أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عبدالجليل الكناني - عبدالكريم صديقي














المزيد.....

عبدالكريم صديقي


عبدالجليل الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 3062 - 2010 / 7 / 13 - 18:28
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


نعم صديقي فهو أول من عرفت ممن لم اعتد معرفتهم وهو الرجل الذي لامستُ كفه حين لم تلامس كفي غريبا قط . بدأت علاقتي به لما اقتحم مخيلتي كمعبد زاره طيف اله لم يكن عقلي الصغير يلامس الأحداث إلا من خلال مجسات حسية واستجابات غريزية . الحدث الذي حفر في ذاكرتي لم يكن حينها مألوفا إنما بدا كمشهد أُقحم في سلسلة الأحداث الرتيبة لطفل لم يتجاوز الخامسة كثيرا حين لذت خلف أمي لدن رؤيتي معلمتي في الروضة وهي تدخل بيتنا الفقير ومن خلفها جمهرة من النساء . كنا نسكن بيتا نصفه من الطين مغطى بحصران القصب المسندة بأعمدة من سيقان وفروع الأشجار . عرفت من حديث معلمتي وهي لا تراني إذ أجدت الاختباء ممسكا بأذيال ثوب أمي . عرفت أنها تدعو النساء للخروج في تظاهرة تمجد الزعيم وتدعو له بالشفاء وتندد بمن حاول قتله . عرفته بإحساسي احد الصالحين وفي صور أراها معلقة على الحائط لرجال ينبعث النور من وجوههم . عرفته من اللغط والحماس الذي يرتسم على وجوه النساء، كيومٍ رأيت فيه أطفالا يرتدون ثيابا خضراء يلحق بهم سيّاف لعين والنساء تصرخ - وا ويلتاه ، ألا من معين . وهرعت أمي ونساء القرية ، في تل محمد الملاصق لبغداد الجديدة . عرفت انه عبدالكريم وانه الزعيم وانه الرجل الذي يدير الحياة وانه الراعي والوالي وهو الذي تسير ببركته شؤون الناس فدعوت ان لا يموت ومع تنامي وعيي الصغير عرفت أن لكل ناس زعيم يرعاهم ويعطيهم ويطعمهم ويؤيهم ذلك ما جسده حديث أبي حين قال ان الزعيم أعطاهم أرضا ومالا ليبنوا بيتنا من الطابوق والحديد مثل بيوت بغداد الجديدة مثل روضني ومدرستي الأولى .
سكنا مدينة الثورة وتنامت صورة الزعيم وتجسدت لم يكن النور مرسوما على إطار وجهه إنما يشع من ابتسامته في الصورة المعلقة إلى جوار صورة الإمام كان إشعاعا سلسا يداخل الروح التي لم افهم ما هي ، إشعاعا حيا أكثر منه صورة عبثت بها فرشاة رسام . عرفته وآمنت به ، حتى إذا جاءني أبي بثياب عسكرية تناسب مقاسي دهشت واضطربت لأنه قال لي أنني سأقابل الزعيم بلحمه ودمه . هذا الزعيم الذي في الصورة وفي الروح التي لم افهم ما هي .
وبدأ الاستعراض الذي يبدو انه قد نقل مباشرة من خلال شاشة التلفاز ولعلي كغيري صافحت الزعيم حين قلدني ميدالية ذهبية نقشت عليها صورته ، ولا أسامح أبي لأنه باعها ذات يوم . قالت خالتي أنت فعلت ما لم يفعله غيرك رأيناك تصافحه وتقبل يده وتنحني على قدميه . دهشت وكم تمنيت حينها لو أتذكر ملمس كف الزعيم فلعلي لم أصافحه قط ، فمن فرط خجلي سارعت بالهرب من بين يديه ، لا أتذكر ، غير أني واثق من أنني لا امتلك الجرأة على تقبيل يده وكم تمنيت ، حينها ، لو أنني قادر على ذلك الأداء المستحيل . ولمرتين أو ثلاث كنت قريبا منه مرة حين عدت من المدرسة وقد مددت يدي لاستسمح أصحاب السيارات بنقلي من مدرستي البعيدة ، في بداية مدينة الثورة ،حين ابتسم لي الرجل الجالس إلى الخلف ، كنت أول من رآه وقد خصني بابتسامته ، أحسست من خلالها بصلة حميمة تشدني إليه فلعله قد عرفني إلا انه لم يتوقف . صحت بخجل انه الزعيم . أليس هو الزعيم نعم هو الزعيم ، وما زادني يقينا غير لحاقي به ، بعد حين ، وقد تحلق الناس حوله وغطوا عليه بهوس وصراخ - عاش الزعيم ..عاش الزعيم . وغمرني فرح جارف أنني أول من رأيته وقد خصني بابتسامته الرائعة . رأيت موكب الزعيم مرارا بعدها . غير أني في شك من أنني قد رايته كما رأيته من قبل إلا حينما اصطحبني أبي مرة ثانية لملاقاة الزعيم . أدخلنا أنا ومجموعة من الأطفال في قاعة تصطف فيها المقاعد على شكل مدرجات فاخترت آخرها وأعلاها ودخل الزعيم بابتسامته المضيئة بغير رتوش ، بلحمه ودمه ليلقي فينا خطابا مطولا لا اذكر منه شيئا غير هتافات الصبية وهم يقاطعونه ويهتفون بحياته وكنت خلال ذلك كله أشحذ همتي كي اهتف مثلهم حتى اذا واتتني الجرأة صاح بي الصبي الجالس إلى جواري – كفى ، كفى ، لقد خرج الزعيم .
خرج الزعيم وفي ذاكرتي صورة النساء وهي تشق ثيابها والرجال الأقوياء ينحبون صراخ وعويل دموع وألم لا احد يصدق هول المأساة ..
ولا يفارقني حتى يومنا هذا منظر المرأة التي تتلفع بالسواد وتفترش الأرض و تنثر فوق رأسها التراب وهي تنوح نواحا مرعبا . لقد قتلوا الزعيم . قتلوا الزعيم .



#عبدالجليل_الكناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مولانا أخطبوطي بركاتك
- أزمة الكهرباء والتعقيدات
- أزمة الكهرباء اسألة تحمل في طياتها الجواب
- بين النور والظلام زاوية ضيقة للنظر
- بعضها وقع وبعضها واقعي - علاقة نت
- لا تحتار يا صديقي
- متى أكون أنا أنت؟؟
- بغداد أم عيناك
- علاقة المرأة والرجل وعدم الإقرار بالواقع
- الحوار المتمدن . استبصار للتحضر
- طيب وساذج وما بينهما (5)
- طيب وساذج وما بينهما ( 4 )
- طيب وساذج وما بينهما (3)
- طيب وساذج وما بينهما ( 2)
- طيب وساذج وما بينهما
- طيب وساذج ومابينهما
- عبدالجبار حفيد المبروك
- الهدوء الذي يلي العاصفة
- وهم الموت والحياة ، إنكم خالدون من بعدي .
- شيخوخة بحناء الدم


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عبدالجليل الكناني - عبدالكريم صديقي