|
ماذا جرى ويجري في حمص؟
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 08:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هاتفتني ابنتي مساء أمس من قارتها البعيدة ، لتوجه إلي السؤال التالي : مارأيك بما جرى ويجري في حمص ؟ . لم يكن سهلاً علي أن أجيب على مثل هذا السؤال الصعب ، ذلك أن ( من يأكل العصي ليس كمن يحصيها ) ، فما بالك إذا كان هذا الإحصائي ، يبعد عما جرى ويجري في حمص مدة أربعين عاماً شبه كاملة . لقد وجدت نفسي ـ واقع الحال ـ أمام إشكالية مزدوجة ، فمن جهة ، كان علي أن أجيب على ذلك السؤال إجابة مقنعة ماأمكن ، ومن جهة أخرى فإن مقتضيات الإجابة المقنعة تقتضي ألاّ يهرف المرؤ بما لايعرف . وأياً كان الأمر فقد كان جوابي ، على سؤال ابنتي والذي أتمنى أن يكون معقولا ومقبولاً هو التالي :
1. بداية إنه لايمكن لمتفرج أن " يفتي " نيابة عن مقاتل ، ولا لشبعان نيابة عن جائع ، ولا لسليم نيابة عن مريض ، ولا لكبير نيابة عن طفل مات تحت ناظر أبويه وإخوته وأخواته جوعاً ومرضاً وعطشاً وبرداً ، بسبب الحصار الوحشي وغير الأخلاقي وغير الإنساني الذي فرضه نظام الأسد وحلفاؤه القريبون والبعيدون على مدينة حمص (عاصمة الثورة السورية) لمدة عامين كاملين . إن هذا يعني تطبيقياً أن ماسأقدمه هنا ، والذي يمثل جوابي على السؤال الذي طرح علي ، لن يزيد عن كونه اجتهاداً شخصياً قابلاً للخطأ والصواب ، ولكنه سيكون مأجوراً في الحالتين . 2.ان مالا تخطئه الأذن ولا العين ولا العقل ولا القلب بما يتعلق بحصار مدينة حمص وتدميرها وتهجير أهلها ، هو ذلك التواطؤ العالمي مع نظام بشار الأسد ضد مدينة حمص . والذي تمثل بصورة أساسية ، من جهة، بتزويد نظام بشارالأسد بكل ما يساعده على وقف المد الوطني الديموقراطي في سورية من مال وسلاح بداية ، ومن مقاتلين نظاميين وخبراء وخبرات لاحقاً ، ومن جهة أخرى ، بصمت الدول الكبرى والوسطى والصغرى ( مايسمى بالمجتمع الدولي ) على احتلال هؤلاء الدخلاء ( الموصوفين عادة عند الدول الكبرى بالإرهابيين) لمدينة القصير ، ومن ثم تفرجهم ( بتشديد الراء )على حصار بشار وشبيحته وإرهابييه من داعش وحالش وما لش ( شبيحة المالكي ) لمدينة حمص طيلة عامين كاملين ، حولتها براميلهم وصواريخهم وأسلحتهم المحرمة دوليا والتي قدموها لبشار الاسد سرا وعلناً الى مدينة أشباح . 3. لقد تحولت مدينة حمص نتيجة لصمودها الطويل أمام همجية مغول القرن الواحد والعشرين إلى رمز لصمود الثورة السورية والشعب السوري ، وبالتالي لصمود كل ثورات الربيع العربي في وجه الطغاة ، وبات لابد من تدمير هذا الرمز الوطني والقومي والإسلامي الشامخ من أجل تدمير الثورة الوطنية السورية ، وصولا إلى تدمير ثورات الربيع العربي كلها ، تلك الثورات التي باتت تمثل شوكة في عيون أعداء الامة العربية في الداخل والخارج ، وعلى رأسهم أدعياء الديموقراطية وحقوق الانسان ، في الشرق والغرب ، من الذين ألسنتهم مع الثورة وسيوفهم عليها . 4.ان الدافع وراء هذه المواقف المعادية والمراوغة ، من الثورة السورية ، بل ومن ثورات الربيع العربي كلها، هوأمران لا ثالث لهما، ألاوهما: ملء الجيوب والدفاع عن المحبوب . والمحبوب هنا ذلك الذي يؤمن ( بتشديد الميم ) لأصحاب هذه المواقف المعادية والمراوغة ، من جهة " ملء الجيوب " ( استمرار تدفق النفط ) ومن جهة ثانية ، حماية هذه الجيوب والكروش المتخمة بالمنهوب والمسروق ، من الإرهابيين ، (وهم هنا الاسلاميون تحديداً ) على حد زعمهم !! ولا أظن أن القارئ الكريم بحاجة لمزيد من الإيضاح ليعرف من هو هذا المحبوب ال ( badyguard ) الذي يحرص أعداء الربيع العربي ، المكشوفون منهم والمخفيون ، على استمرار خدماته لهم ، و حمايتهم له . 