أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟















المزيد.....

ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4563 - 2014 / 9 / 3 - 12:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من الغريب أن بيننا من لا يفكر في الانتحار، ومن المدهش أن من يفكرون في الانتحار لا ينتحرون
(طفلة من مخيم الأمعري)

الحياة غريزة قوية لدى أعضاء منتدى الكائنات الحية جميعاً، بوصفهم أفراداً أو جماعات. صدقوني لو لم يكن الأمر كذلك لما بقي فلسطيني واحد على قيد الحياة. كنا قتلنا أنفسنا جميعاً. إذ ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟
بعد "اللي صار، كل اللي صار" تطل علينا من كوكب آخر فروسية أبناء المحاور السعودية والقطرية. طيب يا إخواني الفلسطينيين، وكالات الأنباء تحمل أخباراً مزعجة: يمكن الولايات المتحدة فقدت الأمل في فاعلية الدور القطري، وربما تطلب من قطر العودة إلى بيت الطاعة السعودي. ماذا يفعل عزمي ويوسف وخالد وإسماعيل وبقية الأحبة الذين قفزوا منذ بعض الوقت في إحدى عربات أردوغان وتميم الثورية؟
يمكن ما يظل في تنويعات في المدارس الأمريكية الشرق أوسطية، يعني بصراحة "خايف" ما يظل ألوان من الثورات الأمريكية المتنازعة. ماذا نفعل في تلك الحالة: بمعنى كيف سنجد أسباباً مقنعة للتنازع على من صنع النصر، ومن السبب فيه من الحلفاء التابعين للولايات المتحدة زعيمة الحرية والديمقراطية والديمقراطيين والأحرار؟ مشكلة، لا شك أنها مشكلة برسم البحث عن مخرج. (قال مظفر: يا رب كفى حكاماً قردة...). "بعد اللي صار، كل اللي صار،" الموت والدمار، والصمود والبطولة، المأساة في قمة تجلياتها، يصر هذا وذاك على تحويلنا إلى أضحوكة.
ترى ما الذي يمنع أحدنا من الخروج على الناس شاهراً سيفه؟ وما الذي يبقيه على قيد الحياة؟
الأجهزة التي تتنمر على المواطن في كل مكان، وتنتهك حقوقه ولا تفعل شيئاً تجاه المحتل. كذب توماس هوبز: ليس من مهام الدولة حماية الإقليم وسكانه من العدوان الخارجي. لا نعرف ما هي مهماتها بالضبط، خصوصاً في بلادنا. لكن ماركس على الأرجح وجد طريقة لتطبيق النظرية: إن مهمة الدولة هي أن تحمي نوم الأغنياء من أرق الفقراء. كم يبعد الأمعري عن المصيون؟ بل كم تبعد رام الله عن غزة؟ أمتار تفصل المكان عن المكان، لكن مسافات ضوئية طبقية تفصل السكان عن السكان.
لكن ما مسوغ البحث عن الوطن المفقود؟ هل قال ابن أبي طالب: الفقر في الوطن غربة؟ والغنى في الغربة وطن. مرة أخرى ماركس: رأس المال لا وطن له. شكراً ماركس، نحن في هذه البلاد أكثر من غيرنا نعرف أن رأس المال لا وطن له. وطنه هو الربح حتى لو ضاع الوطن كله أو تفكك أو تمت مصادرته لأغرضا الاستيطان.
هل يوجد بقايا بقعة لإدارة الشركات التي تجني الأرباح من بيع الهواء؟ يوجد؟ شكراً إذن فلتلحق المدن والقرى بأخواتها.
ترى ما الذي يمنع أحدنا من الخروج على الناس شاهراً سيفه أو يبقيه على قيد الحياة؟
ربما المشافي وخدمات الأطباء الذين يطبقون الأغنية الكوميدية الكئيبة: "طبيب جراح، جيوب الناس أفضيها."
قال الدكتور: "هناك بقعة في الصدر، نحتاج إلى مزيد من الصور لكي نتحقق من الوضع." قلت متهكماً: "هل تعتقد أن هناك سرطاناً في رئة الرجل؟" قال بلهجة تصطنع الجد: "كل شيء ممكن." قلت لنفسي (مثلما هو المعتاد في مثل هذه المواقف): "في المال ولا في العيال." على الرغم من أنني كنت متأكداً أنه يسعى إلى انتزاع مائة شيكل أخرى من جيب الرجل. عندما ظهرت النتيجة، قبل أن يخبرني بها قلت له بالإنجليزية التي يعشقونها: lungs are clear (الرئة نظيفة) فابتسم وقال: كيف عرفت؟ تجاهلت السؤال وقلت له: أنا صديقي الدكتور فلان..... فقال: "خلص إذاهيك بلاش ناخذ منك." قلت بسخرية: "كيف يا رجل هو الوقت اللي ضيعناه انت وانا والمريض، وبعدين جرعة الأشعة التي تلقاها جسده دون سبب، يمكن أن تذهب دون ثمن، لا والله لندفعن الأجرة وفوقها بوسة." بدا مرتبكاً ولكنه لم يعتذر. ألم يقسم الطبيب قسماً أخلاقياً عند مزاولته المهنة؟ بلى، ولكنه يقول لنفسه: "كلهم يخون الأمانة فلماذا أنا من دون الناس لا أخونها؟"
