينية (دفاعا عن محمد ) (6 ...
- عن القتل والإكتئاب والبشر والغزاة !


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - المسيح الصوفي والبطل التراجيدي (1)