أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالجليل الكناني - هذا لطمهم ، وإحنا لطمنا زنجيل














المزيد.....

هذا لطمهم ، وإحنا لطمنا زنجيل


عبدالجليل الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 16:33
المحور: كتابات ساخرة
    


أصرت ابنتي الصغيرة ( لظى الشموس ) ، ولمّا تتجاوز الخامسة ، على الحصول على ( زنجيل ) وهو مجموعة السلاسل التي تستخدم في مواكب العزاء في محرم . ولم يكن أمامي من خيار سوى الرضوخ لطلبها ، ولا اخفي متعتي في تلبيته وأنا أراها تلاحق مواكب العزاء بنفس الإيقاع وبإجادة تامة وهي تهز الزنجيل وتخطو بقدمها اليمنى وتميل يسارا وتضرب ظهرها ، وتتوقف قليلا ثم تخطو بالقدم اليسرى وتميل يمينا وتضرب الجانب الآخر من الظهر على هدى إيقاع الطبل وحيويته . حتى إذا انتهت أيام عاشوراء وبعدها الأربعون يوما ، والتي ختمت بالمسيرة الكبرى إلى كربلاء ، وعلقنا الزنجيل أمام ناظريها على الحائط ، حق لنا أن نقوم بالتجوال من خلال نافذة التلفاز إلى عوالم مشروعة أو غير مشروعة ، وفق مفاهيم سائدة ، كتلك التي ظهرت خلالها عصبة من النساء يرقصن بإيقاع غجري على كلمات ، ذاع صيتها ، تتمحور حول البرتقالة ، ولان عقدة العيب والحرام ما زالت متأصلة ، لأيام عديدة سوداء ، سارعت بتغيير قناة البرتقالة بأخرى ، قد تكون تفاحة أو باذنجانه ، حينها صرخت بنتي الصغيرة محتجة بشدة ، وعلا صراخها ، فأعدت البرتقالة بين ناظريها وهي تمعن ، بمتعة شيطانية ، بمشهد الأجساد الممتلئة تتلوى وتتقافز والشعر الغجري يتطاير كشباك الصيد ، تمايلت لظى الشموس قليلا ونثرت ريشاتها قبل أن تتوقف متأملة المشهد الصاخب للرؤوس المهتزة طربا وللرقص الماجن والعري الجميل تحت الثياب الملونة التي تفضح اكتناز وارتعاش الأجساد الفتية المتمايلة ، لتقول بعفوية ولين - هذا لطمهم ، وإحنا لطمنا زنجيل .
ومنذ ذلك الوقت وأنا المس صدق الصورة التي رسمتها طفلتي ، والتي لم تتجاوز حينها الخامسة ، فقد أفصحت عن نظرتها الثاقبة دون قيود من منطق الكبار المزيف ، ولعلها لو امتلكت لغة أكثر تشكيلا ونضجا مع عفويتها الطفولية لقالت - هذا رقصهم وإحنا رقصنا زنجيل . إن كان اسمه ( لطم أو( ردح ) أو رقص ) كل ذلك يشير إلى حركات إيقاعية تعبر عن حالة ما ، ولعل صغيرتي التي رأت ، دون مواربة ، تلك المتعة الكامنة في هذه الأفعال جميعا ، اخترقت العرف السائد وتجاوزت قداسة المظهر إلى حقيقة الجوهر .
كما ولعل الكبار يرون قصور المعاني التي تحملها الكلمات ، فذات مرة ضحك ابني ( علي ) وهو الذي يقارب السابعة عشرة من معلق إحدى القنوات وهي تنقل استعراضات فنية لفرق جوالة في إحدى المناسبات الكرنفالية البرازيلية إذ قال عنها ، المعلق - مواكب ... . فصاح ابني ضاحكا - يقول مواكب !! ( بإشارة منه إلى مواكب العزاء الحسينية ) . تذكرت مقولة ابنتي الصغيرة فقلت ، لعلي ، مبتسما - نعم هي مواكب راقصة مثل مواكبنا . ولعل ابني استشف ، لدن رؤية ابتسامتي ، إنما أشاركه السخرية من المعلق . فهو يعرف أن المواكب ، خاصة ، هي تلك التي ترتدي السواد لا الألوان ، وتضرب الصدور والظهور وتشج الرؤوس ، لا تلك التي تغني وترقص وتنشد ، وهي التي تسير على إيقاع الطبول المدوية ، لا على إيقاع الآت العزف المختلفة الناعمة منها والصاخبة .
ولعل اقرب الرقصات إلى البرتقالة تلك التي تؤديها النساء وهن يرثين موتاهن أو يشاركن بعضهن حفلة عزاء ، أي عزاء ، حين ينثرن شعورهن ويؤدين حركات قافزة متمايلة ويرمين برؤوسهن يسارا ويمينا بإيقاع منغم بصوت مطربة الحفل ( الملاّية ) والتي يجب أن يكون صوتها شجيا ولعل من يتوسط الحفل ( التأبيني ) سيدات يجدن حركات ( الردح ) ويقابلن بعضهن فان وجدت إحداهن نفسها منفردة ، تطلب من أخرى ، تعرف مسبقا إجادتها ، أن تقابلها ومن لا تجيد الردح عليها أن لا تدخل إلى وسط الجمهرة والا ستقابل بانتقادات حادة ، مثل ، أنها لا تعرف الردح ( الرقص ) فلماذا تدخل بالنص وتصبح مضحكة للنسوان . ولولا السواد العام ، ولو أنها صارت بالألوان ، هذه الحفلة الصاخبة ، لكانت هي البرتقالة بعينها . ولكانت المواكب ، إن تلونت ، وبغير أدوات التعذيب ، هي ذات المواكب التي ضحك منها ( علي )
رغم انه ، في الواقع ، وفي جميع الحالات ، الملونة والسوداء ، يخرج المحتفلون بمتعة بالغة وقد افرغوا ما في دواخلهم من توتر ومن طاقة انفعالية كامنة .



#عبدالجليل_الكناني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالكريم صديقي
- مولانا أخطبوطي بركاتك
- أزمة الكهرباء والتعقيدات
- أزمة الكهرباء اسألة تحمل في طياتها الجواب
- بين النور والظلام زاوية ضيقة للنظر
- بعضها وقع وبعضها واقعي - علاقة نت
- لا تحتار يا صديقي
- متى أكون أنا أنت؟؟
- بغداد أم عيناك
- علاقة المرأة والرجل وعدم الإقرار بالواقع
- الحوار المتمدن . استبصار للتحضر
- طيب وساذج وما بينهما (5)
- طيب وساذج وما بينهما ( 4 )
- طيب وساذج وما بينهما (3)
- طيب وساذج وما بينهما ( 2)
- طيب وساذج وما بينهما
- طيب وساذج ومابينهما
- عبدالجبار حفيد المبروك
- الهدوء الذي يلي العاصفة
- وهم الموت والحياة ، إنكم خالدون من بعدي .


المزيد.....




- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالجليل الكناني - هذا لطمهم ، وإحنا لطمنا زنجيل