هل نتحدث عن المؤسسات العلمية العامة والأهلية والرشاوى والفساد وغياب الكفاءة والمحسوبية في التعيين والبيروقراطية الشكلية القاتلة التي تنشغل بكل شيء ما عدا العمل الأساس الذي يجب أن تنشغل به. مرة أخرى لا بد من إزعاج ماركس: إن البيروقراطية عندما لا يكون لديها عمل، تنشغل بالناس، وتشغلهم، فتخترع تفاصيل لا تفيد في شيء، بل تقتل الرغبة في الإبداع، والرغبة في الفعل، بل الرغبة في الحياة ذاتها. من الصعب للأسف إقناع البيروقراطي أن تفاصيله التافهة تافهة. فهو يظنها السبب في الاختراعات العظيمة كلها منذ النار والعجلة والهجاء، وحتى الذرة، والإلكترون، والإنترنت. البيروقراطي قادر على الانخراط في التفاصيل التي تحتاج ساعة من الوقت، مدة سنوات. ويستطيع أن يقتل الوقت، ويقتل الحماسة، بل ويقتل الوطن كله ببلادته وبطئه، وعدم حساسيته ويقظته تجاه القضايا الأكثر أهمية.
همسة ناعمة: البيروقراطية في بلادنا ليست سمة القطاع "العام" فحسب، فهي موجودة في القطاع الأهلي، والجامعة، والمشفى، وأينما ذهبتم.
ترى ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟
هل تصدقون أن أهلي من مدينة القدس الذين يتعلمون –لحسن الحظ أم لسوئه؟- من المحتل احترام النظام، والانضباط...الخ يتركون كل ذلك خلفهم، ساعة وصولهم حاجز قلنديا فينقلبون عرباً أقحاح خارجين من الصحراء تواً. فيقومون بالموبقات كلها في شوارع رام الله مستشعرين قوة معينة كونهم يحملون بطاقات زرقاء ونمراً صفراء، حتى أن البعض يقول مداعباً: ما الذي يمنع شرطة رام الله من منعهم من الدخول إلى البلد مثلما تقوم "إسرائيل" بمنع سيارات الضفة من الدخول إلى أرض 1948؟ هههههههه أمر مضحك، ربما، ولكن السائل يفكر: كم مرة في اليوم في ذهابه إلى عمله وعودته في مسافة لا تزيد عن سبعة كيلومترات يتعرض لمخالفات أبناء شعبنا المقدسيين؟
أشياء، وأشياء، وأشياء ..........
رأيت أماً في أواخر العمر تبكي أمام مدير المدرسة، وترجوه أن لا يرسب ابنها في الصف، لأن ذلك لن يفيد الطفل في شيء، وسوف يدمره، ويدفعه إلى ترك المدرسة، وربما يتحول إلى مجرم. يا الله ما أذكى هذه المرأة، كأنها عالم نفس تربوي. لكن المدير أصر: ابنك يا أختي تيس (تيس كلمة لطيفة شائعة في المدارس) والموضوع طلع من ايدي." ظلت الأم تبكي، وأشار المدير بطرف عينه ساخراً من غباء الأم التي لا تقدر على فهم الحكمة العميقة لنظام التعليم الفلسطيني الذي كان يمكن لهذا الطفل أن يكون رائعاً فيه لو أنه حفظ بضعة أسطر تافهة، أو حتى لو أنه قام بنقل الإجابة عن زميله أو عن الكتاب. لا فائدة، لا فائدة.
قبل أيام نشرت جريدة القدس المقدسية خبراً فحواه أن دولة عربية شقيقة (من هي؟ بجد لم أعرف. ربما قطر أو الإمارات) اشتكت من أن امتحان التوظيف للتعاقد مع معلمين من فلسطين اعتوره أعمال غش من جانب المعلمين طوال الوقت. ولكن الأشد مرارة أن نسبة الرسوب بين المعلمين –بعد ذلك الغش كله- كانت عالية جداً.
شكراً للنظام التعليمي الذي يواصل تقديس الامتحان، وتحويل الناس إلى ماكينات غبية تحفظ بغرض بث المحفوظات لحظة أن يكبس أحدهم على الزر، مع التقدير الخالص للقتل المنظم لذكاء الأطفال وقدراتهم الفطرية على التفكير.
ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟ شهوة للعيش لا يطفئها البطش والظلم والغباء وعدوان العدو والغريب والقريب؟ ربما، ولكن موجهة طوفان الفساد، والتردي، والغباء، وعدم المسؤولية الذي يجتاح ميادين حياتنا كلها يحتاج إلى قرع الجدران، ثم قرعها، ثم ثقبها إن تطلب الأمر.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغلقوا المدارس/افتحوا بوابات الإنتاج والمقاومة
- المقاومة الفلسطينية بين الإرهاب الإسرائيلي والإرهاب المصري
- داعش في بيتي
- غزة ومجتمع الفرجة وانتظار جودو إلى عادل سمارة
- غزة ومجتمع الفرجة وانتظار جودو
- انتصرت المقاومة
- هاشم أبو ماريا
- المقاومة الفلسطينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- غزة وشلال الدم واحتفالات التوجيهي
- غزة تتعمد بالدم في زمن مجاهدي داعش ومقاتلي التنمية
- المنظمات غير الحكومية في ديجور الفساد والبيروقراطية وعدم الف ...
- يحبونني موافقاً، يكرهونني معارضاً: من سمات الشخصية العربية ف ...
- إسرائيل رئيساً للجنة الدولية لتصفية الاستعمار صدق أو لا تصدق
- سيكولوجية المثليين والاقتصاد السياسي
- حول السلعة الميتة والإنسان الحي
- المخازي الأساس في الانتخابات السورية
- عزمي بشارة والانتخابات السورية والمصرية أو في حكمة الديمقراط ...
- فنون قتل الذكاء والإبداع في النشاطات الترفيهية المدرسية
- -متى ستقتلني؟- تسأل الفتاة خطيبها
- السيسي: إعادة إنتاج النظام


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