أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - مسيحية غير يهوائية ومسيح نقيض موسى !!( ألوهية يسوع المسيح تاريخيا )















المزيد.....


مسيحية غير يهوائية ومسيح نقيض موسى !!( ألوهية يسوع المسيح تاريخيا )


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 14:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مسيحية غير يهوائية ومسيح نقيض موسى !!( ألوهية يسوع المسيح تاريخيا )

في البدء لا بد من التطرق إلى دراسات حديثة تناولت الكتاب المقدس وتطرقت إلى شخصية المسيح وقد سبق وأن تطرقنا باختصار لعدم تاريخية الكتاب المقدس بجزئية ، وذكرنا أن التوراة جاءت من جزيرة العرب واليمن حسب بعض هذه الدراسات ،وخاصة دراسات كمال الصليبي وفاضل الربيعي مؤخرا . فحسب الصليبي أن عيسى بن مريم الذي في القرآن ليس يسوع المسيح الذي في الأناجيل .وأن يسوع كان يبحث عن ملك آبائه من بني اسرائيل ويخطط لثورة على الرومان ولم يكن رجل دين أو نبي أو إله ! وقد جاء من جنوب الجزيرة العربية .وأن
عيسى بن مريم مات موتا عاديا في الجزيرة ودفن فيها .لم ينجح يسوع في إقامة ثورته فصلب .
يسوع كان متزوجا من مريم المجدلية .ولم يكن اسم أمه مريم وله أربعة أخوة وأخوات ( هؤلاء مذكورون في أحد الأناجيل)

وأن الذي حول يسوع إلى يسوع المسيح وإلى إله وابن إله هو بولس ( شاؤول ) الجندي اليهودي في الجيش الروماني الذي كان يلاحق أتباع يسوع للقضاء عليهم ،وبعد أن فشل قرر بمساعدة حنانيا اليهودي الدمشقي من تحويل رسالة المسيح من رسالة سياسية تبحث عن ملك إلى رسالة دينية لم يسمع بها أحد من قبل . فالمسيح لم يدع أنه إله أو ابن إله حتى في الأناجيل .
بدأ بولس عمله بعد عشرة أعوام من صلب المسيح . ونجح بحدود بعد قرابة خمسة عشر عاما ، لكن المسيحية لم تترسخ إلا بعد أن اعتنقها الأمبراطور الروماني قسطنطين في القرن الرابع الميلادي .
معلومات مهمة ومثيرة لمن يبحث عن الحقائق التاريخية ، والمعرفة الحقة البعيدة عن الغيبيات .
( للإستفاضة يمكن مراجعة كتابي كمال الصليبي ( البحث عن يسوع) ( والتوراة جاءت من جزيرة العرب )

* مسيح نقيض موسى !

سنتعامل مع نص وصل إلينا نسب إلى المسيح بغض النظر عن صحة النسب وتاريخيته الحقة .

