|
التحول من الدين فحسب إلى الثورة الدينية (دفاعا عن محمد ) (6)
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 15:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
التحول من الدين فحسب إلى الثورة الدينية (دفاعا عن محمد ) (6) لا شك في أن كتاب العفيف الأخضر يحتاج إلى باحث متفرغ لما حواه من شمولية في قراءة وتحليل النص القراني ، أصابت أحيانا ، وأخفقت في أحيان كثيرة لاعتمادها منهج التحليل النفسي وحده في قراءة النصوص ، متجاهلة الواقع الثقافي والإجتماعي والإقتصادي والسياسي إلى حد كبير ، فالعفيف لا يرى التحولات التي طرأت على الرسالة المحمدية من رسالة دينية فحسب كما هي في مكة إلى رسالة ثورة وإقامة دولة كما صارت عليه في المدينة. ثورة شاملة تلغي معظم المفاهيم السائدة بما فيها الفهم الديني ، فالرسالة المحمدية منذ بدايتها كانت رسالة توحيدية لحشد الأمم خلف دين واحد وليس مجموعة أديان ، وما كان سياسة مهادنة في مكه لم يعد صالحا لتطبيقه في المدينة ، وخاصة بعد أن كثرت مؤامرات اليهود ضد الرسالة المحمدية وضد النبي محمد نفسه ، ومحاولتهم زرع الفتنة بين الأنصار من ناحية وبين المهاجرين والأنصار من ناحية أخرى . فكان لا بد من آيات جديدة في النص القرآني المدني تنسخ آيات المهادنة في النص المكي . يتجاهل العفيف الأخضر هذا الواقع تماما وكأنه لم يكن ، ولم ير ما فعله اليهود في زمن محمد وحتى في الزمن الحاضر ، ضد العرب ، سواء في فلسطين أو مصر أو لبنان .وكأن اليهود كانوا طائفة مسالمة عبر التاريخ ، فحتى توراتهم تشهد على عنصريتهم وتشير إلى أنهم لم يكونوا يكتفون بقتل البشر من الفلسطينيين ، بل حتى الحيوانات . هذا الباحث المتفرغ أو الباحثين ينبغي أن يكونوا من العلمانيين المحايدين الموضوعيين ، والتنويريين الإسلاميين ( ولا أعرف إن جاز لي أن أعتبر نفسي تنويريا فأنا أجنح إلى العلم ربما أكثر من التنوير، وإن كنت أغار على الإسلام وإلى ما وصل إليه ) وأن تدعمهم جهة اسلامية ، إذا أراد المسلمون ، أن يرتقوا بالرسالة المحمدية ، لتكون رسالة للبشرية فعلا لا قولا ، وليس للمسلمين وحدهم ، إن ما نراه في العالم الإسلامي اليوم وخاصة في سورية والعراق وغيرهما ، من جز رؤوس بالسكاكين ، ورجم زانيات، وقتل واضطهاد وتهجير للطوائف الأخرى ، استنادا إلى مبادئ اسلامية وآيات قرآنية ، لهو أمر فظيع للغاية لا يتقبله أي ضمير بشري . أنزل سمعة الإسلام إلى الحضيض ! فما كان مقبولا في بداية الثورة المحمدية ، لن يكون مقبولا في عالم اليوم ، وبعد أكثر من 1400 عام على قيامها . وحتى العفيف نفسه يسعى في الفصول الأخيرة من كتابه إلى تقديم منهج عقلاني أسماه ( العقلانية الدينية ) يدعو الدول الإسلامية والعربية إلى اتباعه . غير أن العقلانية الدينية كما هي عند العفيف لا تتطلب إعادة النظر في النصوص المقدسة ، بل بقيام الدولة المدنية التي تحترم حقوق الإنسان وتعزل الدين عن الدولة . وربما يكون هذا مقبولا كخطوة أولى ضرورية . لكن على المدى البعيد لا بد من إعادة النظر . ولا بد من فهم معاصر للدين ككل ،يقرأ على ضوء منهجه ، فهم الدين الإسلامي . يورد العفيف مثالا على تعايش الدين مع الدولة المدنية كما في اسرائيل . حين أثبت المختصون الإسرائيليون ، ( أن الخروج من مصر أسطورة ،وأنه لا توجد وثيقة تاريخية واحدة ،كأوراق البردى مثلا ،تشهد على دخول اليهود أو العبرانيين إلى مصر أو خروجهم منها . ( 205) ويتابع : ( كشفوا هذه الحقيقة التاريخية المروعة للمؤمنين إيمان العجائز في السنوات 1970،في برنامج تلفزيوني بمناسبة الذكرى الألفية الثالثة لخروج العبرانيين من مصر ، شارك فيه المختصون في التنقيب الأثري وتاريخ الأديان المقارن ،ومفسروالتوراة ، وشاهدها أكبر كمية من المشاهدين في تاريخ التلفزيون الإسرائيلي . الأفضل من ذلك أن علماء الآثار أعلموهم أن سليمان ،وهو شخصية مركزية في التاريخ اليهودي ، شخصية اسطورية ،وأباه الملك – النبي داوود ، شخصية شبه اسطورية .) (ص 205) ويشير العفيف إلى ان المتحاورين ذهبوا أيضا إلى أن شخصية موسى مؤسس الديانة اليهودية هو شخصية رمزية " نقلها كتبة التوراة عن اسطورة الملك الأشوري سارجون " ( 205 ) ويشير العفيف إلى أن ( هذه الحقائق التاريخية المدوية لم تثر إلا أحد برلمانيي حزب شاس الديني في الكنيست ، الذي أعلن أمام الصحافة بكل اطمئنان " ما يقوله العلم كذب ،والحقيقة الوحيدة هي التي تقولها التوراة " ! لكن دور العبادة في اسرائيل والعالم العربي ،لم تغلق أبوابها ، والتوراة لم تنقل إلى أرشيفات التاريخ ،في متحف الآثار ،لتنام جنبا إلى جنب مع الفأس البرونزية ) ص205 كما تطرق العفيف لأقوال أخرى عن المسيح تشير إلى أن( مسيح الإيمان ... هو شخصية رمزية وأن مسيح التاريخ شخصية أخرى مختلفة تماما ، حتى أن البابا بنوا 16 الذي نشر كتابه عن المسيح سنة 2007 استعار لأول مرة عناصر كثيرة من مسيح التاريخ دون أن يشير إلى ذلك .) ( الصفحة نفسها ). لم أخض في تفاصيل القرآن المدني وتحليل العفيف لها ، فقد غدا أسلوبه معروفا ، يعيد كل آية إلى تحليل نفسي مرجعه الكبت والعدوانية ألخ ، متجاهلا الواقع التاريخي الإجتماعي .. ومتجاهلا الثورة التي قادها النبي محمد ، لإنشاء دولة الإسلام . في الفصول الأخيرة من الكتاب يعود العفيف إلى قانون التطور ويعزوه إلى تطور الدماغ ،وعلاقة الإنسان بالدين ، وتطور مفهومه ( ص 218 ) ويذهب إلى انسان المستقبل الذي قد لا يكون في حاجة إلى دين ( ستوجد أنواع أخرى من البشر ، ستكون قدراتهم الفكرية مختلفة عن قدراتنا ،وربما لن يبقوا في حاجة إلى نفس المتعاليات ، أي المعتقدات الدينية السائدة اليوم ) ( ص 219 ) أخيرا وفي الصفحات الأخيرة من كتابه يتطرق العفيف إلى الفيزياء ( الكوانطيه ) حسب تعبيره ،والمقصود الكمومية أو فيزياء الكم ،( التي أثبتت بالبرهان على أن الراصد وا لظاهرة المرصود ة متكافلان ، أي في تبعية متبادلة ، إذن لا مفر من بروز كائن واعي في الكون لكي يرصده ويعطيه معنى ، ليس بالضرورة أن يكون الإنسان ، بل كل شكل من الذكاء ، قادر على فهم نظامه وجماله وانسجامه ) ( ص 234) ويخلص العفيف إلى أن الذكاء الذي يريده هو ( مبدأ كلي الحضور في الطبيعة ،مندمج فيها، كما كان يفهمه سبينوزا وأينشتاين ) ( ص 234) لا يعرف العفيف للأسف أن سبينوزا أقام مذهبه الفلسفي (وحدة الوجود ) على مذهب ابن عربي الذي أقام مذهبه على فهم محمدي اسلامي ، أشار إلى أن الله ليس كمثله شيء ، وأنه موجود في كل زمان ومكان ، مما دفع ابن عربي إلى تعريفه بالقول ( لا يسري في الكون من أعلاه إلى أدناه إلا الحقيقة الإلهية ) وهو ما دفعنا بدورنا استنادا إلى هذا الفهم الإسلامي ، إلى تعريف الخالق بأنه الطاقة السارية في الكون والكائنات ،وفي كل خلية في أجسادنا ، وبأن عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق ، فلا يمكن معرفة الخالق دون خلقه ولا يمكن معرفة خلقه دونه ،وهو ما ينسجم تماما مع مبدأ الفيزياء الكمومية . أخيرا لا بد من القول أن العفيف الأخضر بذل جهدا كبيرا في كتابه بتحليله وتطرقه للعديد من آيات النص القرآني. والمؤسف أنه اتبع منهجا أحاديا هو منهج التحليل النفسي غير الناضج بعد ولا يمكن اعتماده لفهم التاريخ أو شخصية فيه .
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن القتل والإكتئاب والبشر والغزاة !
-
الجميع فصاميون كما يرى العفيف الأخضر ( دفاعا عن محمد ) (5)
-
صدور رواية (أبناء الشيطان ) لمحمود شاهين
-
عقدة اوديب ( دفاعا عن محمد ) (4)
-
أبناء الشيطان (رواية قصيرة )
-
عقدة اوديب ( دفاعا عن محمد ) (3)
-
دفاعا عن محمد ( رد على العفيف الأخضر ) (2)
-
دفاعا عن محمد ! (رد على كتاب العفيف الأخضر )
-
إما أنت أو لا أحد ! ( القصيدة كاملة انطلاقا من مذهب وحدة الو
...
-
سخافات شبكة النت ..
-
إما أنت أو لا أحد ..
-
في العقل البشري والطاقة
-
العقل الشخصي والعقل الكوني وهذياناتنا الدائمة !!
-
في العقل والطاقة والعقل الكوني !
-
شاهد على سفينة نوح يروي الحقيقة !!
-
الحياة والموت
-
دمعتان على الوضع الفلسطيني
المزيد.....
-
سلي أطفالك في الحر.. طريقة تحديث تردد قناة طيور الجنة 2025 T
...
-
صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
-
نبوءة حزقيال وحرب إيران وتمهيد الخلاص المسيحاني لإسرائيل
-
الجهاد الاسلامي: الإدارة الأميركية الراعي الرسمي لـ-إرهاب ال
...
-
المرشد الأعلى علي خامنئي اختار 3 شخصيات لخلافته في حال اغتيا
...
-
حماس: إحراق المستوطنين للقرآن امتداد للحرب الدينية التي يقود
...
-
عم بفرش اسناني.. ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأقمار ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة: ثبت التردد على التلفاز واستمتع بأحلى ا
...
-
مصادر إيرانية: المرشد الأعلى علي خامنئي يسمي 3 شخصيات لخلافت
...
-
طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب سات
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|