أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - كلاب الأوطوروت














المزيد.....

كلاب الأوطوروت


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 08:05
المحور: الادب والفن
    


اجتمعت الكلاب مساء في وسط ساحة خلفية، وتداولت في أمر تحديد اللائحة التي سيتم طردها من الكلاب التي صارت عبئا على صاحب الضيعة. بعدما سمع الكلب المسن زوجة الفلاح تشكو من تزايد عدد الكلاب وصعوبة الاهتمام بإطعامها وتنظيفها.

قالت الفلاحة مخاطبة زوجها:

- لا أعرف سببا وحيدا يجعلنا نستمر في المحافظة على كل هذه الأعداد من الكلاب. كل شهر تنضاف جراء جديدة، لم أعد قادرة على إحصائها وتسميتها والعناية بها.

رد الزوج المتعب من عمل اليوم نافثا دخان سيجارته السوداء في الفضاء:

- أتذكرين يا طامو.. كان لدينا قديما كلب واحد وكلبة واحدة، ثم أنجبا في الأول أربع جراء فخمسة، ثم ستة، واختلط علي الأمر، كبرت الجراء وتزوجت من الكلاب التي ولدتها وأنجبت منها. الكلاب بنت الحرام...
ثم ضحك الرجل وضحكت معه المرأة.

قالت المرأة:

- حتى حظنا تعس، الناس تربي كلاب الصيد الألمانية، تنفع في بيعها للقناصين، أوكلاب الكنيش تبيعها للسيدات من هواة الكلاب، ونحن ربينا هذا الصنف من الكلاب الذي لا نعرف له اسما ولا أصلا.

رد الزوج متحسرا:
- ألم تلاحظي يا طامو أن عدد القطيع من أغنامنا يتناقص في ما يزداد قطيع الكلاب؟

حملت المرأة بين يديها حزمة من الحطب وابتعدت وهي تردد:
- وما العمل يا بوشتى.. ما العمل..؟

- لن نحار في الأمر.. سنحتفظ بأربعة أو ستة كلاب، أو حتى عشرة. هذا عدد أكثر من كاف.

في احتماع الكلاب نطقت الكلبة الكبيرة. قالت:

- في الحقيقة إن ما يقال في حق أبناء وبنات جلدتنا ليس مجانبا للصواب، ولا أريد من أي كلب أو كلبة منكم أن يدعي أن صاحب الضيعة وزوجته يعتديان علينا.. فأغلبكم يقضي النهار نائما جنب البيدر أو داخل المطبخ دافئا يشخر. آخرون من الجراء الصغيرة تقضي نهارها في التسكع في الخلاء. ثم لا لصوص في هذه القرية، فالأمن مستتب وأعين الحراس لا تنام. أما الذئاب، التي يعتقد البشر خطأ أنها تخاف منا، فلم يعد لها أثر من قرن ويزيد بهذه المنطقة، فلا ثعالب هنا ولا ذئاب غيرنا.

تكلم كلب متوسط السن بعد أن هز ذيله، العلامة المتفق عليها لطلب أخذ الكلمة، قال:

- إن الخير وفير، ولم نسمع بمثل هذه المبادرات الخطيرة حتى في عز سنوات الجفاف. لنفكر في ما يمكننا أن نعود به بالنفع على صاحبنا، ونقترح عليه التراجع عن قرار تسريحنا الجماعي.

وقال كلب صغير عديم التجربة:

- لماذا لا ننخرط في صفوف نقابة عتيدة ونتحد ضد هذا المستبد، لقد استغل آباءنا وأجدادنا، واليوم يريد أن يرمينا للخلاء ويحولنا إلى كلاب ضالة.

ساندته صديقته الشهباء التي لا تفارقه:

- الحق معك، لنعبر عن تضامننا الجماعي، ولنقف وقفة كلب واحد ضد الظلم والاستغلال. لننبح جماعة.
نبحت وحدها. فضحكت منها باقي الكلاب.

تدخلت الكلبة الكبيرة:

- لا أريد تدخلات مشابهة لصاحبة هذا النباح المسيء لسلالتنا العريقة.