لقد اقتضى تطور الواقع وتطور الفكر الديني الإجتماعي تجاوز ممارسات إله وأطروحات ديانة مرعليها أكثر من ألف ومائتي عام .
حتى النبي (ونقصد موسى) الذي نهت وصاياة عن القتل بدأ حياته بقتل مصري اقتتل مع يهودي :
11 وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في أثقالهم، فرأى رجلا مصريا يضرب رجلا عبرانيا من إخوته
12 فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد، فقتل المصري وطمره في الرمل ( خروج 2)
وبدأ إلهه منزل الوصايا نفسها بإحلال الكوارث بالمصريين والبشر ، بحيث غدت الوصايا مفرغة من مضمونها ويعمل ما هو عكسها ،حتى بين اليهود أنفسهم الذين خصوا بهذه الوصايا دون غيرهم .
وهكذا ظهر إلى الوجود شاب نبيل مسالم ،يدعى يسوع المسيح ، حاملا رسالة محبة
وداعيا إلى أخوة بين البشر جميعا كونهم جميعا أبناء الله وليس هو وحده .ولو تأملنا في ماهية هذا الإله لوجدنا أنه ليس يهوة المدمر، بل الإله الكنعاني إيل ، بدليل أن المسيح يهتف في لحظاته الأخيرة على الصليب :
(إيلي، إيلي، لما شبقتني؟) أي: إلهي ، إيل، لماذا تركتني ؟ متى 27/46
ولو تأملنا أقوال وافعال المسيح لوجدنا أنها تتناقض بشكل كلي مع نزعة يهوة التدميرية ، ثم إن يهوه كان إلها خاصا باليهود وحدهم دون البشر ، أما رسالة المسيح فكانت موجهة إلى البشرية جمعاء . ولهذا نجزم أن أبوة المسيح( حسب الأناجيل ) كانت من قبل إيل كإله عام وليس من قبل يهوه ، ما أدى إلى تخبط في الفكر الكنسي اضطر معه أن يجعل من يهوة إيلا أيضا ولم يفرق بين ألوهيتهما .مع أن الفرق شاسع جدا بين إله كنعاني عرف في المنطقة قبل قدوم اليهود ، وبين إله وفد مع اليهود أنفسهم أو اضطروا إلى اختراع اسم له ليميزوه عن الآلهة الكنعانية .هذا عدا النزعات التدميرية والعدوانية والعنصرية التي عرف بها يهوه ولم يعرف بها إيل .
لم يشهد تاريخ المسيح كما هو في الأناجيل الأربعة أنه ارتكب اثما مهما كان هذا الإثم ، لم يقتل ، لم يزن ، لم يسرق ، كان محبا ، نبيلا ، رحيما ، لم يسئ إلى أحد ، عاش فقيرا ، ورحل فقيرا ، كره المال وأوصى بالتصدق به على الفقراء والمحتاجين . عكس ما نراه في كنائس وكنسيي اليوم من بذخ وترف . وأقسى ما كان يتفوه به المسيح في حالات غضبه ، هو أن ينعت اليهود بالخراف الضالة أو أبناء الافاعي ، حتى وعد الخاطئين بنار جهنم لم يتردد كثيرا في تعاليمه .وإذا ما أضفنا إلى فضائله أعمال الخير التي قام بها بإشفاء آلاف المرضى ومن كافة الأمراض ، فإنه يكون بذلك جديرا بمحبة الناس ،بل وجديرا بالألوهة .
وقد آن الأوان لأن نتطرق لبعض هذه المفاهيم .دون أن يغيب عن بال القارئ أنني أتحدث عن نص بغض النظر عن مصداقيته وقناعتي به ، وخاصة فيما يتعلق بالجوانب الأسطورية منه . كالألوهة وإشفاء المرضى وغير ذلك .
يفتتح المسيح مخاطباته بهذا النشيد الجميل والمؤثر ،ولا شك أن خطابا على هذا المستوى من الرفعة في ذلك الزمن ، لهو خطاب عظيم :

