أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي ثابت - مصر والمعركة المِظَلَّة















المزيد.....

مصر والمعركة المِظَلَّة


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4541 - 2014 / 8 / 12 - 03:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لدى مصر ما يكفيها من معارك في الفترة القادمة: معركة مع الفقر ومعركة مع الفساد ومعركة مع البيروقراطية ومعركة مع الأمية ومعركة مع الجريمة والمخالفات والفوضى ومعركة من أجل إعادة بناء البنية الأساسية ومعركة من أجل إصلاح منظومتي الدعم والضرائب ومعركة من أجل الانطلاق الحقيقي بعد ذلك كله. لكن المعركة بين الدولة والمجتمع من ناحية وجماعات الإسلام السياسي المسلح من ناحية أخرى يجب أن تظل هي معركتنا الكبرى طيلة عقد كامل من الزمان على الأقل أو لحين تحقيق نصر حاسم على جماعات الظلام والإظلام التي لا تريد لمصر إلا خرابا طالما رفض شعبها حكمهم الرجعي المتصل بمشروع حلف واشنطن-الدوحة-إسطنبول بطريق العمالة. لقد أظهر الإسلام السياسي وجهه القبيح في أعقاب ثورة يناير حين اغتصب الثورة وادعى امتلاكها لنفسه وراح يفتت كافة التيارات الأخرى ويزرع الشقاق بينها ويستخدم العنف من طرف خفي كأداة لهدم الدولة ومؤسساتها تمهيدا لحلم الأخونة المرجوة، ثم أظهر التيار وجهه الأكثر قبحا في أعقاب ثورة يونيو حين توعدنا بعض أقطابه المعتصمين في رابعة علانية وعلى الهواء مباشرة بتفجير مصر ما لم يعد مرسي للحكم وحين بشّرنا بعضهم الآخر بأن العنف والتفجير في سيناء سيتوقفان في اللحظة التي يعود فيها نفس الشخص إلى الحكم. ليس هذا فقط وإنما راح أيضا كل من ما يسمى بتحالف دعم الشرعية في الداخل والتنظيم الدولي للاخوان في الخارج وحلفاؤهم من الإرهابيين المصريين أو المرتزقة القادمين من سوريا أو ليبيا بتفجير مديريات الأمن واستهداف دوريات وثكنات ومعسكرات الشرطة والجيش ومحطات الكهرباء والسكة الحديد والكنائس في سيناء والوادي الجديد والصعيد بل وفي القاهرة والدقهلية والإسكندرية والساحل الشمالي. وفوق هذا كله راح الاخوان وحلفاؤهم والمتعاطفون معهم وممولوهم ومستضيفوهم يعملون بأرخص الوسائل على تشويه سمعة مصر في الخارج وإظهار ما حدث في يونيو على أنه انقلاب عسكري طاغ لا ثورة شعبية جامحة للإطاحة بحكم الاخوان الفاشل استجاب لها الجيش كما استجاب لمطلب المتظاهرين الإطاحة بمبارك في ثورة يناير، وبسبب فساد نوايا وأهواء البعض وانحياز البعض الآخر لم يقل أولئك ولا هؤلاء وقتها إن انقلابا عسكريا قد وقع مثلما قالوا حين أطاح الجيش بمرسي وطغمته بطلب وتفويض كتابي من أكثر من نصف كتلة الناخبين المسجلين.