5. ان وظيفة هذا "المحبوب" في الوطن العربي ، والذي حولته دول ( المصنع والمدفع ) الى قاعدة عسكرية ، ثم دعمته بقاعدة أخرى في أحد الأقطار العربية ( قاعدة عديد ) وقاعدة ثالثة في سورية ( طرطوس الاسد )، هو بالإضافة إلى ماذكر أعلاه ، المحافظة على اتفاقيات سايس- بيكو ( التجزئة ) من جهة ، ومنع التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يمكن أن يؤدي إلى نهضة وطنية وقومية تحول المجتمعات العربية من مجتمعات زراعية متخلفة إلى مجتمعات صناعية متطورة ، بل واستخدام القوة العسكرية ضد كل من تخول له نفسه الخروج من دائرة التخلف إلى دائرة التقدم ، من جهة أخرى ، وهو ما رأينا نموذجه الصارخ في مصر بعد تأميم جمال عبد الناصر لقناة السويس عام 1956 وفي العراق في أعوام 1981 ( تدمير المفاعل النووي) و1991 (عاصفة الصحراء ) و 2003 ( الاحتلال الأمريكي )، بعد تأميم صدام حسين لشركات النفط العاملة في العراق عام 1972 . 6. نعم ، لقد قرر تحالف مثلث : دول المدفع والمصنع ، مع أتباعهم من دول جنرالات و ملوك وشيوخ بعض القبائل والطوائف العربية ، ومع صنيعتهم " إسرائيل " ، أن يجعلوا وبالتعاون مع نظام عائلة الأسد في سوريا ، وحالش في لبنان ومالش في العراق، وملالي طهران ، من حمص مقبرة للثورة السورية ، ومن سورية مقبرة للربيع العربي . ٧-;-. انها أحلامهم المريضة التي لن تتحقق أبدا ، بعد أن بدأ أطفال سوريا عامة ، وأطفال حمص خاصة ، ومعهم كل أبناء شهداء ثورات الربيع العربي ، وعلى رأسها ثورة 25 يناير في جمهورية مصر العربية ، يأخذون بيدهم راية الكفاح والنضال من آبائهم ، كيما يتابعوا طريقهم نحو مجتمع الحرية والكرامة ، مجتمع الديموقراطية والعدالة الاجتماعية ، مجتمع المواطنة المتساوية للجميع وبالجميع ، مجتمع الحداثة والتنمية ، مجتمع التعايش الأخوي بين الرأي والرأي الآخر ، بين الدين والدين الآخر ، بين القومية العربية والقوميات الأخرى ، مجتمع الانتخابات الشفافة وغير المزورة ، مجتمع فصل السلطات الثلاث ، مجتمع الوحدة الوطنية القائمة على الأخوة والمحبة ، مجتمع الدستور والقانون واحترام حقوق الإنسان . وعندما تزهر وتثمر أشجار الربيع العربي ، فسوف يعم شذاها البلدان النامية كلها ، ويصيح عندها بالإمكان القول : إن دماء شهداء حمص لم تذهب هدراً. ـــ انتهى ـــ
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة السورية وإشكالية الأقلية والأكثرية
-
بشار الأسد بين فقه الأزمة وفقه الفتنة
-
مرة أخرى عود على بدء
-
على سبيل النقد الذاتي ، الصبيانية اليسارية في حزب البعث
-
الثورة السورية بعد ثلاث سنوات الإشكالية والحل
-
خواطر حول ثورة 18آذار 2011
-
رسالة أخوية إلى الائتلاف
-
الأسد المالكي السيسي .. تعددت الأشكال والمضمون واحد
-
من وحي مؤتمر مونترو حول سورية - السبب الحقيقي لانقسام المعار
...
-
مؤتمر جنيف 2 والانتصار الممنوع
-
الثورة السورية بين المجلس والائتلاف
-
العروبة والإسلام والطائفية
-
خواطر حول: إشكالات صندوق الاقتراع ، والثورة السورية
-
مقترحات محمد الزعبي لوفد المعارضة الذاهب إلى جنيف
-
الثورة السورية ومؤتمر جنيف2 - أمران أحلاهما مرُّ
-
العلاقة بين العرب والغرب جدلية السيد والعبد
-
خاطرتان حول الأسد والربيع العربي
-
جنيف 2 وإشكالية الحوار بين المعارضة والنظام السوري
-
مرة أخرى دفاعاً عن نظرية المؤامرة
-
الأزمة الراهنة في أمريكا من منظور يساري أمريكي
المزيد.....
-
شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري
...
-
جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
-
هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح
...
-
تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط
...
-
العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة
...
-
زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
-
بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي
...
-
إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان
...
-
صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال
...
-
محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|