3 طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات
4 طوبى للحزانى، لأنهم يتعزون
5 طوبى للودعاء، لأنهم يرثون الأرض
6 طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون
7 طوبى للرحماء، لأنهم يرحمون
8 طوبى للأنقياء القلب ، لأنهم يعاينون الله
9 طوبى لصانعي السلام ، لأنهم أبناء الله يدعون
10 طوبى للمطرودين من أجل البر، لأن لهم ملكوت السماوات
11 طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة، من أجلي، كاذبين
12 افرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السماوات، فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم
13 أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء، إلا لأن يطرح خارجا ويداس من الناس
14 أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل
15 ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت
16 فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات (متى 5)
هل ثمة كلام أجمل من هذا الكلام . المساكين والحزانى والجياع والعطاش والمطرودين أبناء الله ،لهم ملكوت السموات ..
لم يمنح المسيح أرضا لليهود من النيل إلى الفرات ولم يفضلهم على غيرهم من البشر ، وعد الفقراء من البشرية بملكوت السموات . فما علاقة هذا الإله ( المسيح (
برب الحروب والكوارث المدمرة : يهوه ؟
) من الجدير بالذكر أن معظم الفلسطينيين المسلمين وأنا أحدهم يحبون المسيح ويعتبرونه فلسطينيا . وبالتأكيد هذه المسألة لا تدفعني إلى أن لا أرى التاريخ على حقيقته بقدر ما تتيح لي المعرفة التاريخية العلمية ذلك (
إن أكبر خطأ ارتكبته الكنيسة المسيحية . هو اعترافها بالديانة اليهودية دون أن يكون فيها ما هو يهووي ( نسبة إلى يهوه ) وأكبر خطأ ارتكبه الإسلام هو استناده إلى الديانة اليهودية بقدر كبير جدا، وإن كانت إحدى أكبر ثقافات ذلك العصر .
لنتابع تعاليم المسيح :
يتفانى يسوع ويسمو على الشر إلى حد لم يطبقه أحد فيما بعد إلا من كان بحجم يسوع نفسه وهو لم يوجد :

39 وأما أنا فأقول لكم : لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا
40 ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا
41 ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين
42 من سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده
43 سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك
44 وأما أنا فأقول لكم : أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم
45 لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين
46 لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك
47 وإن سلمتم على إخوتكم فقط، فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضا يفعلون هكذا
48 فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل (متى 5)
تعاليم لو طبقتها البشرية لكان حالها أفضل مما هي عليه الآن .ومن الملاحظ أن المسيح يشير دائما إلى الأب الذي في السموات كأب للبشرية كلها ، مما قد يعني أن بنوته لهذا الأب هي بنوة مجازية أو بنوة مختارة من قبل الإله ،وليست بفعل جماع إلهي مع أنثى أو شيء من هذا القبيل
.).
يتابع المسيح تعاليمه الدنيوية إلى البشرية موجها خطابه إلى تلاميذه وإلى الجموع المستمعة إليه :
19 لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون
20 بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون
21 لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا
22 سراج الجسد هو العين ، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا
23 وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما، فإن كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون
( متى 6)

وللأسف لم يعد أحد يكنز كنوزا في السماء . وأصبحت الدنيا وكنوزها هي غاية الجميع . الطيور وحدها هي التي لا تكنز وربما وحدها من يستحق ملكوت السماء :
26 انظروا إلى طيور السماء: إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها
) المصدر نفسه 6) لاحظوا التأكيد على الأب السماوي للبشرية كلها ( أبوكم السماوي )
ويطالب المسيح أن يرى الناس عيوبهم قبل أن يروا عيوب الآخرين :
1 لا تدينوا لكي لا تدانوا
2 لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم
3 ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها
4 أم كيف تقول لأخيك: دعني أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك
5 يا مرائي، أخرج أولا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك
( المصدر نفسه 7)
تذكرني هذه المزامير ببيت الشعر الحديث القائل ( لو نظر الناس إلى عيبهم ما عاب إنسان على الناس ) فالبشرية ما تزال حتى يومنا هذا تستوحي وتستلهم أفكار المسيح
التي شكلت طفرة نوعية في تطور وتقدم الفكر الإنساني .
اغرورقت عيناي بالدموع حين قرأت هذا النشيد العظيم (اللاحق )، فأنا وللحق لا أستطيع أن أخرج من جلد الأديب لألبس جلد الباحث المحايد فقط ، وأدرك قوة وتأثير الأدب ( الكلمة ) في النفس وأدرك قبل الشروع في مراجعة الإنجيل أنني أمام نص أدبي عظيم لم يكتب قبله ما هو بمستواه على الإطلاق ، بغض النظر عن تأثره بما سبقه من نصوص ادبية دينية سومرية وبابلية وفرعونية وكنعانية وتوراتية (ملحمة أيوب ) التي شكلت طفرة نوعية في الأدب التراجيدي ، بحيث كان من المستحيل أن يأتي بعدها إلا ما هو أروع منها ، فكانت هذه الملحمة التراجيدية العظيمة عن يسوع المسيح :
28 تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم
29 احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم
30 لأن نيري هين وحملي خفيف
( المصدر نفسه 11)
كان للمسيح أربعة أخوة (يعقوب، يوسف، سمعان، ويهوذا (متى 55:13) وأخوات غير معروف عددهن حسب الأناجيل . وكان يحترم ويجل أمه وأباه ( مريم العذراء ويوسف النجار ) غير أنه ومنذ أن بدأ رسالته راح ينظر إلى الجميع كإخوته :

