أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ناجح شاهين - هاشم أبو ماريا














المزيد.....

هاشم أبو ماريا


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 19:27
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



إلى إبراهيم، ورياض، ويوسف من بين كثيرين ممن عشقوا الشهيد

قرأت بسرعة أن الجبهة الشعبية تنعي شهيدها القائد هاشم أبوماريا. ولكنني لم أتمالك نفسي من أن أبتسم ابتسامة حزينة. هل كان هاشم بضحكته الطفولية العذبة، وبراءته المزعجة أحياناً في ثقته التامة بالمستقبل والإنسان، قائداً يعمل في السياسة بكل ثقلها، وجلافتها وقسوتها وحساباتها الأسوأ من حسابات الاقتصاد ذاته؟
كيف يمر الناس كأنهم أرقام لا تحمل طعوم الحياة المزعجة؟ أعني من الذي يقدر على أن يسحب من الإنسان قيمة التفاصيل السخيفة التي تعبق بأنفاس الحياة؟ هل هو يا ترى بطش حقوق الإنسان المدعومة أمريكيا عبر العالم؟ هل هو يا ترى تفوق شهوة القتل لدى الرجل الأبيض؟ وإحساس غامض لدى القاتل أننا لسنا بشراً؟ لكن هل يمكن لأحد أن ينكر التفاصيل البشرية المذهلة لهاشم؟ الضحكة المجلجلة، البياض المشوب بحمرة أشبه بالحمرة الأنجلوالساكسونية، الصدق الذي يصل حد السذاجة، والولاء الذي لا يشبهه ولاء للزوجة والأسرة والأطفال؟ هل أنا واهم في أنني انخرطت في نقاش عبثي معه كي أقنعه بعدم التشنج تجاه أحد الأشخاص في سياق يتصل بالولاء والإخلاص والحب وهذه الكوكبة من الأشياء التي عاش من أجلها هاشم ودفع حياته من أجلها؟ وهل أنا واهم في ذكريات تخص تدفقه الجميل في تفنيد وجهة نظري التاريخية بأن آل أبوماريا ليسوا من أصل سامي أبداً، وأنهم على الأرجح من أصول جرمانية بسبب بشرتهم الغريبة المتماهية مع البشرة الحمراء الإنجليزية، ثم هناك اسم العائلة المنتهي ب"أبو ماريا" من بين أشياء أخرى تتصل بعلاقات قرية بيت أمر بالفرنجة في زمن الحروب الصليبية.
ولد هاشم في حارة فقيرة من حارات قرية بيت أمر الواقعة على تل قد يكون من بين الأعلى من بين تلال الضفة وفلسطين وجبالها. ربما أن رائحة الطبيعة التي كانت تنبعث من كل شيء في الحارة قد تغلغلت عميقاً في روح هاشم الشفافة. ربما أن ذكريات زيارة الرئيس الأسبق للولايات المتحدة جيمي كارتر لتلك الحارة بالذات (وأذكر أن الناس درجوا لبعض الوقت على تسميتها بحارة كارتر) وما كان يترافق معها من نقاشات تخلط الجد بالهزل قد أتت أكلها في عقل اليافع المتفتح على الحياة بهمة واندفاع لا حد لهما. وربما أن حياة في جامعة بيت لحم الصغيرة وغير البعيدة عن وطنه قد صاغت كلها روحاً متفائلة وشجاعة غير قابلة للإعياء أو التراجع أو اليأس أو التخاذل.
عندما بدا أن الكثير من الناس قد تعبوا وملوا و"فلوا" وبحثوا بشكل أو بآخر عن طريقة للعيش مع الاستسلام للأمر الواقع والتسليم للمنتصرين بما يريدون، ظل هاشم على امتداد السنوات يحافظ على تفاؤله الريفي الطفولي الرائع. وظل مؤمناً بالمبادئ والقيم التي ترعرع عليها دون حاجة إلى محاجات سفسطائية لا طائل تحتها.
في صورته المتأنقة اللطيفة على صفحة التواصل الخاصة به، لا تقرأ في عيونه وعيون طفلته التي تلقي برأسها على صدره قبل أن يحتل رصاص المحتلين القتلة مكان ذلك الرأس الصغير، إلا حلماً بهذه الحياة الوادعة على هذه الأرض التي سرق الاحتلال السلام والسكنية والبسمة منها منذ ما يزيد على الستين عاماً. عاش هاشم عقود حياته الأربعة وهو يحلم بابتسامة فلسطين وبيت أمر وحارة كارتر وسط لحظات بريئة من العبث والمناكفة التي يعمرها قلبه الذي أحب الصغار والجيران والرفاق، وأحبه الأصدقاء والمعارف قبل أفراد الأسرة التي كان لهم ما كان.
لكن جمال هاشم في استلقائه على سرير الشهادة، وومضة السلام التي تلف وجهه كهالة لا تستطيع التحديق فيها، إنما ينتصب دليلا ًآخر على غرابة ما يفعله المحتل: كأنه لا يدرك أن هذه الوداعة لن ترضى بأقل من فلسطين خالية من الشوائب التي تنغص حياة الأطفال الذين انتمى للدفاع عنهم سنوات طويلة، مثلما تنغص سعادتهم بإيذائهم جسدياً وتدمير أشيائهم الصغيرة، وربما الأهم باختطاف أب اسمه هاشم لا يقل عنهم عذوبة أو تفتحاً أو إصراراً على مواصلة لعبة الحياة حتى نهايتها وإن رغم أنف المحتل وجبروته.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومة الفلسطينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- غزة وشلال الدم واحتفالات التوجيهي
- غزة تتعمد بالدم في زمن مجاهدي داعش ومقاتلي التنمية
- المنظمات غير الحكومية في ديجور الفساد والبيروقراطية وعدم الف ...
- يحبونني موافقاً، يكرهونني معارضاً: من سمات الشخصية العربية ف ...
- إسرائيل رئيساً للجنة الدولية لتصفية الاستعمار صدق أو لا تصدق
- سيكولوجية المثليين والاقتصاد السياسي
- حول السلعة الميتة والإنسان الحي
- المخازي الأساس في الانتخابات السورية
- عزمي بشارة والانتخابات السورية والمصرية أو في حكمة الديمقراط ...
- فنون قتل الذكاء والإبداع في النشاطات الترفيهية المدرسية
- -متى ستقتلني؟- تسأل الفتاة خطيبها
- السيسي: إعادة إنتاج النظام
- استبدال الحمار/البغل بالسيارة
- اللغة الإنجليزية ومرجعيات العولمة
- قمر على رام الله، ودم على بيرزيت
- عداد الدفع المسبق، وخصخصة المياه، ووحشية رأس المال الفلسطيني
- خطاب رئيس الوزراء الكندي أمام الكنيست
- الهنود الفلسطينيون
- عزمي بشارة وألعابه الأيديولوجية


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ناجح شاهين - هاشم أبو ماريا