أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الرحيم التوراني - قتل حاخام مغربي فاشل














المزيد.....

قتل حاخام مغربي فاشل


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4489 - 2014 / 6 / 21 - 20:51
المحور: سيرة ذاتية
    



عن دار نشر "سوي" الباريسية صدرت طبعة جديدة من كتاب لفكتور مالكا بعنوان "يوميات حاخام فاشل".
ويحكي فيه عن دراسته بمعهد للدراسات اليهودية بالدار البيضاء، في الخمسينيات من القرن الماضي، بهدف التخرج حاخاما كما كان يود ويرغب في ذلك والده، سيرا على نهج الأجداد. لكن فكتور سيخلع ثوب " الحَزَّانْ " ليغادر المغرب ويتجه صوب فرنسا لمتابعة دراسة الصحافة والإعلام. وهو ما تسبب للوالد في خيبة كبرى، هي نفس الخيبة التي ستدرك فكتور مالكا وهو في خريف العمر، يرى بحسرة إلى ما آلت إليه الأمور، ويعرب عن حزنه الكبير لتراجع مشهد الديانة اليهودية في العالم، في إسرائيل وعبر الشتات. كما يدعو إلى الحوار الضروري والمصالحة بين اليهود والمسلمين.
الكتاب مليء بالأسئلة الوجدانية، وبالغضب كذلك.
لكن النكتة اليهودية تملأ الكثير من صفحاته وسطوره، حيث أن الكاتب يتناول موضوعا على محمل الجد بأسلوب النكتة..
+++++
قبل ما يزيد أو يقل على عقد من الأعوام، لا أذكر السنة ولا الشهر، حوالي العاشرة صباحا من يوم مشمس اتصل بي في الهاتف الصديق الإعلامي عادل حجي ودعاني للتعرف على فكتور مالكا، مسؤول القسم الثقافي بإذاعة فرنسا الدولية، والذي حضر إلى المغرب من فرنسا للمشاركة في البرنامج الثقافي الشهري "بين السطور"، الذي كان يعده ويقدمه باللغة الفرنسية عادل حجي على القناة الثانية "دوزيم".
وجدتهما ينتظرانني على رصيف مقهى "ألكسندريا" بشارع الزرقطوني، على مقربة من "توين سانتر" بشارع الزرقطوني، أحد أكبر وأنظف شوارع مدينة الدار البيضاء.
كان الرجل متقدما في السن، يصح فيه القول "بلغ من العمر عتيا". استقبلني ببشاشة ظاهرة. بعد أن تكلف الصديق عادل بتقديمنا لبعض. انشرح فكتور مالكا قائلا: - نحن عائلة واحدة إذن.. كلنا من أسرة الإعلام.
ثم ابتسم ونظر إلي بعينين ضيقتين، لتتسع ابتسامته ويحولها إلى ضحكة مجلجلة ذكرتني بقهقهة الصديق إدريس الخوري. .
قلت للمسؤول عن "فرانس كلتور":
- أظن أنك لست بحاجة لنرحب بك في بلدك المغرب وفي مدينتك الدار البيضاء.
وكان ذلك أحسن مدخل لجذبه للحديث عن يهود المغرب، وعلاقتهم بمواطنيهم المسلمين، ومؤامرة تهجير اليهود صوب إسرائيل، وهجرتهم صوب فرنسا وكندا وغيرها من بلدان الشتات.

في البداية أخذ فكتور يردد الدعاية الصهيونية التي نعرفها بخصوص هذا الموضوع، وكون المغاربة المسلمين مارسوا العنصرية والإرهاب ضد مواطنيهم اليهود مما أرغم هؤلاء على الهجرة إلى إسرائيل، لكن بعد نقاش هادئ بدأ يوافقني الرأي معترفا بالدور التضليلي الخطير للحركة الصهيونية العالمية في نشر وبث الرعب بين اليهود المغاربة، لدرجة ارتكاب جرائم قتل ضدهم ونسبها إلى المسلمين، وفي تقديم إسرائيل لهم كمجتمع متجانس ومنسجم وكملاذ آمن لليهود. ولم ننس الحديث عن تواطؤ جهات مغربية على أعلى المستويات في بيع اليهود المغاربة للحركة الصهيونية العالمية.