46 وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجا طالبين أن يكلموه
47 فقال له واحد: هوذا أمك وإخوتك واقفون خارجا طالبين أن يكلموك
48 فأجاب وقال للقائل له: من هي أمي ومن هم إخوتي
49 ثم مد يده نحو تلاميذه وقال: ها أمي وإخوتي
50 لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي
( نفسه 12(
(وهذا ما ظهر في الإسلام فيما بعد باعتبار المؤمنين أخوة .)
وأوصى المسيح بالأبوين :
4 فإن الله أوصى قائلا : أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتا
( متى 15)
( وهذا ما ظهر في الإسلام أيضا فيما بعد بحيث وضع الأبوين في مكانة عظيمة جدا )


وليست القذارة في عدم غسل الأيدي قبل الطعام بل في ما يخرج من القلب وينطق به اللسان :

1 حينئذ جاء إلى يسوع كتبة وفريسيون الذين من أورشليم قائلين
2 لماذا يتعدى تلاميذك تقليد الشيوخ، فإنهم لا يغسلون أيديهم حينما يأكلون خبزا
قال :
17 ألا تفهمون بعد أن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج
18 وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر، وذاك ينجس الإنسان
19 لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف
20 هذه هي التي تنجس الإنسان. وأما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجس الإنسان
( المصدر السابق )
وطالب المسيح تابعيه بأن لا يتبعوا أعمال الكتبة والفريسين لأنهم يقولون ما لا يفعلون :
4 فإنهم يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم
5 وكل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس: فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم
6 ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع
7 والتحيات في الأسواق ، وأن يدعوهم الناس: سيدي، سيدي
8 وأما أنتم فلا تدعوا سيدي، لأن معلمكم واحد المسيح، وأنتم جميعا إخوة
9 ولا تدعوا لكم أبا على الأرض، لأن أباكم واحد الذي في السماوات
10 ولا تدعوا معلمين، لأن معلمكم واحد المسيح
11 وأكبركم يكون خادما لكم
في الوقت الذي يدعو فيه إلى عدم مخاطبة الكتبة والفريسين كأسياد ومعلمين يدعو إلى التواضع بأن يكون أكبر تابعيه خادما لهم . ويتابع :
12 فمن يرفع نفسه يتضع ، ومن يضع نفسه يرتفع
ويتابع هجومه على الكتبة والفريسين :

13 لكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس، فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون
14 ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل، ولعلة تطيلون صلواتكم. لذلك تأخذون دينونة أعظم
15 ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلا واحدا ، ومتى حصل تصنعونه ابنا لجهنم أكثر منكم مضاعفا .
( متى 23)

ألإنسان الكامل !!