إن ما سبق كله يثبت أن معركة الدولة المصرية في الفترة القادمة ضد تيارات الإسلام السياسي المسلح هي على رأس المعارك التي يجب علينا خوضها حتى النهاية وتحقيق النصر فيها لأنه بدون ذلك النصر لن تستطيع مصر الوقوف على قدميها بشكل حقيقي أبدا وستظل كلما تقدمت خطوة واجهها المتأسلمون بمزيد من الرغبة في التدمير والحرق وإفساد العقول وإيهام النشطاء الاخوانيين والمتعاطفين معهم بأن لا تقدم حقيقيا يتم على الأرض، ولنا في الجزائر الشقيقة أسوة، حيث إن وصول معدلات النمو الاقتصادي فيها إلى المستويات العالية التي بلغتها الآن وتحقيقها فائضا نقديا سياديا يقارب المائتي مليار دولار لم يتحققا إلا بعد حسم الدولة الجزائرية معركتها ضد الإرهاب بشكل شبه نهائي وباتباعها أسلوب الحسم في المواجهة على طول الخط، وهو ما يتجلى بوضوح في الكيفية شديدة القوة وعديمة الاستعداد للتفاوض التي واجه الجيش الجزائري بها الإرهابيين في حادث موقع عين أميناس لإنتاج الغاز في يناير سنة 2013 والذي يعتبر من أواخر الحوادث الإرهابية الكبرى التي واجهتها الجزائر، بعد العقد الأسود الذي عاشته بسبب الإرهاب بعد أن فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات النيابية هناك عام 1991 وقال رئيسها آنذاك على بلحاج إن هذا هو يوم عرس الديمقراطية وهو يوم مأتمها أيضا لأن الإسلاميين فازوا ولأنهم لن يتنازلوا عن الحكم إلا بالدم، وقد كان. لقد قال وزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار في مذكراته إنه لم ينس أبدا نصيحة الملك فهد له حين اتصل به هاتفيا وسأله: "هل تعلم ما الطرق الثلاث المضمونة لمواجهة الإرهابيين هؤلاء الذين في بلادك؟"، فسأله نزار: "ما هي، جلالتك؟"، وكان جواب الملك: "العصا، ثم العصا، ثم العصا". ولا نقول إن الحل الأمني وحده كاف لمواجهة الإرهاب وإنما يجب تعضيده بحلول أطول أمدا وأعمق وأبقى مفعولا في مجالات التعليم ومحو الأمية والثقافة والإعلام ومحاربة الخطاب الديني الرجعي التكفيري الخرافي وقبل ذلك كله في مجال توفير فرص عمل كريمة ومربحة للشباب قبل أن تستقطبه جماعات التطرف المسلح وأمراؤه الذين يملكون الذهب والمغانم، ولكن نقول إن الحل الأمني شديد الصرامة ضروري جدا في هذه المرحلة الحرجة ويجب أن يظل مصاحبا لكافة الحلول في سائر المجالات المشار إليها توا، أو بالأحرى يجب أن يظل بمثابة المظلة التي تغطي كافة عناصر منظومة مواجهة التكفيريين لبضع سنوات قادمة لأن الخطر من حولنا داهم – أو لعله داعش – ولأن دول الجوار لن تكف عن تصدير مشاكلها وسلاحها وإرهابييها إلينا، ولأن بقايا فلول الحلم الاخواني باتوا يعتقدون أن الجهاد بقتل المصريين مدخل إلى الجنة لا يعدله مدخل.