وعلق كلب ساخرا:
- يا له من جيل فقد لغته، ضيع هويته ونباحه، لولا لغتنا لاختلط الأمر على الناس في تمييزنا عن الذئاب المفترسة.

في صباح الغد تقدم كلب جاسوس بتقرير كامل إلى صاحب الضيعة، يشتمل كل ما جرى في اجتماع الكلاب ليلة الأمس بالساحة الخلفية في جنح الظلام.
بصبص الكلب الجاسوس ولحس رجل الفلاح، فألقى له بعظمة، ارتمى عليها الجاسوس كالكلب.

نقل الفلاح مضمون التقرير الكلبي إلى زوجته ففرحت. قالت:

- المهم أعفتنا الكلاب من عناء التفكير في مصيرها. ودعت زوجها إلى النوم.

بعدها اختفى الكلب الجاسوس، ظن الفلاح وزوجته أن بني جلدته فطنوا بخيانته فاختطفوه وقاموا بتصفيته بعيدا عن أعين القرية.
لكن أعداد الكلاب أخذت يوما عن يوم في النقصان.

قالت المرأة زوجة الفلاح:
- ربما قررت الكلاب من تلقاء نفسها الهجرة خارج القرية، والبحث عن عمل في المدينة.

ولما اختفت كل الكلاب، ولم يبق أثر لواحد منها، اجتمع الفلاح بزوجته للتفكير في اللغز.
نزلا إلى مركز القرية للسؤال عن أثر كلابهم، فلاحظت المرأة تواجد عدد من البشر المختلفين. لهم عوينات ضيقة وقصيري القامة ولونهم أصفر.

سأل الزوج أحد المارة فرد إنهم أجانب من الصين.
- لكن لا يبدو عليهم يا ولدي أنهم من السياح.
رد الشاب:
- لا، هم ليسوا سياحا بل عمالا، إنهم عمال وصلوا من شهر للعمل في مشروع الطريق السيار.
- وأين هي سواعد شبابنا وعضلاتهم لحفر الطريق؟

وتقدمت الزوجة بسؤال إلى الشاب:

- دعنا يا بوشتى من الكلام الفارغ في الناس، قل لي يا وليدي، ألم تر كلابا ضالة، قدر الله شرفك، تتجول بالقرية هاته الأيام.
ضحك الشاب وقال:
- ألم يبلغكما خبر انقراض كلاب القرية؟
الناس لم تعد تخاف على خرافها ونعاجها هاته الأيام، بل على كلابها. يقولون إن أكلة الكلاب حلوا بالمنطقة، وخطفهم للكلاب يتم في غرق الليل، والاتهام موجه لأصحاب الأطوروت.
لكن سيدة كانت واقفة تتابع حديث الشاب مع الفلاح وزوجته تدخلت:
- الكذب على الله حرام، لا أحد شاهد بأم عينيه أصحاب الطريق يختطف كلبا ويذبحه، ثم إن زوجي الجزار يقول لي إن عدد زبنائه ازداد مع دخول الشينوة. والله أعلم.
عاد الشاب ليتدخل:
- في جميع الأحوال البلدية سعيدة بنظافة شوارع القرية من الكلاب الضالة والمسعورة التي اجتاحتها في الفترة الأخيرة. والله لارتحنا من الكلاب الضالة.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تمردت شخصيات الكاتب ضده
- عطلة استجمام في الوليدية
- المسطولون يتحدون التاريخ
- زمن بين رحلتين
- زمن بين رحلتين
- كلام كثير
- القبر الأخير
- حفلة بالطربوش الأحمر
- الاستشهاد مغادرة طوعية للحياة
- مقاولة -إنما الأعمال بالنيات-
- سكرة بجوار الموتى
- كم ثمن الفرح؟
- غبار محمل بالغضب
- زفزاف.. البوهيمي المفترى عليه
- فلسطين برازيلية لا عربية
- قتل حاخام مغربي فاشل
- -الخبز الحافي- إبداع مشترك لدييغو مارادونا ومحمد شكري
- قصة مباراة نهائية
- موعد غرام مؤجل
- فوزالدودة الضرورة


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - كلاب الأوطوروت