أي انسان هذا الذي كان يسوع المسيح يسعى لأن يوجده بهذه التعاليم الموغلة
في التسامي والفضيلة . إنه الإنسان الكامل كما الأب الإله :
48 فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل
( متى 5)
أجل الكامل كما الأب الإله ، أي أن يكون البشر بمستوى الألوهة نفسها ، أن يكونوا آلهة !! ولا أعرف إن كانت هذه محض صدفه أم أن كلام المسيح غرس في لا وعيي منذ أن قرأت الأناجيل أول مرة ، فأنا أدعو في فلسفتي إلى الإنسان الكامل ، انسان الفضيلة ، الذي لم يوجد بعد ، وربما ثمة اختلاف بيننا وهو أن الخالق عندي ما زال يسعى لخلق هذا الإنسان ،وأن عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق ، فالخالق يخلق الإنسان والإنسان يبني الحضارة . وربما أيضا لم يغب هذا عن بال المسيح بدعوته الناس أن يسعوا إلى الكمال . فلا كمال دون حضارة . والحضارة ليست عمارات وشوارع وجسورومركبات ومدن فحسب. الحضارة قيم خير وعدالة وأخلاق وفضيلة ومحبة .
كان المسيح متشددا في المسألة الجنسية مع أنها مسألة حساسة وملحة وكثيرا ما يتصرف المرء بدوافع غريزية :
27 قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تزن
28 وأما أنا فأقول لكم : إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه
29 فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم
( متى 5)
ومع ذلك نجده يتخذ موقفا انسانيا حين تغلبت رحمته على مبادئه ، فلم يشر حتى برجم الزانية :
3وقدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنا . ولما أقاموها في الوسط
4 قالوا له : يا معلم ، هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل
5 وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم . فماذا تقول أنت
6 قالوا هذا ليجربوه ، لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه . وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض
7 ولما استمروا يسألونه ، انتصب وقال لهم : من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر
8 ثم انحنى أيضا إلى أسفل وكان يكتب على الأرض
9 وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم ، خرجوا واحدا فواحدا ، مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين . وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط
10 فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحدا سوى المرأة ، قال لها : يا امرأة ، أين هم أولئك المشتكون عليك ؟ أما دانك أحد
11 فقالت لا أحد ، يا سيد . فقال لها يسوع : ولا أنا أدينك . اذهبي ولا تخطئي أيضا
(يوحنا
تحضرني الآن سيرة الأديب اليوناني الكبير نيكوس كازنتازاكي الذي أمضى عمره يبحث عن الله في الأديرة والكنائس وذهب إلى فلسطين وسيناء . في دير سانت كاترينا على ما أذكر سأل مسؤول الدير إن كان رأى الله في حياته وهو في هذه العزلة الصحراوية ، فأجابه الراهب بالنفي وأطلعه على سر يكشفه لأول مرة في حياته قائلا ما معناه أن المسيحية قتلت الجسد لصالح الروح . وحين عاد كازنتزاكي من رحلته ذهب واعتكف في دير على جبل آثوس ، وفيما كان نائما ذات ليلة جاء طباخ الدير وأيقظه من النوم ليقول له أنه رأى الله . نهض كازنتزاكي متلهفا فيما شرع الراهب يقص : قال ما معناه :أن مسؤول الدير أرسله ليجمع حصة الدير من غلال القمح من الفلاحين وعليه أن يساعدهم في الحصاد . حين وصل الراهب الحقل شاهد امرأة ترضع طفلا ، فنهرها لتحتشم وترضع طفلها في مكان مستتر . كان على الراهب أن يقيم مع الأسرة الفلاحة إلى أن ينتهي الحصاد وجمع الغلال . أفردوا له غرفة ينام فيها . وما أن استلقى على السرير حتى مثل نهد المرأة في خياله . وحاول عبثا أن ينسى النهد . وحين كان ينظر إلى المصباح كان يرى النهد فيه . حتى إطفاء المصباح لم يكن يجدي . جاءته المرأة بالطعام ،وحين عادت لتأخذ البقايا وجدت أنه لم يأكل . لم يعد قادرا على الأكل ، أصبح النهد شغله الشاغل .
قالت له المرأة ما معناه : إن لجسدك عليك حق كما لله عليك حق . وتراجعت
لتخرج من الغرفة ،وفيما كانت تستدير لتخرج من الباب ، فوجئت بالراهب يثب ويشدها من كتفيها إلى الوراء ويطرحها على السرير بعنف ويشرع في مضاجعتها . وهنا يقول الراهب لكازنتزاكي ما معناه : وفي ذلك الصباح شاهدت الله ،كان يقف فوق سريري !
وهكذا استطاع هذا الراهب أن يرى الله حين مارس ما يعتبر في العرف الديني خطيئة .
هناك مسائل أخرى تشدد فيها المسيح حرصا منه على إيجاد الإنسان الكامل :
30 وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم
( متى 5)
سأكتفي بهذا القدر من التعاليم المنسوبة إلى السيد المسيح ولن أتطرق للمعجزات التي قام بها وهي كثيرة جدا . وهذه الكثرة تجعل المرء يشك في مصداقيتها رغم معرفتي أن علم الباراسيكولوجي أثبت وجود ظواهر خارقة لدى بعض الناس تجعل بعضهم قادرين على إشفاء المرض .
وأدرك تماما لو أن معجزة واحدة خارقة أو أكثر لو حدثت أمام الحكام اليونانيين والشعب لاعترفوا بألوهيته ولما صلب ، ولما جرت كل هذه المعارك بين الكنائس
حول طبيعته ، ولآمن الوثنيون جميعا ولما تم قتل بعضهم في الإسكندرية وغيرها على يد المسيحيين الأوائل كما حدث للفيلسوفة السكندرية هيباتيا أستاذة الفلسفة
اليونانية التي قتلت بشكل وحشي سحلا في شوارع الإسكندرية حتى سلخ جلدها ومن ثم أحرقت .
ذكرنا أن الأناجيل لم تكتب في عهد المسيح بل بعد عقود وقرون ،وقد امتزج فيها الخيال الأدبي مع الواقع والتاريخ والفلسفة والحكمة والبلاغة ، ولا شك أن للأدب قوة وتأثيرا في النفس يجعلان من ثقافته بسيطة أن يقتنع بكل ما فيه ، فما بالكم بثقافة الإنسان قبل ألفي عام .
في كتابي ( غوايات شيطانية ) أصبح بطلي ( الأديب ) ابنا لله بعد أن اختاره الله . لكن أحدا لن يصدق ذلك .
وفي روايتي ( الملك لقمان ) جعلت الله يحيي الموتى للقمان ويحيل المحيط الجهنمي إلى مياه عذبة . وبالتأكيد لن يصدق أحد ذلك ، غير أن تأثيره في النفس سيكون كبيرا .
إن البشرية الآن في وضع يؤهلها ببساطة لأن تميز بين قوة الأدب والديني منه بشكل خاص ، وقوة العلم والمنطق والفلسفة .
يتبع من منظور صوفي لشخصية المسيح حسب النصوص التي وصلت إلينا .



