|
من الذي يقتل أطفالنا في سورية وغزة ؟
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 5 - 09:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعود الضمير " نا " في عنوان هذه المقالة ، على أطفال الربيع العربي عامة ، وعلى أطفال سورية وفلسطين خاصة . هذا وستكون محاولة إجابتي على هذا السؤال معتمدة - بصورة أساسية - على ماقرأت وما سمعت وما رأيت طيلة خمسة عقود تمتد مابين 1961 ( الإنفصال ) وحتى هذا اليوم الموافق 4/7/2014 حيث تستمر إسرائيل في ذبحها لأطفال غزة ، ويستمر نظام بشار الأسد في ذبحه لأطفال سورية ، ويستمر " المجتمع الدولي " في تفرجه وصمته على هاتين المذبحتين ، وكأنما لسان حاله يقول لكل من نتنياهو وبشار الأسد " نحن معكما حتى اخر طفل في سورية وفي غزة !!! " . لقد بات معروفاً لدى القاصي والداني في الوطن العربي وفي العالم ، أن تحالفاً دوليا طويلا عريضا ، يشمل قوى وحكومات إمبريالية وإقليمية وعربية وإسلامية ، يضع كامل ثقله السياسي والاقتصادي والإعلامي والعسكري لإجهاض " ثورات الربيع العربي " ، والحيلولة دون وصولها إلى أهدافها الوطنية المتمثلة ، بإسقاط الأنظمة الديكتاتورية العسكرية الحاكمة في معظم أقطار الوطن العربي ، والعميلة لدول " المصنع والمدفع " ( الدول العظمى ! ) ، وإقامة أنظمة مدنية بديلة ، ديموقراطية الشكل والمحتوى . قبل أن أقدم إجابتي الخاصة على السؤال الذي طرحناه في عنوان هذه المقالة ، لابد من أن أشير إلى أن وجهة النظر غير المعتمدة على البحث العلمي المنهجي ، عادة ما تكون أقرب إلى ال " فرضية " ( Hypothese ) القابلة للصح والخطأ ، منها إلى الحقيقة العلمية المؤكدة ، ولكنني سوف أحاول هنا محاصرة الخطأ ماأمكن ، وذلك عن طريق عرضي لآراء مختلفة ومتباينة سمعتها ممن طرحت عليهم ذلك السؤال ، وأيضاً عن طريق منهج خاص وغير متداول ، أطلق عليه " منهج الإحالة " الذي يقوم الباحث بموجبه بغربلة وكربلة وجهات النظر المختلفة والمتباينة ، وإحالة السبب الفرعي إلى السبب الأصلي ، والسبب المهم إلى السبب الأهم ، والسبب الظاهر إلى السبب الباطن ، والسبب القريب إلى السبب البعيد ، وصولاً إلى وجهة النظر الأقرب الى الصحة وإلى الموضوعية ماأمكن . ولقد كانت أبرز الإجابات التي سمعتها من العديدين ، ممن عرفت وحاورت ، على سؤال هذه المقالة هي : 1) إسرائيل هي من يقتل أطفالنا ، وهي لا تحتاج إلى ضوء أخضر من أحد ، لأن الصهيونية هي من يحكم العالم ، وذلك من خلال سيطرتهم على القرار السياسي والعسكري في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وبالتالي في العالم كله ، على الأقل في هذه المرحلة التاريخية . 2) أمريكا هي من يقتل أطفالنا ، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وليست اسرائيل سوى شرطي النظام الرآسمالي العالمي عامة وأمريكا خاصة في الوطن العربي والشرق الأوسط . 3) التحالف الروسي - الصيني هو من يقتل أطفالنا ، وذلك من خلال استخدامهما المتكرر لحق الفيتو في مجلس الأمن الدولي ، ضد المشاريع الأوربية والأمريكية والعربية التي كانت ستمنع قتل هؤلاء الأطفال فيما لو لم تستخدم هتان الدولتان حق الفيتو لمنع صدورها . 4) الحلف الشيعي الطائفي ( إيران - المالكي- بشار الأسد- حسن نصر الله ) هو من يقتل أطفالنا . 5) المتطرفون الإسلاميون في سوريا والعراق ( داعش ) وفي فلسطين ( حماس ) هم من يقتل أطفالنا . 6) التحالف الأمريكي - الروسي ( تحالف الكيماوي ) ، هو من يقتل أطفالنا . 7) المجتمع الدولي ، بصمته وتفرجه على ما يجري في سورية وفلسطين ، هو من يقتل أطفالنا . ولكن دون أن ننسى الموقف المشرف لأنظمة أمريكا اللاتينية في مساندتهم لغزة ، وفي استنكار هم القوي لعدوان نتنياهو على المدنيين والأطفال في قطاع غزة ، وايضاً دون أن ننسى موقف كبار فناني هوليود وغيرهم من الفنانين الشرفاء والمحترمين في العالم ، الذين استنكروا بدورهم استهداف نتنياهو للمدنيين وللأطفال في غزة . 