وبالنسبة لنا في مصر فإن تيارات الإرهاب السياسي باسم الدين تستمد ما تبقى لها من قوة ومدد من ستة عناصر، هي:
1- اندساس الإسلاميين وسط نشطاء ما يسمى بثورات الربيع العربي لدرجة أن بعض التيارات الشيوعية والتيارات اليمينية الليبرالية باتت تتعاطف مع الاخوان وتعتبرهم أبرياء من العنف وأن انقلابا عسكريا هو الذي أطاح بهم من حكم مصر، رغم أن أولئك النشطاء شاركوا الملايين في النزول للشارع في ثورة يونيو ورغم أن بعضهم قرأ تاريخ الاخوان مع العنف وأغلبهم سمع وشاهد تهديدات قادتهم في رابعة وتوعدهم لمصر بالتفجير.
2- استيلاء الإسلاميين على قضية غزة وتحويلهم لها إلى قضية العروبة والإسلام الكبرى ومساومتهم للعالم كله بوجه عام ولمصر الجارة بوجه خاص على هذه القضية وكأن قضية الفلسطينيين في غزة هي قضية معابر وتبرعات وأنفاق سرية بسيناء وإقامة فاخرة بالدوحة لا قضية احتلال وحصار وتجويع وعدوان وسرقة ونهب وتطرف على يد إسرائيل وحماس. ولا شك أن قضية غزة كنز إعلامي ومالي ثمين في أيدي هؤلاء، وأداة لاستقطاب المزيد من المتعاطفين والمزيد ممن يريدون توريط مصر في مستنقع بائس والمزيد ممن يريدون تحميل مصر مسئولية معاناة أهل غزة التي لم تجد ما تسمى بمقاومتها الإسلامية في عصر محمد مرسي سوى اتفاق التهدئة الذي أشار – لأول مرة في تاريخ حركة حماس – إلى وقف "الأعمال العدائية ضد إسرائيل".
3- استيلاء الإسلاميين على العناوين الكبرى لما يسمى بثورات الربيع العربي بحيث نجد أن مَن يقاتلون في سوريا وفي اليمن وفي العراق وفي ليبيا اليوم هم دائما من الإسلاميين الذين يقاتلون إما إسلاميين آخرين وإما السلطات النظامية. وهذا بالتأكيد مصدر زخم إضافي مهم لقوى الإرهاب السياسي-الديني، وهو في الوقت نفسه محرض للمتعاطفين مع تلك القوى على عدم فقدان الأمل في تحويل مصر إلى نسخة من ليبيا أو اليمن أو سوريا وهي كلها الدول التي وصفها الداعية طارق السويدان المقرب من الاخوان بأنها بلاد بات أهلها يشعرون بالأمل والسعادة رغم أن الدولة فيها تنهار!
4- استمرار التنظيم الدولي للاخوان في بريطانيا وتركيا وقطر في ممارسة مهامه الإجرامية ضد مصر بدون أي ممانعة من أي طرف داخل تلك الدول، بل وبكثير من الدعم المالي واللوجيستي والإعلامي الواضح من حكومتي قطر وتركيا وببعض الدعم الأقل وضوحا من حكومة داونينج ستريت التي لا نظن حقا أن تحقيقاتها الجارية الآن ستنتهي إلى طرد التنظيم الدولي للاخوان من الأراضي البريطانية.
5- الدعم الأمريكي المضحك والمقزز والمثير للشفقة في آن معا لتيارات التطرف السُّني في العراق وسوريا ولجماعة الاخوان الإرهابية في مصر، والذي ليس له سوى كلمة سر واحدة هي: المصالح.. ولعل موقف الحزب الجمهوري يكون مختلفا، خصوصا وأن نائبته بالكونجرس السيدة ميشيل باكمان تقدمت مؤخرا بمشروع قانون لتصنيف جماعة الاخوان كجماعة إرهابية في أمريكا.
6- استمرار تمتع الاخوان بوضعية السلطة الحاكمة في تونس وبوضعية السلطة شبه الحاكمة في ليبيا وبوضعية البلطجي الذي يفرض سطوته وإتاواته على العباد في غزة، وهو ما يمنح التنظيم الدولي قدرة معقولة نسبيا على المناورة والمناوءة.

ومما لا شك فيه أننا لن نستطيع كسب معركتنا من أجل التنمية وضد تيارات الإرهاب السياسي-الديني ما لم نستطع تفكيك ومواجهة كل من العناصر الستة السابقة على حدة.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جداول
- هل مات الحُلم الاخواني؟؟
- القصيدة
- ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 1 من 2
- ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 2 من 2
- في متعةِ الحيرة
- الوشاح - في رثاء بطلٍ ما
- الطريق إلى ثورة يناير - الجزء 1 من 2
- زحام
- مشوار
- السعادة بإيحاء من مندليف
- مساراتٌ شتى - قصة قصيرة
- حكايات النظريات: ماكيافيللي والمتنبي، بين الغاية والوسيلة
- حكايات النظريات: سبينوزا وشمول الألوهية
- قبل أن تضع حرب البسوس 2009 أوزارها
- من دفتر يومياتٍ معتاد
- حكايات النظريات: رفاعة الطهطاوي، والتنوير عبر بوابة الاستغرا ...
- حكايات النظريات: ماركس والحتمية المادية للتاريخ
- حكايات النظريات: طه حسين ونظرية التأويل السياقي
- حكايات النظريات: الإدارة الإنسانية والحق في الإبداع


المزيد.....




- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي ثابت - مصر والمعركة المِظَلَّة