أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجليل الكناني - من قتل من ؟














المزيد.....

من قتل من ؟


عبدالجليل الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 4529 - 2014 / 7 / 31 - 19:11
المحور: الادب والفن
    


غدا سيسدل الستار على تراجيديا حياته ,آخر من رآه الليلة ، في زنزانته ، الشرطي رحيم ، وظل جاسم حتى قبل دقائق مضت يدعي انه لم يقتل الملّا الا ان الادلة تشير الى الضد من ذلك فلدية الدافع والقصد وقد استدرج ضحيته الى حتفه وذلك ما وصلت اليه مجريات التحقيق واقره القاضي وكان ابن الملّا قد افاد بان جاسم اتى الى والده ليلة الجمعة وكان يخفي شيئا ما بدا ثقيلا في كيس من النايلون المعاد ، كيس اسود :- لقد اوحت لي سيماء وجهه وغمزاته بانه يواري امرا شاقا ....
- خير عمي ؟!
- لا ... لا .. فقط اريد الوالد .
وقد اكد شهود عيان انهم قد رأوا ليلة الجريمة الملّا جواد صحبة جاسم ، على ضفة النهر، في وضع مريب وربما كانا قد تشاجرا دون اعلان .
- لا. .. قالها الملّا وقد اشاح بوجهه بعيدا لعله يخفي اضطرابا باديا أو اثرا ما ..كما لاح لمحدثيه
- ماذا حصل ؟؟
- لاشي ، انتم تعرفون ابا محمد راكب رأسه .قالها وما زال موليا وجهه الجهة الاخرى . ذلك آخر ما سُمع من الملّا جواد قبل ان يستخرج من النهر جثة هامدة .
ويقول ابن الملّا :- ابو محمد رجل طيب الا أن أحدهم قال بتركه الصلاة والصيام وانه ينتقد رجال الدين ، كثيرا ، وان كان ذلك صدقا فلعل والدي يعرفه فلازمه لهدايته وقد سمعته ، ذات مرة يقول ، قولا ، صرت في حيرة منه :- هذا الرجل يستحق ان اتعب لاجله ففيه بذرات خير ليست لدى اي منا ولعل أجره عند الله سيكون عظيما ، من يدري ؟ فقد يهديه الله وعلى يديَّ ان شاء .
نعم من لا يقر بأن جاسم رجل خير وطيبة ودماثة خلق قل نظيرها رجل محب للغير ويؤثر على نفسه الآخرين ؟، حتى أن الكثيرين يقولون عنه . انه خير من صلى وصام على هذه الارض . ولعل قليلين من المقربين يعرف أن أبا محمد لا يؤدي فرائض الدين من صيام وصلاة وصوم وزكاة والحج ان استطاع . والاقل القليل ، ومنهم ، الملّا يعرف ان جاسم يحتسي الخمر والعياذ بالله .
كما لا يعرف الشرطي رحيم ، وهو شرطي فاسد يبيع حبوب الهلوسة الى السجناء ،لا يعرف ، لِمَ وكيف احب جاسم ؟ فلم يغادره تلك الليلة حتى هدأ من روعه وزرع في قلبه سكينة لم يألفها هذا المحكوم بالموت ، مذ صدر الحكم البات ضده . فلعله قد قام بما لم يستطع الملّا ، ذاته ، فعله ، فرأى جاسم الى نفسه فيما يشبه الحلم أو هواجس الغيبوبة وقد توجه الى ربه ، شاكيا متذرعا :- لا اريد ان أموت ميتة كهذه تجلب العار لاولادي واهلي ، أنا راض بحكمك ، فلولا اجلتني يوما او ساعات اموت بعدها ميتة الآخرين على فراشي وسط اولادي وزوجتي بصفحة بيضاء نقية . كان ذلك مطلبه الاول ، من ربه ،اذ لم يعتد ذلك حتى في صباه ، وقد توجه اليه صادقا مخلصا حين اقتاده رجال غلاظ وقد البسوه لباس الموت .
أيقن جاسم يقين القديسين أن ربه قد استجاب له طالما انه لم يكن مطلبيا مملا ، والكرام لا يردون رجلا يطلب منهم طلبا مستطاعا ، ولاول مرة ، فكيف باكرم الاكرمين ؟ .