8) تحول بعض ثورات الربيع العربي من السلمية إلى التسلح ، هو المسؤول عن قتل أطفالنا ، 9) الإسلام السياسي ( الإخوان المسلمون في سوريا وحماس في غزة ) هم المسؤولون عن انقسام المعارضة في سوريا وفلسطين ، وبالتالي عن النتائج السلبية التي ترتبت على هذا الانقسام . وباستخدامنا ل " منهج الإحالة " آلذي أشرنا إليه أعلاه ، في غربلة وكربلة هذه الإجابات المختلفة والمتباينة ، فإنه يمكن دمج هذه الإجابات التسع في إجابة واحدة ولنعطها رقم ( 10 ) ، لنشير بها إلى أن " دول الفيتوالخمس" بشحمها ولحمها ، هي المسؤولة نظرياً وعملياً وبالتكافل والتضامن ، ليس فقط عن قتل أطفالنا في سورية وفلسطين ، وإنما أيضاً في كل دول العالم الثالث ( اسيا ، أفريقيا ، أمريكا اللاتينية ) ، ولا سيما في ظل النظام العالمي الجديد ، الذي قام في نهاية ثمانينات القرن الماضي على انقاض الاتحاد السوفييتي ، وذلك إما مباشرة أو غير مباشرة . هذا مع العلم ، أن مثل هذه النتيجة التي توصلنا إليها ، لا تلغي معرفتنا بوجود اشكال مختلفة من الصراع بين أطراف هذا الفيتو الخمسة ، والتي وصلت في بعض المراحل التاريخية الى مستوى الحرب العالمية ، كما شاهدنا في أربعينات القرن الماضي ( ولا بين الأطراف المنضوية تحت لولائهم ، سواء بصورة مكشوفة أو مستورة ) ، ولكنها كانت وما زالت صراعات وحروب تدور بين هذه الدول النووية الكبرى ، من جهة ، حول تقاسمهم " الكعكة " ، والتي هي بلدان العالم الثالث الغنية بالمواد الأولية ، وبالمعد والأجساد ، التي هي بحاجة إلى المأوى والكساء والطعام والشراب ، والتي تمتلك الأيدي العاملة الرخيصة التي تساهم في تعظيم ارباحهم وملياراتهم ورغد حياتهم ، ومن جهة أخرى فإنها ( صراعات دول الفيتو الخمس ) محكومة بسقف النظام الرأسمالي ، الذي يحرص حكامهم ، وفي بعض الحالات شعوبهم على بقائه وعلى استمراره . وهو ما يعني أن يبقوا هم الأعلون والمنتجون والمبدعون والمنعمون ، ويبقى غيرهم من المستضعفين في الأرض هم الخدم والمستهلكون ، أوعلى حد تعبير جان بول سارتر ، يبقونهم في صورة كائن وسط بين الإنسان والبهيمة ، أي صورة الكائن الذي لا تستطيع حضارتهم وحداثتهم ومدنيتهم الاستغناء عن خدماته ، تماماً كما هي حال السيد والعبد ، ولكن وفق تصور سارتر وليس وفق تصور هيجل . ( أنظر مقالتنا : العلاقة بين العرب والغرب ، جدلية السيد والعبد ، كلنا شركاء 25 نوفمبر 2013 ) .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورات الربيع العربي وحلف الخائفين من الديموقراطية
-
إذا لم تستح فافعل وقل ما شئت
-
عناق الربيعين
-
من محمد الزعبي إلى حسن نصر الله
-
انتخابات الأسد والضحك على الذقون
-
التغميس بالصحن وإشكالاته
-
إشكالية العلاقة بين حزب البعث وحافظ الأسد ،
-
الساكت عن الحق شيطان أخرس
-
الثورة السورية والخيار الثالث
-
ماذا جرى ويجري في حمص؟
-
الثورة السورية وإشكالية الأقلية والأكثرية
-
بشار الأسد بين فقه الأزمة وفقه الفتنة
-
مرة أخرى عود على بدء
-
على سبيل النقد الذاتي ، الصبيانية اليسارية في حزب البعث
-
الثورة السورية بعد ثلاث سنوات الإشكالية والحل
-
خواطر حول ثورة 18آذار 2011
-
رسالة أخوية إلى الائتلاف
-
الأسد المالكي السيسي .. تعددت الأشكال والمضمون واحد
-
من وحي مؤتمر مونترو حول سورية - السبب الحقيقي لانقسام المعار
...
-
مؤتمر جنيف 2 والانتصار الممنوع
المزيد.....
-
بعد أكثر من 30 عاماً.. شاهد كيف بنى رجل قاربًا من شجرة بيديه
...
-
في أمريكا.. سمكة نادرة تنجرف إلى الشاطئ وتثير دهشة الأشخاص
-
إيران تستبعد أحمدي نجاد من خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة و
...
-
-إنقاذ أربع رهائن في غزة يرفع معنويات الإسرائيليين المنهكين
...
-
مارين لوبان تلقي بصوتها في سباق انتخابي ساخن: توقعات بتفوق ح
...
-
شاهد: تشييع جثامين 4 فلسطينيين قتلهم الجيش الإسرائيلي في هجو
...
-
أوروبا تنتخب في -الأحد الكبير- برلمانا يتجه لميزان قوى جديد
...
-
العثور على مقدم برامج من قناة -بي بي سي- ميتا في اليونان
-
اكتشاف أثري هام.. مدينة تعود للعصر البرونزي في كردستان العرا
...
-
نتنياهو على مفترق خطير.. ومصير حرب غزة تحددها كلمة واحدة من
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|