لما ابتعدنا عن الميل بالنقاش نحو الاحتداد. غير فكتور مالكا الموضوع ليتحدث لنا عن عمله الإذاعي بإذاعة فرنسا الدولية، وكان لنشراتها الإخبارية حضور قوي لدى النخبة المغربية قبل عصر الفضائيات. وتكلم لنا أيضا عن مؤلفاته. فأخبرته أني أتوفر على نسخة من أحد كتبه حول الصراع العربي الإسرائيلي، مترجم إلى اللغة العربية وصادر في دمشق. أسعده الخبر كثيرا، ولم يكن يعلم بذلك، وطلب مني توفير نسخة له من كتابه المترجم. ثم تحدث لنا عن طفولته وذكرياته في المغرب، وعن بعض صداقاته مع المثقفين المغاربة، وذكر لنا صلته بالصحفي والكاتب الراحل عبد السلام حجي المثير للجدل، الذي لم يتردد في المجاهرة بتأييده لمواقف الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة من الصراع العربي الإسرائيلي، سنة 1965، وهو ما جر على عبد السلام حجي وقتها كثيرا من المشاكل. وبالمناسبة فالأستاذ عبد السلام حجي هو والد الصديق عادل حجي. وشقيقه كريم حجي مدير بورصة الدار البيضاء حاليا.
بعد ذلك انتقل فكتور إلى انتقاد بعض المظاهر التي لم تعجبه في الدار البيضاء، وطلب من عادل أن يتدخل لتغيير الفندق البعيد الذي اختاروه له، والذي يطل على بناءات عشوائية وعلى دور الصفيح بمنطقة "ليساسفة" بضواحي جنوب الدار البيضاء. وربما تمت الاستجابة لذلك، وانتقل ضيف القناة الثانية إلى أحد فنادق شارع "أنفا" وسط المدينة.

وبعد إنهائنا لوجبة غذاء خفيفة تكلم فكتور قائلا إن المغاربة لا يضحكون كثيرا وتنقصهم روح النكتة، وهو ما انبريت أنا لدحضه وتفنيده، إذ حولت الجلسة إلى جو مرح بحكي بعض النكت، ومنها نكتة ساخرة حول المال والحظ والقدر. كادت النكتة أن تميته فعلا من الضحك وليس مجازا. وقد حكيتها له بالدارجة المغربية البيضاوية التي يفهمها ويتقن الكلام بها. أخذ الرجل السبعيني يسعل حتى كاد أن يختنق، واجتمع كل الدم في رأسه وكاد أن يخرج من عينيه الدامعتين. أسرع عادل بمده بالماء وهو يلومني:
- كنت ستتسبب في قتل الرجل.

أما فكتور مالكا بعد أن هدأ قليلا، فقد أخذ يفتش في جيوب سترته الداكنة عن هاتفه المحمول، وقال لنا إنه سيتصل بزوجته ليحكي لها هذه النكتة المضحكة جدا، يريد تبديد قلق غيابه عنها. وهو ما منعته من فعله.
- أرجوك يا فكتور.. لا تفعل.. فقد لا تجد زوجتك من يسعفها بكوب ماء لو اختنقت من الضحك. لا تفعل حتى تعود إلى باريس.
عاد الرجل إلى الضحك مرة أخرى وتفاصيل النكتة تقفز في ذهنه. خفت من عودة الحالة إليه. استأذنت الانصراف، وودعت كالهارب من باطل يكاد أن يتلبسه.

ماذا لو حصل ومات هذا الرجل بين يدي؟
رجل غير عاد تماما.
يهودي، مغربي، فرنسي، كاتب وصحافي... وربما إسرائيلي أيضا. من يدري....؟

لاحقا سيصدر فكتور مالكا قاموس السخرية اليهودية وسيضمنه تلك النكتة على أساس أنها نكتة يهودية.
ويمنعني الحياء من أن أحكيها للقارئ هنا، والسبب بذاءتها.
لكنها نكتة مغربية مائة في المائة.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الخبز الحافي- إبداع مشترك لدييغو مارادونا ومحمد شكري
- قصة مباراة نهائية
- موعد غرام مؤجل
- فوزالدودة الضرورة
- لوح
- من أعمال سلفادور دالي غير المكتملة.. من مقتنيات متحف الجامعة ...
- ماذا يجري في حكومة هذا البلد الأمين الذي اسمه المغرب؟ بعد ضر ...
- قصة إدوارد موحا وما جرى له أو حكاية عن الجحود والغبن المخزني
- الدكتور محمد الحبابي: الزهايمر السياسي أشد خطورة وإدريس لش ...
- ميت في حانة
- لماذا اختار المخرج والممثل المغربي شفيق السحيمي المنفى الاضط ...
- المواجهة التلفزيونية بين رجل الإشهار نور الدين عيوش والمفكر ...
- مساسل -شوك السدرة- لشفيق السحيمي .. ما بين -بؤساء- الحكاية و ...
- جريمة موزونة
- مقتل إسماعيل فاي بالرباط
- حائرة
- دانييل عليكم... ( في الغصب والاغتصاب والعفو وسحب العفو والإع ...
- الفردوس للجميع
- نمر هارب من سيرك
- موت سريع كالرمل


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الرحيم التوراني - قتل حاخام مغربي فاشل