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفولة المسيح وألوهيته ( ألوهية يسوع المسيح تاريخيا)
- شاهينيات ( في الخلق وفناء المادة )!!
- ألوهية يسوع المسيح تاريخيا .
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة (5)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 4)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 3)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 2)
- ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة (1)
- شاهينيات : في الخلق والخالق مرة أخرى!
- آه على وطن !
- التحالف بين يهوه ( الله ) والشيطان على أيوب !
- لو أن المثقف راقصة !!* ( برسم السلطة الفلسطينية واتحاد الكتا ...
- شاهينيات في الخلق والخالق ( وإن شئتم في المادة والطاقة )!!
- تحولات الألوهة من الأنوثة إلى الذكورة !!
- محمود شاهين يوقع أبناء الشيطان
- شاهينيات : في الخلق والخالق والعقل البشري
- ملكة السماء تعد الأديب بالنسيان
- التحول من الدين فحسب إلى الثورة الدينية (دفاعا عن محمد ) (6 ...
- عن القتل والإكتئاب والبشر والغزاة !
- الجميع فصاميون كما يرى العفيف الأخضر ( دفاعا عن محمد ) (5)


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - مسيحية غير يهوائية ومسيح نقيض موسى !!( ألوهية يسوع المسيح تاريخيا )