تقدمهم بخطى واثقة الى بوابة العدم ، وبعد انتهاء المراسيم الممهدة للقتل علقه الرجال الغلاظ بحبل متين البسوه حول رقبته ، دقائق حتى تأرجح في الهواء كان اشبه ببالون هواء تهدهده الريح يمينا وشمالا . مرت دقائق تلو اخرى ولم تنل انشوطة الموت منه فتقدم احد الرجال الغلاظ وامسك بقدميه يجرهما بقوة الى الأسفل بغية ان يفصل مابين جسده ورأسه فراح يتأرجح بلين معه وتقدم الثاني دون جدوى فالثالث الذي تمكن من إيقاف حركة البندول ولكن الحشد صار ثقيلا بما يكفي فانقطع الحبل . وبعد محاولتين فاشلتين قال لهم بثقة المنتصر :-
انظروا أنني بريء ... فثبتت براءته وأطلق سراحه .
كان عهدا بينه وبين ربه لذا أيقن انه لن يموت الا في فراشه بين اولاده وزوجته فما همه عبور الشارع فاجتاز الطرقات محلقا نشوانا .
استقبله اولاده وبناته وقد تقدمتهم زوجته فاسر لهم ان الليلة ليلة وداعه ذلك عهد بينه وبين ربه ، فلا تبتئسوا ، ميتةٌ خيرٌ من أخرى ، وأنه قد آن الأوان . تراصوا حوله يقبلونه ويودعونه بغير دموع فهذا الفوز العظيم ، حتى اذا ما اثقل النعاس جفونه واعترى الخدر جسده أغمض عينيه برهة قبل ان يسمع صوتا عميقا يناديه من غور سحيق :- استيقظ .. استيقظ ..
وأحس بيد ثقيلة تهز جسده هزا رفيقا .. كانت يد الموت لا محالة ، لقد أزفت الساعة . أفرج مابين جفنيه ومن خلال ظلمة شفيفة أبصر بنصف عماء وجها ألف فيه الموت والرأفة .
- انهض وخذ هذه الحبة فهي أفضل من تلك التي أعطيتك إياها بالأمس .
كان الشرطي رحيم قد امسك بقدح ماء ويمد له بحبة متلألئة :- خذها ستكون بأفضل حال .
- لم اقتله ...
- أؤمن بك ولكن ماذا كنت تحمل في الكيس ؟
- كنت احمل الشيء الذي قتله .
نظر الشرطي الى جاسم حاول ان يقول له ما قد يخفف عنه من هول الساعة القادمة إلا انه شعر باللاجدوى في كل ما يمكن ان يقول ، أو ما سيقوله الآخرون ، حتى فيما سيتلوه له شيخ الجامع من الآيات او حين يلقنه الشهادة . فان في ذلك ما سيبعث في قلبه مزيدا من الرعب ويعذبه عذابا .
- قبل أن تتناول هذه الحبة ، يا صديقي ، حبة الشهداء الأبطال . قل لي - كيف قتله ذلك الشيء ؟ فرد جاسم بسكينة ...
- يمكنني ، ببساطة ، القول بأنني سأموت مظلوما ، ولكن ليس بمقدوري ، البتة ، أن ادعي ، بان الملا ، صديقي ، مات سكرانا.



#عبدالجليل_الكناني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل من أجل العدالة والانصاف
- هجرتك
- الطائفية سلاح فتاك ومصيدة للمغفلين
- نداء إلى ثوار مصر إني أحذركم فاسمعوا
- هذا لطمهم ، وإحنا لطمنا زنجيل
- عبدالكريم صديقي
- مولانا أخطبوطي بركاتك
- أزمة الكهرباء والتعقيدات
- أزمة الكهرباء اسألة تحمل في طياتها الجواب
- بين النور والظلام زاوية ضيقة للنظر
- بعضها وقع وبعضها واقعي - علاقة نت
- لا تحتار يا صديقي
- متى أكون أنا أنت؟؟
- بغداد أم عيناك
- علاقة المرأة والرجل وعدم الإقرار بالواقع
- الحوار المتمدن . استبصار للتحضر
- طيب وساذج وما بينهما (5)
- طيب وساذج وما بينهما ( 4 )
- طيب وساذج وما بينهما (3)
- طيب وساذج وما بينهما ( 2)


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجليل الكناني - من قتل من ؟